ما أشبه الليل بالبارحة ؟؟؟ |
لماذا هزم ملوك الطوائف ؟ & ولماذا انتصر ملوك النصارى ؟
( امتلاك القوة الذاتية )

يقول الدكتور ( عبد الحليم عويس ) في كتابه النفيس ( دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية ) تعليقا على حال ملوك الطوائف وتداعيات السقوط المرير للمسلمين في الأندلس : (( لقد فشل ملوك الطوائف في أن يلموا شعثهم ، وأن يتكتلوا ضد النصارى .. ومن عجيب المقادير أن " ألفونسوا السادس " ملك قشتالة وليون وأستوريا ، كان يتظاهر بحماية هؤلاء الملوك المسلمين ، ويأخذ منهم الجزية والإتاوات التي يرفع من قيمتها سنة بعد أخرى ، واستطاع أن يعد عدته من الإتاوات التي يفرضها عليهم ليلتهمهم بها كلهم .. وكان آخر ما التهمه ألفونسوا من أرض المسلمين تحت سمع وبصر هؤلاء الإسلاميين بل وبمساعدة بعضهم مدينة طليطلة سنة 478 هـ1085 م .

وعند هذه الموقعة تأكد لدى أكبر ملك من ملوك الطوائف " المعتمد بن عباد " أن ألفونسوا يريد الالتهام .. ولا أقل من الالتهام الكامل .. وفكر المعتمد في وسيلة الإنقاذ .. وضعته الأقدار أمام حل واحد لم يكن له خيار فيه .

لقد قرر أن يستنجد بالمرابطين المسلمين الموجودين في المغرب الأقصى كقوة إسلامية ناشئة .. وقد نجح المرابطون في إيقاف الزحف النصراني ، وأذلوا كبرياء ألفونسوا ، واستردوا كثيرا من مدن الإسلام ، ولم يحاول الأندلسيون بناء أنفسهم لم يحاولوا صنع التقدم من خلال الذات لقد اعتادوا تسول النصر واستيراد البقاء من إخوانهم المغاربة المسلمين .

وحقيقة نعم حقيقة بقيت الأندلس إسلامية باستيرادها النصر أيام المرابطين ثم أيام الموحدين ثم أيام
بني مرين .. وبقيت مملكة غرناطة الإسلامية وحدها أكثر من مائتي سنة تصارع الموت - كوهجة
الشمس قبل الغروب .

ولكن قانون الحضارة كان قد قال كلمته . . فإن الذين فشلوا في أن يخلقوا من أنفسهم قوة قادرة على
الحياة ما كان ينفعهم أن يشتروا النصر أو يستوردوه . وفي سنة ( 897هـ -1542 م ) سقطت غرناطة آخر ممالك الإسلام في الأندلس ، وطرد المسلمون شر طردة .وكانت هذه هي النهاية التي تنبأ بها الشاعر ابن حيان وغيره من هؤلاء الذين أدركوا قانون البقاء الذي هو من سنة الله .
نعم : أدركوا أن التاريخ لا يقوم بالاستيراد ، ولا تنتصر حركة تقدمه بالمتسولين !

قلت : (( وها نحن في أيامنا هذا نكرر نفس الخطأ الذي وقع فيه ملوك الطوائف في الأندلس ، وما أشبه اليوم بالبارحة ؟ حيث نجد إن المناخ الذي يسيطر على الأمة الآن هو نفس المناخ الذي كان سائدا إبان عصر ملوك الطوائف ، من فرقة وتنازع وفشل ، وخضوع وذلة ومهانة لأعداء الإسلام والمسلمين ، وأما عن الاستيراد الذي يقصده الدكتور ( رحمه الله ) فنحن نراه الذي موجودا في كل شيء في مجالات التكنولوجيا والصناعة والطعام والتسليح وكل شيء ، دائما نعتمد على إن يمدنا الغرب الصليبي بكل ما هو جديد ، رغم أننا نمتلك مقومات القوة المادية والمعنوية والموارد بشتى أنواعها ، ومع ذلك نتعمد إهدار مواردنا وتضييع طاقتنا وجهودنا في أمور لا طائل منها رغم أننا امة الإبداع ، وأمة العلم والعلماء والحضارة التي غمرت الإنسانية بنورها وعلومها ، فهل من متعظ والسعيد من وعظ بغيره ؟؟؟ )) .

* إ : مــــــــــــــــ *
_______________
المرجع : دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية ( د/ عبد الحليم عويس ) صـــ36-38 .
صورة لقصر إشبيلية الأسير








نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي