المعركة على كي الوعي والتأثير في الرأي العام.
مصطفى إبراهيم
28/8/2015
إسرائيل حتى اللحظة لم يخرج عنها أي رد فعل رسمي على الفيلم الوثائقي الصندوق الأسود، رفح الاتصال المفقود، الذي بثته فضائية الجزيرة، والذي تحدث عن جريمة إسرائيل في يوم الجمعة الأول من آب/ أغسطس 2014، ما أطلقت عليه الصحافة الإسرائيلية بالجمعة السوداء، و إختطاف الضابط الإسرائيلي هدار جولدن، واستشهاد 140 فلسطينياً من بينهم 75 طفلاً، جراء القصف الإسرائيلي الإجرامي العشوائي والمتعمد للمدينة واستخدام تدبير "هنيبعل" الذي يسمح للجيش بقتل الجندي المختطف أو بإعادته بأي ثمن.
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يتمنى أن يكون هدار جولدن جثة، ووسائل الإعلام الإسرائيلية موحدة خلف الرواية الرسمية وهي مقتنعة تماماً بها وتروج لها، بل تدحض رواية المقومة.
وتقول أن حركة حماس تعاني ضائقة خانقة وتحاول التأثير في الرأي العام الفلسطيني وصرف النظر عن الأزمات التي تعاني منها وعدم قدرتها على رفع الحصار، كما أن عائلة الضابط المختطف أو بقايا جثته دحضت رواية المقاومة وأنها تثق بالجيش والمعلومات الصادرة عنه. محاولات المقاومة حتى الآن لم تستقر عن نتائج ربما الأيام القادمة توضح ذلك بشكل أكثر وتكون هناك مفاجآت أخرى.
الفيلم ترك أثر لدى الفلسطينيين ولم يشككوا في قدرة المقاومة وروايتها، لكن الرأي العام الفلسطيني غير موحد خلف روايتها التي عودت الناس على الصدق، لكن حال الإنقسام وما خلفته الحرب المستمرة حتى الآن بأشكالها المختلفة فعلت أفاعيلها في المجتمع الفلسطيني المفكك سياسياً و اجتماعياً ويغيب عنه اليقين والثقة في أي من مكونات العمل السياسي الفلسطيني، و تبقى المعركة مفتوحة على كي الوعي و التأثير على الرأي العام الإسرائيلي للضغط عليه والتشكيك في حكومته.
قبل ذلك يجب أن تكون المعركة على الرأي العام الفلسطيني وقدرته على إستيعاب أي فعل وطني سياسي أو عسكري، وهذا بحاجة إلى خطوات جدية وحقيقية للوصول لوحدة حقيقية في ظل كل ما يجري من إحباط و إنكسار، وما يجري في غزة بعد عام على الحرب وثماني سنوات على الإنقسام و الحصار وكل هذا البؤس والتدهور الخطير في الأوضاع الإقتصادية، يضعف من ما يسمى الجبهة الداخلية و معنويات الناس وصمودهم و يدفعهم للبحث في وسائل بقاءهم أحياء وترميم ما تبقى منهم ومن حياتهم.
حركة حماس هي المسؤولة عن قطاع غزة وكل ما نسمعه منها أنه يجب التزام الرئيس محمود عباس وحركة فتح وما تم التوصل إليه في اتفاق الشاطئ، ويدللون على عدم صدق الرئيس وتنصله من الاتفاقات بتوجهه إلى عقد جلسة عاجلة للمجلس الوطني كي يحكم السيطرة على النظام السياسي الفلسطيني ويستمر في تفرده.
حركة حماس محقة في ذلك لكنها أيضاً لم تنفذ ما هو مطلوب منها، و ما تقوم به الحركة في القطاع من ممارسات بفرض ضرائب وغيرها من القضايا الشائكة، وعدم قدرتها على الإستجابة لمطالب وحقوق المواطنين وتفردها في حكم القطاع، واتهامها لغيرها من القوى بأنها تتصيد للحركة من أجل إسقاطها، وردود الفعل العنيفة على أي نقد أو مطالبة بالحقوق.
ومثال ذلك رد الفعل العنيف من مسؤولين في الحركة وأعضاء من المجلس التشريعي على حادثة طعن موظف النظافة في بلدية غزة من قبل عدد من المواطنين، والقول أنه جاء نتيجة التحريض على البلدية ورئيسه، ومطالبة أولئك الأجهزة الأمنية بالضرب بيد من حديد على الجناة، في استباق للتحقيق ومعرفة الأسباب الحقيقية للجريمة المدانة والتي وقع ضحيتها موظف يؤدي واجبه، ويجب تقديم الجناة للعدالة.
وهنا يجب النظر إليه والتدقيق بمعانية جيداً و من دون تأخير و في هذا الحال والغضب من ما يجري وغياب الأمل، المقاومة بحاجة إلى حاضنتها الشعبية وعليها أن تساعد في التخفيف عن الناس والوقف بجانبهم ضد الظلم الواقع عليهم.
المقاومة ظاهرة نبيلة وطاهرة وسطرت معاني كبيرة من البطولة والتضحية في التصدي للاحتلال، وعدم استغلالها في الإنقسام والخلاف السياسي يعزز من قيمتها في نفوس الناس، والنقد الموجه لحركة حماس والمقاومة يجب ان يأخذ على محمل الجد، وهو ليس من فراغ فالقداسة ليست للبشر، والأخذ بحاجات الناس وتعزيز صمودهم وحقوقهم ضرورة وواجب وطني يضاهي المقاومة المسلحة، وهي بدون حاضنتها الشعبية لا تساوي شيء.