أعتقد أن دور المرأة العربية يتعدى هذا المقال الذي كتبته في ساعة غضب
· أن نزرع في أرض مالحة! ·
دينا سليم - استراليا
أغنيتي لم تعد مجرد أغنية، قلمي لم يكن أبدا قلمهم، وعقلي لن يشتريه أحد! نص قانون الغاب يسيطر أكثر، لكنه لا يشملني أنا، عقدوا اتفاقيات عنصرية يطبقونها، ونسوا أنفسهم هؤلاء السخفاء ( لا أشتم بل أتألم)! اقترحوا علي، أملوا علي خططهم، وقفوا خلف رقبتي وانتظروا، لن استسلم إلا لهذا الهائج داخل عقلي، لا أحد يعرف ماذا يجري في محيط ذلك الرأس العظيم، رأسي! لكنه يصاب بالصداع عندما يرى مشاريع القتل منتشرة هناك، دماء، ضحكات هستيرية، صلوات، وجوه تبكي، أمهات ثكالى، أطفال جائعون، عباءات، ألوان، أوحال، أوغاد، وشمس واحدة منتظره! ادّعى الصينيون أن ثمة علاقة بين الطحال وشعر رأسنا، وبين ظهور الشيب مبكرا والكليتين، وانخفاض نسبة الدماء في عروقنا وتساقط الشعر، ما يعني أن الطحال ليس مقبرة لكريات دمنا الحمراء فقط ، كل شيء ممكن، أوافق! شاهد عيان يؤكد أن الفرَج مرّ من هنا، لم يجد الصابرين بانتظاره، وآخر أصرّ أن ينتظر الفرج منذ أعوام وأعوام ، مثل (إنتظار غودو) ولم يمرّ! (طوني خليفة) يبحث عن فضائح لكي يستثمرها في برنامجه (لماذا؟) بينما ينهمك الأستراليون في معالجة أمر المهاجرين غير الشرعيين الذين يلقون حتفهم في قلب المحيط قبل الوصول. هل تريدون مواضيع لبرامج مجدية، تعال يا طوني الى هذا الرأس المليء بها، ( لست متكبرة بل معتده)! نيوزيلاند تودع عشرات القتلى الذين ردموا تحت الأنقاض جراء الهزة الأرضية، حدث سيء آخر يطبع في الذاكرة! أعد قهوتي الصباحية وأبدأ نهاري من جديد، صديقة تتصل بي متشوقة لسماع صوتي، فأقول لها، ما زلت حيّة أرزق فأغلق الخط حالا! كلب الجيران يزعجني، أحتاج الى موسيقى رومانسية هادئة تعيد الى نفسي هدأتها، فيروز، نعم، هي، خيم صوتها الملائكي على المكان، سكت كلب الجيران، لكن صاحبته تذمرت، معها حق، إنها لا تفهم لغتي، ولن أستمع الى موسيقى أخرى تفهمها هي! المذياع يذيع أخبارا شتى، الاحتقان الطائفي الذي بدأ يتفاقم في العالم، عن مظاهرات جديدة، اعتصامات واحتجاجات، عن زيادة العنف الأسري، الرجال يقتلون زوجاتهم وأبناءهم، عن مبادرات سلام جديدة فاشلة، ارتفاع سعر برميل النفط ، جوائز الآوسكار... أغلقته وارتحت! التلفاز يبث أخبارا مزعجة، الغبار يملأ الساحات والنازحين يهربون بجلودهم حفاة، يحملون فرشاتهم على ظهورهم يبحثون عن مأوى، المطر يهطل فتتعطل خطواتهم، لم أستطع غلقه فتواصلت الأخبار... وصلت صديقتي بواسطة دراجتها الكهربائية لكي تكسر الهدوء الجميل المستتب هنا، تترجل بسرعة، فتاة عصرية تمارس حريتها على أكمل وجه في بلاد لا يعرفها أحد فيها، حيث تُحترم الحريات الشخصية، تحمل قالبا من الكعك، جاءت لكي نواصل قصة، (في بيننا خبز وملح)، القصة طالت، ولم تعد تعجبني، ربما لأنها أتت هذه المرة وهي تحمل بدل الملح سكرا وبدل الخبز كعكا، على كل حال، أهلا وسهلا بها، دخلت. تمددت على الكنبة، كما هي عادتها، رفعت قدميها وهي تقول: - هل علمتِ؟ - ماذا؟ - أني أتقن إيجاد الطالع داخل فنجان القهوة، (تعالي نعمل قهوة لكي أقرأ لكِ الفنجان)! - لماذا؟ ما هو الشيء الذي تريدين معرفته عني فأخبرك به دون هذا العناء! - لا شيء أبدا، فقط للتسلية، ثم أنا فعلا لا أعرف عنك أي شيء، بماذا تؤمنين، بمحمد (صلعم) أو المسيح، أو ربما كنت يهودية، من يدري! - تقيمين في بلد لا يهتم بالديانات وما زلت تفكرين بها، هنا يقيم آلاف من البشر يعتنقون دينا واحدا. - ما هو، ما هي غالبيتهم، أرجو أن يكون الدين ال... هو المهيمن هنا! - نعم يا صديقتي الدين المهيمن هنا هو الدين الذي يحترم الإنسانية والإنسان، اسمه دين البشر والبشرية! أدرت ببصري نحو المكتبة العملاقة التي تحيطني في أجزاء الغرفة الثلاثة، حيث سقط نظري على اسم جان بول سارتر، (الغثيان) كتاب قديم جدير بالقراءة مجددا، واستمر التلفاز، كالعادة، في بث أخبار لا يمكن أن نجد لها طالعا داخل أكبر فنجان قهوة على السواء، هلا غادرتِ المكان يا صديقتي، لأن لغتك لا تشبه لغتي...