منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: سبته ومليليه

  1. #1

    سبته ومليليه

    سبته ومليليه


    من محاضرة للأستاذ ياسين علي عيسى علي الجبوري


    مقدمة:

    كانت إسبانيا تمتلك إمبراطورية كبيرة مترامية الأطراف. إلا أنها انحسرت، ولم يبقى ليها سوى بلدتين في شمال إفريقيا هما (سبتة ومليليه) وثلاث جزر صغيرة هي: (فليزدي لاجومرا والحسيماس وتشافارتير) وهذه تطل على مياه البحر الأبيض المتوسط. وهذه الجزر سميت بجزر الكناري أو جزر (الرؤوس).

    ويدعي الأسبان أن هذه المدن والجزر تعود لهم، حيث يعود تأريخهم الى الفينيقيين والعصر القرطاجي. ففي سنة 429 ق م طرد القوطيون رئيس قبائل الفاندال (جيزيك) خارج أسبانيا. وقد عبر هذا القائد الى جبل طارق ومعه 80 ألف رجل، وهناك أخذوا ملكية سبتة ومليليه.

    وفي سنة 534م أعاد الإمبراطور (جوستيان) أسر هاتين البلدتين، لتقع في أيدي الجيوش العربية التي قدمت من الشرق سنة (700م)، وهذا يعتبر من مقدمة الغزوات العربية لشبه الجزيرة الأسبانية، وبالتحديد بعد هذا التاريخ بعشر سنوات.

    وأخيراً استطاع الأسبان طرد من احتلهم لمدة ثمانية قرون، واحتلال الساحل الشمالي من المغرب، وبعدها شرعوا في التغلب على باقي الأقاليم الإسلامية.

    وفي سنة 1912 نسبت أسبانيا ملكية ذلك القسم من المغرب لها. وكانت مدينة سبتة تحت السيادة العربية، وهي ثاني مدينة بعد مدينة (فاس)، كما أنها كانت أكبر ميناء في المغرب، وهي مفتاح العبور للطريق الذهبي من السودان الى قرطبة.

    كانت (سبتة) في أوج ازدهارها ألف مسجد وستون مكتبة، مما جعلها مركزا ثقافيا مزدهرا. وقد كانت سبتة كما هي مليليه تنعمان بحكم ذاتي. لكن الخصومة التي كانت بين عرب أسبانيا والمغاربة، قد سهلت على البرتغاليين احتلال سبتة عام 1451، وهي أول مستعمرة أوروبية في الشمال الإفريقي. وبعد أربع سنوات سقطت مليليه في الأسبان، ثم تخلت البرتغال عن سبتة لصالح الأسبان.

    والمدينتان تقعان على شبه جزيرة صخرية، مما سهل السيطرة عليهما. والآن توسعت رقعتهما خارج حدود قلاعهما القديمة.

    ويشكل أحفاد الأسبانيين ما يقارب 90% من سكانها، أما المغاربة فهم نسبة قليلة جداً، مع بضعة من الهنود الذين قدموا من جبل طارق للتجارة، كما توجد أقلية يهودية. ويعتبر نصف سكانها المسلمين من الذين يحملون الجنسية الأسبانية.

    في عام 1935 اعتبرت سبتة أهم ميناء أسباني في حركة الملاحة، وخامس ميناء للحمولة الكاملة لجميع السفن. وبعد استقلال المغرب عام 1956 انخفضت التجارة تدريجيا من تلك المدينتين، لتصبحا تدريجيا أشبه بهونج كونغ قبل انضمامها للصين، حيث البضائع الكثيرة المعفية من الرسوم الجمركية، مما جعل الأفارقة العائدين من أوروبا سنويا يحبذون المرور من سبتة، لحد أن وصل عددهم الى 2 مليون عابر مع 200 ألف سيارة سنويا.

    تعريف بالمدينتين

    أ ـ سبته

    تقع مدينة سبته في شمال المغرب، وعلى صخرة لا تتعدى مساحتها 20كم2. وهي تواجه مضيق جبل طارق. ويبلغ عدد سكانها 70 ألف نسمة ثلثهم من المغاربة.

    يعتمد اقتصاد سبته على التجارة، فيتوافد عليها سنويا 2 مليون سائح، وتستورد المدينة الكثير من البضائع اليابانية أغلبها أجهزة كهربائية، وتصلها يوميا 15 سفينة محملة بالزوار معظمهم من الزوار، ويعودون في نفس اليوم، ولولا الازدهار التجاري لأصبحت سبته مجرد ميناء صغير وفقير.

    ويؤكد الإدريسي المؤرخ الجغرافي المولود في سبته، أن المدينة كانت مزدهرة ومشهورة بصناعة المرجان. كما أكد ذلك المؤرخ (موليراس) حيث أكد أن القرون التي سبقت الاحتلال الأسباني كانت قرونا مزدهرة تجاريا. وهذا ما أكده (جاك كاليبي) أيضا، الذي اعتمد على مؤرخين عرب مثل (البكري) و (ابن خلدون).

    ب ـ مليليه

    تقع مدينة مليليه شمال شرق المغرب، وهي تبعد عن مدينة الناظور 10كم، وتبلغ مساحتها 12كم2 ولها سبعة أبواب منها خمسة مغلقة بشكل دائم وهي:
    باب روستروغاردو وباب ماري واري وباب بني شيكر وباب أيا سينا وباب باريو تشيكو. وهناك باب (فرخانة) التي تفتح نهارا فقط، وباب (بني أنصار) المفتوحة باستمرار، والمؤدية لمدينة (الناظور).

    يبلغ عدد سكان مليليله حوالي 66 ألف نسمة، ثلثهم من المغاربة. وتحيط بالمدينة جماعات فرخانة وبني أنصارويعدون 11 ألف نسمة، وبني شيكر الذين يعدون 10 آلاف نسمة. وتلك القبائل مرتبطة تاريخيا وجغرافيا وعضويا بمليليه حيث يتوافدون الى المدينة حاملين إنتاجهم الزراعي لبيعه هناك والعودة الى مساكنهم مساءً.

    يتبع

  2. #2
    التسلسل التاريخي لاستعمار مدينتي سبته ومليليه

    أ ـ سنة 1451م، احتلال سبته من قبل البرتغال (وهي أول مدينة مغربية سقطت في يد الاستعمار الأوروبي).

    ب ـ سنة 1497م، احتلال مدينة مليليه من قبل الأسبان.

    ج ـ سنة 1508 سقوط حجر باديس في قبضة الأسبان.

    د ـ سنة 1578م انتصار المغاربة في معركة وادي المخازن على البرتغاليين.

    هـ ـ سنة 1580م، انتقلت سبته من السيطرة البرتغالية الى الأسبانية مقابل استرجاع البرتغال لاستقلاله.

    و ـ سنة 1646م، قبائل مليليه تواجه الاستعمار الاسباني.

    ز ـ سنة 1694م، مولاي اسماعيل يحاصر سبته لمدة 26 سنة.

    ح ـ سنة 1704م، بريطانيا تحتل جبل طارق، مما ترتب عليه تمسك أسبانيا بسبته.

    ط ـ سنة 1774م، السلطان محمد عبد الله يحاصر مليليه.

    ك ـ سنة 1846م، احتلال جزر كيهانة من قبل اسبانيا.

    ل ـ سنة 1859ـ 1860 احتلال تطوان من قبل الجيش الأسباني.

    ابتداء من 1890م، مقاومة قبيلة (أنجرة) لمنع التوسع الاسباني.

    الاستعمار الأسباني وممارسة الحكم العنصري في (سبته) و(مليليه)

    منذ سقوط المدينتين تحت الحكم الإسباني، والسكان المغاربة يعانون أبشع أنواع المعاناة، فقد بدأت أسبانيا سياسة التمييز العنصري خلال حكم الجنرال فرانكو. حتى أن هذا النظام كان ينظر الى المسلمين المغاربة على أنهم متخلفون، ويجب فصلهم عن الأوروبيين المتحضرين.

    وبذلك أقاموا مجمعات بائسة خاصة بهم، وهي أشبه بالمعازل، وتفتقر الى أبسط الخدمات الحياتية الأساسية. وقد زودت الإدارة الإسبانية سكان هذه المعازل ببطاقات خاصة لغرض معرفة عددهم ومراقبتهم وعلقت هذه البطاقات في أعناقهم. وقد حرمت هذه البطاقة على السكان المسلمين المغاربة من الاستفادة من كافة الحقوق الأساسية، بدءا بحق الشغل وحرية التنقل، وحق التملك، وانتهاءً بدخول أبنائهم المدارس الإسبانية. وقد حرموا الأطفال المسلمين المغاربة من العناية بحيث أنهم بدءوا يزاولون المهن الحقيرة، وهم لا زالوا في سن الثامنة.

    ومنذ عام 1957 وحتى عام 1975، لم يتخرج من الجامعة الأسبانية سوى مسلم واحد هو (عمر دودوح) الذي يقود حركة المسلمين.

    وبعكس الأسبان أو اليهود، فإن المسلمين المغاربة تم استخدامهم لتعبيد الشوارع وصيانة المجاري وبناء القناطر، واستخدمت نساءهم كخادمات في بيوت الأسبان واليهود. وكثيرا ما تعرضت الفتاة المسلمة الى هتك العرض من قبل الأسباني أو اليهودي. كما أن نظام الاستشفاء والصحة لا يشمل المسلمين.

    الأهمية الإستراتيجية للمدينتين

    تكاد كل الأحزاب المغربية، تتفق على نظرة واحدة تجاه مسألة المدينتين، كما كانت ولا تزال متفقة على قضية الصحراء المغربية (والتي كانت محتلة من الأسبان أيضاً). فالكل يرى أن وحدة التراب المغربي مسألة لا يختلف اثنان على قدسيتها، وأن سبته ومليليه لا بد من استرجاعهما.

    أما الأسبان، فلا يتوقفون عند فكرة الانتقام من العرب وتأريخهم في الأندلس، ولا يتوقفون عند أهمية سبته كونها معبر أوروبا الى إفريقيا، وما يترتب على ذلك من فوائد اقتصادية عظيمة، بل يضاف الى ذلك أن المدينتين تشكلان نقاط ارتكاز حربي إستراتيجي للتحكم في مضيق جبل طارق، وللانطلاق السريع من الأراضي الأفريقية (المغربية) في حالة اندلاع الحرب.

    ففي سبته قاعدة عسكرية كبيرة جداً، وفي مليليه قاعدة عسكرية تؤمن تغطية عسكرية غرب الجزائر من جهة وهران.

    صعوبة الخيار العسكري المغربي في الوقت الراهن

    ازدادت الأمور تعقيداً، بعد انخراط أسبانيا في الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، مما يجعل التعامل مع أسبانيا عسكرياً، وكأنها حرب مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وكما أن المغرب لم يهدد أسبانيا عسكريا منذ عدة عقود، ولا يفتأ يطرح مشكلة سبته ومليليه بالطرق السلمية والدبلوماسية، فإن الدول الأوروبية ليست مطمئنة على أن تلك القضية لن تكون مصدرا للتهديد الأمني مستقبلا، وهذا ما يفسر عدم شمول المدينتين بعضوية أسبانيا في السوق الأوروبية المشتركة.

    يتبع

  3. #3
    السلام عليكم
    احجز مقعدا لاعود للقراءة بروية
    لك شكري دوما
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    أشكركم أختنا الفاضلة على مواظبة التواصل

  5. #5
    الفصل الثاني

    موقف الأحزاب الإسبانية من مدينتي سبته ومليليه المغربيتين:

    تتسم مواقف الأحزاب السياسية الإسبانية اتجاه مدينتي سبته ومليليه، بازدواجية التحليل أو ربما يمكن تسميته بالانتهازية السياسية. وفي عهد (الجنرال فرانكو) كان يوجد اتجاهان متعارضان حول المدينتين:

    أ ـ الاتجاه الأول:

    كانت تجسده الأحزاب اليمينية الفاشية المتحالفة مع (فرانكو) والتي تقول بأن المدينتين تعودان لإسبانيا، وبنت ذلك على عاملي العرقية والعنصرية.

    ب ـ الاتجاه الثاني

    كانت تمثله كل الأحزاب التقدمية (وخاصة الحزب الشيوعي الإسباني والحزب الاشتراكي الإسباني)، وهذه الأحزاب تعتبر المدينتين مغربيتين، وتشكلان جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي. غير أن هذه المواقف قد تبدلت بعد غياب فرانكو. حتى أن الحزب الشيوعي الإسباني في المدينتين كان ينظم المظاهرات لرفض أي دعوة تطالب بإعادة المدينتين للمغرب (في حين الحزب الشيوعي في إسبانيا يقف مع مغربية المدينتين!).

    يمكن القول، أن كل الأحزاب الاسبانية باستثناء بعض الشخصيات البارزة في الحزب الشيوعي الأسباني مثل الزعيم السابق للحزب (سانتياغو كاريو) و (رامون طامامس)، تدعي أن المدينتين اسبانيتان. وكانت كل الأحزاب تؤيد عدم تمليك المغاربة في المدينتين لئلا يفرط بترابها الإسباني!

    محاولات إثارة القضية سلمياً

    يُدرك المغرب ـ كما أسلفنا ـ التعقيد الذي يلف الخيار العسكري، وفي الواقع فإن المدينتين هما أشبه بقلعتين عسكريتين (11 ألف جندي أسباني في سبته و 9 آلاف جندي أسباني في مليليه). ويعلم المغرب كم تنهك اقتصاده عمليات التهريب من خلال المدينتين (كانت خسارة المغرب في عام 1990 وحده 400 مليون دولار).

    طرح المغرب مشكلة المدينتين في عام 1960 في الأمم المتحدة، وعلى لجنة تصفية الاستعمار في عام 1975، وفي مؤتمري عدم الانحياز في بلغراد 1961، وليما عام 1975. وعلى منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الوحدة الإفريقية.

    بالمقابل فإن الصحف الإسبانية وأجهزة الإعلام الأخرى تشن حملات معادية للمغرب بعد كل محاولة مغربية لإثارة المسألة.

    المغرب يتجنب التصعيد

    في معرض حديثه عن الحرب مع إسبانيا قال الملك الراحل الحسن الثاني: (كيف لي أن أفكر في حرب مع اسبانيا وأنا أريد أن أخلص علاقاتنا من سلبياتها، بالذات من أجل أن نبني مستقبلاً ودياً وتعاونياً. ثم كيف لي أن أفكر في حرب وأنا على الأقل أعرف ميزان القوى العسكرية بيننا، وهو ميزان مختل بشكل هائل لصالح اسبانيا طبعاً).

    لقد سلك المغرب منذ استقلاله عام 1956 طريق الحوار والإقناع بالحجة مع السلطات الأسبانية خلال استعادته للمناطق المغربية التي ظلت خاضعة للإدارة الإسبانية، وهي (طرقاية 1958) و (إيفني 1969) و (الصحراء 1975). وسيظل متمسكا بنفس المنطق والأسلوب ليستكمل وحدته الترابية.

    حاول المغرب بأشكال مختلفة إثبات رغبته في تدعيم أواصر الصداقة مع أسبانيا، لجعل الباب مفتوحا للتوصل لإعادة المدينتين سلميا. فقد رفع حجم التبادل التجاري مع أسبانيا الى الضعف عام 1974، كما أصبح الميزان التجاري لصالح أسبانيا عام 1981.

    وقد أعطى المغرب تسهيلات ل (1200) مركب صيد سمك للاصطياد في المياه المغربية. ويقف المغرب مع أسبانيا لاستعادة (جبل طارق) من بريطانيا، اعتقادا منه بأن إعادة جبل طارق لإسبانيا ستجعل من إعادة المدينتين للمغرب أكثر إمكاناً.


    أسبانيا الرسمية والنخبوية

    تحس كثير من دوائر صناعة الخبر في أسبانيا أن الحنين لسياسة الاستعمار بات ممقوتا عالميا، كما أن من مصلحة الأسبان التفاهم مع المغرب حول المدينتين، لكن هذا الرأي لا يتم التعبير عنه بصراحة، بل بالتواءٍ شديد، أو عدم التصريح كما باتت الأحزاب الاشتراكية تسلكه، حيث أنها مع إعادة المدينتين للمغرب، لكنها في البرلمان تمتنع عن التصويت ( لا مع ولا ضد!).

    وفي جانب الالتواء تقوم بعض الصحف مثل (دياريو 16) بمطالبة المغرب بالاعتراف باسرائيل، كما طالبت الدول العربية بذلك، حتى يتسنى للأسبان التفكير بحل مشكلة المدينتين!

    يتبع

  6. #6
    سيناريوهات عسكرية

    تطرق ثلاثة من المؤرخين العسكريين الأمريكان (حسب الباحث العسكري معد البحث) الى احتمالات نشوء حرب بين المغرب وأسبانيا، فقالت دراستهم التي أيدها خبراء عسكريون أسبان.

    أسبانيا ستفقد مليليه خلال أربع ساعات

    يتوقع الخبراء الأمريكان، أن أسبانيا ستفقد مليليه خلال أربع ساعات في حالة وقوع الحرب، وذلك لا يتطلب سوى (40) ألف مقاتل مغربي، وتدمير الألغام الأسبانية والدبابات التي تشكل حزاما حولها، وقصف مدفعي شديد، وبعد ذلك سيتمكن المقاتلون المغاربة من التوغل الى المواقع الخلفية، والاشتباك مع القوات الأسبانية المتواجدة هناك في معركة ضارية، وسيتمكن المغاربة من تحرير مليليه.

    يرجح الخبراء ذلك الهجوم على مليليه بالذات، لأن المغرب يملك السيطرة على الأرض، في حين أن أقرب مطار أسباني لمدينة مليليه يبعد (300)كم.

    هجوم أسباني مضاد على مدينة طنجة

    لن تجد أسبانيا طريقا أمامها سوى الهجوم على طنجة لدعم موقفها التفاوضي بعد أن تتدخل الأمم المتحدة.

    وللتمهيد الى ذلك الهجوم، سيشترك اللواء البحري الأسباني في (روتا) واللواء الجوي في (كورينا) واللواء المظلي الذي يتمركز في ضاحية (مدريد). ولكن ينبغي على القوات الأسبانية قبل ساعات من ذلك أن تدمر الرادار المغربي في جبل (غورغو) وتحطيم القواعد الجوية في القنيطرة وسيدي سليمان ومكناس، وبذلك ستجرد المغرب من الغطاء الجوي، أما الغواصات الأسبانية الثمانية فسيقتصر عملها على محاصرة القوات البحرية المغربية الصغيرة.

    ردة فعل مغربية فورية

    يتابع الخبراء في عرض السيناريو الذي يتوقعونه، فيقولوا: سيقوم المغرب وبجهد غير كبير وبوقت لا يتطلب سوى 15 دقيقة بالاستيلاء على جزر (الجعفري) و جبل (الحسيماس) وجبل (فليز) التي تتواجد فيها مجاميع صغيرة من القوات الأسبانية..

    هذا ما وضعه ثلاثة من الخبراء الأمريكان مع ثلاثة من وزارة الدفاع الأسبانية، وأطلقوا على تلك العمليات ب (اللعبة الحربية البسيطة)، ولكنهم لم يتركوا أن ذلك يمكن أن يتحول الى حقائق قاسية.

    صعوبة التعرض المغربي لسبته

    بعكس مليليه، فإن التفكير بالهجوم من قبل المغرب على سبته لا يبدو مضمون العواقب، حيث توجد فيها دفاعات مقتدرة تحيط بالمنطقة إضافة الى أن التعزيزات الأسبانية تقع على بعد 30 كم، وبهذا يصعب على المغاربة تفادي الجواسيس الأسبان في كشف تزايد القطعات العسكرية المغربية في المنطقة قبل المعركة.

    وأن الحامية الأسبانية في (سبته) والتي تتكون من أكثر من 9000 جندي مدربين تدريباً عالياً، وفرقة خيالة مدرعة، ومجموعتين من الجنود المظليين، مزودة بصواريخ من نوع (ميلان) المضادة للدبابات والدروع، وذلك لردع أي هجوم مغربي.

    وتتلقى تلك القوات إسنادها الجوي من مطاري (خيريت) و (موران)، وتتلقى غطائها المضاد للطائرات من قواعد الصواريخ (هوك هيركوليس) الموضوعة في خط التماس.

    مقارنة بين القوات المغربية والأسبانية

    وضع الباحث مقارنة بين القوات المغربية والقوات الأسبانية:

    المغرب: برية 175 ألف، بحرية 7800، وجوية 13 ألف، مجموعها 195.800ألف، مدة الخدمة الإلزامية (18) شهر. دبابات قتال رئيسية 580، دبابات استطلاع 384، دبابات خفيفة 116، عربات قتال مؤللة للمشاة 70، ناقلات جند مصفحة 765، زوارق خفر سواحل 27. فرقاطة 3، زوارق إسناد 4، برمائيات 5. مدافع مقطورة 118، مدافع ذاتية الحركة 199، راجمات صواريخ [متعددة الفوهات] 35، مدافع هاون 1706، مدافع مضادة للدبابات 36، سلاح مضاد للدبابات [موجه] 790، قاذفات عديمة الارتداد 350، قاذفات صواريخ [أحادية] 700، قاذفات صواريخ أرض ـ جو 107، مدافع مضادة للطائرات 407،و89 طائرة مقاتلة و 92 طائرة هليكوبتر.*1

    أما أسبانيا فتعداد جيشها 320 ألف، والدبابات 980 دبابة، والناقلات المدرعة 1300، والمدافع 2790، ومدافع الهاون 1700، وطائرات مقاتلة 210، وطائرات نقل 148، وطائرات عمودية (هيلوكبتر) 340، وحاملة طائرات واحدة، ومدمرات وفرقاطات وبوارج 35، وغواصات 8، وسفن حربية أخرى 128.

    هامش:

    *1ـ المجلة العربية للعلوم السياسية. العدد20/ خريف2008/ أمين حطيط/ صفحة 175.(أضفتها .. ولم ترد على لسان الباحث)

  7. #7
    سجل الحروب والمقاومة في سبته ومليليه

    يقول الفقيه العدل الشريف (سيدي أبي العباس بن محمد بن عبد الرحمن البقالي)، أن البرتغاليين استولوا على سبته يوم الأربعاء (7 من جمادي الثاني 818هـ) الموافق 14/8/1415م، وبعد دفاع مرير من سكانها خرجوا واستقروا في القرى المجاورة، وخصوصا في القرية الواقعة على شاطئ ممر جبل طارق، بين سبته والقصر الصغير، وهم ينتظرون العودة الى مدينتهم.

    بعد سبعة أيام هاجم المسلمون، القوات الغازية وألحقوا بهم خسائر فادحة مما دفع الغزاة لطلب النجدة من البرتغال التي أرسلت جيشا يقوده طاغيتهم محمولا على 100 سفينة.

    في عام 819هـ/1416م، أرسل أمير المؤمنين من (فاس) القائد (بن عبوا) على رأس جيش عظيم حاصر به (سبته) لمدة 19 شهرا، إلا أنه لم يتمكن من اقتحام المدينة التي أقام بها البرتغاليون تحصينات هائلة.

    ويضيف الفقيه العدل (البقالي): أن السلطان العربي عثمان بن إبراهيم الذي تولى الملك من سنة 800ـ 823هـ قد حاصر (سبته) عام 821هـ/1418م من البر واتفق مع سلطان غرناطة أن يعاونه في حصارها من البحر بأسطول على رأسه القائد الغرناطي (أبو زيد الأندلسي)، إلا أن الحصار لم يطل لأن البرتغال طاردت الأسطول الغرناطي وأجبرته على الانسحاب.

    ومن عام 823ـ 829هـ الموافق 1420ـ 1426م، حاصر القائد (صالح بن صالح العزيفي) سبته بشكل متواصل، رغم إمدادات من فيها عن طريق البحر.

    وفي عام 830هـ/1427م تزعم الولي الصالح الشريف البركة (سيدي طلحة الدريح) صاحب الضريح المشهور في (تطوان)، وقام المجاهدون بعدة هجمات على المدينة أعنفها هجوم سنة 833هـ/1430م، والذي استشهد فيه قائدهم (مولاي أحمد بن سلام بن مرزوق) مع 100 مجاهد آخر.

    في 21 من ربيع الأول 841هـ الموافق 22/9/1437، قام البرتغاليون بهجوم بواسطة جيش جرار على رأسه طاغيتهم على طنجة، فحاصرهم سلطان (فاس) وأجبرهم على الاستسلام والأسر، فهادنه ملك البرتغال على أن يسمح لجيشه بالانسحاب سالما، إلا أن (صالح بن صالح العزيفي) (حاكم طنجة، وحاكم سبته قبل الاحتلال) لم يوافق إلا بإعادة سبته للمغاربة، وأبقى ولي عهد البرتغال رهينة لديه لحين تنفيذ تسليم سبته، ولكن الرهينة مات قبل وصوله الى فاس وقبل أن ينفذ البرتغاليون تسليم سبته.

    في 15/12/862هـ/ 24/10/1458م، هاجم البرتغاليون (القصر الصغير) وحاصروه بقوات نقلت على 200 سفينة وبتعداد 60ألف مقاتل، وبعد 20 يوما سقط القصر الصغير في أيدي البرتغاليين.

    رد المغاربة على هذا الاحتلال، بمحاصرة القصر الصغير بواسطة قوات كبيرة كان على رأسها القائد (عبد العزيز بن علي) واستمر الحصار الى منتصف عام 864هـ/1460م.

    في عام 880هـ/1475م كانت أسبانيا والبرتغال في حروب فيما بينهما، فاستغل أمير فاس الوضع واتصل مع الأسبان ليساعدوه في استعادة سبته من البرتغاليين، فقبل ملك أسبانيا العرض وحاصر سبته بحراً، في الوقت الذي كانت جيوش المغاربة تحاصرها براً.

    في عام 892هـ/1487م، تزعم الجهاد في سبيل الله الأمير (العلمي مولاي علي بن رشيد) صاحب أمارة (الشاون) فهاجم سبته وطنجة، وكانت له قاعدة بحرية للسفن في مدينة (نزعة) .. هاجمها البرتغاليون في سلسلة الهجمات المتبادلة عام 899هـ/1494م واستطاعوا حرق أكثر من 20 سفينة وأسر أكثر من 200 مجاهد.

    ونقلاً عن كتاب (حوادث الزمان) فإن (مولاي علي بن رشيد) وبمساعدة القائد الغرناطي (سيدي علي المنظري) [الذي استقر بتطوان بعد سقوط غرناطة] قام بهجوم عنيف ضد مدينة سبته في عام 901هـ/1496م.

    وفي عام 917هـ/1511م، هاجم أمير فاس مولاي (محمد البرتغالي) مدينة سبته.

    وفي عام 920هـ/1514م، قام حاكم تطوان (سيدي علي المنظري) بهجوم على سبته، مما جعل البرتغاليين يفكرون بالاستيلاء على تطوان.

    وتوالت صولات المغاربة في سنين (953، 954، 960، 969، 975، 993، 1000، 1002، 1004، 1005، 1007، 1018 هجري).

    ثم هاجم المقدم (محمد النقسيس) حاكم تطوان سنة بحصار مدينة سبته عام 1028هـ/1619م. وتوالت هجماته في سنين (1033، 1034،1035هـ).

    وقد تولت تطوان مسألة متابعة موضوع سبته، ففي أعوام 1038هـ/1629م حاصر (الشريف سيدي العباسي) سبته، بعشرة آلاف مقاتل، ثم أعيدت الكرة عام 1040 و1043هـ.

    وفي الأعوام بين 1045 و 1048هـ توالت الهجمات واستطاع المجاهدون دخول سبته ليلاً، فدب الاضطراب بين صفوف البرتغاليين فقتلوا حاكمهم وعينوا آخرا. وفي عام 1050هـ تم تعيين حاكما أسبانيا بدل البرتغالي.

    بعد أن تولى السعديون الحكم في المغرب قام السلطان السعدي (محمد بن زيدان) بتشديد الحصار على سبته، في عام 1054 واستمر الى 1056هـ/1646م. وتم مهاجمة سبته وقتل 60 فردا من حاميتها وأسر 31. ثم وقعت 6 معارك بقيادة القائد (أحمد بحوري) كان الانتصار فيها للمجاهدين.

    ومن 1056هـ ولغاية سنة 1100هـ/1689م، دارت 32 معركة. وفي شهر محرم من عام 1104 الموافق أيلول/سبتمبر 1691م، وصل مبعوث من السلطان (مولاي إسماعيل) يطالب بتسليم المغاربة مدينة سبته. وبعدها أمر ببناء تحصينات في (أفراك سبته) ونصب 23 مدفعا، فأصبحت الحروب تأخذ شكلاً مختلفاً بحجم القوات المستعملة وعدد القتلى من الطرفين، واستمرت المعارك سجالا، سقطت فيها منطقة أفراك سبته، حتى انتصر المجاهدون في 8 صفر 1133هـ/ 9/12/1720م

    انشغل المسلمون بعد انتصارهم في معركتهم الحاسمة تلك في السلب وأخذ الممتلكات، مما أتاح للمحتلين طلب نجدة ضخمة من أسبانيا استطاعت أن تلحق الهزيمة مرة أخرى بالمسلمين.

    ثم عاود المسلمون محاصرة سبته واستمر الحصار 30 سنة وهجوم واحد خرج فيه المحتلون من سبته الى (أفراك) في 6 صفر 1141هـ/11/9/1728م وحاول المسلمون مطاردتهم إلا أنهم منوا بخسائر، ثم استعاد المسلمون (أفراك سبته) عام 1143هـ/1730م.

    كادت سبته أن تتحرر

    بعد تلك المشاغلة المستمرة من المجاهدين، أمر حاكم أسبانيا بالانسحاب عن مدينة سبته كليا في 13 ربيع الثاني 1205هـ/ 20/12/1790م، وتم عقد صلح بناء على طلب الأسبان، والسماح لبقايا رعاياهم رعي مواشيهم في ضواحي سبته.

    في يوم 23/ربيع الثاني من عام 1256هـ/ 24/6/1840، وبعد أن سقطت الدار البيضاء عاود الأسبان لتقوية احتلالهم على سبته وما جاورها.

    خلاصة

    في الوقت الذي كانت فيه أسبانيا تمتلك إمبراطورية مترامية الأطراف، وتحتل عدة مدن مغربية، كانت المغرب في وضع ليس به من القوة، وليس له عمق من الجوار أو الأخوة التي تمده باستكمال تحرير بلاده، فقد كانت الجزائر في وضع صعب انتهى بالاحتلال الفرنسي، وكانت الدولة العثمانية في انحدار بمستوى إمكانياتها.

    واليوم، فإن الطريق لتحرير ما تبقى من التراب المغربي، يتطلب مزيدا من الانتباه للوضع الداخلي، ومزيدا من التنسيق بين الدول المغاربية والارتقاء بالاتحاد المغاربي ليكون فعالاً، ومزيدا من إحياء التضامن العربي والإفريقي، ليكون هناك مناددة لما عليه أسبانيا من قوة وعمق أوروبي وغربي.

    انتهى

المواضيع المتشابهه

  1. الكتف المتجمد.. سببه الرئيسي لا يزال مجهولا
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان الطبي العام .
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-03-2007, 01:22 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •