ربا الجمال ..مابين النص و الناص
--------------------------------------
في تسعيتيات القرن الماضي بدأ برنامج حكواتي الفن في إذاعة دمشق و كان يبث يوم الاربعاء في الولحدة و النصف ظهرا ليحكي فنان الششعب رفيق سبيعي عن ذاكرته الفنية المترعة بالثمين و القيم
و في احد هذه الاربعاءات بدا حديثه عن مصادفة جمعته في إحدى السهرات بصوت نسائي يمتلك أدواته ببراعة و يقف على مكامن الجمال في الأغنية و روى تفاصيل مهمة لكنني لم افهنها جميعا رغم أني تدربت مع فريق الكورال في المدرسة لفترة طويلة
بت في شوق لرفع الستار عن اسم هذه الفنانة فإذا باسمها مفصل على مقاس صوتها و من أول حرف بانت ربا الجمال
ربا الجمال ليس اسمها الحقيقي فهي تنحدر من أصول أرمينية بدأت من مدينة حلب @عجل الله نصرها الأكيد@ و هو اسم معقد و طويل و غير قابل للحفظ أو النسبان و لعلها قد نسيته هي أيضا
ربا الجمال ليس لها سوى أغنيتين أو ثلاث باسمها و لكنها تؤدي أغاني كوكب الشرق باقتدار رهيب لدرجة ان سماع ربا الجمال يدخلك إلى عالم سومة
و ازعم أن أسمهان كانت في وقت ما منافسة لام كلثوم بينما لو ظهرت ربا في زمنها لهددت مركز الرائعة أم كلثوم
ربا الجمال لا تقل جمالا عن أميرات الطرب الحديث كنجاة الصغيرة و وردة و ميادة الحناوي و الماجدة لكنهن جميعا حظين بفرص ذهبية و آلة إعلامية و تسويقية مهما لم تحظ بها ربا
و قضت ربا الجمال منذ سنوات بعد مرض عضال و لم يحضر جنازتها سوى عدة أشخاص احدهم ابنها الوحيد البالغ من العمر خمس عشرة
قيل في ترجمة ويكيبيديا أن ربا كانت تتعاطى الخمور و المخدرات مما جعلها عصبية و نزقة و التعامل معها صعب جدا لطباعها المتكئة على شفرة الوعي دوما و لعله هذا بالضبط سر إبداعها
حكاية ربا التي رحلت في عمر قصير نسبيا أعاد لواجهة الذاكرة سؤالا حول علاقة المتلقي بسيرة المبدع الشخصية
هل يجوز أن نضع حياة الكاتب الشخصية على مشرحة النقد و هل يؤثر على الدراسة الأدبية و الفنية أو التذوق الأدبي و الففني السيرة الذاتية للمبدع
هل هناك علاقة مباشرة ما بين النص و الناص؟ و هل يحق لقارئي أن يعرف حياتي الشخصية ? بل و يفاجئ الكاتب أو المبدع بالسؤال التقليدي هل هذا النص أو المُخرج الإبداعي يخصك مباشرة و يطالب المبدع بان يكون على درجة من المثالية المطلقة لئلا يتهم بالانفصال الموضوعي عن مادته و يقوم المتلقي بتصنيفه أخلاقيا
من وجهة نظري اعتقد أن الفصل بين حياة المبدع الشخصية و أعماله أمر لازم إلا في حالة واحدة عندما يكون المٌخرج الإبداعي مثاليا و مبدعه يرتكب خيانة بواحا في حق الوطن و يتخذ مكانه بين شذاذ الافاق .