هَلْ غَيّرَ الغَربُ جِلْدَهُ؟
د. فايز أبو شمالة
ما الذي تغير في ليبيا ليغير الغرب عاداته المعادية للعرب؟ وهل حقاً انفطرت قلوب الأمريكان على حال الإنسان العربي، وما يعانيه من طغيان؟ ولماذا القذافي دون غيره، وكل أنظمة الحكم العربي في الهم شرقٌ؟ وما الأسباب الحقيقة الكامنة خلف تكسير الغرب لأطراف القذافي العدوانية ضد الشعب الليبي؟ وهل من تناقض بين مواقف الغرب المعادي للقذافي، وبين الدعم الإسرائيلي الذي تحدثت عنه عدة تقارير محايدة؟ تساؤلات يحار لها العقل العربي! وهو يحاول تفسير الدعم الغربي للثورة الليبية التي ما زالت غامضة الايدولوجيا بالنسبة للغرب، وهي تهدف إلى الإطاحة بأهم ركائز النظام العربي الذي خدم إسرائيل وأمريكا والغرب كافة!. قد يطفو على السطح مصالح الغرب الاقتصادية في ليبيا، وتعطشهم للنفط الذي يكاد يكون قد توقف تصديره بفعل الثورة، وبقاء هذا الحالة من معارك الكر والفر لا تخدم مصالح الغرب، ولاسيما أنهم أعطوا للقذافي فرصته الزمنية كي ينتصر على الأرض، ويعيد ترتيب الأوضاع، ولكنه فشل أمام صمود الثوار الأسطوري، وصارت مصافي النفط الليبية تخشى عمليات الثوار الفدائية، أكثر من خشية الغرب من انتصار الثورة نفسها! لا يمكن التقليل من البعد الإنساني لدى الغرب، والوحشية التي مارسها طاغية مارق ضد شعب ينشد حريته، ولكن البعد الإنساني يأتي لاحقاً، ويأتي تجاوباً مع التقدير الغربي بحتمية انتصار الشعب الليبي، وهنا يأتي التدخل الهادف إلى نسج خيوط التآلف، ومد جسور الصداقة مع العرب كافة بما يخدم الهدف الاقتصادي، ويرضي ضمير الأوروبيين. غير أن ما يخيف الغرب وأمريكا أكثر هو استمرار هذه الحالة الثورية العربية المسلحة التي تسود الأراضي الليبية، وانعكاساتها النفسية على المجتمع العربي الذي يعيش بوجدانه مع الشعب الليبي، واستعداد الشباب العربي من كل البلاد العربية للتدرب، والمشاركة في قتال مرتزقة القذافي، ليعودوا بعد ذلك إلى بلدانهم العربية معبئين بالثورة والغضب. فإذا أضيف لما سبق خشية الغرب وأمريكا من بقاء القذافي متفرداً بالسلطة، وما يخبؤه نظامه من مجازر دامية للشعب الليبي، وما يخبئه من أحقاد تستهدف الديمقراطية الناشئة في دول الجوار العربي، وما يخبئه من مفاجئات اقتصادية، وعقود نفطية لا تخدم مصالح الغرب الذي يراهم القذافي قد خذلوه، وخانوا ولاءه غير المحدود لهم. من العدل البشري تكسير أطراف القذافي العسكرية رحمة بالشعب الليبي، ومن العدل البشري أن يلتقي المسلم والمسيحي، والشرقي والغربي على محاربة الأوبئة، وأمراض الأنظمة التي ستفتك باستقرار الإنسان الغربي بالقدر ذاته الذي فتكت بالإنسان العربي.