منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 21 إلى 30 من 30
  1. #21
    بين نكبة 1948 و هزيمة 1967

    1ـ استولى الكيان الصهيوني على 70% من أراضي فلسطين، واستفاد من القوانين العثمانية التي كانت تطلق على الأراضي التي خارج التجمعات السكنية بالأراضي (الميرية)، أي التي يملكها السلطان العثماني بصفته محررا أو فاتحا لتلك البلدان، وعليه فكانت معظم الأراضي التي يستغلها الفلاحون في فلسطين هي من ذات النوع ولا يملكون مستندات بملكيتها تحميهم قانونيا. وقد استغل الكيان الصهيوني هذه الناحية وأصدر قانونا في 10/3/1953 سمي بقانون استملاك الأراضي.

    2ـ تم اقتلاع مليون فلسطيني من أصل 1.320.000 نسمة، من أراضيهم وأمكنة سكناهم وتهجيرهم الى كل من الأردن وسوريا ولبنان وما تبقى من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة). وقد أحصت وكالة غوث اللاجئين عدد الفلسطينيين المشمولين في خدماتها، قبل يوم واحد من حرب حزيران/يونيو 1967، فكانوا 1.344.576 عربي فلسطيني.

    3ـ أصدرت الأمم المتحدة 16 قرارا دوليا يطلب من الكيان الصهيوني عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم، لكن دون تطبيق لأي قرار منها وعدم قبول الكيان الصهيوني بتلك القرارات.

    4ـ دخل تعقيد جديد على قضية الفلسطينيين، عندما اجتمع ممثلون من فلسطين والأردن بضم الضفة الغربية الى الأردن في 24/4/1950، وفي 27/4/1950 اعترفت بريطانيا بذلك الاتحاد.

    5ـ لم يكن إنشاء الكيان الصهيوني بعيدا عن المخططات الاستعمارية، بل كان من ضمن التحالف الذي كان يتربص بالمنطقة قبل انهيار الدولة العثمانية، لذلك لم تتأخر الدول الاستعمارية في ترجمة نواياها الى إجراءات فعلية منها:

    أ ـ استمرار تسهيل الهجرة من اليهود الغربيين الى فلسطين.
    ب ـ دعم ميزانية الحرب الصهيونية التوسعية حيث بلغت بين عامي 1950 و1956 ما نسبته 51%. وما بين عام 1948ـ 1962، تلقى الكيان الصهيوني حوالي مليار دولار (وهو ما يساوي عشرين ضعف ميزانية دولة مثل الأردن في وقتها). إضافة الى إلزام ألمانيا (الغربية في وقتها) بدفع تعويضات عما سمي بالجرائم النازية ضد اليهود.

    ج ـ إيقاف الاستنكار والشجب الدولي، بواسطة الفيتو البريطاني أو الفرنسي أو الأمريكي، للجرائم التي كان الكيان الصهيوني يقوم بها، مثل الاعتداء على قرية نحالين الأردنية عام 1954وعلى المقر المصري لحاكم قطاع غزة عام 1955والاعتداء على الحدود السورية وقتل 49 مواطنا في كانون الأول/ديسمبر 1955، ومذبحة كفر قاسم في الأراضي المحتلة راح ضحيتها 51 شهيدا وجرح 43. كما ربطت الدول الغربية بعلاقاتها مع العالم ما سمي بتوازن التسليح بين الكيان الصهيوني وكل الدول العربية.

    د ـ إشراك الكيان الصهيوني بالأحلاف المشبوهة التي تتربص بالمنطقة، وكان أبرزها التحالف الثلاثي مع فرنسا وبريطانيا الذي نفذ عدوانه الثلاثي في 19/10/1956 على مصر.

    هـ ـ في كانون الثاني/يناير 1957 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية ما سمي بمبدأ (أيزنهاور) أو ملئ الفراغ، الذي سيكون له شأن في تزعم تلك الدولة إدارة الملف الفسطيني، أو بالأحرى كفالة الكيان الصهيوني في تثبيت أقدامه في المنطقة.

    6ـ بعد مناقشات طويلة توصلت الجامعة العربية في 13/4/1950 على التوقيع على صيغة الدفاع العربي المشترك، والتي كان من بندوها منع أي دولة عربية من الاتصال بالكيان الصهيوني بأي شكل من الأشكال وعدم إبرام أي اتفاقية معه (وتلك المادة التي طبقت بحق مصر عندما وقعت اتفاقية كامب ديفيد). وفي آذار/مارس 1951 أسست جامعة الدول العربية مكتب لمقاطعة الكيان الصهيوني ومن يقيم علاقة معه، واعتمدت دمشق مقرا لهذا المكتب.

    يتبع

  2. #22
    انطلاقة الثورة الفلسطينية

    كانت مشاعر العرب بعد نكبة 1948 مزيجا بين الشعور بالذنب وتململ اتسم بالعفوية، فبعد أن أخذت بعض الأعمال طريقها في الفترة ما بين عامي 1953 و 1956، تجاه العدو الصهيوني، وما رافق ذلك من منع من قبل الحكومات المجاورة التي كانت تبرر منعها لتلك الأعمال، بردة الفعل الصهيونية على أراضيها بعدوان لم تكن تلك الدول لتستطيع صده.


    وما أن جاء عام 1964 حتى كان قد ظهر أكثر من 40 تنظيم فدائي صغير، منها (قيادة العمل الفلسطيني) التابعة لحركة القوميين العرب، و (فرع العمل الفلسطيني) الذي كان معظم أعضاءه من المنتمين لحزب البعث.

    وكان بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، أن أخذ التفكير في البحث عن شكل من التنظيم المتطور قد شغل تفكير كثير من القوى الفلسطينية، وقد خلقت فكرة نواة منظمة سياسية عام 1959 بين الأوساط المثقفة الفلسطينية، وتطورت تلك الفكرة عام 1962 لتصبح (حركة التحرير الوطني الفلسطيني) التي أصبحت تعرف اختصارا باسم (فتح) وأصبح لها جناح عسكري حمل اسم (العاصفة).

    نشاط الجانب الرسمي العربي

    كانت اللجنة السياسية التابعة للجامعة العربية قد اتفقت في اجتماع (شتورا ـ لبنان) في آب/ أغسطس 1960، على الحفاظ على الشخصية الفلسطينية، وتهيئة الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه بمساندة عربية.

    استمرت المداولات العربية الرسمية زهاء ثلاث سنوات، حتى جاء مؤتمر القمة الأول في القاهرة بين 13 و16/1/1964، والذي انعقد بسبب المحاولات الحثيثة من الكيان الصهيوني لتحويل مجرى (نهر الأردن). وتمخضت الجهود عن توجه عربي لتأسيس (منظمة التحرير الفلسطينية)، وتخويل (أحمد الشقيري) مندوب فلسطين في الجامعة العربية لتشكيل لجان تحضيرية لعقد مؤتمر فلسطيني لهذه الغاية.

    المؤتمر الفلسطيني الأول

    انعقد في القدس بتاريخ 28/5/1964 بحضور ممثلين عن ملوك ورؤساء الدول العربية (عدا المملكة السعودية). وفي هذا المؤتمر تم تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني ليقود الشعب الفلسطيني الى معركة التحرير كما جاء في البيان.

    وكان من بنود الميثاق القومي الفلسطيني الذي أقر في المؤتمر:

    1ـ جاء في المادة الأولى ((فلسطين وطن عربي تجمعه روابط القومية العربية بسائر الأقطار العربية التي تؤلف معها الوطن العربي الكبير.

    2ـ جاء في المادة الثالثة (الشعب العربي الفلسطيني " صاحب الحق الشرعي في وطنه، وهو جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، يشترك معها في آمالها وآلامها، وفي كفاحها من أجل الحرية والسيادة والتقدم والوحدة " .

    3ـ جاء في المادة الرابعة (أن جميع الفلسطينيين أعضاء طبيعيون في منظمة التحرير الفلسطينية، يؤدون واجبهم في تحرير وطنهم قدر طاقاتهم.

    4ـ جاء في المادة السابعة (المجلس الوطني الفلسطيني هو السلطة العليا لمنظمة التحرير، وهو الذي يصنع سياسة المنظمة ومخططاتها وبرامجها)

    5ـ جاء في المادة التاسعة على أولوية تحرير الأرض ( إن المذاهب العقائدية سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية، لا تشغل أهل فلسطين عن واجبهم الأول في تحرير وطنهم، والفلسطينيون جميعا جبهة واحدة يعملون لتحرير وطنهم بكل مشاعرهم وطاقاتهم الروحية والمادية).

    6ـ جاء في المادة 12 (الوحدة العربية وتحرير فلسطين هدفان متكاملان).

    7ـ جاء في المادة 13 (إن مصير الأمة العربية، بل الوجود العربي بذاته، رهن بمصير القضية الفلسطينية)

    مؤتمر القمة الثاني في الإسكندرية 5/9/1964

    رحب مؤتمر القمة الثاني المنعقد في الإسكندرية بقرارات المؤتمر الفلسطيني، واعتمد قرارا بتأسيس جيش التحرير الفلسطيني والذي ابتدأ ب 12 ألف مقاتل.

    مؤتمر القمة الثالث في الدار البيضاء 13ـ 17/9/1965

    طور مؤتمر القمة الثالث المنعقد في المغرب بالدار البيضاء من الالتزام العربي بالسماح للشعب الفلسطيني أينما كان بمزاولة نشاطه في تحقيق أهدافه المقرة في المؤتمر التأسيسي، وتهيئة الأراضي العربية المحيطة بفلسطين لذلك.

    يتبع

  3. #23
    المنظمات الفدائية العربية الفلسطينية

    جاء الكفاح المسلح الفلسطيني نقطة تحول في حركة المقاومة العربية الفلسطينية، وكانت (حركة التحرير الوطني الفلسطيني) والمختصرة ب (فتح) قد برزت متزامنة مع ظهور (منظمة التحرير الفلسطيني)، أثر انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الأول، والذي اشتركت فيه عناصر من (فتح) ذاتها. وفي 1/1/1965 أعلنت القيادة العامة لقوات العاصفة (الجناح العسكري لفتح) عن أول عملية لها داخل الأراضي المحتلة.

    استطاعت فتح أن تجذب المتطوعين من أبناء فلسطين حولها، حتى أصبح تعداد أعضائها في 5/6/1967 حوالي 25 ألف عضو، وقد استفادت من كونها منظمة فلسطينية خالصة أنها أيضا كان لها الكلمة العليا في منظمة التحرير الفلسطينية، فكانت هيبتها تفوق هيبة ما تلاها من تنظيمات، كونها (حركة) ضمت كوادر من شتى الأطياف السياسية والوطنية الفلسطينية، فكان الدعم المعنوي والمالي يكون من نصيبها بالدرجة الأولى.


    الى جانب فتح ظهرت منظمات فدائية أخرى، اتفقت مع فتح على انتهاج الكفاح المسلح طريقا لتحرير فلسطين. لكن اختلفت مع فتح على بعض التفصيلات العقائدية. ففي عام 1966 تأسست منظمة (طلائع حرب التحرير الشعبية) والتي كانت تُعرف بسوريا باسم (الصاعقة). وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1967 تشكلت (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) بعد أن اندمجت (جبهة التحرير الفلسطينية) و (شباب الثأر ـ الجناح العسكري للقوميين العرب) و (أبطال العودة ـ التي تأسست أواخر عام 1966).

    وفي تشرين الأول/أكتوبر 1968 انشق عن الجبهة الشعبية، جناح جديد مكونا ما يُعرف ب (الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة). وفي 21/2/1969 انشق عن الجبهة الشعبية أيضا ما يسمى بالجناح اليساري وشكل ما يُعرف ب (الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين)، وفي أواخر حزيران/يونيو اندمج أغلبية الأعضاء المنتمين لما يعرف ب (المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين) و (عصبة اليسار الثوري) بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

    وبعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة من قبل الكيان الصهيوني عام 1967 تشكلت (جبهة النضال الشعبي الفلسطيني)، من بعض قطاعات القوميين العرب. وفي الفترة نفسها، تأسست بين الأوساط الفلسطينية المقيمة في العراق (الهيئة العاملة لتحرير فلسطين). وفي شباط/فبراير 1971 انضمت تلك الهيئة لتنظيم فتح. وفي أوائل آب/أغسطس 1969 تأسست (منظمة فلسطين العربية) بعد أن انشقت عن (الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة) ثم انتهى بها المطاف الى الانضمام لفتح.

    بعد تولي حزب البعث الحكم في العراق، تأسست ومبادرة منه (جبهة التحرير العربية) وكان على رأس تنظيمها الدكتور (عبد الوهاب الكيالي) عضو القيادة القومية للحزب، واستطاعت منذ تأسيسها في 6/4ـ 30/8/1969 القيام ب 40 عملية عسكرية داخل الأراضي المحتلة ومرورا من الأراضي السورية واللبنانية والأردنية.

    المنظمات الفلسطينية وعلاقاتها بالدول العربية

    كانت الهزيمة العسكرية التي تعرضت لها كل من مصر والأردن وسوريا في 5/6/1967، تشكل مناخا متوترا شعبيا، آثر مناصرة المقاومة والكفاح المسلح مع تحميل الجانب الرسمي تبعات تلك الهزيمة. هذه الأجواء أفقدت القوى الوطنية بوصلة التحرك، وانتزاع حق الوجود من النظام الرسمي بشكل عقلاني، فاتسمت النشاطات بروح ثورية وعصبية ومشتتة توجهها أيديولوجيات سياسية أحيانا وتجعلها تتصادم مع الإرادة الرسمية للدولة القطرية أحيانا أخرى.

    كما أن عدم التدقيق في تنظيم الأفراد المتطوعين، جعل أخطاء هؤلاء تُحسب على التنظيمات التي ينتمون إليها.

    منظمة التحرير بين الخط المعتدل والخط الرافض

    تزامنت الخلافات داخل منظمة التحرير الفلسطينية، مع ظهور النشاطات الدبلوماسية للحلول السلمية، والتي بدورها شقت الصف العربي، فبين مؤيد لتلك الحلول وبين معارض، والتي انعكست هي الأخرى على واقع منظمة التحرير.

    في 22/11/1967 صدر القرار (242) عن مجلس الأمن والذي يُطالب إسرائيل من (أراضٍ عربية احتلتها!) وهو القرار الغامض الذي لا يزال مثار الجدل في الأوساط القانونية الدولية، كونه قرارا غير ملزم، وقرار لا يوضح تلك الأراضي الواجب الخروج منها.

    في ذلك الوقت ظهرت أصواتٌ فلسطينية تطالب بتنحية (أحمد الشقيري) عن رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية. في 14/12/1967 قدم الشقيري استقالته وتولى (يحيى حمودة) رئاسة المنظمة بالوكالة.

    فهم من تعامل مصر مع مشروع (روجرز) أو قرار (242) أن مصر في طريقها للموافقة على تلك الحلول. هذا بدوره ترك ظلاله على واقع الفصائل الفلسطينية المقاومة. لكن اجتمعت ثمان منظمات فدائية ـ باستثناء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية (يحيى حمودة) في كانون الثاني/يناير 1968، وطالبت برفض كل مخططات التسوية، ودعم الكفاح المسلح، وضرورة الرجوع الى قيادة جيش التحرير الفلسطيني وممثلي الشعب في التشاور معهم على أي نشاط دبلوماسي.

    وتم تشكيل لجنة تحضيرية مكونة من ممثلي مختلف المنظمات والاتحادات الفلسطينية مع عدد من المستقلين. وفي هذه الأثناء (21/3/1968) استطاعت قوات الفدائيين مع الجيش الأردني من إلحاق هزيمة نكراء في الجيش الصهيوني بمعركة (الكرامة) والتي تعتبر نقطة مفصلية فيما سيكون بعدها.

    يتبع

  4. #24
    أحداث أيلول/سبتمبر 1970

    كانت القوات الصهيونية تود احتلال جبال السلط المطلة على غور الأردن من جهة الشرق، وقريبة من عمان العاصمة الأردنية، لتكون لها مثل ما هي عليه هضبة الجولان السورية المحتلة والمطلة على دمشق وجنوب سوريا ومطلة على شمال الأردن من جهة بني كنانة حيث وعورة التضاريس في منطقة (عقربا) ومنطقة (العشة ـ قرب سحم) حيث دارت معركة اليرموك الخالدة.

    ولكن استبسال القوات الأردنية وقوات المقاومة الفلسطينية أحبط مخططات الصهاينة، وزرع أملا عظيما في نفوس الناس الذين تأثروا بعمق قبل تسعة أشهر إثر هزيمة حزيران/ يونيو 1967. كان ذلك كما أسلفنا في 21/3/1968 وقد حاول كل من الطرفين الأردني والفلسطيني الاستئثار بالنصر ونسبه لنفسه وحيدا.

    أجواء ما بعد معركة الكرامة

    كانت علاقة الأردنيين بالمنظمات الفدائية، علاقة عضوية، وبالذات تلك العشائر التي تقطن المناطق الحدودية مع فلسطين، حيث كانت تؤمن تحركات الفدائيين من مختلف الفصائل الى الأرض المحتلة، وكان الكثير من أبناء تلك العشائر ينخرطون في صفوف المنظمات الفدائية. وكان الناس يتناقلون أخبار العمليات الفدائية بفخر، ودون شعور أن هناك فريق أردني وفريق فلسطيني.

    تلك اللحمة بين الشعبين، بدأت تتأثر بعدما شاعت أجواء تغذي الفتنة بين الشعبين، وتلك الأجواء بدأت بعدما تم سن قانون (خدمة العلم) أي الخدمة الإجبارية من قبل الحكومة الأردنية، والذي استثنى فيه أبناء المقاومة الفلسطينية، هذا الوضع ساعد على انخراط الكثير من الناس في صفوف المقاومة الفلسطينية ـ دون تدقيق ـ فتورمت بعض المنظمات، خصوصا تلك التي تلقت أموالا من دول نفطية، حيث كانت تمنح راتبا لأعضائها أكثر بخمسين مرة من الراتب الذي يتلقاه من يخدم في الجيش الأردني تحت (خدمة العلم).

    أحداث قتل وتخريب مجهولة الهوية!

    قبل أحداث عام 1970 قتل ما لا يقل عن 300 مواطن، منهم الفلسطيني ومنهم الأردني، في ظروف أريد أن تكون غامضة! ففي الطرق المؤدية للقرى التي تسكنها العشائر الأردنية يتم العثور على جثة ضابط برتبة نقيب، وبجانبه (كاسكيتة: غطاء رأس) لفدائي، أو (شاجور كلاشنكوف) وفي مخيم من مخيمات اللاجئين يتم الاعتداء على كوخ وجرح أو قتل من فيه، وهكذا.

    كما أن هناك أكثر من مئة حالة اصطدام بين رجال المقاومة الفلسطينيين، ورجال الأمن العام الأردني. كل تلك الأحداث أوجدت بيئة خصبة للتلاسن وإطلاق عبارات الاستفزاز. فهناك أكثر من 50 منظمة فدائية، قسم لها مكاتب وقسم لها مطارات تحتجز فيها الطائرات المختطفة، ومئات بل آلاف الناطقين الرسميين وحواجز تفتيش خاصة ببعض المنظمات.

    هذه الأجواء، أشعرت الحكومة الأردنية، أنها تتشارك في إدارة الدولة مع جهة ودون تنسيق فيما بينهما.

    ومن الطريف، أنه كان بعض الطلبة (سواء من الأردنيين أو الفلسطينيين) والذين ينتمون لفصائل المقاومة، كانوا يقدمون امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) وأسلحتهم على المناضد.

    بوادر الحلول السلمية عجلت في المواجهة

    بعد قبول بعض الدول العربية بقرار مجلس الأمن 242 وتحركات (وليام روجرز) وزير الخارجية الأمريكي، ومساعده (جوزيف سيسكو)، انقسمت الدول العربية بين قابل بتلك الحلول ومنها مصر والأردن، وبين من لم يقبلها مثل العراق وسوريا وبعض المنظمات الفدائية. مما حدا ببعض القادة الفلسطينيين من إبراز رغبتهم في الانقضاض على الحكم في الأردن وجعل الأردن قاعدة للانطلاق لتحرير فلسطين.

    سوريا والعراق

    رغم أن الدولتين كانتا من دول (الرفض) للمشاريع السلمية، إلا أنهما لم يكونا على ود ولم يكن بينهما تنسيق، وتضمر إحداهما العداء للأخرى. وكان لسوريا منظمة الصاعقة، وللعراق جبهة التحرير العربية.

    وكانت سوريا قبيل أحداث أيلول، في حالة من عدم استقرار الحكم بشكل نهائي، فقد كان رئيسها (أحمد الخطيب) الذي جاء بعد الانقلاب على نور الدين الأتاسي، وجماعته (إبراهيم ماخوس ويوسف الزعين الخ). وبقيت كذلك لشهر تشرين الثاني/نوفمبر عندما تولى الرئيس حافظ الأسد مقاليد الحكم بشكل واضح.

    في حين كان العراق يحكمه الرئيس أحمد حسن البكر وله من القوات المسلحة في الأراضي الأردنية (قوات صلاح الدين) وكانت منتشرة بخط من مدينة الرمثا شمالا حتى شرق مدينة المفرق.

    صباح 16/9/1970

    كوننا نقيم في مدينة الرمثا، فقد شاهدنا صبيحة يوم 16/9/1970 تدفق القوات السورية من مدينة (درعا) متجهة للغرب، وكانت تسير بخط مستقيم كأنها (طابور) من خلف المواقع العراقية. أدرك العراقيون أنهم قاب قوسين من إقحامهم في المعركة، فأمروا قواتهم بالانسحاب 50 كم باتجاه المفرق وشرقه. فأصبحت القوات السورية وجها لوجه مع المدفعية الأردنية المتمركزة في (سال) شرق (اربد) وقد تم تدمير عشرات الآليات السورية، فانحرفت القوات السورية باتجاه جرش.

    هذا الوضع أشاع الفوضى في مدينة الرمثا، فهرب الموظفون وتم تدمير (برج) الرمثا (نقطة كالقلعة قديمة كانت تتمركز فيها حامية أردنية من الدرك). وبقيت الرمثا حوالي 3 أيام تحت سيطرة القوات الفدائية، ثم سرعان ما دخلتها القوات الأردنية. هذا ما شاهدناه مشاهدة عيان.

    تدخلات عربية رسمية لوقف القتال

    تحركت الدول العربية لوقف القتال وبعثوا بالرئيس السوداني (جعفر النميري) ووزير خارجية تونس (الباهي الأدغم) الى الأردن، ووصلوا الى مخبأ الرئيس (ياسر عرفات) وأخرجوه متنكرا خارج الأردن، بعلم وبموافقة الملك حسين.

    وتم الاتفاق على أن تخرج التشكيلات الفدائية من المدن الأردنية وتستقر في منطقة (أحراش جرش وعجلون)، ولكن القتال عاد واندلع مرة أخرى في العام التالي.

    يتبع

  5. #25
    القضية الفلسطينية قبل حرب 1973

    مرت القضية الفلسطينية بمرحلة هامة في تاريخها بالفترة التي تقع بين أحداث أيلول/سبتمبر 1970 في الأردن، ومعركة رمضان المجيدة في عام 1973.

    ويمكن تلخيص معالم تلك المرحلة بما يلي:

    1ـ خروج المقاومة الفلسطينية من الساحة الأردنية نهائيا، بعد معارك أحراش جرش وعجلون عام 1971، وانتقال قياداتها وثقلها الى لبنان.

    2ـ إجراء انتخابات محلية في (الضفة الغربية) بين شهري آذار/مارس وأيار/مايو 1972، كان الهدف الصهيوني منها خلق قيادات موازية تمثل الشعب الفلسطيني وتتقاطع مع قيادات المقاومة في الخارج.

    3ـ إعلان الأردن في 25/3/1972 لمشروع المملكة المتحدة، باتحاد الأردن، مع أي جزء يتم تحريره من فلسطين (الضفة الغربية) ورفض قيادات المقاومة الفلسطينية لهذا المشروع واعتباره ينسجم مع جهود التسوية التي كانت سائدة في بعض العواصم العربية.

    4ـ تشكيل مجلس مركزي للإشراف على القرار الفلسطيني من 20 عضوا. 4 من فتح، و 2 من الصاعقة و 2 من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و2 من الجبهة الشعبية الديمقراطية و2 من الجبهة العربية لتحرير فلسطين والباقي من الاتحادات الفلسطينية والمستقلين.

    5ـ تم زيادة المجلس الوطني الفلسطيني ليصبح 180 عضوا وذلك في دورة المجلس الوطني الفلسطيني الحادية عشرة في القاهرة (6ـ 12/1/1973).

    6ـ ظهور الانشقاقات في صفوف التشكيلات الفلسطينية، والاحتراب الداخلي والذي انعكس على نشاطات تلك التشكيلات في الدول التي يتواجد فيها الفلسطينيون، أو طلبة فلسطينيين، فكانت انتخابات الاتحاد العام لطلبة فلسطين تعكس عدم الانسجام بين فصائل المقاومة.

    7ـ أخذت السلطات اللبنانية تضيق الخناق على حرية نشاط المنظمات الفلسطينية. في الوقت نفسه، اجتهدت بعض الفصائل الفلسطينية طرقا لإسماع العالم الصوت الفلسطيني باختطاف الطائرات وحوادث السفارات، مما خلق جوا من عدم الارتياح من قبل الدول التي تتواجد على أرضها مكاتب تلك الفصائل.

    8ـ اغتيال ثلاثة من أهم قادة منظمة التحرير الفلسطينية، كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار، في لبنان، مما أشاع جوا من عدم الاستقرار الأمني والنفسي والسياسي داخل لبنان مما سيؤثر على تواجد الفلسطينيين مستقبلا.

    حرب تشرين 1973

    رغم الهزيمة التي حلت بالعرب عام 1967، لكن الإرادة العربية لم تُقهر، وقد كان من نتيجة تلك الهزيمة أن احتل الكيان الصهيوني أراضٍ عربية من الدول التي اشتركت في حرب 1967.

    وقد كانت كل من مصر وسوريا، تخططان للخروج من حالة (اللاحرب واللاسلم) فنسقتا فيما بينهما على خوض حرب واسعة وشاملة على الكيان الصهيوني وبدون تنسيق مسبق مع الدول العربية الأخرى، وكان ذلك في 6/10/1973. وتحت شعار ( تحرير الأراضي المحتلة) و (استعادة الحقوق المشروعة لشعب فلسطين واحترامها...)

    لقد خاضت الجيوش العربية هذه الحرب في بدايتها بكل شجاعة وبسالة وتجلت في المعركة بطولة المقاتل العربي واستعداده للبذل والتضحية. ومن هنا أحدثت للعدو هزة نفسية وحطمت مقولة (أسطورة الجيش الذي لا يقهر). وأظهرت الدول العربية (غير سوريا ومصر) استعدادا كبيرا في العطاء بين الاشتراك في القتال (الجيش العراقي والأردني) أو اقتصاديا عندما نسقت السعودية مع باقي الدول العربية النفطية، استخدام النفط كسلاح.

    انحراف المعركة عن مسارها

    رغم الأجواء المفعمة بالاعتزاز والرغبة في التحرير، ورغم تفاني الجنود وبسالتهم في أدائهم، فقد قدر لتلك الحرب أن تنحرف عن مسارها وتتحول من حرب تحرير الى حرب تحريك. خصوصا بعدما استطاع العدو فتح ثغرة بالجبهة المصرية التي عرفت بثغرة (الدفرسوار).

    في 22/10/1973 صدر عن مجلس الأمن وبمبادرة سوفييتية ـ أمريكية مشتركة، قرارٌ يقضي بوقف إطلاق النار من الجانبين. وذلك بعد أن وصلت القوات الصهيونية الى الكيلو (101) على طريق القاهرة، والى قمة جبل الشيخ المشرف على دمشق. كان القرار المرقم (338) ينص على تنفيذ قرار مجلس الأمن (242)، وعلى إقامة محادثات سلام باشتراك كل الأطراف المعنية والمهتمة. وقد قبلت الحكومة المصرية القرار في نفس اليوم شريطة قبول الكيان الصهيوني به، أما سوريا فقد قبلت بالقرار بعد يومين. وقد تم فصل القوات على الجبهة المصرية في 17/1/1974، أما الجبهة السورية فقد تم فصل القوات في 29/5/1974.

    يتبع

  6. #26
    محطات قبل اتفاقية كامب ديفيد

    مؤتمر القمة السادس (الجزائر 26/11/1973)

    في مؤتمر القمة العربي السادس في الجزائر عد المؤتمر منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. كما تماشى مع هذه الرؤية كل من مؤتمر القمة الرابع لدول عدم الانحياز ومؤتمر القمة الإسلامي الثاني.

    مؤتمر القمة العربي السابع ( الرباط 26ـ30/10/1974

    صادق المؤتمر السابع على اعتبار منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وسلمت كل من الأردن والعراق بذلك، وكانت الدولتان قد تحفظتا على القرار. وأصدر المؤتمر قرارا، يمنع فيه الحلول الانفرادية، والإبقاء على مساندة منظمة التحرير الفلسطينية. وغدا واضحا أن النظام الرسمي العربي أصبح أمام خيارين: إما التسوية الشاملة ( في مؤتمر السلام في جنيف) أو العودة الى المعركة والتحرير.


    قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3236


    في 13/11/1974 ألقى ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، خطاب فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي 22/11/1974 أصدرت الجمعية العامة قرار رقم 3236 الذي يعطي للفلسطينيين حق تقرير مصيرهم، ثم أصدرت الجمعية قرار رقم 3237 تدعو فيه منظمة التحرير الفلسطينية لتشارك في مداولاتها وجلسات كل المؤتمرات بصفة مراقب، وقد عزا المراقبون السياسيون هذا المكسب الى قرار مؤتمر الرباط 1974

    في عام 1976 انعقد في الرياض مؤتمرا محدودا للقمة العربية، تبنى شعار ( الدولة الفلسطينية المستقلة).

    في آذار/مارس 1977 أقر المجلس الوطني الفلسطيني الثالث عشر المعقود في القاهرة صيغة الدولة الفلسطينية التي أقرها مؤتمر الرياض.

    فشل الدعوة لمؤتمر جنيف للسلام

    بعد أن عقدت مصر مع الكيان الصهيوني اتفاقية جزئية في أيلول/ سبتمبر 1975، لم يلبي العالم دعوة منظمة التحرير لعقد مؤتمر جنيف للسلام، الذي خطط له مؤتمر الرباط 1974.

    وساد جوُ من الفتور العلاقات بين منظمة التحرير والحكومة المصرية، فاتجهت المنظمة بثقل علاقاتها نحو سوريا، لكن هذا التوجه أصابه الفتور هو الآخر، بعدما اختلف الموقفان إزاء الحرب اللبنانية في أيلول/سبتمبر 1976.

    في هذه الأثناء نشطت الحكومة المصرية في تحقيق فكرة قوامها أن تقوم دولة فلسطينية، الى جوار الكيان الصهيوني، على أرض الضفة الغربية وقطاع غزة، ترتبط باتحاد فدرالي أو كمفدرالي مع الأردن. [ ولا زال الحكم في مصر يلوح بتلك الفكرة حتى يومنا هذا].

    موقف العراق من تلك الأنشطة

    جاء في التقرير السياسي للمؤتمر القومي الحادي عشر لحزب البعث ما يبين رأي العراق فيما كان يجري (( ... فإن استمرار وجود المقاومة الفلسطينية في لبنان بظروفه السياسية والاجتماعية والاعلامية المعروفة، وسيادة أساليب الإفساد، والارتزاق، والسمسرة، والتملق، والتحالفات الانتهازية، في كثير من جوانب الحياة السياسية والاجتماعية فيه، أغرت بعض القيادات والأوساط في المقاومة الفلسطينية، وبخاصة منها منظمة (فتح)، بالانغماس في اللعبة السياسية اللبنانية، بإقامة شبكة واسعة من العلاقات السياسية والاجتماعية، والظهور في المجتمع اللبناني وفي السلطة اللبنانية بمظهر الوجهاء والمتنفذين.)) *1

    ولم يبرئ العراق كافة الدول العربية وحتى الاتحاد السوفييتي نفسه، في تليين مواقفهم واستعدادهم لقبول حلول التسوية بالقول: (( كان هناك قبل زيارة السادات للقدس جبهة واسعة تضم أصحاب التسوية، بصرف النظر عن الاختلاف النسبي في سياساتهم ومواقفهم وكان السادت من أبرز عناصر هذه الجبهة التي ضمت النظام السوري والأردني وقيادات في منظمة التحرير الفلسطينية وكل الأنظمة العربية اليمينية، كما ضمت المعسكر الشرقي والغربي على حد سواء))*2

    خلاصة الوضع قبل اتفاقية كامب ديفيد

    لم تستطع الدول العربية استثمار حالة تفاهمها لتظهر بمظهر موحد، فبين دولة تخجل من إعلان موقفها، الى دولة تملأ الدنيا ضجيجا دون فعل، الى دولة تمعن في إظهار إندفاعها للتسوية السريعة، والموقف الأخير هو ما تمثل بموقف مصر، كل ذلك أدى لتعامل مراكز القوى العالمية مع الموقف العربي بذلك الاستخفاف والسخرية. وهذا الوضع استمر حتى مؤتمر مدريد عام 1991، وبقيتآثاره ظاهرة حتى اليوم.

    هوامش
    *1ـ التقرير السياسي للمؤتمر القومي الحادي عشر/ القيادة القومية/ بغداد 1980 صفحة 147
    *2ـ المصدر السابق.

  7. #27
    اتفاقية كامب ديفيد

    يمكن القول أن اتفاقية كامب ديفيد كانت المفصل الأخطر في تاريخ القضية الفلسطينية الحديث. وقبل أن نخوض في آثار تلك الاتفاقية، يكون من الأفضل تعريف القارئ بماهية تلك الاتفاقية، كما هي، بعكس ما يُشاع عنها بأنها اتفاقية إرجاع الحق لأهله كما يصورها البعض.

    في 18/9/1978 وفي مؤتمر صحفي حضره من وقع على اتفاقية كامب ديفيد وهم الرئيس الأمريكي (جيمي كارتر) والرئيس المصري (محمد أنور السادات) ورئيس وزراء العدو الصهيوني (مناحيم بيغن). تم التوصل الى الاتفاقية بعد مفاوضات شاقة في مؤتمر قمة عقد في منتجع (كامب ديفيد) في الولايات المتحدة واستمر مدة ثلاثة عشر يوما متوالية.

    وقد شارك في هذه المفاوضات، إضافة الى الرؤساء الثلاثة (كارتر، السادات، بيغن) وزراء خارجيتهم وكبار مستشاريهم السياسيين والعسكريين والقانونيين، غير أن القرارات الحاسمة اتخذت من قبل الرؤساء وحدهم، وخصوصا بالنسبة للقرار المصري الذي حسمه السادات خلافا لآراء وزرائه ومستشاريه، مما أدى الى استقالة وزير خارجيته عقب الإعلان عن مقررات القمة.

    ويعتبر التخريج القانوني لاتفاقية كامب ديفيد غريبا من الناحية القانونية، خصوصا وأن توقيع كارتر أخذ على أساس أنه ضمانة لتنفيذ هاتين الاتفاقيتين. وسوف نستعرض الخطوط الرئيسة والعامة لهاتين الاتفاقيتين:

    الاتفاقية الأولى ( إطار عمل للسلام في الشرق الأوسط)

    تبدأ الاتفاقية بمقدمة طويلة عن السلام وضروراته وشروطه، أكد فيها الطرفان أن (( القاعدة المتفق عليها للتسوية السلمية للنزاع بين إسرائيل وجيرانها هو القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن بكل أجزاءه)) . وأشارت المقدمة الى أن الطرفين يتفقان على أن ((هذا الإطار في رأيهم مناسب ليشكل أساسا للسلام، لا بين مصر وإسرائيل فحسب، بل بين إسرائيل وكل من جيرانها الآخرين ممن يبدون الاستعداد للتفاوض على السلام معها على هذا الأساس)).

    وتشير الاتفاقية الى أنه ينبغي ((أن تشترك مصر وإسرائيل والأردن وممثلو الشعب الفلسطيني في المفاوضات الخاصة بحل المشكلة الفلسطينية بكل جوانبها)).

    ومن ثم حددت الاتفاقية ثلاث مراحل (لتحقيق هذا الغرض): في المرحلة الأولى تتفق كل من مصر وإسرائيل على أن تكون هناك ترتيبات انتقالية تراعي الظروف الأمنية من أجل نقل سلمي ومنظم للسلطة في الضفة الغربية وغزة خلال فترة لا تتجاوز الخمس سنوات، يتم خلالها توفير حكم ذاتي للسكان في هاتين المنطقتين، على أن تُدعى الحكومة الأردنية للانضمام الى مباحثات السلام لمناقشة تفاصيل الترتيبات الانتقالية على أساس هذا الإطار.

    في المرحلة الثانية: تتفق مصر وإسرائيل والأردن على وسائل إقامة سلطة الحكم الذاتي المنتخبة في الضفة الغربية وغزة، وممكن أن ينضم لهم بعض الممثلين عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة.

    في المرحلة الثالثة: وهي الفترة الانتقالية الممتدة على خمس سنوات والتي تبدأ عندما تقوم سلطة الحكم الذاتي في الضفة وغزة، تجري مفاوضات لتحديد الوضع النهائي للضفة وغزة وعلاقاتهما مع الجيران، وإبرام معاهدة سلام بين إسرائيل والأردن بحلول نهاية الفترة الانتقالية.

    وتقوم مصر وإسرائيل بمعالجة وضع اللاجئين الذين خرجوا لسبب أو لآخر عام 1967 وبشكل عاجل!

    الاتفاقية الثانية (إطار لإبرام معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل)

    بعد أن تناولت تلك الاتفاقية مسألة انسحاب إسرائيل من سيناء على مرحلتين، نصت الاتفاقية على إقامة علاقات طبيعية بين مصر وإسرائيل غداة الانتهاء من مرحلة الانسحاب الأولى، والتعهد بعدم اللجوء للتهديد بالقوة من أجل استخدامها في تسوية النزاعات بين الطرفين الموقعين، والاعتراف الكامل وإلغاء كافة أشكال المقاطعة الاقتصادية. ونصت الاتفاقية على الطلب من مجلس الأمن المصادقة على معاهدة السلام وضمان عدم انتهاك نصوصها.

    هذا ما تم إعلانه (فقط) .. أما الجانب السري الذي لم يعلن فكان:

    فيما يتعلق بلبنان:
    أولا: وقف التدخل الإسرائيلي في لبنان والتعهد بعدم القيام بأي خطوة دون مشاورة واشنطن. ثانيا: تجريد المليشيات اللبنانية والفلسطينية من سلاحها. ثالثا: إنشاء جيش لبناني حقيقي وتزويده بالسلاح. رابعا: العمل على إنجاز تلك البنود خلال فترة لا تتعدى العامين، تنسحب بعدها قوات الردع العربية من لبنان.

    فيما يتعلق بالتعاون الأمريكي المصري الإسرائيلي:*1
    أولا: قيام تعاون حقيقي بين الأطراف الثلاثة لوقف النفوذ السوفييتي في الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط. ثانيا: توقيع اتفاقية تحالف بين الدول الثلاثة. ثالثا: إقامة قاعدة بحرية في حيفا ومنح الأسطول الأمريكي السادس تسهيلات جديدة. رابعا: تسمح مصر لأمريكا باستخدام إحدى القواعد التي ستتخلى عنها إسرائيل في سيناء (بعد انسحابها). خامسا: استخدام موقع شرم الشيخ من أجل مراقبة التحركات السوفييتية بالبحر الأحمر. سادسا: تنسيق التعاون بين الاستخبارات الأمريكية والمصرية ليس داخل مصر وإنما ضمن المنطقة العربية برمتها. سابعا: وعدت الولايات المتحدة استبدال أسلحة الجيش المصري من سوفييتية الى أمريكية (وقد تم بيع الأسلحة السوفييتية لمقاتلي أفغانستان بتمويل سعودي)*2. على أن يقلل عدد الجيش المصري من 650 ألف جندي الى 450 ألف بما في ذلك الاحتياط، والجيش النظامي من 350 ألف الى 250 ألف.

    هذا وقد تم تبادل مجموعة من الرسائل بين الرئيس المصري أنور السادات والرئيس الأمريكي ورئيس وزراء العدو الصهيوني، تبين رغبة الرئيس المصري بإبقاء القدس عربية ورغبته في إزالة المستوطنات، لكن ذلك لا يخرج عن إطار الرغبات الأدبية غير الملباة.

    يتبع

    هوامش
    *1ـ موسوعة السياسة/ عبد الوهاب الكيالي وآخرون/المؤسسة العربية للدراسات والنشر ط2/1990الجزء الخامس صفحة 54

    *2ـ محمد حسنين هيكل/ مجلة وجهات نظر 2002/آب/أغسطس

  8. #28
    السلام عليكم اشكر لك مواصلتك في الطرح والنشر ومتابع معك استاذنا الكريم
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  9. #29
    أشكركم أستاذتنا على التفضل بالمرور الكريم

    وكل عام وأنتم بخير

  10. #30
    الحرب العراقية الإيرانية وأثرها على مسار القضية الفلسطينية

    إذا كان عقد السبعينات من القرن العشرين قد عزل مصر عن محيطها القومي، فإن عقد الثمانينات من القرن نفسه مهد لعزل العراق عن محيطها القومي وتقليل أثرها فيه. وفوق ذلك أدخل تعقيدات جديدة خلطت الألوان في السياسة العربية الرسمية وأدخلت التشويش على الساحة الشعبية العربية.

    فقد كانت بغداد بمؤتمر القمة التاسع في 2/11/1978، قد حشدت العرب ليقفوا ضد اتفاقية كامب ديفيد، ولينقلوا مقر الجامعة العربية من القاهرة الى تونس، ليقرر ذلك الرد بحسم واضح للإرادة العربية الرسمية والتي توافقت مع الإرادة الجماهيرية العربية.

    لكن، الحرب العراقية الإيرانية، والتي اصطف العرب رسميا فيها بدرجات متفاوتة بين التأييد الكامل (كما فعلت مصر والأردن واليمن ودول الخليج العربي) وبين رفض كامل كما فعلت (سوريا). هذا الوضع شتت معايير الرفض والاعتدال، وشوش قدرة المثقف العربي على تصنيف ما هو ثوري وما هو غير ذلك، ليؤثر بدوره على تعميق النهج الذرائعي في أوساط السياسيين ومنها الفصائل الفلسطينية.

    ذرائعية العرب مقابل ذرائعية إيران

    لم يكن الخطاب العقائدي العربي ذو الصبغة القومية، ينظر الى دول مثل الأردن ودول الخليج نظرة متسامحة بل ومتحالفة كما كان عليه الوضع في الحرب العراقية الإيرانية، ولم تكن مصر لتعود بتلك السرعة الى الحظيرة العربية، بل وتكون أحد أطراف شكل وحدوي مع العراق والأردن واليمن لولا تلك الحرب.

    وإن كانت مبررات هذا التسامح من طرف العراق تتعلق بالإمدادات (اللوجستية) الضرورية لتحقيق الانتصار أو تحقيق أهداف الحرب، فإن إيران هي الأخرى قد سبقت العرب في المنهج الذرائعي (البراجماتي) لتحقيق أهدافها، وهذا الوضع يمتد الى أعماق التاريخ حيث تحالف الإيرانيون مع اليهود الذين سباهم (نبوخذ نصر) لينقضوا على احتلال العراق، كما تحالفوا مع البرتغاليين ليكون لهم وضع سيادي في الخليج العربي، كما استعانوا بالكيان الصهيوني في حربهم مع العراق (فضيحة إيران ـ كونترا).

    الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لم يكونا بعيدين


    تعلم الولايات المتحدة كما يعلم الكيان الصهيوني الثقل الذي تشكله مصر في المجموعة العربية، وهما إن عزلاها في اتفاقية (كامب ديفيد) لم يكونا يريداها أن تكون قليلة التأثير في الأوساط العربية، فهما يريدانها أن تكون صديقا له كلمته في تحقيق أهدافهما، وعزلها بمؤتمر بغداد لن يجعلها تمارس مثل هذا الدور، لذا تم تكليفها بدور أساسي في القيام بتزويد المقاتلين العرب والأفغان في طرد الاتحاد السوفييتي من أفغانستان. وقد تم غض النظر عن معاونتها لبغداد في حربها ضد إيران لتضرب عصفورين بحجر واحد: العصفور الأول إعادة مصر للحظيرة العربية بقوة لتلعب أدوارها فيما بعد وفق ما يتلاءم مع الأهداف الأمريكية والصهيونية، والعصفور الثاني هو إطفاء صفة الحدية والثورية عن العراق، تمهيدا لعزله فيما بعد، بالإيحاء للمراقبين أن العراق قد دخل في دائرة التحالف الغربي وأصدقاءه العرب.

    وقد حاولت الولايات المتحدة أن تزيد من إيهام الرأي العام العربي أنها متحالفة مع العراق في حربه مع إيران، علما بأن علاقاتها الدبلوماسية مع العراق كانت مقطوعة منذ أكثر من اثني عشر عاما، وأن تسليح العراق كان 96% من مصادر غير غربية، في حين كان 4% منها غربية بما فيها فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة.

    من جانب آخر، يبدو أن الغرب كان قد أصبح غير متيقن من ولاء إيران له، خصوصا بعد إبعاد عملائه (أبو الحسن بني صدر) و (صادق قطب زاده) فأراد أن يجعل من الحرب العراقية الإيرانية فخا يقع فيه البلدان لأطول مدة ممكنة لإنهاكهما وتجنب ما قد يأتي منهما من أذى.

    ولا بد من الإشارة الى أن طرد السفارة الصهيونية من طهران وإحلال سفارة لفلسطين محلها قد زاد من هذا التشويش الحاد في استيضاح الصورة.


    الفصائل الفلسطينية تتبع الهيكل الرسمي العربي

    كان لملاحقة المقاومة الفلسطينية من مواقعها من حدود فلسطين وإبعادها من الأردن ومن ثم من لبنان الى اليمن وتونس، واختلاط الأوراق والخنادق في الساحة العربية الرسمية، الأثر الأكبر في هبوط أحلام الفصائل الفلسطينية بتحرير فلسطين من خلال الكفاح المسلح.

    كما أن ارتباطات القيادات الفلسطينية بالجسم العربي، مستمدة منه التشجيع بالمال أو الإعلام أو الرعاية للفلسطينيين الذين كانوا موزعين في أكثر من قطر عربي، ولهم من المصالح والعلاقات التي تتماس مع أداء تلك الفصائل، أثر ذلك على تكييف الموقف الفلسطيني و تعامله بشكل غير حاد مع المشاريع المطروحة.

    انهيار المجموعة الاشتراكية وحرب الخليج الثانية

    ما أن جاء عام 1985 حتى بدا للعالم أن الكتلة الاشتراكية مقبلة على تفتت وانهيار كبيرين، وأخذ العالم يهيئ نفسه للتغييرات المتوقعة بأي لحظة، وما أن أعلن ريغان انتصار الرأسمالية، وجاء بعده (بوش) ليبشر بالعالم الجديد، حتى أخذت أحلام الكثيرين في المنطقة بالخفوت والتلاشي.. وبعد خروج العراق من الكويت، اتضح أن كثيرا من العرب الذين كانوا يستحون من التعبير عن تفكيرهم في التصالح مع الكيان الصهيوني أنهم كانوا على تواصل دائم معه وبالسر.. ومن هنا تداعت الأقطار العربية الى مدريد في نهاية عام 1991..

    وليتبين بعدها أن هناك جهدا يبذل في (أوسلو) ليعلن على الملأ بشكل اتفاقية أوسلو ..

    وهذا ما سنتناوله في المرة القادمة

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-14-2015, 04:35 PM
  2. خطة كيري لتصفية قضية فلسطين
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-16-2014, 02:00 PM
  3. المفاوضات و تصفية قضية فلسطين
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-18-2013, 02:47 AM
  4. المفاوضات وتصفية قضية فلسطين
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-22-2013, 06:10 PM
  5. قضية فلسطين .. من جديد
    بواسطة عبدالغفور الخطيب في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 05-27-2008, 08:05 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •