معركة عين جالوت 3 سبتمبر 1260م – 25 رمضان 658 هـ
قبل معركة عين جالوت شهد العالم الإسلامي التمزق والتشرذم والاقتتال وضعف عاصمة الخلافة العباسية بغداد, وانفراد الأمراء كل بإمارته , وكانت تجتاح العالم هجمات المغول الوحشية , ولم يعرف العالم شعبا استطاع اجتياح كل هذه المناطق بسرعة, احتلوا شمال الصين وكوريا... والتبت الدولة الخوارزمية في فارس, روسيا والهند وبغداد والشام(1), ويذكر ابن الأثير حادثة التتار من الحوادث العظمى والمصائب الكبرى أن العالم منذ خلقه الله تعالى لم يبتلوا بمثلها, دخل هولاكو بغداد بجيشه البالغ 200,000 بعد أن هزموا جيش الخليفة, , أشار الوزير ابن العلقم على الخليفة بملاقاة هولاكو لحقن دماء المسلمين واستدعى الوزير العلماء والفقهاء فضرب هولاكو أعناقهم, ثم استمر القتل نحو أربعين يوما حتى بلغ عدد القتلى مليون نسمة ولم يسلم إلا من اختفى في بئر أو قناة , وقتل الخليفة رفسا , حتى الوزير نفسه أذلوه وما لبث أن مات, قال سبط القاويذي :بادت وأهلوها معا فبيوتهم ببقاء مولانا الوزير خرابُ وقال آخر :يا عصبة الإسلام نوِّحي واندبي حزنا على ما تم للمستعصم (2)وقد استبقى المغول جماعة من الشيعة والنصارى وسكان بغداد, وهكذا حجبت شمس الدولة العباسية بعد شروق وازدهار دام 524 سنة(3) وقد رأى العالم المسيحي الأخبار والبشرى السارة بسقوط بغداد مركز الخلافة الإسلامية(4).بسقوط بغداد وهلاك معظم سكانها وقد قدرهم ابن كثير بمليون وثمانمائة ألف نسمة, وإبادة الثروة الأدبية والفنية, وغروب شمس الحضارة العباسية التي لم يعرف العالم بأسره مثلها(5). بالرغم من الخطر الغير عادي الذي يعصف بالعالم الإسلامي استمر الصراع بين الأمراء الأيوبيين, أمراء المماليك, بل خضع معظم أمراء الأيوبيين للمغول خوفا أو طمعا بالمُلكْ(6). وكان المغول يطمحون لاحتلال الأراضي العربية والإسلامية والوصول إلى مصر, انطلق هولاكو على رأس جيش قوامه 120,000 مقاتل نحو الشام(7),حاصروا مدينة ميافارقين بديار بكر والتي كان يحكمها الكامل محمد الأيوبي, صمدت سنتين ببسالة إلا أن انتشار الأمراض والفقر وانعدام المساعدات من قبل المسلمين ونفاذ المؤن فدخلها المغول وارتكبوا أفظع المجازر, حيث قبضوا على الكامل محمد الأيوبي , قطعوا جلده وأرغموه على أكله إلى أن مات, فقطعوا رأسه وحملوه على أسنة الرماح انتقاما منه لبطولته وصموده(8),ثم حاصر حلب ودمشق, وأعملوا السيف بأهلها.كان يحكم مصر أثناء هذه الحوادث المصيرية صبي عمره 15 سنة, "المنصور علي بن المعز", فقام الأمير سيف الدين قطز المعزي بسجنه والاستيلاء على عرش السلطة قائلا: "هذا صبي والوقت صعب ولا بد من أن يقوم رجل شجاع ينتصب للجهاد"(9), لحسن حظ المسلمين صادف عام 1260م وصول خبر وفاة الخاقان الأعظم للمغول "منكوخان" في قراقوم, إلى هولاكو, حيث تم استدعاء أولاد وأحفاد "جنكليز خان" إلى مجلس الشورى المغولي لانتخاب الخان الأعظم, مما اضطر هولاكو إلى الانسحاب مع معظم جيشه البالغ عدده 100,000 مقاتل , والإبقاء على 20,000 مقاتل مع "كتبغا" أمهر قادته, وكان هولاكو قد أرسل قبل عودته رسالة تهديد ووعيد إلى "سيف الدين قطز" سلطان مصر. جاء بها:" من ملك الملوك شرقا وغربا, الخان الأعظم , باسمك اللهم, باسط الأرض, ورافع السماء, يعلم الملك المظفر, قطز وسائر أمراء دولته وأهل مملكته بالديار المصرية, وما حولها من الأعمال, إنا نحن جند الله في أرضه, خُلقنا من سخطه وسلطنا على من حل به غضبه, فلكم بجميع البلاد معتبر, وعن عزمنا مزدجر, فاتعظوا بغيركم واسلموا إلينا أمركم قبل أن ينكشف الغطاء فتندموا ويعود عليكم الخطأ, وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد, وطهرنا الأرض من الفساد, وقتلنا معظم العباد , فعليكم بالهرب , وعلينا الطلب,فأي أرض تأويكم؟! وأي طريقٍ نجيكم؟! وأي بلاد تحميكم؟ فما لكم من سيوفنا خلاص ولا من مهابتها مناص, فخيولنا سوابق , وسهامنا خوارق, وسيوفنا صواعق, وقلوبنا كالجبال, وعددنا كالرمال, فالحصون لدينا لا تمنع والعساكر لقتالنا لا تنفع, ودعائكم علينا لا يُسمع , فمن طلب حربنا ندم, ومن قصد أماننا سلمْ, فإن أنتم لشرطنا ولأمرنا أطعتم, فلكم ما لنا وعليكم ما علينا, وإن خالفتم هلكتم فلا تهلكوا نفوسكم بأيديكم, فقد حذر من أنذر, فلا تطيلوا الخطاب , أسرعوا برد الجواب قبل أن تضرب الحرب نارها, وترمي نحوكم شرارها, فلا تجدون منها جاها ولا عزا ولا كافيا ولا حرزا, وتدهون منا بأعظم داهية, تصبحوا بلادكم منكم خاوية فقد أنصفناكم إذ راسلناكم وأيقظناكم إذ حذرناكم, فما بقي لنا مقصد سواكم(11).من هذه الرسالة تفوح روح الاستعلاء والتعجرف والتهديد والوعيد, قام السلطان قطز بقتل رُسُل هولاكو, على الأرجح بعد أخذ رأي الظاهر بيبرس(12), فكان قتلهم بمثابة إعلان الحرب على المغول, وإن كان من عادة المسلمين إكرام الرسل وعدم قتلهم, لكن المغول بشعوا واسرفوا في قتل المسلمين الآمنين في مدنهم وقراهم حتى بلغ عددهم بالملايين .أسباب معركة عين جالوت1. رغبة المغول في الوصول إلى مصر وإخضاعها.2. امنع المغول من الوصول إلى مصر ومهاجمتهم في فلسطين.3. الجرائم التي ارتكبها المغول بحق المدن الإسلامية وإسقاط الخلافة الإسلامية في بغداد.4. رسائل التهديد من قبل هولاكو لأمراء المماليك.5. قتل رسل هولاكو على يد الملك قطز , جمع الملك قطز الأمراء والمستشارين فأشاروا عليه بالحرة, فأخذ يجمع المال وينفقه على تجهيز الجيش وقد أفتى العز بن عبد السلام بيع الحلى والجواهر في سبيل الجهاد ومحاربة المغول. (13)معركة عين جالوتبلغ عدد جنود السلطان قطز وقائده الظاهر بيبرس حوالي 20,000, وبلغ عدد جند المغول حوالي 20,000 بقيادة كتيغا الذي خلف هولاكو بعد عودته إلى قراقورم(14) كان الأمير بيبرس البندقداري يتقدم بطليعة من الجيش, ليكشف أخبار جيش المغول فاشتبك مع طلائعهم وانتصر عليها مما رفع معنويات جنده , ثم مر بعكا وكانت بيد الصليبيين فعرضوا عليه المحاربة إلى جانبه فطلب منهم الحياد فقط وإلا حاربهم(15).رأى بارونات عكا أن المغول برابرة ويجب تفضيل المسلمين عليهم وخاصة قيامهم بأعمال سيئة وتخريب صيدا كذلك حكم المماليك في مصر لم يشكل عليهم الخطر(16), أراد كتيغا قتال المسلمين في البقاع حيث كان يخيم , ولم ينتظر المعونة من هولاكو , أراد السرعة في ملاقاة قطز(17) وكان الأمير بيبرس يعمد إلى وقوع اشتباكات سريعة ومحدودة مع طلائع جيش المغول ثم يسرع لإغراء المغول بالقدوم إلى عين جالوت عند ينبوع صغير ومرتفعات تكسوها الأحراش(18), وعين جالوت عند مدينة بيسان ونابلس في غور الأردن بفلسطين إن ما يميز الجيش المغولي, القوة والإيمان بأنهم لا يمكن هزيمتهم, وأنهم شعب مختار, وقد آمن جنكليز خان بأنه مبعوث الهي, واستخدامهم للخيول التي كانت كبيرة ومرتفعة مقارنة بخيول العرب, واستعمال الرماح الطويلة , وعدم الرحمة اتجاه الأغراب والأعداء(19) قسم قطز الجيش إلى قسمين , القسم الأول الطلائع بقيادة بيبرس والقسم الثاني يختبئ بين الوديان والتلال المجاورة لصد الهجوم أو قوات دعم, فقام الظاهر بيبرس بهجوم سحب على اثره الخيالة من جند المغول إلى الكمين أنقض عليهم جيش قطز اعتقد كتيغا أن قواته انتصرت فتقدم فتم تطويق قواته أيضا (20), يقال أن المعسكر الإسلامي اضطرب وتراجع فأخذ قطز يحث الجيش على القتال قائلا :" وا اسلاماه , وا اسلاماه, يا الله انصر عبدك قطز على التتار "(21). يقول ابن كثير :"فاقتتلوا قتالا عظيما فكانت النصرة ولله الحمد للإسلام وأهله, فهزمهم المسلمون هزيمة هائلة وقتل أمير المغول كتبغا, وجماعة من بيته, واتبعهم الجيش الإسلامي يقتلونهم في كل موضع"(22) أخذ بيبرس يتعقب فلول المغول ويفتك بهم التقى بالمدد الذي أرسله هولاكو ويبلغ 2000 مقاتل فهزمهم(23) كان النصر ساحقا للمسلمين. أبعاد المعركة 1. مقتل صاحب النصر الملك قطز, بعد أن بلغ الخبر دمشق والقاهرة وخرج الشعب, وتزين القاهرة لاستقبال بطل عين جالوت فكانت زينتها احتفالا باستقبال قاتله ومغتصب عرشه(24) يقول ابن كثير :" وكان الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري قد اتفق مع جماعة من الأمراء على قتله فلما وصل إلى هذه المنزلة ضرب دهليزه وساق حلف أرنب وساق معه أولئك الأمراء , فشفع عنه ركن الدين بيبرس البندقداري في شيء فشفعه, فأخذ يده ليقبلها فأمسكها وحمل عليه أولئك الأمراء بالسيوف فضربوه بها, وألقوه عن فرسه ورشقوه بالنشاب حتى قتلوه رحمه الله ثم كروا راجعين إلى المخيم وبأيديهم السيوف مصلتة , فأخبروا من هناك بالخبر , فقال بعضهم: "من قتله؟ فقالوا ركن الدين بيبرس , فقالوا: أنت قتلته فقال نعم , فقالوا : أنت الملك إذا ً "(25) .لماذا قتله:- • بسبب قيام الظاهر بيبرس بدخول حلب وتطهيرها من المغول(26).• مشاركة قطز في قتل أقطاي فكان الظاهر بيبرس يتحين الفرصة للانتقام(27).• كان يتأمل بيبرس من السلطان أن يقطعه حلب جراء بسالته وقتاله في المعركة(28). • تشريد الأمير بيبرس إلى الشام(29).2. بهذا القتال الغير منصف حرم السلطان من قطف ثمار النصر واستقبال الأهالي الفرحين في كل مكان.3. تطهير الشام من المغول فهرب حلفائهم وممثليهم .4. توحيد الشام ومصر تحت سلطة المماليك.5. أعطى النصر الشرعية لحكم المماليك وغض الناس الطرف عن قيامهم باغتصاب العرش من الأيوبيين .6. قام بيبرس بإحياء الخلافة العباسية من جديد المنتصر بالله الذي لم تدم الخلافة سوى ستة أشهر(30),هنالك من يتهم بيبرس بقتله لأنه أراد استرجاع بغداد من المغول فكان صاحب عزيمة, فأرسله مع قوة صغيرة لمواجهة المغول فقتلوه(31).7. عين جالوت هي المعركة الأولى التي يهزم بها المغول(32).8. انتصار عين جالوت جلجل صداه في العالم الإسلامي والمسيحي والمغولي.9. هزيمة المغول أنقذت مصر من اجتياح بربري يلتهم الحضارة العريقة والتاريخ .10. أسس بيبرس دولة المماليك الأولى بشكل رسمي , واتخذ لقب الظاهر , وأعاد المماليك البحرية المشردين الى مصر(33).11. أنزل بيبرس ضربة قاضية وقاصمة بالصليبيين عام 1261 مما مهد جلائهم عن المشرف العربي بعد وفاته بفترة من الزمن(34).12. أضرار المغول: يشبه الكثير من المؤرخين الدمار الذي حل بالعالم الإسلامي على يد المغول , بأضرار التي حلت بأوروبا وبالإمبراطورية الرومانية على يد القبائل البربرية (35), بعض المؤرخين يحاول التقليل من هجوم المغول أن أهل المدن التي ذبح أهلها اعتقدوا أن المدينة لن تعمر قبل ألف عام, من الباحثين من يذهب إلى أبعد من ذلك بأن بعض البلدان استفادت من الغزو المغولي وتطور اقتصادها مثل بلاد فارس والضربة القوية كانت في العراق وبغداد والتي لم تقم لها قائمة خاصة أن بلاد فارس كانت مقرا ً للسلاجقة والمغول , والمغول قاموا بحماية العلوم الهامة مثل الطب والرياضة , حيث أنشأ هولاكو للعالم الفلكي نصير الدين الطوسي مرصدا ً مجهز بأفضل الأجهزة وساعد المغول في تنشيط التجارة بين الشرق الأدنى والصين ونشطوا حركة الترجمة , وخاصة بين الفارسية واليونانية , وكلف رشيد الدين وكان يهوديا وأسلم بكتابة تاريخ الأمم التي دخلت الإمبراطورية المغولية يعاونه أشتات من علماء الصين , ورجل مغولي , وراهب فرنسي(37). 13. دور الأتراك أشار الكثير من المؤرخين, وعلى رأسهم أن المغول هزموا على يد رجال مثلهم إشارة إلى وجود المقاتلين الأتراك في صفوف الطرفين (38).14. دور ابن العلقمي: تشر الكثير من المصادر إلى دور الوزير الشيعي ابن العلقمي المتواطئ مع المغول وحثهم على غزو بغداد , وسببه الخلاف مع قائد الجيش أو رغبته في إعلاء العلويين وتمليكهم, وأن الصراع بين السنة والشيعة, إننا نختلف مع هذا الرأي لأن المغول كانوا سيجتاحون بغداد كجزء من مخطط استراتيجي عسكري واقتصادي تماما كما فعل الأمريكان عام 2003 عند اجتياحهم العراق , إن رغبة رجل شيعي أو مجموعة لا تحتم استقدامهم بهذه الغلاظة والفضاضة وفي عيونهم روح الانتقام من الحضارة والإنسانية قاطبة .15. كانت هذه المعركة بداية النهاية للإمبراطورية المغولية التي لم تتجرع من قبل كأس الخسارة بعد فترة زمنية قصيرة, أسلم قسم كبير من ا لمغول .16. مساهمة القبائل العربية في الشام في صنع النصر , وقد قدم الملك قطز لمكافئة أبطال المعركة من عرب الشام فأعاد المنصور صاحب حماة إلى حماة وأضاف إليها المعرة, وأعاد الملك الأشرف صاحب حمص إلى حمص, فكان التعاون بين المماليك والعرب أثمر في وقف سيل المغول الجارف(39).17. مظاهر الفرح في الشام: بعد تصفية الخلافة العباسية عام 1208 على يد المغول, قام المسيحيون في دمشق بإظهار مظاهر الفرح والشماتة والاعتداء على المسلمين ومساجدهم , ولما انتصر المسلمون في عين جالوت قام المسلمين بالانتقام وقتل عدد من المسيحيين وحرق ممتلكاتهم والاعتداء على كنائسهم , إلا أن السلطان قطز ضبط النظام , بعد دخوله المدينة. أسباب انتصار المسلمين في المعركة :1. التقارب في عدد المقاتلين من الطرفين .2. قاتل المسلمين من أجل عقيدة ودين بينما لا دين يجمع المغول.3. الخطة العسكرية المحكمة والتي انطلت على قائد المغول كتبغا حيث زيف المسلمين عملية الانهزام لجر المغول والانقضاض عليهم, هذه الخطة تشبه إلى حد بعيد خطة صلاح الدين الأيوبي يوم حطين.4. هزم الظاهر بيبرس طلائع المغول عند مدينة غزة قبيل المعركة , مما حط من معنويات رجال المغول , ورفع معنويات الجيش الإسلامي. 5. العسكرية عند المماليك, جنود المماليك بقيادة الظاهر بيبرس لهم خبرة عسكرية راقية ومتطورة ومجربة لفنون القتال.6. وجود الجند الأتراك بين جند المماليك ومعرفتهم لفنون القتال عند المغول.7. قيام هولاكو بسحب أغلب جنده عندما ذهب لاختيار الخاكان الأعظم , وإلا لولا ذلك من الصعب تحقيق النصر على جندهم بهذه الكثافة (120,000) جندي وغياب هولاكو كان في صالح المسلمين.8. الحماس الشديد الذي آمن به قطز وبثه إلى جند المسلمين , وأظهر لهم الفرق بين من يقاتل لأجل دين الله وبين المغول .9. قام المسلمين بتحديد مكان المعركة في عين جالوت حيث عين ماء , ومرتفعات .10. مقتل كتبغا قائد جند المغول ونائب هولاكو , المغول يؤمنون بقدرة قائدهم مقتله على الأرجح على يد الأمير بيبرس في مبارزة بالسيف , دب الرعب في صفوفهم , ففروا من المعركة مذعورين.11. ايقن الجيش المصري أن خسارته تعني دعوة المغول إلى اجتياح مصر وحضارتها واذلال أهلها, كما حل بأهل فارس والعراق. عين جالوت وتحطيم أسطورة المغولتتمثل أهمية معركة عين جالوت , بتمكن المسلمين من تحطيم أسطورة المغول والتي لم تصب لجام غضبها على المسلمين أو العرب فحسب بل على الصين وبلاد فارس ومماليكها الإسلامية وعلى الأتراك, وخاف منها العالم المسيحي الصليبي والذي أمد جند المسلمين المرابطين بجانب عكا بالطعام وأراد الانضمام للحرب إلى جانب جيش المماليك, فكانت هزيمة المغول في عين جالوت بداية نهاية الإمبراطورية العملاقة والتي لم يعرف التاريخ البشري ملكا استطاع اجتياح آلاف الأميال واجتثاث الممالك وشلهم, ولاقى الإسكندر المقدوني , ولم يعرف التاريخ محاربين مثلهم يقاتلون ومعهم أولادهم ونساءهم وخيولهم وأغنامهم وبقرهم, ولقد أرهبوا العالم وسفكوا الدماء البشرية بغير حساب, أرهبوا الملوك والفرسان, وتلذذوا في تعذيب الناس , تسكنهم روح الانتقام الحادة العطشى للدم والدموع وأكبر خسارة بشرية اجتياحهم بغداد الحضارة وتخريبهم مكاتبها وأسواقها ومساجدها , وقتلها أكثر من مليون نسمة وعشرات آلاف من العلماء والأئمة والقضاة, واستيلائهم على ثروتها المالية, وفي أحلك الظروف ظهر الملك قطز ووحد المماليك والعرب لصد الهجوم المغولي وبفضل الحنكة العسكرية والسياسية استطاع مع الأمير بيبرس الانتصار على الجند الذين لا يعرفون الخسارة, وتعقبوا فلولهم , ووحدوا الشام ومصر لمدة 200 سنة , لكن فرحة النصر لم ولن تكتمل لقيام الظاهر بيبرس بتصفية الملك الظافر في المعركة , فلم يرتشف قطز كأس النصر وتم تتويج بيبرس قاتله ملكا على مصر والشام, حتى أحسن الظاهر بيبرس تدبر أمور البلاد ومحاربة الصليبيين الجاثمين على قلب الشرق , وقد اظهر العديد من الأمراء الأيوبيين الجبن في مواجهة المغول فأخذ هولاكو يبتلع إمارتهم إمارة إمارة , ويذل ملوكها ويفتك بأهلها بعد إعطائهم الأمان, ولو اتحدوا وتركوا نزاعاتهم جانبا لصدوا الأخطار عن المسلمين , والخلفاء في بغداد لم يحركوا ساكنا أمام الاجتياح المغولي للممالك الإسلامية والتي صمد بعضها , وظنوا أن المغول فقط يهاجمون قلاع الحشاشين , والمال قد يردهم عن اجتياح بغداد, فكانت معركة عين جالوت وردت الاعتبار والكرامة المسلوبة للأمة الإسلامية وسطرت في سماء المجد القادة الأبطال قطز وبيبرس.




الهوامش .
.../ -------------------1. ويكبيديا الموسوعة الحرة . 198 .2. جلال الدين السيوطي, تاريخ الخلفاء, ص 370.3. محمد الخضري, الدولة العباسية, ص 360.4. ويكبيديا الموسوعة الحرة 195. 5. حسن إبراهيم حسن, تاريخ الإسلام, ص 144.6. عصام شبارو, تاريخ المشرق العربي.7. خالد عزام ,العصر العباسي, ص 293.8. ويكبيديا الموسوعة الحرة. 9. السيوطي, تاريخ الخلفاء, ص 370.10. ويكبيديا, الموسوعة الحرة.11. ن.م. 12. بيتر توراو, الظاهر بيبرس, ص 83.13. إسلام اون لاين.14. الموسوعة الحرة, ويكبيديا.15. إسلام اون لاين. 16. بيتر توراو, الظاهر بيبرس, ص 84.17. ابن كثير , البداية والنهاية, ص 188.18. بيتر توراو, الظاهر بيبرس, ص 85.19. גון קיגו – תולדות הלחימה, עמ' 192- 194.20. ويكبيديا الموسوعة الحرة.21. ويكبيديا الموسوعة الحرة22. ابن كثير, البداية والنهاية,ص 188.23. بيتر توراو, الظاهر بيبرس, ص 86.24. سهيل عيساوي, بين فكي التاريخ, ص 60.25. ابن كثير , البداية والنهاية, ص 190.26. السيوطي, تاريخ الخلفاء, ص 371.27. عصام شبارو, تاريخ المشرق العربي الإسلامي, ص 220. 28. كارل بروكلمان, تاريخ الشعوب الإسلامية, ص 366.29. عصام شبارو, تاريخ المشرق العربي الإسلامي, ص 220.30. السيوطي, تاريخ الخلفاء, ص 373.31. كارل بروكلمان, تاريخ الشعوب الإسلامية, ص 366.32. ن.م.ص. 19.33. عصام شبارو, تاريخ المشرق العربي الإسلامي, ص223.34. ن.م, ص 221.35. ن.م.ص168. 36. ن.م, ص 162.37. ق. نارتولد, تاريخ الحضارة الاسلامية, ص 125- 127.38. ن.م.ص, 198.39. محمد السيد, تاريخ العرب في أخطر المعارك الحاسمة في العالم, ص 141.-----------------------

المصدر: كتاب " معارك فاصلة في التاريخ الاسلامي" للكاتب , سهيل عيساوي, 2008