الدكتور بوبكر جيلالي
التاريخ والثقافة والدين في فلسفة الحضارة لدى بن نبي
1- الحضارة والتاريخ:
لقد قام الكثير من الفلاسفة والمفكرين بمحاولات عديدة لتفسير التاريخ وكان معظم المؤرخين يكتفون بتجميع الذكريات التاريخية بدل تحليلها وتفسيرها عقليا، ومن المفكرين الأوائل الذين اهتموا بدراستهم الوقائع التاريخية بمنهجية ذات أسس علمية ومنطقية، "ابن خلدون" الذي "استطاع قبل غيره أن يكشف منطق التاريخ في مجرى أحداثه، فكان بهذا المؤرخ الأول الذي اهتم بالبحث عن هذا المنطق، إذا لم نقل أنه قد قام بصياغته فعلا فقد كان يمكن أن يكون أول من أتيح له أن يصوغ قانون الدورة التاريخية لولا أن مصطلح عصره فقد وقف به عند ناتج معين من منتوجات الحضارة ويعني به - الدولة – وليس عند الحضارة نفسها".[1]
إذا كان "ابن خلدون" قد تعرّض لنشأة الدولة وتطورها في الزمان والمكان، ووضع نظرية في ذلك، فإن ذلك لا يبطل الدور الذي لعبه في التمكين لظهور "فلسفة التاريخ" التي تقوم بنقد وتحليل وتفسير الحوادث التاريخية، وتقديم المنهج القادر على التحقق من التاريخ والوقوف على أسباب منع هذا التحقق، فهو استطاع أن يحدث طفرة وقفزة نوعية منهجية وفكرية في البحوث التاريخية، من بحوث اقتصرت على الجمع والنقل والحفظ والاستظهار وبحوث تستعمل النقد والتمحيص والتحليل والتفسير، فالتاريخ عنده "محتاج إلى مآخذ متعددة ومعارف متنوعة، وحسن نظر وتثبت يُفضيان بصاحبهما إلى الحق وينكبان به عن المزلات، لأنّ الأخبار إذا اعتمدت فيها على مجرد النقل ولم تُحكم أُصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني، ولا قيس الغائب منها على الشاهد، والحاضر بالذاهب ، فربما لم يؤمن فيها من العثور ومزلة القـدم والحيد عن جادة الصدق".[2]
رغم الدور الذي لعبه "ابن خلدون" في التأسيس لفلسفة التاريخ، فإن "مالك بن نبي" يؤكد أن القرن التاسع عشر هو الذي ظهر فيه تفسير الوقائع الاجتماعية في إطار ظاهرة الحضارة و"كارل ماركس" من هؤلاء الذين تبنّوا هذا التفسير، ووجد في أوروبا آنذاك المبرر للدفاع عن نزعته المادية التاريخية التي تقوم على معطيات منطق الجدلية المادية التي تذهب إلى أن كل بناء تاريخي حضاري يشترط ازدهار البنية التحتية بعناصرها الأساسية المتمثلة في الإنتاج ووسائل الإنتاج وعلاقات الإنتاج، وما البنية الفوقية إلا مظاهر تعكس مدى التطور والتحول في الحياة الاقتصادية. والثغرة الكبيرة في "فلسفة التاريخ" حسب "مالك بن نبي" هي "ثغرة أحدثها التحليل المفرط في المنهجية لهذه الوقائع، ذلك التحليل الذي يتخذ نقطة انطلاق، من حتمية مادية أي من عملية ميكانيكية لا إرادية لتخطيط الحضارة".[3]
شهد القرن العشرون مناهج متعددة في "فلسفة التاريخ" والحضارة، ردت الحضارة والبناء التاريخي إلى عوامل لا تستقر على الإنتاج ووسائل الإنتاج وعلاقات الإنتاج مثلما هو الحال في النظرية الماركسية بل إلى عوامل أخرى. من هؤلاء المفكر الفرنسي "جيزو" وبعده "كيسرلنج" اللّذان ردّا تكوين الحضارة في التاريخ إلى عوامل دينية تمثل تركيبا مصدره الروحي المسيحية، وبعدهما "سبنجلر" "Spangler" الذي أرجع تكوين الحضارة إلى عبقريات خاصة ومتميزة موسومة بسمات ذاتية خاصة ليست من نصيب الجميع، ومثل هذا التفسير حسب "مالك بن نبي" يقود إلى العنصرية، وهي "العامل الذي سوف يتاح لدوره التاريخي فيما بعد أن يحقق اكتماله المنهجي في المدرسة الهتلرية على يد روزنبرج".[4] وجاء بعده "شينجلر" و"ولترشوبرت" "Walter Schubert" الذي وضع حركة التاريخ وتكوين الحضارة بين يدي عبقرية عصر بكامله لا بين يدي عبقرية فردية أو جنسية كما ذهب "شبنجلر" في كتابه "أوروبا وروح الشرق"، فلكل عصر روحه الكلي وعبقريته الخاصة، وهذه الأخيرة هي التي تصنف "حضارة هذا العصر أو ذك بسمة خاصة".[5]
جاء بعد ذلك المفكر الإنجليزي "جون أرنولد توينبي" بتفسير التاريخ يرد الحضارة إلى عوامل يلعب فيها العامل الجغرافي الدور الأساسي، ويربط الحضارة بعنصر التحدّي، فهي ردود أفعال فكرية ومادية معينة تقوم بها الشعوب والأجناس لمواجهة تحديات معينة، والظروف الطبيعية الجغرافية هي التي تمارس هذه التحديات وتنتهي هذه الاستجابات الحضارية بالتقدم نحو الأمام أو التوقف أو الاندثار.
أكّد "مالك بن نبي" أن الحضارة الإسلامية مثلا وحضارات أخرى ذات أصل ديني لم يكن للعامل الجغرافي الدور الأساسي في تكوينها، ولا حتى للعامل الاقتصادي ولا حتى نظرية "الروح الكلي" "تستطيع بدورها تفسير الظاهرة الإسلامية مع الظروف النفسية الزمنية التي رافقتها كما سبق لي أن أوضحت ذلك في كتابي الظاهرة القرآنية".[6]
تأخذ ظاهرة الحركة التاريخية مواقف عدة وتفسيرات شتى اطّلع عليها "مالك بن نبي" بعمق ودقة وانتقدها مبرزا مواقفه منها واحدة واحدة ثم أعطى موقفه المبني على الإطلاع والتحليل والنقد والاستنتاج، مستخدما الدقة العلمية والصرامة المنطقية.
قرّر "مالك بن نبي" ما ذهب إليه علم الاجتماع من اعتبار التاريخ بحوثا ودراسات مجالها إما الفرد نفسه، وكل ما يؤثر في حياته ويغيّر من ظروفه وميزاته الإنسانية، وإما المحيط الذي يعيش فيه الفرد، أي كل ما يؤثر على المجتمع ويغيّر من خصائصه، "والتاريخ على أية حال ليس سوى هذا التغيير الذي تتعرض له ''الذات'' والمجال الذي يحويها على السواء".[7]
وبعبارة أكثر دقة "إنّ صناعة التاريخ تتم تبعا لتأثير طوائف اجتماعية ثلاثة: تأثير عالم الأشخاص، تأثير عالم الأفكار، وتأثير عالم الأشياء".[8]
إنّ الفعل التاريخي من إنتاج العوالم الثلاثة، متفقة لا متفرقة "لا يمكن أن يتم عمل تاريخي إذا لم تتوفر صلات ضرورية داخل هذه العوامل الثلاثة لتربط أجزائها في نطاقها الخاص وبين هذه العوامل لتشكل كيانها العام من أجل عمل مشترك".[9] وتتضح صلة الحضارة بالتاريخ عند "مالك بن نبي" اعتباره أن المجتمع ليس مجرد عدد من الأفراد بل هو اجتماع هؤلاء الأفراد على موقف واحد واشتراكهم في إتجاه واحد للقيام بعمل معين ذو غاية معينة، وعمل المجتمع ليس تلقائيا إنّما تركيب بين هذه العوالم الثلاثة الذي يُفضي إلى عالم رابع يتمثل في مجموع العلاقات الاجتماعية الضرورية أو ما يسمى بشبكة العلاقات الاجتماعية.
إذا كانت وحدة العمل التاريخي ضرورة قصوى للبناء الاجتماعي وتكوين الحضارة، وإذا كانت الحضارة في أي مجتمع هي عمل تاريخي وتأليف بين العوامل الثلاثة ينتج في صورة وحدة بينها وبين الغاية منها توافق هذه الوحدة، "هي التي تتجسم في صورة حضارة".[10]
يمكن دراسة الحركة التاريخية بالقياس إلى الفرد لكونه عنصرا سيكولوجيا زمنيا في بناء الحضارة لكن عند "مالك بن نبي" "الحضارة تُعد مظهرا من مظاهر الحياة والفكر الجماعي، من هذا الجانب يعتبر التاريخ دراسة اجتماعية، إذا يكون دراسة لشرائط نمو مجتمع معين لا يقوم نموه على حقائق الجنس أو عوامل السياسة، بقدر ما يخضع لخصائصه الأخلاقية والجمالية والصناعية المتوفرة في رقعة تلك الحضارة".[11]
توجد عدة عوامل تتحكم في بناء المجتمع وحركة التاريخ وتكوين الحضارة، وهي عوامل تاريخية، هذا من جانب، ومن جانب آخر تطور المجتمع مرتبط ببعض العلاقات الضرورية مع غيره من المجتمعات الأخرى، باعتبار المجتمع ليس في منأى عن المحيط الإنساني، فالعوامل الداخلية والخارجية المسئولة عن حركة التاريخ في مجتمع ما، بعضها تمثله السببية التاريخية وبعضها تمثله الميتافيزيقية التاريخية التي تلم "بالظواهر في غايتها، هذا الجانب الميتافيزيقي يضم الأسباب التي لا تدخل ضمن ما أطلق عليه توينبي »مجال الدراسة لحضارة ما".[12]
إنّ الطبع الشمولي أو الكوني الميتافيزيقي في تفسير التاريخ مصدره عوامل بعيدة لا تقتصر على الجانب الاجتماعي والتاريخي، وهو جانب متصل بمجموعة من الأسباب بل ترتبط بغاية تؤكد حقيقته في التاريخ هي "دورة الحضارة".[13]وكل دورة تتحدد بشروط وعوامل زمنية لمجتمع معين، وتنتقل إلى جهات أخرى فتمتزج قيمها بغيرها وتستمر العملية إلى ما لا نهاية.
استوحى "مالك بن نبي" حقيقة "دورة الحضارة" من نظرية "ابن خلدون" عن الأجيال الثلاثة، وإن اختفى عمق الفكرة لضحالة وضيق المصطلحات، ونظرية "ابن خلدون" سمحت "لمالك بن نبي" بالوقوف على عوامل الانحطاط إلى جانب دواعي التقدم والازدهار، وإذا كان التعارض بين أسباب الفناء وعوامل الحياة في أي مجال بيولوجي، ففي المجال الاجتماعي "فإن هذه الحتمية محدودة بل مشروطة، لأن اتجاه التطور وأجله يخضعان لعوامل نفسية زمنية يمكن للمجتمع المنظم أن يعمل في نطاقها حين يعدل حياته ويسعى نحو غايته في صورة متجانسة منسجمة".[14]
إنّ للتاريخ دورة، فهو يسجل انحطاط الأمة، كما يدون حضارتها، ومعرفة عوامل الانحطاط ودواعي التقدم تمكن من الإمساك بشروط النهضة أو السقوط في الحياة، وللتاريخ نقطة انطلاق وأخرى للوصول، ينبغي التحكم فيما بينها نظريا وعمليا من خلال التحكم في الشروط التاريخية التقنية والاجتماعية والعوامل الكونية الميتافيزيقية لتأسيس حضارة أصيلة وقوية.
بمقدار تعدد الحضارات عبر التاريخ تتعدد الدورات التاريخية أو الدورات الحضارية لذلك لا ينبغي إغفال مكانة الأمة في دورات التاريخ، أي الاكتفاء بوضع حلول ومناهج مستوردة أو عفوية وارتجالية لمشاكلها، بل العمل على ضمان التوافق بين المناهج والحلول مع ما تستدعيه النقطة التي تكون فيها الأمة داخل الدورة، وفي هذا يقول "مالك بن نبي": "وعلاج أي مشكلة يرتبط بعوامل زمنية نفسية، ناتجة عن فكرة معينة تؤرخ منذ ميلادها عمليات التطور الاجتماعي في حدود الدورة التي ندرسها".[15]
قدّم "مالك بن نبي" تفسيرا للتاريخ بعد دراسة تحليلية نقدية لاتجاهات المفكرين الذين سبقوه في هذا المجال، وكان يربط ذلك دوما بالعالم الإسلامي وبمصادر الفكر الإسلامي فوجد قاعدة التكوين التاريخي وأساس البناء الحضاري في الآية القرآنية الكريمة ﴿إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾.[16] ويؤكد على عدم الاكتفاء بالإيمان بما توجبه الآية فقط إنما إثبات صحة القاعدة في ضوء التاريخ.
إنّ نقطة الانطلاق في الحركة التاريخية أو الدورة الحضارية ليس العلم والعلماء أو الصناعة والفن وهي علامات الازدهار، وإنّما القاعدة التي تكون الأساس لإقلاع الحضارة، ورأس المال الأمة الاجتماعي في نقطة انطلاقها نحو الرقي، وذلك لا يتمّ إلا بالعناصر المادية الثلاثة : الإنسان ، التراب، والوقت، مع وجود عامل يمزج بين العناصر الثلاثة هو الدين، فتحصل مطابقة التاريخ للمبدأ الديني.
يتفق "مالك بن نبي" مع "كسرلنج" و"سبنجلر" في أن ظاهرة التغيير والتحوّل في التاريخ والانتقال من الانحطاط إلى الحضارة تعود إلى تغيير الأنفس، ويستشهد بالحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية، فكل واحدة منها قامت على الإيمان والشعور والقوي بالحاجة إلى التغيير،"ويتعلق الأمر بحالة خاصة وشروط خلقية ونفسية لازمة للإنسان لكي يستطيع أن ينشئ ويبلغ حضارة ولكن أليست هذه الشروط هي نفس ما أشار إليه القرآن من تغيير النفس الذي جعل أساس كل تغيير اجتماعي".[17]
نستنتج مما سبق أن "فلسفة التاريخ" عند "مالك بن نبي" أخذت من الفلسفات السابقة وتأثرت بها، واختلفت معها في عدة جوانب، ومجال التاريخ في هذه الفلسفة هو الفرد والمجتمع وكل ما يحيط بهما، فهو يسجل ذلك ويحدد عوامل الضعف والانحطاط وشروط القوة والازدهار لمجتمع معين في مرحلة معينة، كما يقوم بحفظ ذلك ونقله إلى جهات أخرى، وللتاريخ دورة وللحضارة دورة، فلهما نقطة إنطلاق ونقطة وصول.
تنطلق الحركة التاريخية أو الدورة الحضارية من قاعدة مقررة في القرآن ومؤكدة في العديد من البحوث والدراسات هي تغيير النفس أولا وابتداء، عملا بقوله تعالى: ﴿إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم﴾.[18] فالعقل التاريخي الحضاري داخل المجتمع يتحرك من المبدأ المقرر في الآية الكريمة وتبعا لتأثير عالم الأشخاص وعالم الأفكار وعالم الأشياء منسجمة متفقة فيما بينها لا منفصلة وغير متشتتة، وتبعا لعوامل زمنية اجتماعية، وأخرى كونية ميتافيزيقية، بها يحصل التكتل وتتحقق الوحدة بين المنطلق والأسباب والغايات في الفكر والسلوك، هذه الوحدة تجمع وتؤلف عناصرها البعيدة والقريبة، والشرارة الروحية الدينية هي التي تجمع عناصر الحضارة الأولية: الإنسان والتراب والوقت، هذه الوحدة هي التي تتشخّص وتتجسد في صورة حضارة تمثل دورة صنعتها حركة التاريخ، التاريخ الذي يدرسها في مجال الفرد والمجتمع ويسجل مفاخرها وآثارها ويحفظ هذه الأخيرة من الزوال وينقلها إلى الآخرين، فأي حضارة تقوم بفعل التاريخ وفي حقبة زمنية ما.

2- الحضارة والثقافة:
لا نستطيع أحيانا التمييز بين مصطلح الثقافة ومصطلح الحضارة في الاستعمال الحديث في اللّغة العربية، فهما مترادفان، لكن يوجد ما يفصل بينهما على أساس أن الثقافة تمثل الجانب المعنوي والحضارة تمثل الجانب المادي داخل المجتمع.
إذا انطلقنا من المعنى اللّغوي للكلمتين نجد أن الثقافة إنتاج معرفي وعقلي، أما الحضارة فتتكون في المدن، لكن تبقى العلاقة بين الثقافة والحضارة حسب "ابن خلدون" علاقة تلازم فهو يقول: "إن حضارة أي مجتمع أو ثقافته إنما تتمثل في القيّم والمعاني والتنظيم التي تنطوي عليها حياته".[19] ويظهر هذا التلازم في كون حضارة أي أمة عبر التاريخ هي التطبيق المادي والاجتماعي للتراث الثقافي، وهي من إنتاج هذا التراث في المحيط الذي نما وازدهر فيه.
نجد لفظة الثقافة تدل على معنى الحضارة في اللغة الألمانية، فالثقافة أو الحضارة ذات دلالتين: ذاتية وهي ثقافة العقل، وموضوعيه وهي سائر العادات والظروف الاجتماعية والتراث الفكري والعلمي والفنون والآداب وألوان التفكير والقيّم الرائعة في مجتمع معين، "أو هو طريقة حياة الناس وكل ما يملكونه ويتداولونه اجتماعيا لا بيولوجيا".[20]
ليس الغرض هنا الوقوف على المعنى اللغوي لكلمة ثقافة أو لفظة حضارة والبحث في تطور المفهوم عبر التاريخ إنّما الوقوف على صلة الثقافة بالحضارة في فلسفة "مالك بن نبي". إذا مدرسة الغرب تعتبر الثقافة والحضارة ثمرة الفكر فإن المدرسة الماركسية تعتبرهما من إنتاج المجتمع، لكن "مالك بن نبي" لا يقتصر على المعنى الفكري النظري للثقافة بل يتناول المعنى في إطار الأوضاع التي عبّر بها العالم أجمع من جهة والعالم الإسلامي المعاصر من جهة أخرى، فهو يراعي بدرجة كبيرة الجوانب والمعطيات العملية والاجتماعية والتربوية والتاريخية، إذ انطلق مما وضع الباحثين في تباين بين نظراتهم، حيث يوجد من نظر إليها من الناحية النفسية الفردية وهناك من نظر إليها من الجانب الاجتماعي فوقف هو على الجوانب الثلاثة: الجانب النفسي والجانب الاجتماعي وجانب الصلة بين الفرد المجتمع، فاعتبر القضية قضية إنسان بشكل عام، وتجاوز في ذلك التفسير الأحادي الجانب بنظرته شمولية.
يربط "مالك بن نبي" مفهوم الحضارة بالثقافة من حيث مفهومها ووظيفتها الاجتماعية والتاريخية فثقافة عنده هي "علاقة متبادلة، هي العلاقة التي تحدد السلوك الاجتماعي لدى الفرد بأسلوب الحياة في المجتمع، كما تحدد أسلوب الحياة بسلوك الفرد".[21] إنّ التبادل يتمّ بين جانبين متصلين هما الفرد والمجتمع وهذا ما يمثل الجانب النفسي والجانب الاجتماعي في الثقافة، وإن كان بعض المفكرين يعتبرون الثقافة قضية فرد فقط و بعضهم الآخر يعتبرونها قضية مجتمع فحسب.
إنّ العلاقة المتبادلة تنمو لدى الفرد وتكبر من خلال صلته بالمحيط الحيوي وحياته النفسية وفاعليته الاجتماعية، هذه الصلة تنبعث في الأساس من رغبة الفرد في غريزة الحياة في الجماعة في تكوين وحدة اجتماعية تاريخية، "والتي تتيح له تكوين القبيلة والعشيرة والمدينة والأمة، والقبائل الموغلة في البداوة تستخدم هذه الغريزة لكي تجتمع، أما المجتمع الذي يجتمع لتكوين حضارة فإنه يستخدم نفس الغريزة، ولكنه يهذبها ويوظفها بروح خلقي سام".[22]
إنّ الثقافة لا تمثل علما من العلوم تتخصص فيه فئة معينة، إنّما هي نظام تقتضيه الحياة بشكل عام بكل ما تحتويه من أصناف التفكير والتغيّرات داخل المجتمع وقد تكون وسيلة للتحضر، "وعلى الأخص إذا كانت الثقافة هي الجسر الذي يعبره البعض إلى الرقي والتمدن فإنها أيضا ذلك الحاجز الذي يحفظ البعض من السقوط من على الجسر إلى الهاوية".[23]
إنّ وظيفة الثقافة اجتماعية تربوية تاريخية، فدورها بمثابة الدور الذي يلعبه الدم، "والثقافة هي ذلك الدم في جسم المجتمع، يغذي حضارته ويحمل أفكار الصفوة كما يحمل أفكار العامة وكل من هذه الأفكار منسجم في سائل واحد من الاستعدادات المتشابهة والاتجاهات الموحدة المتناسبة".[24]
لا يمكن الحديث عن الحضارة دون ربطها بالثقافة، فهي المجال الذي برز فيه المجتمع المتحضر، "إنها الوسط الذي تتكون فيه جميع خصائص المجتمع المتحضر، وهي الوسط الذي تتشكل فيه كل جزئية من جزئياته تبعا للغاية العليا التي رسمها المجتمع لنفسه، بما في ذلك الحدّاد والفنان والراعي والإمام والعالم وهكذا يتركب التاريخ."[25]


يؤكد "مالك بن نبي" على الطابع الشمولي للثقافة فرديا واجتماعيا وإنسانيا وعلى التكامل بين هذه الجوانب في الحياة بقوله: "فالثقافة هي تلك الكتلة نفسها بما تتضمنه من عادات متجانسة، وعبقريات متقاربة وتقاليد متكاملة، وأذواق متناسبة وعواطف متشابهة وبعبارة جامعة: هي كل ما يعطي الحضارة سيمتها الخاصة، ويحدد قطبيها: من عقلية ابن خلدون، وروحانية الغزالي أو عقلية ديكارت وروحانية جان دارك، هذا هو معنى الثقافة في التاريخ".[26]
تكبر الصلة بين الثقافة والحضارة لكون الثقافة عامل اجتماعي مهم جدا في التاريخ، "إذ لا يمكن أن تتصور تاريخا بلا ثقافة، فالشعب الذي يفقد ثقافته يفقد حتما تاريخه".[27]
إنّ ثقافة أي مجتمع تعكس نمط العيش عند أفراده، كما تحدد أنماط التفكير وأساليب العمل ووسائله واتجاهاته، كما تقوم بحفظ ونقل ذلك على أنه تراث ثقافي من جيل إلى آخر ومن حقبة تاريخية إلى أخرى، وثقافة المجتمع المتحضر تعكس حضارة ذلك المجتمع وخصوصيات تلك الحضارة، كما تحافظ على عناصرها وتتكفل بنقلها إلى الآخرين، فهي تشكل إرادة الفرد وإرادة المجتمع والإرادة الفردية والاجتماعية المشتركة باعتبارها محيط يعكس الحضارة التي يصنعها الأفراد داخل المجتمع في مرحلة تاريخية معينة، فالثقافة تُنشأ الحضارة وتوجهها وتعكس سماتها وتمثل المحيط الذي يتحرك فيه الإنسان المتحضر، أما الحضارة فهي منتجات ثقافية ومادية نتجت عن قدرة الإنسان على الإبداع والتجديد وتفرده بالذكاء والعبقرية، فبين الثقافة والحضارة تداخل وتلازم دائمين.

3- الحضارة والدين.
إذا كانت الحضارة لدى العديد من المفكرين هي مظاهر التقدم الأدبي والفني والعلمي والتقني، وتنتقل من جيل إلى آخر، وتمثل في الوقت نفسه الصورة الغائية التي يستند إليها في الحكم على صفات كل فرد أو جماعة، فإنها تعني عند "مالك بن نبي" سائر الشروط والعوامل الأخلاقية والمادية التي تسمح لمجتمع ما بأن يتكفل بجميع أفراده ماديا ومعنويا في جميع أطوار الحياة، فهي ظاهرة إنسانية مركبة من عدة عوامل مرتبطة بالفرد وبتفكيره وبحياته النفسية وسائر ظروفه وما يطرأ عليها من تغيّرات، كما تتصل بالمجتمع وبأوضاعه وبمكوناته وبما يجري عليها من تحولات، والدين ظاهرة إنسانية حالّة في الفرد وفي المجتمع، تتحدد بجملة من التعاليم والتوجيهات والمعتقدات يقرّ بها الإنسان وتنظم سلوكه وتحدد نمط حياته.
إنّ أهمية الدينوالفكرة الدينية في حياة الأفراد والمجتمعات، كبيرة جدا، لأن لها علاقة بحركة التاريخ وقيام المجتمعات وبناء الحضارات، الأمر الذي جعل "مالك بن نبي" لا يسقط الفكرة الدينية من جميع مناقشاته وكتاباته، فكيف يغفلها وهي أساس بناء الحضارة وأساس تحريك عجلة التاريخ وأساس تشييد صرح المجتمع المتحضر، وإذا كان الدين في نظر البعض عامل تخدير وجمود وتخلف فعنده عامل تركيب وتأليف بين عوامل وشروط ولوازم البناء الحضاري.
إنّ عناصر التحضر وشروطه موجودة لدى كافة الأمم والشعوب، لكن استثمار هذه الشروط والعناصر والتأليف بينهما أمر يحتاج إلى شرط خاص يتمثل في التحدي عند "توينبي" وفي الجدل لدى"هيجل" وفي الفكرة الدينية عند "مالك بن نبي"، فهي وراء البناء الاجتماعي، "فسواء كنّا بصدد المجتمع الإسلامي أو المجتمع المسيحي أم كنّا بصدد المجتمعات التي تحجرت اليوم واختفت تماما من الوجود نستطيع أن نقرر أن الفكرة التي غرست بذرتها في حقل التاريخ هي الفكرة الدينية".[28]
إنّ حركة التطور الاجتماعي مصدرها عوامل دينية واجتماعية تتمثل في ظواهر علاقات تبني المجتمع وتسعى إلى تنمية وتطوير حياته، فتصير تلك الظواهر والعلاقات بمثابة عوامل وقوانين تحرك التاريخ وتصنع التقدم والازدهار، "فالعلاقة الروحية بين الله والإنسان هي التي تلد العلاقة الاجتماعية، وهذه بدورها تربط ما بين الإنسان وأخيه الإنسـان... فعلى هذا يمكننا أن ننظر إلى العلاقة الاجتماعية والعلاقة الدينية معا من الوجه التاريخي على أنها حدث ومن الوجهة الكونية على أنها عنوان على حركة تطور إجتماعي واحد".[29]
فمن الزاوية التاريخية الزمنية تتفق العلاقة الاجتماعية مع العلاقة الدينية، وهما ظاهرتان إنسانيتان اجتماعيتان، ومن الزاوية الكونية الميتافيزيقية تمثل العلاقة الروحية، شرط وجود العلاقة الاجتماعية في حركة التطور الاجتماعي، "فالعلاقة الاجتماعية التي تربط الفرد بالمجتمع هي في الواقع ظل العلاقة الروحية في المجال الزمني".[30]
عندما تقوى العلاقة الدينية تقوى شبكة العلاقات الاجتماعية، ويضيق مجال الفراغ الاجتماعي عندما تضعف العلاقة الدينية وتضعف معها العلاقة الاجتماعية وتتفكك شبكة هذه العلاقات، ويتسع مجال الفراغ الاجتماعي، فقوة أي مجتمع بقوة علاقاته الاجتماعية وتماسك أفراده، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ﴿المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا﴾.[31]
إنّ كمال التماسك يمثل الخلاص والهدف الأسمى الذي تستهدفه كافة الدساتير والشرائع والأنظمة، مستعملة ما تملك من وسائل إنسانية تحاول بها أن تزيل الفراغ الاجتماعي والله تعالى يقول: ﴿لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم ولكنّ الله ألّف بينهم إنّه عزيز حكيم﴾.[32]
إذا كانت الفكرة الدينية تبني شبكة العلاقات الاجتماعية وتصنع حركة التطور داخل المجتمع فإن الحضارة تمثل هذا التطور الذي هو من فعل الفكرة الدينية في الأصل، لذا حرص "مالك بن نبي" كل الحرص على توضيح أثر ودور الفكرة الدينية في تركيب الحضارة، وكيف تشترط سلوك الفرد، "وكيف هي تنظم غرائزه تنظيما عضويا في علاقتها الوظيفية ببناء إحدى الحضارات".[33] وكيف يصنع الدين الإنسان لينهض بدوره في بناء الحضارة؟، وكيف تستطيع الفكرة الدينية أن تقدم التفسير العقلي لدور إحدى الديانات في تحريك التاريخ وتوجيهه.
لم يكتف "مالك بن نبي" في إبراز أثر الفكرة الدينية في تكوين الحضارة على معطيات التاريخ، وأفكار "كسرلنج"، إنّما لجأ "إلى لغة التحليل النفسي بغية تتبع إطار الحضارة باعتباره صورة زمنية للأفعال وردود الأفعال المتبادلة التي تتولد منذ مطلع هذا الاطراد بين الفرد والفكرة الدينية التي تبعث فيه الحركة والنشاط".[34]
إنّ الفرد في نقطة إنطلاق البناء الاجتماعي والحضاري هو فرد طبيعي فطري غريزي، تقوم الفكرة الدينية بضبط وإخضاع غرائزه ليس بإزالتها بل بتنظيمها وفق نظام يضمن انسجامها مع معطيات الفكرة الدينية، فيصير الجانب الحيواني فيه خاضعا لقوانين يفرضها الدين، فتسيطر على فكر الفرد وتأملاته وسلوكه مطالب وحاجات روحية، ويحصل الارتقاء من البهيمية الطبيعية إلى مستوى الروح في سلّم التغيير والتطور وكان هذا التحوّل النوعي في حياة الفرد من صنيع الدين.
إنّ المجتمع الذي أفرزته الفكرة الدينية لا يتوقف عن التطور بمجرد سيطرة الروح على الجانب الغريزي في الإنسان، بل ينتقل إلى مرحلة أخرى يسود فيها العقل الحياة في جميع قطاعاتها، فتحصل النهضة، لكن العقل ليس له سلطان الروح على الغرائز، إذ تبدأ الغرائز في التحرر وتبدأ الروح تفقد نفوذها على الغرائز شيئا فشيئا، هذا التطور يأخذ مجراه في حياة الفرد النفسية وفي النظام داخل المجتمع وفي شبكة العلاقات الاجتماعية عامة، "ولو استطعنا في هذا الحين بوسيلة دقيقة المراقبة لهذه الظروف النفسية بغية تتبع نتائج هذا الاطراد لأمكن أن نلاحظ انخفاضا في مستوى أخلاق المجتمع".[35]ونقص الفعّالية الاجتماعية للدين واسترجاع الطبيعة هيمنتها على حياة الفرد والمجتمع تدريجيا.
لما يبسط العقل سلطانه على عرش الحياة الفردية والاجتماعية تنهض العلوم والفنون والصناعات، فتجد الغرائز والشهوات سبل ومنافذ للتحقق والإشباع، لأن العقل لا يملك قدرة السيطرة عليها، فهو ليس في مستوى الروح التي تضعف وتستكين وتعري الغرائز عن وجهها بشكل تام، فتتوقف وظيفة الفكرة الدينية في المجتمع، وهي مرحلة تغيب فيها شمس الحضارة ويدخل المجتمع "نهائيا في ليل التاريخ وبذلك تتم دورة في الحضارة".[36]
يستشهد "مالك بن نبي" في إبراز أثر الدين في تكوين الحضارة الإسلامية، ويعتمد على معطيات التحليل النفسي الفردي والاجتماعي، ولم يكتف بمعطيات التاريخ، فتحرر الفرد من غرائزه بفعل الفكرة الدينية في بداية انطلاق البناء الحضاري، حالة يمثلها "الصحابي بلال ابن رباح" حينما رفع سبابته وقال:"أحد،أحد" وهو تحت التعذيب وهي صيحة الروح متحدية قانون الطبيعة والغريزة، ويمثل الأمويون في استيلائهم على الحكم مرحلة أوج ازدهار الحضارة الإسلامية فتقهقرت الروح وأخذت الغرائز تستعيد نفوذها ،الأمر الذي أدّى إلى أفول الحضارة الإسلامية، واكتمال دورتها في التاريخ بعد ذلك.
إنّ جميع الاعتبارات السابقة حسب "مالك بن نبي" تبين لنا الدور الذي يلعبه الفرد في القيام بوظيفية وأداء رسالته الحضارتين بإيعاز من الفكرة الدينية، كما تحل الفكرة الدينية مشكلة استمرار الحضارة، فالحضارة لا تدوم ولا تتواصل مظاهرها إلا بوجود علة هي الفكرة الدينية مرتبطة بغاية معينة، فيضفي ذلك على الحياة دلالة ومعنى.
من جهة أخرى فإذا كان كل ناتج حضاري عند "مالك بن نبي" تركيب وتأليف بين عناصر ثلاثة هي الإنسان والتراب والوقت فإن الفكرة الدينية لها دورها في ظهور نواتج الحضارة وفي تكوين الحضارات.
ركّز "مالك بن نبي" في دراسته لتكوين الحضارة في بدايتها الأولى على دورتين هما:الدورة المسيحية والدورة الإسلامية، بين"السر الكوني الذي يركب العناصر الثلاثة: الإنسان والتراب والوقت، ليبعثها قوة فعالة في التاريخ".[37]
إنّ السرّ الكوني الذي كان وراء ظهور الحضارة الإسلامية وركب بين عناصرها الثلاثة الإنسان والتراب والوقت هو الدين الإسلامي، فدورة الحضارة الإسلامية بدأت بنزول القرآن، وشهدت بعد ذلك قمّة الخُلق الرفيع وحياة جديدة، السيادة فيها للروح وللمثل العليا لا للشهوات والغرائز، كما شهدت حياة فكرية واسعة نقلت عن الأولين ووضعت علوما جديدة، فكانت روح الإنسان المؤمن بالإسلام هي العامل الحاسم في البناء الحضاري، وجاءت "واقعة صفين" عام 37هـ حوّلت حياة المسلمين إلى حياة يسودها العقل والترف والزينة وحب العظمة، فأخذت شمس الحضارة الإسلامية تغيب شيئا فشيئا.
إنّه نفس السر الذي كان وراء ميلاد الحضارة المسيحية التي تختلف في طبيعة ميلادها عن ميلاد الحضارة الإسلامية، فالحضارة الإسلامية جمعت بين ميلاد الفكرة الدينية وتسجيل هذه الفكرة في النفوس، فإن الحضارة المسيحية لم تتمكن من ذلك لأن الفكرة الدينية المسيحية لم تجد الفراغ الذي وجدته الفكرة الدينية الإسلامية، بل وجدت نفسها في وسط فيه تعدد الديانات والثقافات لم يسمح لها بالتوغل في النفوس وتؤثر فيها تأثيرا فعليا، إلا بعدما حلّت بمحيط الجرمانيين في شمال أوروبا فبعث فيها الفعالية لتصنع حلقة في سلسلة التاريخ كما بيّن "كيسرلنج" في كتابه "البحث التحليلي لأوروبا"، فمع الجرمانيين ظهرت روح خلقية سامية في العالم المسيحي، فهذا يعني الميلاد النفسي للحضارة ثم بدأت النهضة وخرجت من مرحلة الرفعة الروحية إلى حالة التطور العقلي، كل ذلك يعود إلى الروح الدينية المسيحية، ومرحلة الفناء أشار إليها "شبنجلر" بوضوح في كتابه "أفول الغرب" مما يبيّن أن الأمم المتقدمة هي الأخرى مهددة في حضارتها بالفناء.
إنّ ما نستخلصه مع "مالك بن نبي" بالنسبة للدين والحضارة هو أنّ الدين يمثل العامل الأساسي القادر على تشكيل الظواهر والعلاقات والقيّم الاجتماعية، والفكرة الدينية هي مركب القيّم الاجتماعية، "هذا التشكيل يجعل من الإنسان العضوي وحدة اجتماعية، ويجعل من الوقت وقتا اجتماعيا مقدرا »بساعات عمل« ومن التراب مجالا مجهزا مكيّفا تكييفا يسد حاجات الحياة الاجتماعية الكثيرة تبعا لظروف عملية الإنتاج".[38]أما إذا صار"الإيمان إيمانا جذبيا دون إشعاع أعني نزعة فردية، فإن رسالته التاريخية تنتهي على الأرض إذ يصبح عاجزا عن دفع الحضارة وتحريكها".[39]
إنّ السبيل إلى الحضارة موجود والأداة متوفرة ما دامت الفكرة الدينية موجودة تركب بين الفئات الثلاثة: الإنسان التراب والوقت وتشكلها في "كتلة تسمى في التاريخ حضارة".[40]

[1] - مالك بن نبي: شروط النهضة، ص93.

[2] - عبد الرحمن بن خلدون: المقدمة، ص17.

[3] - مالك بن نبي: شروط النهضة، ص 94-95.

[4] - المرجع السابق: ص 95-96.

[5] - المرجع السابق: ص 96.

[6]- المرجع السابق: ص 98.

[7] - المرجع السابق: ص98.

[8] - مالك بن نبي: ميلاد مجتمع، ص23.

[9] - المرجع السابق، ص24.

[10]- المرجع السابق: ص 24.

[11]- مالك بن نبي: وجهة العالم الإسلامي، ص21.

[12] - المرجع السابق: ص 21.

[13]- المرجع السابق: ص 23.

[14]- المرجع السابق: ص24.

[15] - مالك بن نبي: شروط النهضة، ص70.

[16] - قرآن كريم: سورة الرعد، الآية 11.

[17] - مالك بن نبي: شروط النهضة، ص84-85.

[18] - قرآن كريم: سورة الرعد، الآية 11.

[19] - عبد الرحمن بن خلدون: المقدمة، ص1124.

[20] - جميل صليبا: المعجم الفلسفي، ص379.

[21] - مالك بن نبي: مشكلة الثقافة، ص57.

[22] - المرجع السابق: ص111.

[23] - المرجع السابق: ص 109.

[24] - المرجع السابق: ص109-110.

[25] - المرجع السابق: ص 108.

[26] - المرجع السابق: ص108.

[27] - المرجع السابق: ص107.

[28] - مالك بن نبي: ميلاد مجتمع، ص52.

[29] - المرجع السابق: ص 52.

[30] - المرجع السابق: ص 52.

[31] - حديث نبوي شريف.

[32]- قرآن كريم: سورة الأنفال، الآية63.

[33] - مالك بن نبي: شروط النهضة، ص92.

[34] - المرجع السابق: ص 100.

[35] - المرجع السابق: ص 104.

[36] - المرجع السابق: ص 105.

[37] - المرجع السابق: ص74.

[38] - مالك بن نبي: وجهة العالم الإسلامي، ص27.

[39] - المرجع السابق: ص27.

[40] - مالك بن نبي: شروط النهضة، ص86.