منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12
  1. #1

    باب شرح الأمور الغامضة والتصويب والردود عليها

    إخواني الكرام
    نظراً لكثرة النقد الموجه للنصوص الأدبية والشعرية , وما يسببه من عرقلة السير في صلب الموضوه , لذا رأينا فتح هذا الباب للردود الخاصة , ونستهلها بالردود الشعرية , :



    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غالب الغول مشاهدة المشاركة
    وعلى بركة الله وتوفيقه نبدأ بمشروعنا ( معاني أسماء الله , شعراً ) إشراف غالب الغول :
    ................. الــــــلّــه ................... جلّ جلاله
    شعر : غالب الغول
    الله تعني بأن الله منفــــــــــــــــــــــــردٌ
    والجمعُ لله للأصنام قــــــــــــــــــــد نُقلا
    اللهُ من أعظم الأسمـــــــــــاء قـُدْستها
    تضافُ باقي صفات الله ذات حَـــــــــــلا
    الأخ غالب
    شكراً على همتك المباركة ودأبك الحثيث على الخير
    أرجو تعديل البيت الثاني من حيث المعاني
    فباعتقادي لا تصح عبارة (منفرد) بحقه سبحانه وتعالى، وأنا أعلم أنك ربما قصدت فيها معنى الفرد وأتيت بمنفرد للوزن.
    لكن (المنفرد) تحمل معنى (المنعزل) ، وذلك غير وارد بحقه سبحانه وتعالى فهو القيوم القائم على خلقه دواماً ولا يتركهم طرفة عين.
    وفي البيت التالي : (قدستها) تعطل معناها (التاء) هل هي من (قدسة ؟) ، لعل كلمة (قَدَّسها) أفضل منها أو أن ترى ما هو أفضل من ذلك كله. كما أن كلمة (تضاف) في الشطر الذي يليه تشير إلى أن باقي الأسماء أضيفت له إضافة وليس أصلا له ، والصحيح أن هناك الكثير من الأسماء تشير إلى ذات الله (كالرحمن) وغيره ، وإن جميع الأسماء تعبر عن هذا الرب الواحد الأحد وتختلف في المعاني فقط للدلالة إلى جوانب مضيئة أخرى لهذه الذات العلية.
    إنَّ موضوع الأسماء الإلهية دقيق وحساس لأنه من أصول الدين وخاصة عقيدة التوحيد.
    شكراً لموضوعكم الهام ولكن الدقة مطلوبة في هذا الباب.
    بارك الله بكم وجزاكم خيراً
    @@@@@@@@@@@@@@@@

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غالب الغول مشاهدة المشاركة

    شعر غالب الغول
    الرحمن الرحيم

    الله ( رحمن ) فـــــــــي الدنيا فيبهجنا
    رحيم آخرة للعبد قــــــــــــــــــد كفلا
    إحسانه عمّ كل الناس فـــــــــي النعمِ
    والمؤمنين لهم عند الحــــــساب غَلا
    أخي غالب
    شكراً على القصيدة الجميلة
    ولكنني أتساءل هل هو سبحانه رحمن في الدنيا ورحيم في الآخرة فقط ؟
    ما رأيك لو قلنا : الله (رحمن) في الدارين يبهجنا... رحيم تكرمة للعفو قد كفلا ( أو في عفوه كفلا)
    ولعل في البيت الثاني (في النعم): .. في نِعَمٍ (أضبط للوزن) ، والرأي لكم.
    هي مجرد لفت نظر لأن الموضوع حساس.
    وفقكم الله جميعاً
    @@@@@@@@@@@@@@@@

  2. #2
    أخي الدكتور ضياء , لك الشكر على ملاحظاتك , واعلم يا أخي أنني أعرف بأن أسماء الله حساسة في معانيها , وأنا لا آتي بالمعاني إلا من المفسرين , فكلمة الرحمن تعني أن الله رحمن لمخلوقاته كلهم في الدنيا , لكنه رحيم على المؤمنين في الآخرة , وهذا مأخوذ من تفاسير العلماء , أما باقي الملاحظات فسواء أكانت الكلمة ( في النعم أو في نعم ) فأنا أرى الكلمة المعرفة أقوى . وإن كلمة ( تضاف ) فالتفاسير تقول تضاف إلى صفات الله , ولا أرى وجود معارضة في المعنين , ومع ذلك فأنا أشكرك , وسوف أحاول تجنب أي كلمة يدار حولها الجدل , لك التحية والشكر .

  3. #3
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غالب الغول مشاهدة المشاركة
    أخي الدكتور ضياء , لك الشكر على ملاحظاتك , واعلم يا أخي أنني أعرف بأن أسماء الله حساسة في معانيها , وأنا لا آتي بالمعاني إلا من المفسرين , فكلمة الرحمن تعني أن الله رحمن لمخلوقاته كلهم في الدنيا , لكنه رحيم على المؤمنين في الآخرة , وهذا مأخوذ من تفاسير العلماء , أما باقي الملاحظات فسواء أكانت الكلمة ( في النعم أو في نعم ) فأنا أرى الكلمة المعرفة أقوى . وإن كلمة ( تضاف ) فالتفاسير تقول تضاف إلى صفات الله , ولا أرى وجود معارضة في المعنين , ومع ذلك فأنا أشكرك , وسوف أحاول تجنب أي كلمة يدار حولها الجدل , لك التحية والشكر .
    أخي غالب
    أسماء الله تعالى تدل عليه ، وهو ثابت دائم سبحانه وتعالى لا يتغير منه شيء لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأسماؤه لاحصر لها ولكن بالنسبة لنا توقيفية لا نستعمل منها إلا ما ورد في القرآن الكريم أو ما صح من أحاديث ، وأجاز بعض العلماء الاشتقاق على سبيل الوصف والبيان فقط.
    وأما أن ترد معانيها في التفاسير فليس ذلك دليل على صحة ما يقولون ، فالتفاسير كتب بشرية ليس كل ما ورد فيها صحيح ففيها إسرائيليات تقدح بالأنبياء ، وعلى الباحث فيها أن يحقق مصدر الكلام المنقول، ولا يأخذ كثيراً بكلمة قالوا وقيل..
    نعم نأخذ منها مانقل من صحيح الحديث وأما ما نقل عن التابعين فهم بشر مثلنا يخطئون ويصيبون وقد يكون ما نقل عنهم محرفاً غير صحيح.
    ومن أراد الرجوع للتفاسير الكبيرة فلينظر تفسير القرطبي لكي لا يتشتت بين أقوال التفاسير ومن أراد التوسع في علم الكلام واللغة فليراجع الرازي إن كان متمكناً فيها.

    لن أعلق هنا إلا على اسمي الرحمن والرحيم
    (الرحمن) اسم ذات يدل على ذات الله تعالى ولا يثنى ولا يجمع ولا يجوز تسمية البشر به، ولم تعرفه العرب حيث ورد في القرآن : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ)
    ومنها استدل بعض العلماء على أن اسم (الرحمن) اسم ذات يخص الله تعالى وغير مشتق من الرحمة (مثل اسم الله) لأنه لو كان مشتقاً من الرحمة لعرفه العرب.(الجمهور على انه مشتق من الرحمة)، وبذلك يكون دلالة على الله تعالى وفي القرآن الكريم : " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى.) فهو اسم له في كل وقت وحين وهو الأول (بلا بداية) والآخر(بلا نهاية)
    أما اسم الله (الرحيم) فهو اسم تصرف ، أي يدل على أفعال الله تعالى وتصرفه معهم على أنها تتضمن الرحمة (ورحمتي وسعت كل شيء).
    ونحن نقرأ ونقول :" بسم الله الرحمن الرحيم" في الدنيا والآخرة، وقد ورد أن هذه البسملة هي تسبيح الملائكة التسعة عشر في الآخرة...
    فلا يجوز (باعتقادي) أن تكون بعض الأسماء تخص الدنيا وبعضها تخص الآخرة.. بل كل الأسماء الثابتة لله تعالى فهي أسماؤه سبحانه وتعالى في الدارين، ومن يقل غير ذلك فليأت بدليل من الكتاب أو السنة ونضعه على رؤسنا.
    جزاكم الله خيراً

    ملاحظة :
    حواري هذا بقصد التعلم ومن لديه رأي أفضل من ذلك فليدلِ به مبرهنا ونكون له من الشاكرين.

  4. #4
    إلى أخي الدكتور ضياء الدين أقول :
    قلت لك بأنني في أبحاثي أعتمد على مصادر من أهل العلم والمعرفة , فأنت تقول بأن الرحمن ليس لها اشتقاق في اللغة , واعترضت على أبياتي الشعرية ومعانيها , وليست أول مرة , لذا فلا بد أن أضع لك هذا الشرح لأحد العلماء شاكراً أفضالك :
    شرح أسماء الله الحسنىنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    (2)الرحمن(3) الرحيم
    أولا /المعنى اللغوي :الرحمن مشتق من الرحمة ، والرحمة في اللغة هيالرقة والتعطف والشفقة , وتراحم القوم أي رحم بعضهم بعضا والرحم القرابة .وهو مبني على المبالغة ومعناه ذو الرحمة الذي لا نظير له فيها ، وهو لا يثنى ولا يجمع ولا يسمى به أحد غيره .والرحمن هو من عمت رحمته الكائنات كلها في الدنيا سواء في ذلك المؤمن والكافروقد ذكر ابن القيم أن وصف فعلان يدل على سعة هذا الوصف وثبوت جميع معناه الموصوف به‏؛ ألا تري أنهم يقولونغضبان للممتليء غضبا وندمان وحيران وسكران ولهفان لمن مليء بذلك فبناء فعلان للسعةوالشمولولهذا يقرن الله تعالي استواءه علي العرش بهذا الاسم كثيرا كقولهسبحانه‏نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيالرحمنعلي العرش استوي‏)‏ طه‏:5‏ وكقوله أيضا‏نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي‏ ثم استوي علي العرشالرحمن فاسأل به خبيرا‏)‏ الفرقان‏:59‏فاستوي علي عرشه باسمه الرحمن لأن العرشمحيط بالمخلوقات وقد وسعها والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم علي اختلاف أنواعهم كماقال تعالي‏نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي‏ ورحمتي وسعت كل شيء‏)‏ الأعراف‏:156‏ فاستوي علي أوسع المخلوقاتبأوسع الصفات ومن ثم وسعت رحمته كل شيءواسم الرحمن اختص به الله لا يتسمى به غيره فقد قال الله (قل ادعوا الله أو ادعواالرحمن ) فقرن بين اسمي الله والرحمن فكما أن لفظ الجلالة (الله ) لا يتسمى به غيره فكذلك اسم (الرحمن )ولما تسمى مسيلمة الكذاب بـ(رحمن اليمامة ) واشتهر بذلك لقبه رسول الله بالكذاب وجعله الله نكالا فلايذكر اسمه إلا إذا اقترن بالكذاب فصار علما لا يعرف إلا به .
    الرحيم :
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيمشتق أيضا من الفعل رحم فإذا قيل راحم فهو متصف بالرحمة والمبالغة رحمن ورحيم ويفترق هذا الاسم عن اسم الرحمن أنه يمكن تسمية غير الله به كما في قوله تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) التوبة 128وقال عبد الله بن عباس : ( هما اسمان رقيقان أَحدهما أَرق من الآخر ) .وقال ابن المبارك :الرحمن إذا سئل أعطى والرحيم إذا لم يسأل يغضبما الفرق بين الرحمن والرحيم ؟قيل في ذلك عدة أقوال :1- الرحمن معناه ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في معايشهم ، وعمت المؤمن والكافر والرحيم خاص بالمؤمنين كما في قوله : ( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيما ً) الأحزاب:43(لكن ورد قوله تعالى (إن الله بالناس لرؤوف رحيم ) البقرة 1432- الرحمن في الدنيا والرحيم في الآخرة (لكن قد جاء في الدعاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم ( أَلا أُعلِّمُك دعاءً تدعو به لو كان عليك مثلُ جبلِ أُحُدٍ دَيْنًا لأدَّاه اللهُ عنك ؟ قل يا معاذُ : ( اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاءُ ، وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ ، وتُعِزُّ مَن تشاءُ ، وتذِلُّ مَن تشاءُ ، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ . رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما ، تعطيهما من تشاءُ ، وتمنعُ منهما من تشاءُ ، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك ) حسنه الألباني3- والراجح : أن الرحمن صفة للذات (ذات الله ) والرحيم صفة للفعل .

    فالله في ذاته بلغت رحمته الكمال ، والرحيم دل على أنه يرحم خلقه برحمتهبيان سعة رحمة الله بعباده :الله سبحانه (كتب على نفسه الرحمة ) الأنعام 12والله عز وجل سبقت رحمته غضبه كما جاء في الصحيحينعن أبي هريرة عن النبيأنه قال : ( لما قضى الله الخلق كتب كتابا فهو موضوع عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي )ولم يجعل في الدنيا إلا جزءا يسيرا من واسع رحمته يتراحم به الناس ويتعاطفون ، وبه ترفع الدابة حافرها عن ولدها رحمة وخشية أن تصيبه ، روى البخاري من حديث أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول :( جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا ، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ )وفي رواية أخرى عند البخاري قال : ( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ ،نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيفَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً ، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً ، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ ).نتأمل إخواني هذه الرحمة التي جعلها الله في قلوب عباده ومخلوقاته كلهم لا تزيد عن كونها جزءا واحدا من رحمته ، ونتأمل كيف وسعت رحمته من هذا الجزء عباده في الدنيا فماذا عن التسعة والتسعين جزءا في الآخرة ، فهذه بها يعفو الله وبها يغفر وبها يقبل شفاعة الشافعين ويعفو عن العاصين .وورد عند البخاري أيضا من حديث عُمَر بن الخطاب أَنَّهُ قَالَ : ( قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بِسَبْيٍ ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ : أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ ؟ قُلْنَا : لاَ وَاللَّهِ ، وَهِي تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ).والله إن الإنسان ليتوقف طويلا مع هذا الحديث الرقراق الذي يبين فيه رسول الله مثالا حسيا لهذه المرأة فقدت طفلها في الحرب ، فكانت إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُوقد فعلت ذلك ليخفف ألم اللبن في ثديها ، وأخذت تبحث عن طفلها حتى وجدته فأخذته وضمته وأرضعته ، فرحمة الله بعباده أعظم من هذه الرحمةوما زلت أذكر هذا الرجل الذي وقف أمام بائع الفلافل (الطعمية ) وهو يقليها في الزيت فنظر إليها وهي تفور غليانا فقال بتلقائية : والله مانهون عليه !!!فتساءل الواقفون على من ؟قال على ربنا والله مانهون عليه يرمينا في النار هكذا !!اللهم إنك أرحم بنا من أمهاتنا ، ورحمتك أوسع من ذنوبنا ،ومغفرتك أرجى من عملنافاغفر لنا وارحمنا يا أرحم الراحمين .ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها:
    { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم}..
    هذه الآية تتحدث عن رحمة الله، التي يرسلها تارة، ويمسكها أخرى، ولا أحد يقدر على ذلك غيره سبحانه وتعالى.
    هذه الآية من تدبرها واستيقنها فإنها تيئسه من كل رحمة، وتصله برحمة الله..
    وإذا أوصدت أمامه الأبواب علم أنه لن يحال بينه وبين رحمة الله .
    - ورحمة الله ليست قاصرة على ما وهب وأعطى، بل تمتد إلى ما حرم ومنع:
    فما حرم شيئا إلا رحمة بخلقه، وما منع رزقا إلا لرحمته بعباده، حرم الربا، والزنا، والخمر، والقمار، رحمة بهم، حتى لاتفسد معيشتهم و حياتهم، ومنع بعض عباده المال والصحة رحمة بهم كيلا يطغوا، ويعيثوا في الأرض فسادا.

    - رحمة الله يجدها من يفتحها الله له، في كل مكان، وفي كل شيء، وفي كل حال، يجدها في نفسه، وفيما حوله، ولوفقد كل شيء مما يعد الناس فقده حرمانا.... ورحمة الله يفقدها من يمسكها الله عنه، في كل شيء، وفي كل حال ومكان، ولو وجد كل شيء، مما يعد الناس وجده من الإنعام..
    وما من نعمة يمسك الله عنها رحمته حتى تنقلب هي بذاتها نقمة، وما من محنة تحفها رحمة الله حتى تكون هي بذاتها نعمة:
    ينام الانسان على الأرض فوق التراب مع رحمة الله فإذا هي مهاد، وينام على الحرير وقد أمسكت عنه رحمة الله فإذا هو شوك..
    يعالج أعسر الأمور برحمة الله فإذا هي هوادة ويسر، ويعالج أيسر الأمور وقد تخلت عنه رحمة الله فإذا هي مشقة وعسر..
    يخوض بها المخاوف والأخطار فإذا هي أمن وسلام، ويعبر بدونها المسالك الآمنة فإذا هي مهلكة وبوار .. ولا ضيق مع رحمة الله، إنما الضيق في إمساكها..
    لا ضيق معها ولو كان صاحبها يعيش في فقر، وتحت العذاب والأذى، ولا سعة مع إمساكها ولو تقلب في أعطاف النعيم.

    يبسط الله الرزق مع رحمته، فإذا هو متاع طيب، ورغد في الحياة، وزاد الى الآخرة، بالإنفاق، وتحري الحلال، والرضا بالنصيب.. ويمسك رحمته، فإذا هو مثار قلق وخوف وحسد وبخل وطمع وتطلع الى الحرام وتوغل في الشبهات.
    يمنح الله الذرية مع رحمته، فإذا هي زينة ومصدر فرح واستمتاع وذخر للآخرة وعون في الدنيا.. ويمسك رحمته، فإذا الذرية بلاء ونكد وعنت وشقاء وسهر بالليل وتعب بالنهار.
    يهب الله الصحة والقوة مع رحمته، فإذا هي نعمة وحياة طيبة.. ويمسك عنها رحمته، فإذا الصحة والقوة وسيلة الى الحرام وتعدي الحدود والطغيان والظلم.
    ويعطي الله السلطان والجاه، مع رحمته فإذا هي أداة إصلاح ومصدر أمن، ووسيلة لادخار الصالح من العمل والأثر.. ويمسك عنها رحمته، فإذا هي مصدر قلق وطغيان وبغي واستكبار، يدخر بها رصيدا ضخما من العذاب في الآخرة.
    - ومن رحمة الله أن تحس برحمة الله:
    فرحمة الله تضمك وتغمرك وتفيض عليك، ولكن شعورك بوجودها هو الرحمة، ورجاؤك فيها، وتطلعك إليها هو الرحمة، وثقتك بها، وتوقعها في كل أمر هو الرحمة.. والعذاب في احتجابك عنها، أو يأسك منها، أو شكك فيها، وهو عذاب لايصبه الله على مؤمن أبدا:
    { إنه لاييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} ..
    - رحمة الله لاتعز على طالب في أي مكان ولا في أي حال :
    وجدها إبراهيم عليه السلام في النار..
    ووجدها يوسف عليه السلام في الجب، كما وجدها في السجن ..
    ووجدها يونس عليه السلام في بطن الحوت في ظلمات ثلاث ..
    ووجدها موسى عليه السلام في اليم، وهو طفل مجرد من كل قوة،، كما وجدها في قصر عدوه فرعون..
    الرحمة في قصة أهل الكهف :ولعلنا لا ننسى أهل الكهف فروا بدينهم إلى كهف في الجبل .. والكهف مكان ضيق .. لا يستطيع الإنسان أن يمضى فيها إلاوقتا قصيرا .. وأقرأ قول الحق جل وعلا : (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَايَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنرَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا)سورة الكهفهذا الكهف الضيق .. إن ضاق عليهم مساحة , فلن يضيق عليهم انعاما .. فرحمة اللهسبحانه وتعالى ستجعل هذا المكان الضيق يبدو رحبا واسعا .. فلا يحسون بضيق المكانوالزمن يتوقف فيه فلا يحسون بضيق الزمان .. بل تأتي رحمة الله لتحيط بهم.
    لقد غمر الله أهلالكهف برحمته مكافأة لهم على الفرار بدينهم فلم يجعلهم يفكرون في أنهم مضطهدون حتىلا يعيشوا في قلق ورعب من أن يحلق بهم الطغاة الكفرة .. لذلك ألقى عليهم النوم في الكهف .. فلايشعر بهم أحد ، ولا يشعرون بالوقت .. ولا يحتاجون إلى طعام وشراب .
    وكانت هناك آيات بقدرة الله تولتهم بعنايتهورحمته ،فقال بعضهم لبعض: { فأووا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته } ..
    ورحمة الله تتمثل في مظاهر لايحصيها العد، ويعجز الانسان عن مجرد ملاحقتها وتسجيلها: يقول الشيخ الشعراوي في شرح هذين الاسمين : (باختصار)وإذا تأملنا الكون المحيطبنا تجلت لنا رحمة الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرةفالشمس تحافظ على بعد ثابت منالأرض , وهذا البعد الثابت يضمن لنا قدرا ثابتا من الحرارة .. لا يزيد فتقتلناالحرارة , ولا ينقص فتقتلنا البرودةوالهواء يحيط بنا ويحوي الأكسجين اللازملعملية التنفس وأكسدة المواد الغذائية كي تنطلق الطاقة التي تكفل للجسم القيامبوظائفه .والماء الذي يمثل معظم مساحة الكرة الأرضية بما له من وظائف غير محصورة فيجسم الإنسان , هذا فضلا عن استخدامه في الطهارة التي تقي الإنسان شر الأمراضوالآفات .وبعد أن أعد لنا عز وجل هذا الكون , أعدلنا في بطون أمهاتنا رحما رحيما بنا بأتينا فيه الرزق .. بلا حول ولا قوة .. رزقا منهتبارك وتعالى بلا تعب ولا مقابلومن رحمتهجل وعلا أنه ينبت لنا من الأرض الجدباء طعاما نأكله وفي ذلك يقول تبارك وتعالى)فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَمَوْتِهَا( سورة الروم50ومن رحمته أنه جعل لنا الليل سكنا لنجد فيه الراحةوالسكينة بعد عناء العمل , وجعل لنا النهار للسعي والعمل واكتساب القوت فقال عز وجل : ) وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِوَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ( سورة القصص73ومن رحمته أنه أرسل الرسلبالرسالات السماوية إلى الناس كافة ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، وأرسل رسوله محمداعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بالهدى ودين الحق ليكونرحمة للعالمين فيقول تعالى) وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌفَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ( سورة الأنعام

    ولكن ما معنى كونه سبحانه رحيما وأرحم الراحمين ونجد البلاء والعذاب والمرض وهو يقدر على رفع ذلك عن عباده ؟والجواب :أن ذلك من تمام حكمته سبحانه فمثلا لو أن طفلا صغيراً يحتاج إلى حقنة فبكى الابن خوفا من ألمها فرقّت له الأم ،وحمله الأب عليها قهرا !!!فالجاهل يظن أن الرحيم الأم دون الأب .والعاقل يعلم أن إيلام الأب لابنه من تمام رحمته وعطفه وأن الألم القليل إذا كان لمنفعة كبيرة لم يكن شرا بل هو خير .وكذلك اليد المصابة بالأكلة (الغرغرينا )قطعها شر في الظاهر لكن في الباطن هو خير لسلامة البدن كله ولو لم تقطع لكان الشر أعظم بهلاك البدن كله .ونستطيع بذلك أن نرد على من ينكرون عقوبة الإعدام للقاتل أو قطع اليد للسارق ففيها خير على المجتمع كله بسلامته وأمنه .إذن فما يقدره الله لعباده من شدة ومرض هو رحمة منه بعباده إما لرفع درجاتهم أو لتكفير سيئاتهم أو لتذكيرهم بنعمه عليهم إلى غير ذلك من الأسباب التي سنذكرها فيما بعد إن شاء الله بشئ من التفصيل .ثمار الإيمان بهذين الاسمين : الرحمن والرحيم1- الدعاء بهما وسؤال الله الرحمة :

    فنسأل أرحم الراحمين أن يرحمنا (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب )آل عمران 8
    و{ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة286و(وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ) المؤمنون 118وفي الصحيحين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال يا رسول اللهعلمني دعاء أدعو به في صلاتي وفي بيتي قال : قل :(اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولايغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)وكان عمر بن عبدالعزيز يقول “اللهم إن لم أكن أهلا لبلوغ رحتمك، فإن رحمتك أهلا لأن تبلغني، فرحمتك وسعت كل شيء وأنا شيء فلتسعني رحمتك يا أرحم الأرحمين”
    2- أن تكون رحيما بالخلق :

    فالاصل أن المسلم متصف بهذه الصفة في تعامله بين الخلق وقد وصف الله المؤمنين بذلك فقال {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ }الفتح29فالأصل في المسلمين الرحمة فيما بينهم لكنهم صاروا في كثير من الأحيان أشداء بينهم ... تجد هذا في الطبيب الذي يعالج مرضاه نسي رحماء بينهم ، وكذلك المحامي والتاجر ووو..............إننا بحاجة أن نعيد هذا المفهوم إلى الأذهان أن الله أمر المؤمنين أن يكونوا رحماء بينهم وفي الحديث (من لا يرحم لا يرحم )رواه البخاريوعن أبي هريرة (لا تنزع الرحمة إلا من شقي ) حسنه الألبانيورحمة المؤمن لا تقتصر على إخوانه المؤمنين وإنما هو ينبوع يفيض بالرحمة على الناس جميعا :وقد قال رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "لن تؤمنوا حتى ترحموا. قالوا: يا رسول الله، كلنا رحيم. قال: إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكنها رحمة العامة"، رواه الطبراني.وكما في حديث ابن عمرو (الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) صححه الألبانيومن صفات المؤمنين في القرآن: "وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ" البلد:17.3- الرحمة بالضعفاء والأطفال وسائر المخلوقات :

    دخل الأقرع بن حابس على رسول الله صلى الله عليه وسلميوما وهو يقبل الحسن ويقبل الحسين فقال : والله أنا لى عشرة من الآولاد ماقبلت واحدا منهم فغضب النبى وقال:" وما أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك،من لا يرحم لا يرحم ) متفق عليهبل كانصلى الله عليه وسلمإذا خرج من المسجد فقابله الصبيان وقف يسلم عليهم، فعن جابر بن سمرة يقول جابر: صليت مع النبىصلى الله عليه وسلمالصلاة الأولى، فخرج إلى أهله فقابله الصبيان، فجعل النبى صلى الله عليه وسلميمسح خدى أحدهم واحدا واحداً، ثم مسح النبىصلى الله عليه وسلمعلى خدى فوجدت ليده بردا وريحا كأنه أخرجها من جوْنة عطار.صحيح مسلم".وتمتد هذه الرحمة لتشمل البهائم والطيروالرحمة تتجاوز الإنسان الناطق إلى الحيوان الأعجم، فالمؤمن يرحمه ويتقي الله فيه، ويعلم أنه مسئول أمام ربه عن هذه العجماوات. وقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أن الجنة فتحت أبوابها لبغي سقت كلبا فغفر الله لها، وأن النار فتحت أبوابها لامرأة حبست هرة حتى ماتت، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. فإذا كان هذا عقاب من حبس هرة بغير ذنب، فماذا يكون عقاب الذين يحبسون عشرات الألوف من بني الإنسان بغير حق إلا أن يقولوا: ربنا الله.وقال رجل: يا رسول الله، إني لأرحم الشاة أن أذبحها. فقال: "إن رحمتها رحمك الله"، رواه الحاكم.وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما رجل يمشي بطريق اشتدعليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا بكلب يلهث يأكل الثرى من العطشفقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملأ خفهماء ثم امسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له قالوا: يارسول الله! وإن لنا في هذه البهائم لأجراً؟؟! فقال صلى الله عليه وسلم: في كــل كــبد رطـبــةأجر» مسلم
    وبلغ من رحمته بالحيوان أنه
    مرعليه بحمار قد وسم فيوجهه (مكويا في وجهه) فأنكر ذلك وقال: لعن الله الذي وسمه)رواه مسلم
    ورأى عمر رجلا يسحب شاة من رجلها فقال ويلك قدها( سقها ) إلى الموت قودا جميلا .ويروي المؤرخون أن عمرو بن العاص في فتح مصر نزلت حمامة بفسطاطه (خيمته) فاتخذت من أعلاه عُشًّا، وحين أراد عمرو الرحيل رآها، فلم يشأ أن يهيجها بتقويضه، فتركه وتكاثر العمران من حوله، فكانت مدينة "الفسطاط".الرحمة مع الأعداءهذه الرحمة غلبت على أعمال المسلمين الأولين، حتى مع الأعداء المحاربين، فنجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب حين مر في إحدى غزواته، فوجد امرأة مقتولة فقال: ما كانت هذه لتقاتل.وينهى عن قتل النساء والشيوخ والصبيان، ومن لا مشاركة له في القتال.ويسير أصحابه على نفس النهج أبرارا رحماء لا فجارا قساة؛ فهذا أبو بكر يودع جيش أسامة بن زيد ويوصيهم قائلا: "لا تقتلوا امرأة ولا شيخا ولا طفلا، ولا تعقروا نخلا، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، وستجدون رجالا فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما أفرغوا أنفسهم له".ويقول عمر: "اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب".ويُحمل إلى أبي بكر رأس مقتول من كبراء الأعداء المحاربين، فيستنكر هذا العمل، ويعلن سخطه عليه ويقول لمن جاءه بالرأس: "لا يُحمل إلي رأس بعد اليوم. فقيل له: إنهم يفعلون بنا ذلك. فقال: فاستِنان(أي اقتداء) بفارس والروم؟! إنما يكفي الكتاب والخبر.وهكذا كانت الحرب الإسلامية حربا رحيمة رفيقة، لا يُراق فيها الدم إلا ما تدعو الضرورة القاهرة إليه، وقد لاحظ ذلك الفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون فقال: ما عرف التاريخ فاتحا أعدل ولا أرحم من العرب.4- الرحمة بالعصاة :يقول الإمام الغزالي في كتابه (المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى)"وحظ العبد من اسم (الرحمن) أن يرحم عباد الله الغافلين، فيصرفهم عن طريق الغفلة إلى الله بالوعظ والنصح بطريق اللطف دون العنف، وأن ينظر إلى العصاة بعين الرحمة، لا بعين الإيذاء، وأن يرى كل معصية تجري في العالم كمعصية له في نفسه، فلا يألو جهدا في إزالتها بقدر وسعه؛ رحمة لذلك العاصي من أن يتعرض لسخط الله تعالى، أو يستحق البعد عن جواره.وحظ العبد من اسم (الرحيم) ألا يدع فاقة لمحتاج إلا ويسدها بقدر طاقته، ولا يترك فقيرا في جواره أو في بلده، إلا ويقوم بتعهده ودفع فقره، إما بماله أو جاهه، أو الشفاعة إلى غيره، فإن عجز عن جميع ذلك، فيعينه بالدعاء، وإظهار الحزن، رقة عليه وعطفا، حتى كأنه مساهم له في ضره وحاجته".ومرأبو الدرداءبجماعة تجمهروا على رجل يضربونه ويشتمونه، فقاللهم: ما الخبر؟ قالوا: وقع في ذنب كبير، قال: أرأيتم لو وقع في بئر أفلم تكونواتستخرجونه منه؟ قالوا: بلى، قال: فلا تسبوه ولا تضربوه، لكن عِظُوه وبصِّروه،واحمدوا الله الذي عافاكم من الوقوع في مثل ذنبه، قالوا: أفلا تبغضه؟ قال: إنماأبغض فعله، فإذا تركه فهو أخي، فأخذ الرجل ينتحب ويعلن توبته وأوبته.5- صلة الأرحام :صلة الرحم تعني الإحسان إلى الأقربين وإيصال ما أمكن من الخير إليهم ودفع ما أمكن من الشر عنهم.
    وقد عظم سبحانه قدر الأرحام فقال تعالى : (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) النساء:1.
    وعن أنس-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله : (يقول ـ تبارك وتعالى ـ : أنا الرحمن الرحيم ، و إني شققت للرحم من اسمي ، فمن وصلها وصلته،ومن نكثها نكثه)) رواه البزار وإسناده حسن
    وعن عائشة_ رضي الله عنها_ قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله،ومن قطعني قطعه الله ) البخاري ومسلم
    من الأرحام الذين تجب صلتهم :
    الأرحام عام في كل ما يشمله الرحم, فكل قريب لك هم من الأرحام الذين تجب صلتهم.
    وإن كان تتنوع كيفية وصلهم فهذا تجب صلته كل يوم وهذا كل أسبوع وهذا كل شهر وهذا في المناسبات وهكذا.
    كذلك يتنوع الموصول به فهذا يوصل بالمال وهذا يوصل بالسلام وهذا يوصل بالمكالمة وهكذا.
    وعلى كل حال نقول إن الرحم القريب أولى بالصلة من البعيد, وليس هناك تحديد للزمن الذي يجب فيه الوصل فلا نستطيع أن نقول يجب عليك أن تصل أخاك كل يوم أو كل يومين أو كل أسبوع وعمك كل كذا إن كان في بلدك وكذا إن كان في غير بلدك.
    وإنما يرجع في ذلك إلى العرف بحيث يتعارف الناس على أن هذا الرحم يوصل في كذا وكذا وهذا إن كان قريب المسكن فيوصل عند كذا وكذا.

    وعموماً الصلة يمكن أن تكون بالزيارة أوالاستضافة بأن تستضيفهم عندك في مكانك.
    وبتفقدهم والسؤال عنهم والسلام عليهم،ومشاركتهم في أفراحهم بتهنئتهم ومواساتهم في أحزانهم بتعزيتهم ،وعيادة مرضاهم.

    6- استحباب التسمية بعبد الرحمن :عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحب الاسماء الى الله تعالى عبدالله وعبد الرحمن) سنن أبي داود7- طاعة الله ورسوله سبب الرحمة :إن طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من أسباب الرحمة في الدنيا والآخرة، كما في قوله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )آل عمران:132
    وهذه الرحمة ذكرت مطلقة، فهي رحمة في الدنيا والآخرة، فيرحم الله سبحانه وتعالى من أطاعه وأطاع رسوله صلى الله عليه وسلم .
    و قدبين لنا الله موجبات رحمته ، وعرفنا السبيل إلى استجلابها ؛ فقال تعالى ( إن رحمةاللهقريب من المحسنين)فأوضح بذلك أن رحمته تبارك وتعالى تكون قريبا من عبادهالمؤمنين به، الطائعين له .. فهؤلاء يتغمدهم برحمته .. فينجيهم من كروب الدنياويبعثهم يوم الفزع الأكبر آمنين .
    إن طاعة الله لا تأتي إلا بالخير، ومعصية الله لا تأتي إلا بالشر، ولذلك جعل سبحانه الرحمة مرتبطة بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل الشقاء والضنك لمن أعرض عن ذكره وعن متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال عز وجل: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى طه:124.
    ورحمة الله لا تقتصر على المؤمنين الطائعين فقط بل تمتدلتشمل ذريتهم من بعدهم تكريما لهم وسكينة لأنفسهم .. وقد رأينا ذلك في قصة العبدالصالح والجدار والتي قال عنها المولى عز وجل : ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَلِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَاوَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَاوَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَوَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِيذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا)

  5. #5
    السلام عليكم وتسجيل مرور وقراءة هامة ومصدر موفق.وصدق الله العظيم.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #6
    طبيب وشاعر من سوريا دير الزور
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    3,402
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم وتسجيل مرور وقراءة هامة ومصدر موفق.وصدق الله العظيم.
    أخوتنا الكرام
    لو أردت الإكثار من النشر لكتبت عشرات الصفحات المنقولة ، ولكنني آخذ ما يوافق الصواب من القرآن والسنة.
    الأخ غالب
    أنا لم أقل شيئا من عندي بأن (الرحمن) ليس له اشتقاق ، وما هو مسجل ما يلي :
    ((الرحمن) اسم ذات يدل على ذات الله تعالى ولا يثنى ولا يجمع ولا يجوز تسمية البشر به، ولم تعرفه العرب حيث ورد في القرآن : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ)
    ومنها استدل بعض العلماء على أن اسم (الرحمن) اسم ذات يخص الله تعالى وغير مشتق من الرحمة (مثل اسم الله) لأنه لو كان مشتقاً من الرحمة لعرفه العرب.(الجمهور على انه مشتق من الرحمة)،


    وعندما أقول لا يجوز حصر الأسماء في الدنيا أو الآخرة فأسماء الله تعالى تلازمه أينما كان في الدنيا والآخرة وهو الكائن الأول والآخر. فدليله من حديث حسن ،ولن أنقل لك عشرات الصفحات :
    صحيح الترغيب والترهيب - (ج 2 / ص 171)
    1821 - ( حسن )
    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دَيْنا لأداه الله عنك قل يا معاذ: اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطيهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك
    رواه الطبراني في الصغير بإسناد جيد

    أنا آسف أنني أزعجتك ، ولن أزعجك بعد الآن وعداً قاطعاً ( والله يشهد أنني لا أقصد في تعليقي إلا أمانة إظهار الحقيقة لأنني سأحاسب أمامه على السكوت على الباطل والخطأ).
    ولن أعلق على أي كلام تقوله طالما أن ذلك يزعجك.ما أطلبه منك وذلك حق لي أمام الله:
    عندما تنسب إلي قولاً اضبطه وراجعه قبل البت به، فاتهامي بما لم أقله له حساب أمام الله.
    والسلام عليكم.

    واتقوا اللَّه ويعلمكم اللَّه واللَّه بكل شيء عليم

  7. #7
    اظن اننا قرأنا ذلك في كتاب العقيدة ,قديما دكتور,ولك شكري وامتناني دوما,ودوما الحوار محط تداول,وجزاك الله خيرا.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  8. #8
    خير الكلام ما قل ودلّ :
    جزاك الله خيراً بكل شيء قدمته يا دكتور ضياء , فإن غالب الغول وضياء الدين ليسا من علماء التفسير , ونأخذ بأراء العلماء وما أكثر حججهم واختلافهم , وأما قولك بكلمة الرحمن ( فلم يعرفها العرب ) فأنا لي رأي بذلك وهو اجتهاد مني قد أكون على غير صواب .
    القرآن عربي ولغته عربية , وإن العرب يعرفون معنى كلمة (الرحمن ) تماماً لأن حروفها عربية ومعروفة ومألوفة , ولكنهم لا يعرفون أنها تدل على الخالق أو تدل على ( الله ) والله أعلم .
    وأنا لا أريد الخوض معكم في هذه المسائل , لأنني لم أصل إلى علمك وفقهك في اللغة , فأنت ألفت الكتب الدينية والمعذرة يا دكتور , فعندما يأتي دور التصويب سنصوب ولكن من غير خلاف ,
    لك التحية وأشكرك .

  9. #9
    طبيب وشاعر من سوريا دير الزور
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    3,402
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.كنعان كارم مشاهدة المشاركة
    خير الكلام ما قل ودلّ :
    جزاك الله خيراً بكل شيء قدمته يا دكتور ضياء , فإن غالب الغول وضياء الدين ليسا من علماء التفسير , ونأخذ بأراء العلماء وما أكثر حججهم واختلافهم , وأما قولك بكلمة الرحمن ( فلم يعرفها العرب ) فأنا لي رأي بذلك وهو اجتهاد مني قد أكون على غير صواب .
    القرآن عربي ولغته عربية , وإن العرب يعرفون معنى كلمة (الرحمن ) تماماً لأن حروفها عربية ومعروفة ومألوفة , ولكنهم لا يعرفون أنها تدل على الخالق أو تدل على ( الله ) والله أعلم .
    وأنا لا أريد الخوض معكم في هذه المسائل , لأنني لم أصل إلى علمك وفقهك في اللغة , فأنت ألفت الكتب الدينية والمعذرة يا دكتور , فعندما يأتي دور التصويب سنصوب ولكن من غير خلاف ,
    لك التحية وأشكرك .
    د. كنعان السلام عليكم
    ما يحز في نفسي أن ينسب لي ما لم أقله ، وسأعيد الكلام المكتوب :

    ((الرحمن) اسم ذات يدل على ذات الله تعالى ولا يثنى ولا يجمع ولا يجوز تسمية البشر به، ولم تعرفه العرب حيث ورد في القرآن : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ)
    ومنها استدل بعض العلماء على أن اسم (الرحمن) اسم ذات يخص الله تعالى وغير مشتق من الرحمة (مثل اسم الله) لأنه لو كان مشتقاً من الرحمة لعرفه العرب.(الجمهور على انه مشتق من الرحمة)،


    قولي : ولم تعرفه العرب ، أي (اسم الرحمن) وليست الكلمة لأن الشرح لاسم الرحمن : اسم ذات... ولو كان قصدي الكلمة لقلت : ولم تعرفها العرب وهذا ما لم أقله.(والآية الكريمة تتعلق باسم الرحمن )...ومنه استدل بعض العلماء...

    رجائي رجائي ..رجائي ألاَّ ينسب لي ما لم أقله

    لقد أصبحت أخشى التعليق في هذا المنتدى لأنَّ الردود تنقل عني ما لم أقله ولا أقصده..
    يبدو أنني سيء التعبير، ولا أجيد العربية.
    أعتذر منكم جميعاً

    وغفر الله لنا جميعاً
    واتقوا اللَّه ويعلمكم اللَّه واللَّه بكل شيء عليم

  10. #10
    نحييكم ومرور سريع ولكم التحية

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. المساحة الغامضة
    بواسطة سعد عطية الساعدي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-16-2017, 06:13 AM
  2. المجزرة الغامضة رسالة لنا
    بواسطة صلاح صبحية في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-14-2012, 06:29 PM
  3. الشجرة الغامضة
    بواسطة جمانة الخاني في المنتدى فرسان السياحة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-20-2010, 07:36 AM
  4. المرأه الغامضة
    بواسطة سوريه ابن عن جد في المنتدى استراحة الفرسان
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-24-2009, 09:23 AM
  5. قلعة الرومانسية الغامضة
    بواسطة العربى في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11-07-2007, 10:48 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •