بسم الله الرحمن الرحيم
السيدة الفاضلة أم فراس , الأساتذة الكرام أصحاب الفضيلة , وأصحاب العلم والمعرفة . الأستاذ الباحث أسامة عكنان
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته وبعد .

اعترف بأنني جئت متأخراً , بعد أن امتلأت الصفحات بالردود , والتي لو قرأتها لأخذت مني ساعات طوال لدراستها والوقوف على مكنونها , واكتفيت بقراءة المقالة والرد عليها من الشيخ الفاضل محمد جاد الزغبي , مرور السحاب , وسرعة الاستيعاب , فوجدت ما يلي في مختصر الكلام :

1 ــ الأستاذ عكنان قدم بحثاً مثيراً للجدل , وهذا ليس بالجديد , بل هو أقدم من التاريخ الذي نتعامل معه , ويعود ذلك إلى العصر اليوناني بالمذهب العقلي , المأخوذ من مذهب ( الغنوصية ) اليونانية , وامتدت إلى عصور الفتن في الباطنية والمعتزلة وغيرهم .

2 ــ تطاول على علماء المسلمين بل وعلى الخلفاء الراشدين بما لا يليق بهذا المقام .
3 ــ ركز في مقالته على الهنات التي حصلت في الحكم الإسلامي , ولم يذكر إيجابيات علمائنا وما بذلوه من جهد في سبيل إظهار الحق وزهق الباطل , بداية في حرصهم على آيات القرآن , وحرصهم على سنة رسول الله وأحاديثه النبوية الشريفة ,
4 ــ الشك بما جاء به الوحي قائلاً ((ومن هنا فإن الوحي الذي نجد له حضورا ويحاصرنا من كل الجهات، معني بأن يثبتَ مشروعيته بأن يتوافق توافقا تاما مع مقتضيات العقل ومقتضيات التجربة المعرفية، في ضوء الأنساق المعرفية التي يفرضانها كي يتحرك في ضوئها((.

وأشكر الشيخ الفاضل محمد جاد الزغبي , الذي وضع المقدمات والبراهين التي تطيح بكل شك جاء في المقالة , وكان هو الرد المقنع بالأدلة العلمية الصحيحة لما بذله العلماء من قديم العصور إلى يومنا هذا , حرصاً منهم على كل كلمة عربية فأوجدوا المعاجم اللغوية , لارتباط اللغة العربية بلغة القرآن العربي , وأوجدوا النحو والصرف للحفاظ على آيات القرآن وتفسيرها تفسيراً يتناسب مع أصول البيان النحوي واللغوي , وأوجدوا علم الحديث , وقاموا بتنقية الأحاديث الضعيفة من ألأحاديث المتفق عليها , بصحيحي مسلم والبخاري, ولم يترك العلماء شاردة ولا واردة إلا وبينوا قوتهم في إظهار معانيها وأسباب نزولها وصحة روايتها , ليكون الإسلام نور وهداية لكل الناس أينما كانوا , ولتكن الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس بفضل معجزة القرآن , ومعجزة النبي الأمي الذي لا ينطق عن الهوى أنْ هو وحي يوحى .
وأما اعتماد الباحث للوصول إلى المعرفة , فهذا أمر لا بد منه , لأن العقل مكلف لإظهار الحق من الباطل , ولكن أي عقل هذا ؟ , هل العقل المطلق , أم العقل الذي خلقه الله للإنسان ليقوم بواجبه الدنيوية وحل المشكلات التي تحيط به على المستوى البشري , وليس على المستوى المعرفي المطلق , لأن كل حواسنا محدودة وليست مطلقة , هل نسمع دبيب النمل ؟ هل يصل عقلنا للحكم على وجود الروح وباقي الغيبيات؟ , ولقد ذكر شيخنا بأن ذلك يوقعنا إلى الكفر لو تطاولنا في التفكير بها .
إن العقل وحده يعجز عن تفسير ظواهر المخلوقات وتحليلها بشكل مطلق , وكذلك جميع الحواس , ومن هنا نقول , لماذا اختار الباحث ( الدليل العقلي ) هل لأن هذا المذهب يتفق مع المذاهب الأوربية ومدارسها لنظرية المعرفة المختلفة الاتجاه كالتجريبيين الذين يردّون المعرفة إلى الحواس أو العقليين الذين يؤكدون أن بعض المبادئ مصدرها العقل لا الخبرة الحسية.

إن الذي يسعى وراء هذه المذاهب ليطبقها على دين سماوي له من المعجزات ما يعجز العقول ويذهل القلوب , فهو إنما يسعى إلى أمر خطير مفاده الشك والهدم ليزيد الطين بلة على رؤوس المسلمين , وأنا مع الذين يطالبون بحذف المقالة حتى لا تتسع رقعة الجدل المؤدية إلى ضلال من لا يتعمق بأصول الدين , ولنا في رد الشيخ محمد جاد الزغبي وغيره من العلماء الأفاضل خير سبيل للقناعة , واقبلوا تحياتي.