-
مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
* الحلقة الأولى من سيرة سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم *
** البيئة التي نشأ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت بيئة مهدّمة ،، ففساد العقيدة يسود في كل مكان ، إذ كانت العقائد السائدة ، حتى السماوية منها لاتملك القدرة على السمو بالإنسان ، لتحريفها عن أصولها الأولى السليمة و لتسفّلها وارتباطها بالمادية المغرقة ..
* وسوء الحالة الاقتصادية ، نتيجة لقسوة الطبيعة من جهة ، ولسوء توزيع الثروة من جهة ، منعت كل تطور مدني في المنطقة ، حتى بقيت البيئة العربية التي تسيطر عليها البداوة ، على الرغم مما وجد فيها من ممالك ..
* والأمية والجهل عقلا الفكر عن الانطلاق والتفتح ، وجعلاه أسير عادات متخلفة بالية ، وعقائد خرافية زائفة ، يضيق بها أحيانا" ، ولكنه لايتخذ من هذا الضيق مخرجا" ..
* وفساد التركيبة الاجتماعية ، ابتداء" من نظم الزواج المسؤولة عن الخلية الأولى في المجتمع ، وانتهاء بالعصبية القبلية ، التي جعلت شعارها :"انصر أخاك ظالما" أو مظلوما" "..
* وغياب الدولة السياسية التي تجمع القبائل ، وتظلها بمظلة واحدة ، جعل القوي من القبائل يأكل الضعيف ، وقانون الغاب هو الذي يحكم ..
* هذه البيئة كانت ترفع يديها ضارعة إلى الله تعالى ، طالبة منه إرسال المخلص الذي يصلح حالها ، ويخلصها من الظلام الدامس الذي تاهت في طياته ، وكادت أن تفقد ذاتها فيه ..
* فقد طالت فترة فتور الوحي ، أي عدم إرسال أي نبي بعد عيسى عليه السلام ، ويدعى أهل هذا الزمن بأهل الفترة ، وتقدر بستمئة عام إلا قليلاً ..
* فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية السماء للأرض : قاد الركب ، وأصلح ذات البين ، وغمر النفوس بالخير ، وأشاع الأمن والأمان ..
* اختار الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم من خير القرون وأذكى القبائل ، وأفضل البطون ، فكان صلى الله عليه وسلم أوسط قومه نسبا" ، وأعظمهم شرفا" ..
* روي أن قريشا" جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم ، فجعلوا مثل النبي عليه الصلاة والسلام كمثل نخلة في كبوة (ربوة) من الأرض .. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال :"إن الله خلق الخلق ، فجعلني من خيرهم ، من خير فرقهم وخير الفريقين ، ثم تخير القبائل ، فجعلني من خير قبيلة ، ثم تخير البيوت ، فجعلني من خير بيوتهم ، فأنا خيرهم نفسا" وخيرهم بيتا" ..
** لم يتسلل إلى نسبه الشريف شيئا" من أدران الجاهلية ، فهو عليه الصلاة والسلام من سلالة آباء كرام ليس فيهم مسترذل ، بل كلهم سادة أشراف أطهار ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة الثانية من السيرة النبوية :
* تسمى أسرته عليه الصلاة والسلام الأسرة الهاشمية ، نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف ، الذي تولى السقاية والرفادة للحجيج ، وقد كان رجلا" موسرا" ، ذا شرف كبير ، اسمه عمرو ، قيل له هاشم لأنه أول من هشم الثريد لقومه بمكة (أي كسر الخبز وأعده للثريد فسقاه باللحم ومرقته) ..
* أصاب قريش قحطا" ، فرحل هاشم إلى فلسطين ، واشترى منها الدقيق ، وقدم به إلى مكة ، وبذل الطعام لكل نازل بالبلد المقدّس أو وارد عليه ، وكان قد أخذ على نفسه عهدا" ، بأن يسقي الحجيج ، قربة إلى رب البيت مادام حيا" ، لذلك قام بحفر عدة آبار ، مما يسر لمكة الماء .. حيث أن زمزم كانت قد طمرت ، طمرتها قبيلة جرهم حين أغارت عليهم بعض القبائل ، وطمروا معها ذهب وحلي ، كانت تحلى بها الكعبة ..
* تزوج هاشم في المدينة بسلمى من بني النجار ، وولدت له عبد المطلب ، وسمته شيبة لشيبة كانت في رأسه ..
* أوصى هاشم قبل وفاته بالسقاية والرفادة لأخيه المطلب ..
* حين بلغ شيبة مبلغ الشباب ، ذهب المطلب إلى المدينة ليأتي بابن أخيه ، لينشأ بين أهله وعشيرته ، لما رآه الناس قالوا : هذا المطلب ابتاع عبدا" ، قال لهم : ويحكم هذا شيبة ابن أخي هاشم ، لكن سرى على شيبة اسم عبد المطلب ، واشتهر بهذا الاسم ..
* تولى عبد المطلب السقاية والرفادة بعد وفاة عمه المطلب ، فأقامها للناس ، وشرف في قومه شرفا" لم يبلغه أحدا" من آبائه ،، وأحبه قومه ، حتى عرف بين أهل مكة بشيبة الحمد ، لكثرة حمد الناس له ، وكان يقال له : الفياض ، لجوده ، ومطعم طير السماء ، لأنه كان يرفع من مائدته للطير والوحوش على رؤوس الجبال ..
* كان عبد المطلب ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية ، وهو أول من تحنث بغار حراء ،،
* كان إذا جاء شهر رمضان صعد إلى غار حراء ، وتعبد فيه ، وأطعم المساكين ..
* كان عبد المطلب مجاب الدعوة ، فكانت قريش إذا أصابها جدب ، تأخذ بيده ، فتخرج به إلى جبل يستسقي الله لهم ، فكان يسأل الله الغيث ، فيغاثون ..
* كانت لعبد المطلب المكانة العظيمة في جميع أنحاء الجزيرة العربية ، فقد كان رئيس الوفود في المهمات العظيمة ..
* ذات ليلة أتي عبد المطلب في المنام ، فقيل له : احفر طيبة ، قال : وماطيبة ؟؟ ،، ذهب الصوت ..
* فلما كانت الليلة التالية ، أتي ، فقيل : احفر برة ، قال : ومابرة ؟؟ ،، وذهب الصوت ..
* في الليلة التالية ، أتي ، فقيل : احفر المضنونة ، قال : وماالمضنونة ؟؟ ،، وذهب الصوت ..
* في الليلة التالية ، أتي ، فقيل : احفر زمزم .. قال : وما زمزم ؟؟..
* قال : تراث من أبيك الأعظم لاتنزف ولاتذم (أي لايفنى ماؤها على كثرة الاستقاء ، ولا تذم أي لاتعاب).. تسقي الحجيج الأعظم ، وهي بين الفرث والدم ، عند نقرة الغراب الأعصم (نوع من الغربان) ،،
* (وكان هناك غراب أعصم لايبرح المكان عند الذبائح مكان الفرث والدم) ،، عند قرية النمل ، وهي شرب لك ولولدك من بعدك ..
* أخذ عبد المطلب ولده الحارث ومعوله ، وأخذ يحفر في المكان المعني ، حتى ظهر الماء ، فكبّر ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
قصة البداية :
الحلقة الثالثة من السيرة النبوية
* لما ظهرت الماء لعبد المطلب كبر ..
جاء أهل قريش لعبد المطلب ، وقالوا : ياعبد المطلب ! إنها بئر أبينا اسماعيل ، وإن لنا فيها حقا" ، فأشركنا معك فيها ..
* فقال : ماأنا بفاعل ، هذا أمر قد خصصت به دونكم ،، فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه ..
* قالوا : كاهنة بني سعد (هذيم) .. وكانت في الشام ، فخرجوا إليها ..
* كان مع عبد المطلب عشرون رجلا" من بني عبد مناف ، ومن قريش عشرون رجلا" ..
* لما كانوا ببعض الطريق فني ماؤهم ، وأيقنوا بالهلاك ، فحفر كل منهم قبره ينتظر الهلاك ..
* ثم قال عبد المطلب : إن هذا والله لعجز ، أن نقف وننتظر الموت ، هيا بنا نسير ..
* ركب كل منهم راحلته ، وركب عبد المطلب راحلته ، ولما انبعثت ، انفجر الماء من تحت خفها ، عين ماء عذب ..
* كبّر عبد المطلب ، وكبّر أصحابه ، وشربوا جميعا" ،، وعرفوا فضل عبد المطلب ، وقالوا له : لقد قضي لك علينا .. الذي سقاك في هذه الفلاة هو الذي سقاك زمزم ، وعادوا ، وخلوا بينه وبين زمزم ..
* حينئذ نذر عبد المطلب لئن آتاه الله عشرا" من البنين ، وبلغوا ، لينحرن أحدهم عند الكعبة تقربا" من الله تعالى ، وكان هذا من عادات الجاهلية ..
* استخرج عبد المطلب الأشياء التي دفنتها قبيلة جرهم حين خرجت من مكة (سيوف ودروع وغزالين من ذهب) ، وكانت قد طمرتهم مع زمزم حين أغار عليها بعض القبائل .. فضرب الأسياف بابا" للكعبة ، وضرب في الباب الغزالين ، ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحجاج ..
* تميز عبد المطلب بأخلاق كانت مزيجا" من الأنفة والكرم ، والرصانة ومواجهة الغيب ، بكل ثقة وصبر وأناة ، وذكر عنه أنه كان يأمر أولاده بترك الظلم والبغي ، ويحثهم على مكارم الأخلاق ، وينهاهم عن دنيات الأمور ، وكان يقول : لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم الله منه ، وأن وراء هذه الدار دارا" أخرى يجزي الله فيها المحسن بإحسانه ، ويعاقب المسيء بإساءته ..
* وقد رفض في آخر عمره عبادة الأصنام ، ووحد الله عز وجل ، وروي أنه وضع سننا" ، وردت فيما بعد في القرآن الكريم ، وأقرتها سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، منها : الوفاء بالنذر ، وتحريم الخمر والزنا ، وألا يطوف بالبيت عريان ، وهو أول من سن دية النفس مئة من الإبل (بعد قصة ذبح عبد الله) ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة الرابعة من السيرة النبوية :
* عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
* كان عبد الله أحب ولد عبد المطلب إليه ، وأصغرهم ، وكان عبد المطلب قد نذر ، حين لقي من قريش مالقي عند حفر زمزم ،، لئن ولد له عشرة ذكور ثم بلغوا ، أن يذبح أحدهم لله عند الكعبة ،، فلما تكاملوا ، كتب أسماءهم في القداح ، وأعطاها قيم هبل ، فضرب بالقداح ، فظهر قدح عبد الله ، أي عليه أن يذبح عبد الله .. احتار في أمره ،، فأشاروا عليه أن يأتي عرافة بالحجاز فيستأمرها ،، فأتاها ، فأمرت أن يضرب القداح على عبد الله وعلى عشرة من الإبل ، فإن خرجت على عبد الله ، يزيد عشرا" من الإبل حتى يرضي ربه ، فإن خرجت على الإبل نحرها ، ففعل عبد المطلب ، وأقرع بين عبد الله وعشرا" من الإبل ، فوقعت القرعة على عبد الله ، فلم يزل يزيد من الإبل عشرا" عشرا" ، ولاتقع القرعة إلا عليه ، إلى أن بلغت الإبل مئة ، فوقعت القرعة عليها ..
* فنحرها بين الصفا والمروة ، وتركها في الفضاء لايرد عنها إنسانا" أو سبعا" أو طيرا" ، ولم يأكل منها هو ولاأحد من ولده شيئا" ..
* لذلك كان يقال للنبي صلى الله عليه وسلم ابن الذبيحين ، يعني اسماعيل وعبد الله ..
* تزوج عبد الله آمنة بنت وهب ، وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا" وموضعا" ..
* حينما حملت به أمه آمنة لم تشعر بثقل ، وأتيت في المنام ، وقيل لها : إنك قد حملت بسيد هذه الأمة ونبيها ، قولي إذا وضعته : أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ، ثم سميه محمدا" ..
* قال عليه أفضل الصلاة والسلام : أنا دعوة أبي ابراهيم ، وبشرى أخي عيسى ، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام ..
* وقال : إن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور ، قالت : فجعلت أتبع بصري النور ، والنور يسبق بصري حتى أضاءت لي مشارق الأرض ومغاربها ..
* خرج عبد الله في تجارة إلى غزة ، وحين فرغ ، نزل في المدينة عند أخواله بني النجار ، ومرض ومات ،، ورث النبي صلى الله عليه وسلم من أبيه خمسة جمال ، وقطيع غنم ، وسيف ، وجارية حبشية اسمها بركة (أم أيمن) ..
* كانت حينئذ آمنة حامل بشهرين ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
السلام عليكم 💕💕
* قصة البداية *
** الحلقة الخامسة من السيرة النبوية :
* ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعب بني هاشم بمكة المكرمة فجر يوم الاثنين 12 ربيع الأول ، عام الفيل مايعادل 16/5/570 ميلادي ..
* حين ولد رأت أمه حين وضعته نورا" أضاءت منه قصور الشام ، وولد نظيفا" مابه قذر ، ووقع على الأرض معتمدا" على يديه ، رافعا" رأسه إلى السماء ..
* شهدت أم عثمان بن أبي العاص ولادة آمنة ، فقالت : فما من شيء أنظر إليه في البيت إلا نور ، وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول : ليقعن علي ..
* من إرهاصات بعثته عليه الصلاة والسلام : ارتجس إيوان كسرى ، وسقطت منه أربع عشرة شرفة ، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، وغاضت بحيرة ساوة ..
* قال حسان بن ثابت رضي الله عنه : والله إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان ، أعقل كل ماسمعت ، إذ سمعت يهوديا" يصرخ بأعلى صوته على أطمة (بناء مرتفع) بيثرب : يامعشر يهود ! ،، حتى إذا اجتمعوا إليه ، قالوا : ويلك مالك ؟؟ ،، قال : طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به ، وهو لايطلع إلا بالنبوة ..
* إبليس لعنه الله رن أربع رنات (الصيحة الشديدة) ، رنة حين لعن ، ورنة حين أهبط ، ورنة حين ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورنة حين نزلت فاتحة الكتاب ..
* فرح عبد المطلب بحفيده ، واستبشر ، ودخل به الكعبة ، ودعا الله وشكر له ماأعطاه ، وأمر فنحرت الجزائر ، وذبحت الشاء ، وأطعم اهل مكة ثلاثا" ، ثم نحر في كل شعب من شعاب مكة جزورا" ، لايمنع منه إنسان ولاسبع ولاطير .. * وفي اليوم السابع ، ختنه على عادة العرب ، وعقّ عنه بكبش ، وجعل له مأدبة ، وسماه محمدا" ، ولم يكونوا يألفون هذا الاسم ..
* قال عليه أفضل الصلاة والسلام :"لي خمسة أسماء : أنا محمد وأحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب ..
* أول من أرضعه عليه الصلاة والسلام بعد إرضاع أمه له ، ثويبة (مع ابنها مسروح) ، وأرضعت معه حمزة وأبو سلمة ، والعباس ، وعبد الله بن جحش ،، ثويبة هي جارية أبو لهب : أعتقها من فرحه بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
السلام عليكم 💕💕
* قصة البداية *
** الحلقة السادسة من السيرة النبوية :
** التمس عبد المطلب المراضع على عادة أهل مكة ، الذين كانوا إذا ولد لهم ولد التمسوا له مرضعة من البادية ، في كنف الطبيعة الصافية ، وذلك أدنى إلى تزكية الفطرة ، وإنماء المشاعر ، وإطلاق الأفكار والعواطف ، ومن أجل إتقان اللسان العربي الفصيح في مهدهم ، منذ نعومة أظفارهم ، لأنه في مكة تختلط الألسنة واللغات واللهجات ، لكثرة المغتربين فيها ....
* كذلك فإن مكة هي قبلة الحجاج من كل حدب وصوب ، وبالتالي فإن الأمراض والأوبئة تنتشر فيها ، لذا كان يكثر موت الأطفال في مكة ، فخوفا" عليهم ، ومن أجل أن تنشأ بنيتهم قوية وسليمة ، كانوا يرسلونهم مع البدو ، في صغرهم ..
* إخوته من الرضاعة (من حليمة) : عبد الله بن الحارث ، أنيسة بنت الحارث ، خذامة بنت الحارث (وهي الشيماء) ، أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم رسول الله ..
* خرجت حليمة السعدية مع نسوة من بني سعد تلتمس الرضعاء ، في سنة شهباء (ذات قحط وجدب) ، الشهباء : هي الأرض البيضاء التي لاخضرة فيها لقلة المطر ، من الشهبة وهي البياض ..
* قالت : فخرجت على أتان لي قمراء (أي حمارة بيضاء) ، ومعنا شارف(ناقة مسنة) ، لنستقي منها الحليب ، والله ماتبض بقطرة (مافيها قطرة حليب) ، وماننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا ، من بكائه من الجوع ، مافي ثديي مايغنيه ، ومافي شارفنا مايغذيه ..
* وكانت حمارتها ضعيفة ، حتى أنها أخرت الركب ، وأطالت عليهم المسافة ، من تمهلها وإبطائها ، لضعفها ..
* حتى قدموا مكة : فعُرض النبي محمد على كل المرضعات ، والكل يأباه حين يسمع أنه يتيم ..
* أخذت كل المرضعات أطفالا" إلا حليمة ، قالت لزوجها : هل آخذ ذلك اليتيم ؟؟ ،، فقال لها : نعم ..
* دخلت حليمة على أمه آمنة لتأخذه ، فإذا هو مدرج في ثوب صوف أبيض من اللبن ، وتحته حريرة خضراء ، راقدا" على قفاه ، يغط في النوم ، تفوح منه رائحة المسك ، فوضعت يدها على صدره ، فتبسم ضاحكا" ، وفتح عينيه ، فخرج منهما نور دخل عنان السماء ، فقبلته حليمة بين عينيه ، وحملته ..
* لما وضعته على ثديها شرب حتى روي ، وشرب أخوه معه حتى روي ، ثم ناما ، وماكان الصبي الآخر ينام من الجوع ..
* وقام زوج حليمة إلى الناقة ، فإذا هي حافل (كثيرة اللبن) ،، فشربا حتى انتهيا ريا" وشبعا" ، فباتوا بخير ليلة .
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
** الحلقة الثامنة من قصة البداية :
** يروى أن عبد المطلب كان ذات يوم جالسا" في الحجر ، وعنده أسقف نجران ، وكان صديقا" له ،، فقال له : إنا نجد صفة نبي بقي من ولد اسماعيل ، هذا البلد مولده ، من صفته كذا وكذا .. ثم نظر الأسقف إلى محمد عليه الصلاة والسلام وإلى عينيه وظهره وقدميه ، فقال : ماهذا منك ؟؟ ،، قال : ابني ،، قال الأسقف : مانجد أباه حيا" ،، قال عبد المطلب : هو ابن ابني ، وقد مات أبوه وأمه حبلى به ،، قال : صدقت ،، قال عبد المطلب : تحفظوا بابن أخيكم ، ألا تسمعون مايقال فيه ..
* لما بلغ رسول الله ثماني سنوات ، توفي جده عبد المطلب ، ودفن بالحجون ..
* أوصى عبد المطلب أبا طالب بكفالة النبي صلى الله عليه وسلم ، ذلك أن أبا طالب وعبد الله أخوان لأب وأم ، أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ ..
* أحب أبو طالب رسول الله حبا" جما" ، فكان لاينام إلا إلى جانبه ، ويخرج فيخرجه معه ..
* كانت البركة تعم بوحود رسول الله ، فكان عيال أبي طالب إذا أكلوا فرادى لم يشبعوا ، وإذا أكل معهم رسوّل الله شبعوا ، وفضل من طعامهم ،، فيقول له أبو طالب : إنك لمبارك ..
* كان الصبيان يصبحون رمصا" ، شعثا" ، ويصبح رسول الله دهينا" كحيلا" ..
* قالت أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم : مارأيت النبي شكا صغيرا" ولا كبيرا" ، جوعا" ولاعطشا" ، كان يغدو فيشرب من زمزم ، فأعرض عليه الغذاء ، فيقول : لاأريده ، أنا شبعان ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة السابعة من السيرة النبوية :
** حملت حليمة الطفل محمد ، ثم خرجوا مع الركب ، فركبت أتانها ، وحملته عليها معها ،،
* صارت أتان حليمة تسبق الركب ، حتى قالت صويحباتها : يابنت أبي ذؤيب ، ويحك ، انتظرينا ، أليس هذه أتانك التي كنت خرجت عليها ؟؟ والله إن لها لشأنا" ..
* ثم قدموا منازلهم ، وأرضهم أجدب من كل ماحولها ، فكانت غنم حليمة تروح لترعى ، وتغدو شباعا" لبنا" ، فيحلبون ويشربون ، ومايحلب غيرهم قطرة لبن ولايجدها في ضرع .
* حتى كان الحاضرون من قومها يقولون لرعيانهم : ويلكم ! اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب ، فتغدو أغنامهم جياعا" ماتبض بقطرة لبن وتغدو غنمها شباعا" لبنا" ..
* كان النبي صلى الله عليه وسلم لايقبل إلا على ثديها الواحد ، ويأبى ثديها الآخر ، كأنه أشعر عليه السلام أن معه شريك في لبنها ،، وكان مفطورا" على العدل ، مجبولا" على المشاركة والفضل ..
* حليمة السعدية : حلم وسعد : خصلتان فيهما خير الدهر وعز الأبد ، كلمات قالها عبد المطلب حين سمع اسم حليمة ..
* لاتزال حليمة ترى الخير والبركة ، حتى مضت سنتاه -عليه الصلاة والسلام- وفطمته ،،
* كان عليه الصلاة والسلام يشب شبابا" لايشبه الغلمان ، وكأنه في سنتيه ابن أربع سنين ، قالت حليمة : فقدمنا به إلى أمه ، ونحن أحرص شيء على مكثه فينا .. فكلمنا أمه لتتركه معنا خوفا" عليه من وباء مكة ، فمازلنا بها حتى رضيت ، فعدنا به معنا ..
* في السنة الثالثة أو الرابعة من مولده -عليه الصلاة والسلام- وقعت حادثة شق الصدر ..
* قال أنس بن مالك رضي الله عنه : أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه ، فشق عن قلبه ، فاستخرج القلب ، فاستخرج منه علقة ، فقال : هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طست من ذهب ، بماء زمزم ، ثم لأمه ، ثم أعاده مكانه ..
* جاء الغلمان يسعون إلى أمه (يعني ظئره : مرضعته) ، فقالوا : إن محمدا" قد قتل ، فاستقبلوه وهو منتقع اللون ، قال أنس : وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره -صلى الله عليه وسلم- ..
* خشيت حليمة على النبي صلى الله عليه وسلمة، بعد حادثة شق الصدر ، فردته إلى أمه ، وهو ابن أربع أو خمس سنوات ..
* بقي عليه الصلاة والسلام مع أمه ، حتى بلغ ست سنين ،، خرجت به أمه إلى أخوال أبيه من بني النجار بالمدينة تزورهم ، ومعها خادمتها أم أيمن .. وفي طريق عودتها توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة ، وعمرها عشرون عاما" ..
* دفنت هناك ، وعادت به أم أيمن إلى مكة ، يتيم الأب والأم ..
* ضمه جده عبد المطلب ، ورق عليه رقة لم يرقها على أحد ، فكان يقربه منه ويدنيه ، ولايأكل طعاما" إلا بحضوره ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
قصة البداية *
** الحلقة 12 من السيرة النبوية :
* اقتضت إرادة الله عز وجل أن يكون رسوله صلى الله عليه وسلم أميّا" ، وأن يكون القوم الذين ظهر فيهم هذا الرسول أميّين أيضا" في غالبيتهم العظمى ، حتى تكون معجزة النبوة ، والشريعة الإسلامية واضحة في الأذهان ، لالبس فيها ، لم يتطرق إليها شيء من الحضارات المجاورة ، ولم تتعقد مناهجها الفكرية بشيء من تلك الفلسفات التائهة من حولها ..
* كما يُخشى من دخول الريبة في صدور الناس ، إذا مارأوا النبي متعلما" ، مطلعا" على الكتب القديمة ، وتاريخ الأمم البائدة ، وحضارات الدول المجاورة ، كذلك يُخشى من دخول هذه الريبة في الصدور ، إذا ماظهرت الدعوة الإسلامية في أمّة لها شأن في الحضارة والمدنية ، والفلسفة ..
* العقيدة لم يختلف مضمونها منذ بعثة آدم عليه السلام ، إلى بعثة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي الإيمان بوحدانية الله تعالى ، وتنزيهه عن كل ما لايليق به من الصفات ، والإيمان باليوم الآخر والحساب والجنة والنار ،، فكان كل نبي يدعو قومه إلى الإيمان بهذه الأمور ، وكان كل منهم يأتي مصدقا" لدعوة من قبله ، ومبشرا" ببعثة من سيأتي بعده ، والإخبار عن شيء لايمكن أن يختلف بين مخبر وآخر ،، إذا فرضنا الصدق في خبر كل منهم ، فمن غير المعقول أن يُبعث أحد الأنبياء ليبلغ الناس أن الله ثالث ثلاثة -سبحانه عما يقولون- ثم يُبعث من بعده نبي آخر ليبلغهم بأن الله واحد لاشريك له ، ويكون كل منهما صادقا" فيما بلّغ عن الله تعالى ..
* "شرع لكم من الدين ماوصى به نوحا" والذي أوحينا إليك ، وماوصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه"..
* كثيرا" من المسيحية يعتقدون بصدق محمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن ، ويحفظون من القرآن الكريم ،، كيف يتفق ذلك مع اعتقادهم بالثالوث ، وبأن عيسى عليه السلام أمرهم بالتثليث !!،، ومحمد أمرهم بالوحدانية .. كيف ذلك ، وهما ودعوتهما من مشكاة واحدة ..
* التشريع هو سنّ الأحكام التي يتوخى منها تنظيم حياة المجتمع والفرد ، كان يختلف في الكم والكيف ، مابين بعثة نبي وآخر صلوات الله وسلامهم عليهم .. ذلك أن للتطور ولاختلاف الأمم والأقوام أثر في تطور التشريع واختلافه ، بسبب أن أصل فكرة التشريع قائم على أساس ماتقتضيه مصالح العباد في دنياهم وآخرتهم ..
* بعث موسى عليه السلام إلى بني اسرائيل ، وكان الشأن يقتضي -بالنسبة لحالهم إذ ذاك- أن تكون شريعتهم شديدة ، قائمة في مجموعها على أساس العزائم لاالرخص ، ولما مرت الأزمنة ، وبعث فيهم سيدنا عيسى عليه السلام ، كان يحمل إليهم شريعة أسهل وأيسر :"ومصدقا" لما بين يدي من التوراة ، ولأحلّ لكم بعض الذي حُرّم عليكم"..
* بيّن لهم عليه السلام ، أنه فيما يتعلق بأمور العقيدة فهو مصدق لما جاء في التوراة ، ومؤكد له ومجدد للدعوة إليه ، أما بالنسبة للتشريع ، وأحكام الحلال والحرام ، فقد كُلّف ببعض التغييرات ، وإيجاد بعض التسهيلات ، ونسخ بعض ماكانوا يعانون منه من الشدّة في الأحكام ..
* بعثة كل رسول تتضمن عقيدة وتشريعا" ،، فأما العقيدة فعمله بالنسبة لها ليست سوى التأكيد للعقيدة ذاتها ، التي بعث بها الرسل السابقون دون اختلاف أوتغيير ..
* أما التشريع : فإن شريعة كل رسول ناسخة للشريعة السابقة ، إلا ماأيده التشريع المتأخر ، أو سكت عنه ، أي يؤيد مقولة : شريعة من قبلنا شريعة لنا ، إذا لم يرد مايخالفها ..
* لاتوجد أديان سماوية متعددة ، الدين الحق واحد : بعث كل الأنبياء للدعوة إليه ، وأمر الناس للدينونة له ، منذ آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم : ألا وهو الإسلام .. بينما توجد شرائع سماوية متعددة ، نسخ اللاحق منها السابق ، إلى أن استقرت الشريعة السماوية الأخيرة ، التي قضت حكمة الله أن يكون مبلغها هو خاتم الأنبياء والرسل أجمعين ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
** قصة البداية :
**الحلقة 13 من السيرة النبوية :
** عمرو بن لحي أول من أدخل صنما" إلى جزيرة العرب ، أحضر هبل من الشام ..
* ليس من قبيل المصادفة أن يولد رسول الله يتيما" ، ثم أن يفقد جده أيضا" ، فينشأ النشأة الأولى من حياته بعيدا" عن تربية الأب ورعايته ، محروما" من عاطفة الأم وحنوها ..
* اختار تعالى لنبيه هذه النشأة لحكم باهرة ، لعل من أهمها أن لايكون للمبطلين سبيل إلى إدخال الريبة في القلوب ، أو إيهام الناس بأن محمدا" رضع لبان دعوته ورسالته التي نادى بها منذ صباه بإرشاد وتوجيه من أبيه وجده ، حيث كان جده سيدا" في قومه ..
* حتى فترة طفولته الأولى ، قضاها عليه السلام في بادية بني سعد ، بعيدا" عن أسرته كلها ، ولما توفي جده ، وانتقل إلى كفالة عمه أبي طالب ، الذي امتدت حياته إلى ماقبل الهجرة بثلاث سنوات ، كان من تتمة هذه الدلالة أن لايسلم عمه ، حتى لايتوهم أن لعمه مدخلا" في دعوته ، وأن المسألة مسألة قبيلة وأسرة وزعامة ومنصب ..
* تعد حادثة شق الصدر التي حصلت له عليه الصلاة والسلام أثناء وجوده في مضارب بني سعد من إرهاصات النبوة ، ودلائل اختيار الله إياه لأمر جليل ..
* ليست الحكمة من هذه الحادثة استئصال غدة الشر من جسمه عليه الصلاة والسلام ، إذ لو كان الشر منبعه غدة في الجسم ، أو علقة في بعض أنحائه ، لأمكن أن يصبح الشرير خيرا" بعملية جراحية ..
* الحكمة هي إعلان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتهييؤه للعصمة ، والوحي منذ صغره بوسائل مادية ، ليكون ذلك أقرب إلى إيمان الناس به ، وتصديقهم برسالته ، إنها إذن عملية تطهير معنوي ، لكنها اتخذت هذا الشكل المادي الحسي ، ليكون فيه ذلك الإعلان الإلهي بين أسماع الناس وأبصارهم ..
* أهل الكتاب من يهود ونصارى ، كان عندهم علم ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة بعلامات ظهوره ..
* كان اليهود يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه ، وبقولون : إن نبيا" سيبعث قريبا" ، سنتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم ، ولما نكثوا عهدهم أنزل تعالى :" ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم ، وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ، فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به ، فلعنة الله على الكافرين"..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 14 من السيرة النبوية :
** لما نزل قول الله تعالى :"الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم"،، سأل عمر بن الخطاب عبد الله بن سلام (كان يهوديا" وأسلم) : أتعرف محمدا" صلى الله عليه وسلم كما تعرف ابنك ؟؟،، فقال : نعم ، وأكثر .. بعث الله أمينه في سمائه إلى أمينه في أرضه بنعته ، فعرفته .. أما ابني فلاأدري ماالذي كان من أمه ..
* وقد كان سبب إسلام سلمان الفارسي وغيره تتبع خبر النبي وصفاته من الإنجيل والرهبان وعلماء الكتاب ..
* الأناجيل المتداولة حالياً خالية من الإشارة إلى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن المعلوم بالبداهة ماتغلب على هذه الكتب من أيدي التبديل والتغيير المتلاحقة :"فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ، ثم يقولون هذا من عند الله"..
* إقباله صلى الله عليه وسلم على رعي الغنم لقصد اكتساب القوت والرزق منذ صباه ، فيه ثلاث دلالات : ذوقه عليه الصلاة والسلام الرفيع لمحاولة المساعدة في كسب الرزق ، وهو تعبير أخلاقي رفيع عن الشكر ، وبذل للوسع ، وشهامة في الطبع ، وبرّ في المعاملة ..
* خير مال الإنسان مااكتسبه بكدّ يمينه ، لقاء مايقدمه من الخدمة لمجتمعه وبني جنسه .. وشر المال ماأصابه الإنسان وهو مستلق على ظهره ، دون تعب وجهد ..
* اعتماده عليه الصلاة والسلام في معيشته على جهده الشخصي ، حتى لاتكون لأحد من الناس منة أو فضل عليه في دنياه ، فيعوقه ذلك عن أن يصدع بكلمة الحق ..
* كان من اليسير على الله عز وجل أن يجعل الحبيب عليه الصلاة والسلام منزوع الدوافع الغريزية للتمتع بالشهوات والأهواء ، لكن ذلك لايدل حينذاك على أكثر من شذوذ في تركيبه الجسدي والنفسي ..
* إنما اقتضت حكمة الله عز وجل أن يتبدى للناس من هذه العناية الإلهية بالرسول الكريم ، مايسهل عليهم أسباب الإيمان برسالته ، ويبعد عن أفكارهم عوامل الريب في صدقه ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
** الحلقة الثامنة من قصة البداية :
** يروى أن عبد المطلب كان ذات يوم جالسا" في الحجر ، وعنده أسقف نجران ، وكان صديقا" له ،، فقال له : إنا نجد صفة نبي بقي من ولد اسماعيل ، هذا البلد مولده ، من صفته كذا وكذا .. ثم نظر الأسقف إلى محمد عليه الصلاة والسلام وإلى عينيه وظهره وقدميه ، فقال : ماهذا منك ؟؟ ،، قال : ابني ،، قال الأسقف : مانجد أباه حيا" ،، قال عبد المطلب : هو ابن ابني ، وقد مات أبوه وأمه حبلى به ،، قال : صدقت ،، قال عبد المطلب : تحفظوا بابن أخيكم ، ألا تسمعون مايقال فيه ..
* لما بلغ رسول الله ثماني سنوات ، توفي جده عبد المطلب ، ودفن بالحجون ..
* أوصى عبد المطلب أبا طالب بكفالة النبي صلى الله عليه وسلم ، ذلك أن أبا طالب وعبد الله أخوان لأب وأم ، أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ ..
* أحب أبو طالب رسول الله حبا" جما" ، فكان لاينام إلا إلى جانبه ، ويخرج فيخرجه معه ..
* كانت البركة تعم بوحود رسول الله ، فكان عيال أبي طالب إذا أكلوا فرادى لم يشبعوا ، وإذا أكل معهم رسوّل الله شبعوا ، وفضل من طعامهم ،، فيقول له أبو طالب : إنك لمبارك ..
* كان الصبيان يصبحون رمصا" ، شعثا" ، ويصبح رسول الله دهينا" كحيلا" ..
* قالت أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم : مارأيت النبي شكا صغيرا" ولا كبيرا" ، جوعا" ولاعطشا" ، كان يغدو فيشرب من زمزم ، فأعرض عليه الغذاء ، فيقول : لاأريده ، أنا شبعان ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
💕💕
* قصة البداية *
** الحلقة التاسعة من السيرة النبوية :
* قالت قريش يوما" لأبي طالب : أقحط الوادي ، وأجدب العيال ، فهلمّ فاستقِ لنا ،، فخرج أبو طالب ، ومعه غلام ، هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وجهه نور كأنه البدر ، أخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة ، ولاذ الغلام بإصبعه ، ومافي السماء غيمة .. فأقبل السحاب من ههنا ومن ههنا ، وأغدق واغدودق ، وانفجر له الوادي ، وأخصب النادي والبادي (أي أهل الحضر وأهل البادية) . سقاهم الله عز وجل إكراماً لرسوله المبارك عليه الصلاة والسلام ..
* كانت فاطمة بنت أسد زوج أبي طالب ، تحوط رسول الله وتكرمه ، فكان عليه الصلاة والسلام يقول : إنها كانت أحسن خلق الله إلي صنيعا" بعد أبي طالب ..
* كانت من أول الناس إيمانا" بالنبي صلى الله عليه وسلم ، كانت أمه التي ربته ورعته في صباه وشبابه . وأسلمت في بداية الدعوة ..
* عندما توفيت حزن عليها رسول الله حزنا" شديدا" ، وجلس عند رأسها وقال : "رحمك الله ياأمي ، كنت أمي بعد أمي ، تجوعين وتشبعينني ، تعرين وتكسينني ، تمنعين نفسك طيبا" وتطعمينني ، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة" ..
* ثم أمر أن تغسل ثلاثا" ، فلما بلغ الماء الذي فيه كافور ، سكبه رسول الله بيده ، ثم خلع قميصه فألبسها إياه ، وكفنها ببرد فوقه ..
* ثم دعا رسول الله أسامة بن زيد وغيره ليحفروا قبرها ، فلما بلغوا اللحد ، حفره رسول الله بيده ، وأخرج ترابه بيده ، ثم دخل فاضطجع في قبرها ، وقال : الله الذي يحيي ويميت ، وهو حي لايموت ، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ، ولقنها حجتها ، ووسع عليها مدخلها ، بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي ، فإنك أرحم الراحمين ، وكبر عليها أربعا"، وأدخلوها اللحد هو والعباس وأبو بكر رضي الله عنهم وأرضاهم ..
* لما بلغ رسول الله تسع سنين ، صحبه أبو طالب في تجارة إلى الشام ، حتى وصلوا بصرى ، وكان بها راهب يدعى بحيرى ، انتهى إليه علم النصرانية ،،
* نزل الركب قريبا" من صومعته ، فرأى بحيرى غمامة تظلّ رسول الله من بين القوم ..
* فدعاهم بحيرى إلى الطعام ، فحضروا إلا محمدا" بقي عند المتاع لحداثة سنه ..
* قال بحيرى : لايتخلفنّ أحد ، يقصد بذلك رسول الله .. فقالوا : مابقي إلا غلام يحرس متاعنا ، قال : أحضروه ،، فأرسلوا إلى رسول الله ، فأحضروه ، فجعل يلحظه ، ويراقب تصرفاته ، ويسأله عن حاله : عن نومه ، وهيئته ، وأموره ، ثم نظر إلى ظهره ، فرأى خاتم النبوة بين كتفيه ..
* ثم أخذ بحيرى بيد رسول الله ، وقال : هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين ، يبعثه الله رحمة للعالمين ..
* ثم التفت بحيرى إلى أبي طالب ، فقال له : ماهذا الغلام منك ؟،، قال أبو طالب : هو ابني . قال بحيرى : ماهو بابنك ، ماينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا" ، قال : ولم ؟ ،، قال : لأن وجهه وجه نبي ، وعينه عين نبي .. قال أبو طالب : وماالنبي ؟؟،، قال : الذي يوحى إليه من السماء فينبئ به أهل الأرض ،، قال أبو طالب : الله أجلّ مما تقول ، والتفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : ألا تسمع مايقول ؟؟،، قال : أي عمّ ، لا تنكر لله قدرة ..
* ثم أخبره أبو طالب أنه ابن أخيه ، فقال بحيرى : فما فعل أبوه ؟؟ ،، قال : مات وأمه حبلى به ، قال : صدقت ،، فارجع بابن أخيك إلى بلده ، واحذر عليه يهود ، فوالله لئن رأوه هنا ليبغنّه شرا" -ليقتلنّه- فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم ، فأسرع به إلى بلاده ..
* فأسرع أبو طالب بالعودة إلى مكة ، بعد فراغه من تجارته ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة العاشرة من السيرة النبوية :
* رعى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنم صغيرا" ، وقال :"مابعث الله نبيا" إلا رعى الغنم ، فقال أصحابه : وأنت ؟؟ ،، فقال : نعم ، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة ..
* كان الله عز وجل يحفظ نبيه صلى الله عليه وسلم ، ويكلؤه ويحوطه من أقذار الجاهلية ، فكان لايشرب الخمر ، ولايأكل مما ذبح على النصب (وهي حجارة يضعون عليها الذبائح ليذبحوها للأصنام) ، وكان لايحضر للأوثان عيدا" ، حتى إنه بلغ أن كان رجلا" ذا شأن عظيم ، ومقام كريم ، أعظم قومه مروءة ، وأحسنهم خلقا" ، وأكرمهم حسبا" ، وأحسنهم جوارا" ، وأعظمهم حلما" ، وأصدقهم حديثا" ، وأعظمهم أمانة ، وأبعدهم عن الفحش والأخلاق الدنيئة تنزها" وتكرما" ، حتى سماه قومه الصادق الأمين ، قبل أن ينزل عليه وحي ،، وكانوا يقرون له بذلك ، ويعترفون له بفضله في مواقفهم الخاصة والعامة ..
* يقول النبي عليه الصلاة والسلام : "فلما أن نشأت بغّضت إلي أوثان قريش ، وبغّض إلي الشعر"..
* سئل النبي صلى الله عليه وسلم : هل عبدت وثنا" قط ؟؟،، قال : لا ،، قالوا : هل شربت خمرا" قط ؟؟،، قال : لا ، ومازلت أعرف أن الذي هم عليه كفر ، وما كنت أدري ماالكتاب وماالإيمان ..
* عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يعيب أكل ماذبح لغير الله ، فما ذقت شيئا" ذُبح على النُّصُب ، حتى أكرمني الله عز وجل بما أكرمني به من رسالته ..
* زيد بن عمرو بن نفيل : ذاك الرجل الموحد في زمن الشرك والأصنام ، ذاك الذي يبعث أمة وحده ، يأتي النبي يوم القيامة ومعه أمته ، فأحدهم معه تابع واحد ، والآخر اثنان ، والثالث ثلاثة ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم أمته كثيرة تسد الأفق ، ويبعث هذا الرجل زيد بن عمرو بن نفيل أمة وحده ..
* ذلك أنه كان شيخا" طاعنا" في السن ، حين كان النبي صلى الله عليه وسلم صبيا" ،، كان لايشرب الخمر ، ولايأكل مما ذبح على النصب ، وكان يقف ليصلي ، فيقول : رب ! لاأعلم الوجه الذي تحب أن أعبدك فيه ، فيقف ثم يركع ويسجد ..
* كان الناس يطوفون بالبيت ، فينهاهم عن الشرك ، كانوا يلبون ، فيقولون : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لاشريك لك إلا شريكا" هو لك ملكته وما ملك .. كان يقول لهم عندما يقولوا لاشريك لك : حسبكم حسبكم . حتى لا يكملوا بألفاظ الشرك . ليوحدوا الله عز وجل . مات قبل البعثة موحدا" ، في زمن قل فيه التوحيد . فيبعث أمة وحده ، كما أخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم ..
* من الموحدين أيضاً في ذاك الزمن : ورقة بن نوفل ابن عّم السيدة خديجة ، وكذلك النجاشي النصراني ملك الحبشة ، وغيرهم القليل ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 11 من السيرة النبوية :
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماهممت بما كان أهل الجاهلية يهمّون به إلا مرتين من الدهر ، كلاهما يعصمني الله تعالى فيهما ..
* قلت ليلة لفتى كان معي من قريش ، في أعلى مكة ، في أغنام لأهلها ، تُرعى : أبصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة ، كما تسمر الفتيان .. قال : نعم .. فخرجت ، فلما جئت أدنى دار من دور مكة ، سمعت غناء وصوت دفوف وزمر ، فقلت : ماهذا ؟؟ .. قالوا : فلان تزوج فلانة ، لرجل من قريش .. فلهوت بهذا الغناء والصوت ، حتى غلبتني عيني ، فنمت ، فما أيقظني إلا مس الشمس .. فرجعت ، فسمعت مثل ذلك ، فقيل لي مثل ماقيل لي ، فلهوت بما سمعت ، وغلبتني عيني ، فما أيقظني إلا مس الشمس .. ثم رجعت إلى صاحبي ، فقال : مافعلت ؟؟ .. فقلت : مافعلت شيئا" .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فوالله ، ماهممت بعدها أبدا" بسوء ، مما يعمل أهل الجاهلية ، حتى أكرمني الله تعالى بنبوته ..
* إسقاطات من فقه السيرة :
* كان يتصدر العالم قبيل الإسلام دولتين اثنتين :
* فارس : كان فيها ديانة زرادشتية : من فلسفتها : تفضيل زواج الرجل بأمه أو ابنته أو أخته .. إلى جانب انحرافات خلقية مشينة مختلفة ..
وكان فيها ديانة : المزدكية : تقوم على فلسفة أخرى : هي إباحة النساء ، والاموال ، وجعل الناس شركة فيهما ، كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ ..
* والرومان : كانت تسيطر عليها الروح الاستعمارية ، كانت تسودها حياة التبذل والانحطاط والظلم الاقتصادي من جراء كثرة الأتاوات ومضاعفة الضرائب ..
* أما الجزيرة العربية : فقد كانت هادئة بعيدة عن مظاهر الاضطرابات ، لم يكن لدى أهلها من الترف والمدنية الفارسية ، ولم يكن لديهم الطغيان العسكري والروماني ، كانت طبائعهم أشبه ماتكون بالمادة الخام ، تتراءى فيها الفطرة الإنسانية السليمة ، والنزعة القوية إلى الاتجاهات الإنسانية الحميدة ، كالوفاء والنجدة والكرم والإباء والعفة ، وكانوا يعيشون في ظلمة من الجهالة البسيطة والحالة الفطرية الأولى ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 15 من السيرة النبوية :
** شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف الفضول ، حيث ينص على :"ألا يجدوا بمكة مظلوما" من أهلها ، أو غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه ، وكانوا على من ظلمه ، حتى ترد عليه مظلمته" .. وذلك قبل البعثة ..
* وقال بعد أن أكرمه الله بالرسالة :"لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا" ماأحب أن لي به حمر النعم ، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت"..
* كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ، ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في تجارتها ، وكان أهل قريش تجارا" ، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مابلغها ، من صدق حديثه ، وعظم أمانته ، وكرم أخلاقه ، بعثت إليه ، فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا" ، وتعطيه أفضل ماتعطي غيره من التجار ، فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضها ..
* خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مالها ذلك ، وخرج معه غلامها ميسرة ،، حتى قدما بصرى من الشام .. فنزلا في ظل شجرة ، فنام رسول الله تحتها .. قريبا" من صومعة راهب من الرهبان يدعى نسطور .. فاطلع الراهب إلى ميسرة ، فقال له : من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة ؟؟ ..
* قال ميسرة : هذا رجل من قريش من أهل الحرم ..
* فقال الراهب : مانزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي .. ثم قال لميسرة : أفي عينيه حمرة ؟؟ ، قال : نعم ، لاتفارقه ..
* قال ميسرة : هو نبي ، وهو آخر الأنبياء ..
* باع رسول الله صلى الله غليه وسلم سلعته ، وفي عودته ، كان ملكان يظلانه من الشمس ..
* رأت ذلك خديجة ، وحكى لها ميسرة ماسمع ، ومارأى من صدق وأمانة وخلق ،، وسرت خديجة بما ربحت من تجارتها ، وباعت بضاعتها فربحت ضعف ماكانت تربح ..
* كانت خديجة رضي الله عنها تدعى سيدة نساء قريش ، وتلقب بالطاهرة لشدة عفافها ، وكانت برة نقية ذات عقل راجح وحسب ونسب ومال وجمال ..
* وكانت أرملة ، كثر خطابها وطالبيها ..
* أعجبت خديجة رضي الله عنها بعظيم أمانته -عليه الصلاة والسلام- وحسن أخلاقه وصدق حديثه ..
* روي أنه كان لنساء قريش عيد يجتمعن فيه في المسجد ، فاجتمعن فيه يوما" ، فجاء يهودي وقال : يامعشر نساء قريش ، إنه يوشك خروج نبي قرب أوانه ، فأيتكن استطاعت أن تكون له فراشا" ، فلتفعل .. ضحكت نساء قريش ، لكن خديجة صاحبة رجاحة العقل ، تركت هذا الكلام في فكرها وعقلها ..
* روي أن نفيسة بنت منية جاءت يوما" رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالت له : ألا تزوج ؟؟ ،، قال لها : ماعندي ماأتزوج به ،، قالت :"ماذا لو دعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب ؟؟ ، قال : فمن ؟؟ ، قالت : خديجة ،، قال : أوترضى ؟؟، قالت : اترك الموضوع لي .
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* السيرة النبوية *
** الحلقة 16 من السيرة النبوية :
* خطب السيدة خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : عمه أبا طالب وعمه حمزة ، من عمها عمرو بن أسد ، وكان صداقها عاجله وآجله اثنتا عشرة أوقية ذهبا" ، ونشا" (مقدار من الوزن) ..
* كان عمره عليه الصلاة والسلام حين تزوجها خمسا" وعشرين سنة ، وكانت هي قد بلغت الأربعين ..
* كانت السيدة خديجة قد تزوجت قبله برجلين : عتيق بن عائذ (ولدت له ولد وبنت) ، وأبي هالة (ولدت له ولدين وبنت) ..
* بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيدة خديجة في البيت الذي تسكنه ، وفيه ولدت جميع أولادها ، وفيه توفيت ، ولم يزل النبي ساكنا" فيه حتى خرج إلى المدينة مهاجرا" ..
* كل أولاد النبي من السيدة خديجة ، عدا ابراهيم من مارية القبطية ، أول من ولد له القاسم ، لذا كني به ، ثم زينب فرقية فأم كلثوم ثم فاطمة ، وكلهم قبل النبوة ، وبعد النبوة عبد الله ، وكان يلقب بالطيب والطاهر ..
* كانوا يعقون عن الغلام بشاتين ، وعن الفتاة بشاة ، كل ولدين من أولاده عليه الصلاة والسلام بينهما سنة ..
* كل أولاده أرضعوهم مرضعات إلا فاطمة لم يرضعها أحد غير خديجة ..
* عن ابن عباس رضي الله عنهما : مات القاسم أول أولاده عليه الصلاة والسلام بعد أن بلغ سنا" تمكنه من المشي ، غير أن رضاعته لم تكن قد كملت (أي عمره بين السنة والسنتين) ، ثم لما مات عبد الله ، قال العاص بن وائل : لقد انقطع نسله ، فهو أبتر ، فأنزل الله تبارك وتعالى :"إن شانئك هو الأبتر"،، أي مبغضك هو الأبتر أي مقطوع النسل والذكر ..
* بناته عليه الصلاة والسلام كلهن أدركن الإسلام ، واجتمعن معه -صلى الله عليه وسلم- في المدينة بعد الهجرة ، ومات سائر أولاده وبناته في حياته ، إلا فاطمة ، لحقت به بعد ستة أشهر من وفاته ..
* توفيت زينب رضي الله عنها في أول السنة الثامنة للهجرة ، وتوفيت رقية زمن بدر ، وأم كلثوم بعد تبوك في السنة التاسعة للهجرة ..
* كانت السيدة فاطمة أشبه أهله به ،، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : مارأيت أحدا" أشبه سمتا" ودلا" وهديا" برسول الله من فاطمة ابنته صلى الله عليه وسلم ، في قيامها وقعودها .. قالت : إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها فقبلها ، وأجلسها في مجلسه ، وكان النبي إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها ..
** إسقاطات من فقه السيرة :
* عمله صلى الله عليه وسلم في مال خديجة ، هو استمرار لحياة الكدح التي بدأها برعي الأغنام ..
* ظلت للسيدة خديجة رضي الله عنها مكانة سامية عند رسول الله طوال حياته ..
* عن عائشة رضي الله عنها :"ماغرت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلا على خديجة ، وإني لم أدركها ، قالت : وكان رسول الله إذا ذبح الشاة ، يقول : أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة ، قالت : فأغضبته يوما" ، فقلت : خديجة !! ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني قد رزقت حبها ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 17 من السيرة النبوية :
** عن عائشة رضي الله عنها قالت : "كان رسول الله لايكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة ، فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوما" من الأيام ، فأخذتني الغيرة ، فقلت : هل كانت إلا عجوزا" قد أبدلك الله خيرا" منها !!، فغضب ، ثم قال : لا والله ، ماأبدلني الله خيرا" منها ، آمنت إذ كفر الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله منها الولد ، دون غيرها من النساء ..
* أول مايدركه الإنسان من هذا الزواج ، هو عدم اهتمام الرسول بأسباب المتعة الجسدية ومكملاتها ، فلو كان مهتما" بذلك كبقية أقرانه من الشبان ، لطمع بمن هي أقل منه سنا" ، أو حتى بمن ليست أكبر منه ، وهو من هو حسبا" ونسبا" وخلقا" ، كان يستطيع الزواج بأفضل فتاة بكر في قريش ..
* يتجلى لنا أنه صلى الله عليه وسلم إنما رغب فيها لشرفها ونبلها بين جماعتها وقومها ، حتى أنها كانت تلقب في الجاهلية بالعفيفة الطاهرة ..
* استمر هذا الزواج المبارك خمسة وعشرين عاما" ، حتى توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها في الخامسة والستين ، وقد ناهز عليه الصلاة والسلام الخمسين من العمر ، دون أن يفكر خلالها بالزواج بأي امرأة أخرى ، ومابين العشرين والخمسين من عمر الإنسان ، هو الزمن الذي تتحرك فيه رغبة الاستزادة من النساء ، والميل إلى تعدد الزوجات للدوافع الشهوانية ..
* تجاوز محمد صلى الله عليه وسلم هذه الفترة من العمر ، دون أن يفكر بأن يضم إلى خديجة مثلها من الإناث : زوجة أو أمة ،، ولو شاء لوجد الزوجة والكثير من الإماء ، دون أن يخرق بذلك عرفا" ، أو يخرج على مألوف أو عرف بين الناس ، على الرغم من أنه تزوج خديجة وهي أيم (أرملة) ،، وفي هذا مايلجم أفواه أولئك الذين يأكل الحقد أفئدتهم على الإسلام ، وقوة سلطانه ، من المبشرين والمستشرقين وعبيدهم الذين يسيرون من ورائهم ، ينعقون بمالايسمعون إلا دعاء" ونداء" ..
* الرجل الشهوان لايعيش إلى الخامسة والعشرين من العمر في بيئة مثل بيئة العرب ،، في جاهليتها ،، عفيف النفس ، دون أن ينساق في شيء من التيارات الفاسدة التي تموج من حوله ، والرجل الشهوان لايقبل بعد ذلك أن يتزوج من أيم أكبر منه بكثير ، وله إلى ذلك أكثر من سبيل ، إلى أن يتجاوز مرحلة الشباب ثم الكهولة ، ويدخل في مدارج الشيخوخة ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 18 من قصة البداية :
** زواجه -صلى الله عليه وسلم- من عائشة ، ثم من غيرها ، لكل منها قصة ، ولكل زواج حكمة وسبب ، يزيدان من إيمان المسلم بعظمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ورفعة شأنه وكمال أخلاقه ، وأيا" كانت الحكمة والسبب ، فإنه لايمكن أن يكون مجرد استجابة للرغبة الجنسية ، إذ لو كانت كذلك ، لكان أحرى به أن يستجيب لهذا النداء في الوقت الطبيعي لهذه الرغبة وندائها ..
* الكعبة هي أول بيت بني لعبادة الله عز وجل في الأرض ، بناه آدم عليه السلام ، بعد أن وضعت أسسه الملائكة .. "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا" وهدى للعالمين"..
* قبل بعثة النبي بخمس سنوات جرف مكة سيل عرم ، انحدر إلى البيت الحرام ، فأوشكت الكعبة منه على الانهيار ، وكان ارتفاعها تسعة أذرع في عهد اسماعيل عليه السلام ، فاضطرت قريش إلى تجديد بنائها ، حرصا" على مكانتها ، وحفاظا" على حرمتها ..
* اتفقت قريش ألا يدخلوا في بناء الكعبة من كسبهم إلا طيبا" ، فلايدخلوا فيها مهر بغي ، ولابيع ربا ، ولامظلمة أحد من الناس ..
* كانوا يهابون هدمها ، فابتدأ الوليد بن المغيرة ، وقالوا : ننتظر الوليد ، فإن أصيب لم نهدم منها شيئاً ورددناها كما كانت ، وإن لم يصبه شيء ، فقد رضي الله صنعنا فهدمنا ، فلما رأوْا أنه لم يصبه شيء هدموا معه ، حتى وصلوا إلى قواعد الملائكة ، فلما أدخل أحدهم معوله بين حجرين ، وتحرك الحجر ، تزلزلت مكة بأسرها ، فانتهوا عندئذ عن ذلك الأساس ..
* كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل معهم الحجارة ، وكان عمره خمس وثلاثون عاماً ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 19 من السيرة النبوية :
* لما اكتمل بناء الكعبة ، وهموا بإرجاع الحجر الأسود مكانه تنازعت القبائل فيمن يمتاز بشرف وضعه مكانه ، حتى كادت أن تقوم حربا" ضروسا" في أرض الحرم ، وقرب بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما" ، وأدخلوا أيديهم في هذه الجفنة ، إعلانا" للحرب ، فلقبوا لعقة الدم ..
* توصل حكماء القبائل إلى اتفاق : أن يحكّموا فيما اختلفوا فيه أول داخل من باب بني شيبة ، وشاء الله عز وجل أن يكون ذلك الداخل رسول الله ..
* لما شاهدوه ، قالوا : هذا الأمين ، رضينا ، هذا محمد ، الصادق الأمين ..
* بسرعة بديهة ، وذكاء فطري ، وحكمة بالغة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلمّ إلي ثوبا" ، فأتي به ، فأخذ الحجر الأسود بيديه الشريفتين ، ووضعه على الثوب ، ثم قال : لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ، ثم ارفعوه جميعا" ، ففعلوا ، حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه رسول الله بيديه ..
* بذلك دفع رسول الله عنهم حربا" كانت وشيكة الوقوع ..
* هذا يدل على حضور بديهته صلى الله عليه وسلم ، وعلى مكانته العظيمة بين قومه ، وعلو شأنه ، وحسن خلقه ..
* مع جهد قريش في بناء الكعبة ، فقد قصرت بهم النفقة الطيبة عن إتمامها على قواعد ابراهيم عليه السلام ، فأخرجوا من الجهة الشمالية نحوا" من ستة أذرع "حجر اسماعيل عليه السلام" ،، ورفعوا بابها عن الأرض ، لئلا يدخلها إلا من أرادوا ..
* لما بلغ البناء خمسة عشر ذراعا" سقفوه ..
* عن عائشة رضي الله عنها :" سألت رسول الله عن الجدر(الحجر) ، أمن البيت هو ؟ ،، قال : نعم، قلت : فلم لم يدخلوه في البيت ؟، قال : إن قومك قصرت عليهم النفقة ، قلت : فما شأن بابه مرتفعا" ؟ ، قال : فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤوا ، ويمنعوا من شاؤوا ، ولولا أن قومك حديث عهدهم في الجاهلية ، فأخاف أن تنكر قلوبهم ، لنظرت أن أدخل الجدر في البيت ، وأن ألصق بابه بالأرض "..
* أي أن شكل الكعبة ، لم يكن مكعباً كما هو الآن ، إنما القوس الذي يلقب بحجر اسماعيل ، كان من أصل الكعبة ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 20 من السيرة النبوية :
* أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة الأصنام منذ أن عقل الأصنام ، فلم يسجد لصنم قط ، بل كان يكره الأصنام منذ نعومة أظفاره .. ولاننسى جوابه للراهب بحيرى يوم صحبه عمه أبو طالب إلى بصرى من بلاد الشام وعمره تسع سنوات ، فنزلوا قريبا" منه ، فدعاهم بحيرى إلى طعام ، ولما حضروا ، بدأ يتفحص الطفل محمد ببصره ، ثم قال : ياغلام ، أسألك بحق اللات والعزى ألا أخبرتني عما أسألك عنه ، فماكان من الطفل محمد إلا أن انتفض غاضبا" ، وأجاب : لاتسألني باللات والعزى ، فوالله ماأبغضت شيئا" قط بغضهما ..
* كذلك أنكر اضطهاد المرأة والتعير منها ووأدها وهي حية ، ولم يزل العالم اليوم يردد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من كانت له أنثى ، فلم يئدها ولم يهنها ، ولم يؤثر ولده -يعني الذكور- عليها ، أدخله الله الجنة ..
* وأنكر الجهل والأمية ، لأنه لايمكن أن يجتمع نور العقل وظلام الجهل في قلب ،، وكانت أول محاولة جدّية له في مكافحة الجهل والأمية ، إقدامه عليه الصلاة والسلام على فداء المتعلمين من أسرى بدر ، من المشركين ، بتعليم كل واحد منهم القراءة والكتابة ، لعشرة من المسلمين ..
* ناصر النبي صلى الله عليه وسلم الشعر البنّاء الذي يدعو للفضيلة ، ويدافع عن الحق ، ويندد بالباطل ... ولكنه أنكر هتك حرمة شرف الكلمة على لسان شعراء لايرعون لشرف الكلمة حرمة ،، يتخذونها عدة للباطل وسلاحا" على الحق ... وهؤلاء هم الذين قال الله عز وجل فيهم :"والشعراء يتبعهم الغاوون ، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ، وأنهم يقولون مالايفعلون"،، هؤلاء هم الشعراء الذين نذروا أنفسهم للشعر ، فجنّوا به جنونا" ، واستبدلوا الواقع بخيالاته وأوهامه ، وتركوا أسرهم وأولادهم ، وراحوا يضربون آباط الإبل ، من نجد إلى عكاظ في الحجاز ، ذهابهم شهر ، ورجوعهم شهر ، ليسمعوا الناس في سوقهم قصيدة نظموها ، ولو أن الواحد منهم عكف على أولاده ، فرباهم ، أو على عمله ، فعمل به ، لصنع شيئا" ، أما أن يملك الشعر عليه عقله وقلبه ، فيعلق به ، ويترك ماسواه من الواجبات ، فذلك أمر غير مرضيّ ،، يقول عليه الصلاة والسلام :"لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا" ، خير له من أن يمتلىء شعرا" "..
* هذا ليس تحريما" للشعر ، إنما لأن يملأ الشعر حياة المرء وقلبه ، فيشغله عن كل أمور حياته وآخرته ، وأيضاً انتقاد لما كان يصنع بعض الشعراء ، من ترك لشؤون العمل والأسرة ، وإهمال لهم ، من أجل إلقاء الشعر وإسماعه للناس ..
* وأنكر عليه الصلاة والسلام التعصب للنسب والقبيلة ، والتفاخر بهما ،، فقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام :" إن الله يقول يوم القيامة : إني جعلت نسبا" ، وجعلتم نسبا" ، فجعلت أكرمكم أتقاكم ، وأبيتم إلا أن تقولوا فلان بن فلان ، وأنا اليوم أرفع نسبي ، وأضع نسبكم : أين المتقون ، أين المتقون "..
* خلق الله عز وجل محمدا" صلى الله عليه وسلم بعقلية عبقرية متميزة .. مع ذلك فإن شخصية رسول الله لم ترسمها البيئة التي نشأ فيها ، بما فيها من خير وشر ، ولم يكن إنكاره للشر ردة فعل منه على البيئة فقط ، لكنها العناية الإلهية أولا" وآخرا" ..
* فمثلا" حين همّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صبياً أن يسمر كما يسمر الصبيان ، ألقي عليه النوم أول وثاني يوم ، هذه عناية إلهية ،، وغير ذلك من الأمثلة كثير ..
* في هذا رد على مايريد بعض المستشرقين من لفت للنظر إلى عبقرية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لينكروا بذلك أمر الوحي ، ويحجبوا الأنظار عنه ،، ونحن نقول : الوحي أولا" ، وعبقريته صلى الله عليه وسلم ثانيا" ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
الحلقات الناقصة:
* قصة البداية *
** الحلقة 12 من السيرة النبوية :
* اقتضت إرادة الله عز وجل أن يكون رسوله صلى الله عليه وسلم أميّا" ، وأن يكون القوم الذين ظهر فيهم هذا الرسول أميّين أيضا" في غالبيتهم العظمى ، حتى تكون معجزة النبوة ، والشريعة الإسلامية واضحة في الأذهان ، لالبس فيها ، لم يتطرق إليها شيء من الحضارات المجاورة ، ولم تتعقد مناهجها الفكرية بشيء من تلك الفلسفات التائهة من حولها ..
* كما يُخشى من دخول الريبة في صدور الناس ، إذا مارأوا النبي متعلما" ، مطلعا" على الكتب القديمة ، وتاريخ الأمم البائدة ، وحضارات الدول المجاورة ، كذلك يُخشى من دخول هذه الريبة في الصدور ، إذا ماظهرت الدعوة الإسلامية في أمّة لها شأن في الحضارة والمدنية ، والفلسفة ..
* العقيدة لم يختلف مضمونها منذ بعثة آدم عليه السلام ، إلى بعثة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي الإيمان بوحدانية الله تعالى ، وتنزيهه عن كل ما لايليق به من الصفات ، والإيمان باليوم الآخر والحساب والجنة والنار ،، فكان كل نبي يدعو قومه إلى الإيمان بهذه الأمور ، وكان كل منهم يأتي مصدقا" لدعوة من قبله ، ومبشرا" ببعثة من سيأتي بعده ، والإخبار عن شيء لايمكن أن يختلف بين مخبر وآخر ،، إذا فرضنا الصدق في خبر كل منهم ، فمن غير المعقول أن يُبعث أحد الأنبياء ليبلغ الناس أن الله ثالث ثلاثة -سبحانه عما يقولون- ثم يُبعث من بعده نبي آخر ليبلغهم بأن الله واحد لاشريك له ، ويكون كل منهما صادقا" فيما بلّغ عن الله تعالى ..
* "شرع لكم من الدين ماوصى به نوحا" والذي أوحينا إليك ، وماوصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه"..
* كثيرا" من المسيحية يعتقدون بصدق محمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن ، ويحفظون من القرآن الكريم ،، كيف يتفق ذلك مع اعتقادهم بالثالوث ، وبأن عيسى عليه السلام أمرهم بالتثليث !!،، ومحمد أمرهم بالوحدانية .. كيف ذلك ، وهما ودعوتهما من مشكاة واحدة ..
* التشريع هو سنّ الأحكام التي يتوخى منها تنظيم حياة المجتمع والفرد ، كان يختلف في الكم والكيف ، مابين بعثة نبي وآخر صلوات الله وسلامهم عليهم .. ذلك أن للتطور ولاختلاف الأمم والأقوام أثر في تطور التشريع واختلافه ، بسبب أن أصل فكرة التشريع قائم على أساس ماتقتضيه مصالح العباد في دنياهم وآخرتهم ..
* بعث موسى عليه السلام إلى بني اسرائيل ، وكان الشأن يقتضي -بالنسبة لحالهم إذ ذاك- أن تكون شريعتهم شديدة ، قائمة في مجموعها على أساس العزائم لاالرخص ، ولما مرت الأزمنة ، وبعث فيهم سيدنا عيسى عليه السلام ، كان يحمل إليهم شريعة أسهل وأيسر :"ومصدقا" لما بين يدي من التوراة ، ولأحلّ لكم بعض الذي حُرّم عليكم"..
* بيّن لهم عليه السلام ، أنه فيما يتعلق بأمور العقيدة فهو مصدق لما جاء في التوراة ، ومؤكد له ومجدد للدعوة إليه ، أما بالنسبة للتشريع ، وأحكام الحلال والحرام ، فقد كُلّف ببعض التغييرات ، وإيجاد بعض التسهيلات ، ونسخ بعض ماكانوا يعانون منه من الشدّة في الأحكام ..
* بعثة كل رسول تتضمن عقيدة وتشريعا" ،، فأما العقيدة فعمله بالنسبة لها ليست سوى التأكيد للعقيدة ذاتها ، التي بعث بها الرسل السابقون دون اختلاف أوتغيير ..
* أما التشريع : فإن شريعة كل رسول ناسخة للشريعة السابقة ، إلا ماأيده التشريع المتأخر ، أو سكت عنه ، أي يؤيد مقولة : شريعة من قبلنا شريعة لنا ، إذا لم يرد مايخالفها ..
* لاتوجد أديان سماوية متعددة ، الدين الحق واحد : بعث كل الأنبياء للدعوة إليه ، وأمر الناس للدينونة له ، منذ آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم : ألا وهو الإسلام .. بينما توجد شرائع سماوية متعددة ، نسخ اللاحق منها السابق ، إلى أن استقرت الشريعة السماوية الأخيرة ، التي قضت حكمة الله أن يكون مبلغها هو خاتم الأنبياء والرسل أجمعين ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
** قصة البداية :
**الحلقة 13 من السيرة النبوية :
** عمرو بن لحي أول من أدخل صنما" إلى جزيرة العرب ، أحضر هبل من الشام ..
* ليس من قبيل المصادفة أن يولد رسول الله يتيما" ، ثم أن يفقد جده أيضا" ، فينشأ النشأة الأولى من حياته بعيدا" عن تربية الأب ورعايته ، محروما" من عاطفة الأم وحنوها ..
* اختار تعالى لنبيه هذه النشأة لحكم باهرة ، لعل من أهمها أن لايكون للمبطلين سبيل إلى إدخال الريبة في القلوب ، أو إيهام الناس بأن محمدا" رضع لبان دعوته ورسالته التي نادى بها منذ صباه بإرشاد وتوجيه من أبيه وجده ، حيث كان جده سيدا" في قومه ..
* حتى فترة طفولته الأولى ، قضاها عليه السلام في بادية بني سعد ، بعيدا" عن أسرته كلها ، ولما توفي جده ، وانتقل إلى كفالة عمه أبي طالب ، الذي امتدت حياته إلى ماقبل الهجرة بثلاث سنوات ، كان من تتمة هذه الدلالة أن لايسلم عمه ، حتى لايتوهم أن لعمه مدخلا" في دعوته ، وأن المسألة مسألة قبيلة وأسرة وزعامة ومنصب ..
* تعد حادثة شق الصدر التي حصلت له عليه الصلاة والسلام أثناء وجوده في مضارب بني سعد من إرهاصات النبوة ، ودلائل اختيار الله إياه لأمر جليل ..
* ليست الحكمة من هذه الحادثة استئصال غدة الشر من جسمه عليه الصلاة والسلام ، إذ لو كان الشر منبعه غدة في الجسم ، أو علقة في بعض أنحائه ، لأمكن أن يصبح الشرير خيرا" بعملية جراحية ..
* الحكمة هي إعلان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتهييؤه للعصمة ، والوحي منذ صغره بوسائل مادية ، ليكون ذلك أقرب إلى إيمان الناس به ، وتصديقهم برسالته ، إنها إذن عملية تطهير معنوي ، لكنها اتخذت هذا الشكل المادي الحسي ، ليكون فيه ذلك الإعلان الإلهي بين أسماع الناس وأبصارهم ..
* أهل الكتاب من يهود ونصارى ، كان عندهم علم ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة بعلامات ظهوره ..
* كان اليهود يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه ، وبقولون : إن نبيا" سيبعث قريبا" ، سنتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم ، ولما نكثوا عهدهم أنزل تعالى :" ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم ، وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ، فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به ، فلعنة الله على الكافرين"..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
: * قصة البداية *
** الحلقة 14 من السيرة النبوية :
** لما نزل قول الله تعالى :"الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم"،، سأل عمر بن الخطاب عبد الله بن سلام (كان يهوديا" وأسلم) : أتعرف محمدا" صلى الله عليه وسلم كما تعرف ابنك ؟؟،، فقال : نعم ، وأكثر .. بعث الله أمينه في سمائه إلى أمينه في أرضه بنعته ، فعرفته .. أما ابني فلاأدري ماالذي كان من أمه ..
* وقد كان سبب إسلام سلمان الفارسي وغيره تتبع خبر النبي وصفاته من الإنجيل والرهبان وعلماء الكتاب ..
* الأناجيل المتداولة حالياً خالية من الإشارة إلى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن المعلوم بالبداهة ماتغلب على هذه الكتب من أيدي التبديل والتغيير المتلاحقة :"فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ، ثم يقولون هذا من عند الله"..
* إقباله صلى الله عليه وسلم على رعي الغنم لقصد اكتساب القوت والرزق منذ صباه ، فيه ثلاث دلالات : ذوقه عليه الصلاة والسلام الرفيع لمحاولة المساعدة في كسب الرزق ، وهو تعبير أخلاقي رفيع عن الشكر ، وبذل للوسع ، وشهامة في الطبع ، وبرّ في المعاملة ..
* خير مال الإنسان مااكتسبه بكدّ يمينه ، لقاء مايقدمه من الخدمة لمجتمعه وبني جنسه .. وشر المال ماأصابه الإنسان وهو مستلق على ظهره ، دون تعب وجهد ..
* اعتماده عليه الصلاة والسلام في معيشته على جهده الشخصي ، حتى لاتكون لأحد من الناس منة أو فضل عليه في دنياه ، فيعوقه ذلك عن أن يصدع بكلمة الحق ..
* كان من اليسير على الله عز وجل أن يجعل الحبيب عليه الصلاة والسلام منزوع الدوافع الغريزية للتمتع بالشهوات والأهواء ، لكن ذلك لايدل حينذاك على أكثر من شذوذ في تركيبه الجسدي والنفسي ..
* إنما اقتضت حكمة الله عز وجل أن يتبدى للناس من هذه العناية الإلهية بالرسول الكريم ، مايسهل عليهم أسباب الإيمان برسالته ، ويبعد عن أفكارهم عوامل الريب في صدقه ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 21 من السيرة النبوية :
* لما تقارب أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحضر مبعثه ، حجبت الشياطين عن السمع ، وحيل بينهم وبين المقاعد التي كانوا يقعدون لاستراق السمع فيها ، فرموا بالشهب ، فعرف الجن أن ذلك حدث لأمر من أمور الله في العباد ..
* لما سمع الجن القرآن عرفوا أنهم إنما منعوا من السمع قبل ذلك ، لئلا يشكل الوحي بشيء من خبر السماء ، فيلتبس على أهل الأرض ماجاءهم من الله فيه ، لوقوع الحجة ، وقطع الشبهة ، فآمنوا وصدقوا ، ثم ولوا إلى قومهم منذرين ..
* دانت العرب بدين جديهم ابراهيم واسماعيل عليهما السلام ، فكانوا يعبدون الله ويوحدونه ، حتى طال عليهم الأمد ، ونسوا حظا" مما ذكروا به ، فدخل فيهم الشرك ، واعتادوا عبادة الأصنام ، وصار الشرك هو الأصل ، بقي قلة من الناس ، متمسكين بالتوحيد وسائرين على منهج الحنيفية .. "وقالوا كونوا هودا" أو نصارى تهتدوا ، قل بل ملة ابراهيم حنيفا" وماكان من المشركين"،، منهم ورقة بن نوفل ، عبيد الله بن جحش ، عثمان بن الحويرث ، زيد بن عمرو بن نفيل .. وقد اتفق هؤلاء أن يتفرقوا في البلاد يلتمسون الحنيفية دين ابراهيم عليه السلام ..
* زيد بن عمرو بن نفيل : فارق دين قومه ، ولم يدخل في يهودية ولانصرانية ، فاعتزل الأوثان ، والميتة ، والذبائح التي تذبح للأوثان ، ونهى عن قتل الموءودة ، وقال : أعبد دين ابراهيم ، وبادى قومه بعيب ماهم عليه ، وكان إذا استقبل الكعبة ، قال : لبيك حقا" حقا" ، تعبدا" ورقا" ، عذت بما عاذ به ابراهيم ،، وكان زيد يعيب على قريش ذبائحهم ، ويقول : الشاة خلقها الله ، وأنزل من السماء ماء" ، وأنبت لها من الأرض ، ثم تذبحونها لغير اسم الله ، إنكارا" واستعظاما" لما يفعلون ..
* كان زيد يقول : اللهم لو أني أعلم أي الوجوه أحب إليك عبدتك به ، ولكني لاأعلمه ، ثم يسجد على راحتيه .. وكان يحيي الموءودة ، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته : لاتقتلها ، أنا أكفيك مؤونتها ، فيأخذها يربيها ، فإذا ترعرعت ، قال لأبيها : إن شئت دفعتها إليك ، وإن شئت تركتها ..
* خرج زيد بن عمرو بن نفيل إلى الشام ، يسأل عن الدين ، فلقي عالما" من اليهود ، فسأله عن دين ابراهيم ، فقال له : ماكان يهوديا" ولانصرانيا" ، ولايعبد إلا الله ،، فخرج زيد فلقي عالما" من النصارى ، فسأله عن دين ابراهيم ، فقال : كان حنيفا" ، قال وماالحنيف ؟؟ ،، قال : دين ابراهيم لم يكن يهوديا" ولانصرانيا" ، ولايعبد إلا الله ،، فلما رأى زيد قولهم في ابراهيم عليه السلام ، خرج ورفع يديه وقال : اللهم إني أشهدك أني على دين ابراهيم ..
* عن جابر قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو بن نفيل ، فقلنا : يارسول الله ، إنه كان يستقبل القبلة ، ويقول : ديني هو دين ابراهيم ، وإلهي إله ابراهيم ، وكان يصلي ويسجد ، قال : ذاك أمة وحده ، يحشر بيني وبين عيسى بن مريم "..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 22 من السيرة النبوية :
** الكعبة على مالها من قداسة ووجاهة عظيمة عند الله ، حجارة لاتضر ولاتنفع ، لكن الله عز وجل أراد أن يضع في الأرض رمزا" يكون قبلة للقلوب قبل الأجساد ، يجمع الناس في مشارق الأرض ومغاربها قبلة واحدة ، ورمزا" لعبودية الله عز وجل على الأرض.. و لما بعث ابراهيم بتكسير الأصنام والطواغيت وهدم بيوتها ، والقضاء على معالمها ، ونسخ عبادتها ،، اقتضت حكمته عز وجل أن يشيد فوق الأرض بناء" يكون شعارا" لتوحيد الله ، وعبادته وحده ، تعبيرا" للعالم عن المعنى الصحيح للعبادة ، وعن بطلان كل من الشرك وعبادة الأصنام ..
* لابد للمؤمنين بوحدانية الله عز وجل ، والداخلين في دينه ، من رابطة يتعارفون بها ، ومثابة يؤوبون إليها ، مهما تفرقت بلدانهم ، وتباعدت ديارهم ، واختلفت أجناسهم ولغاتهم ..
* "وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا" ، واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى" ،، هذا هو المعنى الذي يلحظه الطائف بالبيت الحرام ، بعد أن يملأ قلبه من معنى العبودية لله تعالى ، والقصد إلى تحقيق أوامره عز وجل من حيث أنها أوامر ، ومن حيث أنه عبد مكلف بتلبية الأمر ، وتحقيق المأمور به ،، من هنا جاءت قداسة البيت ، وعظم مكانته عند الله عز وجل ..
** بنيت الكعبة خلال الدهر كله خمس مرات :
* المرة الأولى : قام بأمر البناء فيها آدم عليه السلام ، ثم تهدمت في طوفان نوح عليه السلام ..
* المرة الثانية : قام ببنائها ابراهيم واسماعيل عليهما الصلاة و السلام ، وذلك استجابة لأمر الله عز وجل ..
* "وإذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل"،، جعل اسماعيل يأتي بالحجارة وابراهيم يبني ، وجعل طول بناء الكعبة في السماء تسعة أذرع ، وطولها في الأرض ثلاثين ذراعا" ، وعرضها اثنين وعشرين ذراعا" ، وكانت بغير سقف ..
* المرة الثالثة : حين بنتها قريش قبل الإسلام ، واشترك في بنائها النبي صلى الله عليه وسلم ، جعلوا طولها ثمانية عشر ذراعا" ، وأنقصوا من طولها في الأرض ستة أذرع ، جعلوه في الحجر ، لقصور النفقة عليهم ..
* المرة الرابعة : عندما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية ، ذلك أنهم حاصروا عبد الله بن الزبير في سنة ست وثلاثين هجرية ، بأمر من يزيد ، ورموا البيت بالمنجنيق ، فتهدم واحترق ، فنقض ابن الزبير البنيان وبناه ، وزاد فيه الأذرع الستة التي أخرجت منه ، وزاد في طوله إلى السماء عشرة أذرع ، وجعل له بابين أحدهما يدخل منه ، والآخر يخرج منه ..
* المرة الخامسة : بعد مقتل ابن الزبير ، وبأمر من عبد الملك بن مروان أعاد الحجاج ماأدخل من الحجر في الكعبة ، وترك مازيد من طول الكعبة ، وسد الباب الثاني الذي فتحه ابن الزبير ..
* عزم هارون الرشيد بعد ذلك على أن ينقضها ، ويعيدها كما بناها ابن الزبير ، فقال له مالك بن أنس (أطول الصحابة عمرا") رحمه الله : أنشدك الله ياأمير المؤمنين أن لاتجعل هذا البيت ملعبة للملوك بعدك ، لايشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره ، فتذهب هيبته من قلوب الناس ، فصرفه عن رأيه فيه .. وبقيت الكعبة على هذه الهيئة إلى أيامنا هذه .. ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 23 من السيرة النبوية :
** حين أراد الله تعالى رسوله بكرامته ، وابتدأه بالنبوة ، كان إذا خرج يسلّم عليه الشجر والحجر : السلام عليك يارسول الله .. فيلتفت رسول الله حوله ، عن يمينه وشماله وخلفه ، فلا يرى إلا الشجر والحجر ، مكث رسول الله كذلك يرى ضوءاً ويسمع صوتاً ماشاء الله له أن يمكث ، إلى أن جاءه جبريل ، بما جاءه من كرامة الله ، وهو بحراء ، في شهر رمضان ..
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إني لأعرف حجرا" بمكة ، كان يسلّم علي قبل أن أبعث ، إني لأعرفه الآن"..
* أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة ،، سبع سنوات يسمع الصوت ويرى الضوء ولايرى شيئا" ، وثماني سنوات يوحى إليه .. يسمع صوت الهاتف من الملائكة ، يرى نور الملائكة ، نور آيات الله ، حتى رأى الملك بعينه وشافهه بوحي الله عز وجل ..
* كان هذا كله تهييئا" لرسول الله لحمل الرسالة ..
* قال النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة : إني أرى ضوءاً وأسمع صوتا" ، وإني لأخشى أن يكون بي جنن ، قالت : لم يكن الله ليفعل ذلك بك يابن عبد الله ،، ثم أتت ورقة بن نوفل ، فذكرت له ذلك ، فقال : إن يك صادقا" ، فإن هذا ناموس ، مثل ناموس موسى ، فإن بُعث وأنا حيّ ، فسأعززه وأنصره وأومن به ..
* لما تقارب سن النبي صلى الله عليه وسلم الأربعين ، حبّب الله تعالى إليه الخلوة ، فلم يكن شيئاً أحبّ إليه من أن يخلو وحده ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر مكة كل عام ، ليقضي شهر رمضان في غار حراء ، (كان عبد المطلب أول من تعبد وتحنث بحراء ، ثم تبعه في ذلك بعض الموحدين كورقة بن نوفل ) ..
* حراء غار في جبل النور ، يقع على مسافة ثلاثة أميال شمال غربي مكة ..
* كان النبي صلى الله عليه وسلم يتزود لخلوته لبعض ليالي الشهر ، فإذا نفد الزاد ، رجع إلى أهله يتزود مثل ذلك ، فيقيم في حراء شهرا" من كل سنة ، يطعم من جاءه من المساكين ، ويقضي وقته في الذكر والعبادة والتفكر فيما حوله من مظاهر الكون ، وفيما وراءه من قدرة مبدعة ،، وفي هذا جلاء للنفس ، وصفاء للقلب ،، حتى وصل من الصفاء والإشراق إلى مرتبة عالية ، انعكست فيها أشعة الغيوب على صفحة قلبه المجلوة ، فأصبح لايرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح ..
* كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قضى جواره من شهره ذلك ، كان أول مايبدأ به ، قبل أن يدخل بيته ، الكعبة ، فيطوف بها ، ثم يرجع إلى بيته ..
* ظل النبي على ذلك ثلاث سنوات ، إلى أن جاءه الوحي ، وهو في إحدى خلواته تلك ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
*قصة البداية *
** الحلقة 24 من السيرة النبوية :
** كان أول مابدىء به رسول الله من النبوة الرؤيا الصادقة ، فكان لايرى رؤيا في نومه إلا جاءت كفلق الصبح ، حتى مضت على ذلك ستة أشهر ، ثم بدىء بالوحي ، عليه الصلاة والسلام ..
* لما تكامل للنبي صلى الله عليه وسلم أربعون سنة ، وخرج إلى حراء ، كما كان يخرج في شهر رمضان ، أتاه جبريل عليه السلام ، بأمر الله تعالى ، وبعثه سبحانه رحمة للعالمين ، كافة للناس بشيرا" ونذيرا" ..
* كان ذلك يوم الاثنين ليلا" لسبعة وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان ..
* قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : أول مابدىء به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لايرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، حتى جاءه الحق ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك ، فقال : اقرأ ، قال : ماأنا بقارىء ، قال : فأخذني فغطني ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ماأنا بقارىء ، فأخذني فغطني الثانية ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ماأنا بقارىء ، فأخذني فغطني الثالثة ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم "،، فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، فقال : زملوني زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة ، وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي .. فقالت خديجة : كلا والله ، مايخزيك الله أبدا" ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .. وانطلقت به خديجة ، حتى أتت ورقة بن نوفل ابن عمها ، وكان امرأ" قد تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني (يترجم الإنجيل للعربية) ، وكان شيخا" كبيرا" قد عمي ، فقالت له خديجة :"يابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال له ورقة : يابن أخي ! ماذا ترى ؟ ، فأخبره رسول الله خبر مارأى ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى ، ياليتني فيها جذعا" ، ليتني أكون حيا" إذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله : أو مخرجي هم ؟ ، قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ماجئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك ، أنصرك نصرا" مؤزرا" ..
* ثم مالبث ورقة أن توفي .. وفتر الوحي ..
* فتر الوحي عن رسول الله بعد أول مرة ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا" شديدا" ، حتى كان يغدو إلى ثبير (جبل من أعظم جبال مكة) مرة ، وإلى حراء مرة ، يريد أن يلقي نفسه منه ، فكلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منه ، تبدى له جبريل ، فقال : يامحمد ! إنك رسول الله حقا" ، فيسكن لذلك جأشه ، وتقر نفسه ، فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك .. بفتور الوحي ظن رسول الله أن مارأى تهيؤات ، أو أنه قد رأى شيطانا" ، فصار في صراع رهيب في نفسه ، جعله يفكر في أن يلقي نفسه من الجبل ..
* مدة فتور الوحي يقال أنها ستة شهور ، أو سنتين ونصف ..
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" بينما أنا أمشي ، سمعت صوتا" من السماء ، فرفعت بصري ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء ، جالس على كرسي بين السماء والأرض ، ففرقت منه (خفت وفزعت) ، فرجعت فقلت : زملوني زملوني ،، فدثروه (غطوه)،، فأنزل الله تعالى :"ياأيها المدثر ، قم فأنذر ، وربك فكبر ، وثيابك فطهر ، والرجز فاهجر" ،، وتتابع الوحي ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 25 من السيرة النبوية :
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" بينما أنا أمشي ، سمعت صوتا" من السماء ، فرفعت بصري ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء ، جالس على كرسي بين السماء والأرض ، ففرقت منه (خفت وفزعت) ، فرجعت فقلت : زملوني زملوني ،، فدثروه (غطوه)،، فأنزل الله تعالى :"ياأيها المدثر ، قم فأنذر ، وربك فكبر ، وثيابك فطهر ، والرجز فاهجر" ،، وتتابع الوحي ..
** كانت الأوامر المتتابعة القاطعة من الله عز وجل إيذانا" لرسول الله بأن الماضي قد انتهى براحته وهدوئه ، وأنه أمام عمل جديد يستدعي اليقظة والتشمير ،، فقام رسول الله ، وظل قائما" بعدها ثلاثة وعشرين عاما" ، لم يسترح ولم يسكن ، ولم يعش لنفسه ولالأهله ، قام وظل قائما" على دعوة الله ، يحمل على عاتقه العبء الثقيل الباهظ ولاينوء به ، عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض ، عبء البشرية كلها ، عبء العقيدة كلها ، وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى ، عاش في المعركة الدائبة المستمرة ثلاثة وعشرون عاما" ، لايلهيه شأن عن شأن خلال هذا الأمد ،، منذ أن سمع النداء العلوي الجليل ، وتلقى منه التكليف الرهيب ، جزاه الله عنا وعن البشرية كلها خير الجزاء ..
* للوحي مراتب شتى بعضها أيسر من بعض : إحداها : الرؤيا الصادقة : كانت مبدأ وحيه صلى الله عليه وسلم ، كان لايرى رؤيا إلا تحققت مثل فلق الصبح ..
* ماكان الملك يلقيه في روعه وقلبه من غير أن يراه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جبريل عليه السلام ألقى في روعي أن أحدا" منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، فإن استبطأ أحد منكم رزقه ، فلايطلبه بمعصية الله ، فإن الله لاينال فضله بمعصيته ..
* أنه عليه الصلاة والسلام كان يتمثل له الملك رجلا" ، فيخاطبه ، حتى يعي عنه مايقول له ، وكان يراه الصحابة ، وأحيانا" كان جبريل عليه السلام يأتيه بصورة أحد الصحابة دحية الكلبي ، وكان رضي الله عنه رجلا" جميلا" أبيض ..
* أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس ، وكان أشده عليه ، يتلبس به الملك ، فيتفصد جبينه بالعرق صلى الله عليه وسلم في اليوم الشديد البرد ، ويثقل ، حتى أن ناقته لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبها .. جاءه الوحي كذلك ذات مرة ، وفخذه إلى فخذ زيد بن ثابت رضي الله عنه ، فثقلت عليه ، حتى كادت ترضها ..
* سأل الحارث بن هشام رسول الله : يارسول الله ! كيف يأتيك الوحي ؟؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحيانا" يأتيني مثل صلصلة الجرس ، وهو أشده علي ، فيفصم عني ، وقد وعيت ماقال ، وأحيانا" يتمثل لي الملك رجلا" فيكلمني ، فأعي مايقول ..
* أن يرى الملك في صورته التي خلق عليها ، فيوحي إليه ماشاء الله أن يوحيه ، وهذا وقع له مرتين ، كما ذكر في سورة النجم ..
* كلام الله تعالى له بلا واسطة ملك ، كما كلم موسى بن عمران ، وهو فوق السموات ليلة المعراج ، من فرض الصلاة وغيرها ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 26 من السيرة النبوية :
** كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاف من نسيان الوحي ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : كان النبي يعالج من التنزيل شدة ، فكان يحرك شفتيه ، فأنزل الله عز وجل :" في قوله تعالى :"لاتحرك به لسانك لتعجل به ، إن علينا جمعه وقرآنه"،، قال : جمعه في صدرك ، ثم تقرأه :"فإذا قرأناه فاتبع قرآنه"،، فاستمع له وأنصت ، ثم إن علينا بيانه ، فكان رسول الله إذا أتاه جبريل عليه السلام استمع ، فإذا انطلق جبريل عليه السلام ، قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أقرأه جبريل ..
* لخلوة الرسول صلى الله عليه وسلم في غار حراء ، دلالات عظيمة :
* المسلم لايكمل إسلامه ، مهما كان متحليا" بالفضائل ، قائما" بألوان العبادات ، حتى يجمع إلى ذلك ساعات من العزلة والخلوة ، يحاسب فيها النفس ، ويراقب الله تعالى ، ويفكر في مظاهر الكون ، ودلائل ذلك على عظمة الله عز وجل ..
* للنفس آفات لاتقطع شرتها إلا دواء العزلة عن الناس ، ومحاسبتها في نجوة من ضجيج الدنيا ومظاهرها ، فالكبر والعجب والحسد والرياء ، وحب الدنيا ، كل ذلك آفات ، من شأنها أن تتحكم في النفس ، وتتغلغل في أعماق القلب ، وتعمل عملها التهديمي في باطن الإنسان ، على الرغم مما قد يتحلى به ظاهره من الأعمال الصالحة والعبادات المبرورة ، ورغم ماقد ينشغل به من القيام بشؤون الدعوة والإرشاد وموعظة الناس ..
* ليس لهذه الآفات من دواء إلا أن يختلي صاحبها بين كل فترة وأخرى مع نفسه ، ليتأمل في حقيقتها ومنشئها ، ومدى حاجتها إلى عناية الله عز وجل وتوفيقه ، في كل لحظة من لحظات الحياة ، ثم ليتأمل في الناس ومدى ضعفهم ، أمام الخالق عز وجل ، وفي عدم أي فائدة لمدحهم أو قدحهم ، ثم ليتفكر في مظاهر عظمة الله عز وجل ، وفي اليوم الآخر ، وفي الحساب ، وفي عظيم رحمة الله وعظيم عقابه ، فعند التفكير الطويل المتكرر في هذه الأمور ، تتساقط تلك الآفات اللاحقة بالنفس ، ويحيى القلب بنور العرفان والصفاء ، فلايبقى لعكر الدنيا من سبيل إلى تكدير مرآته ..
* تربية محبة الله عز وجل في القلب هو منبع التضحية والجهاد ، وأساس كل دعوة متأججة صحيحة ، ومحبة الله تعالى لاتأتي من مجرد الإيمان العقلي به ، فالأمور العقلانية وحدها ماكانت يوما" ما لتؤثر في العواطف والقلوب ،، الوسيلة إلى محبته تعالى ،، بعد الإيمان به ،، كثرة التفكير في آلائه ونعمه ، والتأمل في مدى جلاله وعظمته ، ثم الإكثار من ذكره سبحانه وتعالى بالقلب واللسان ، يتم كل ذلك بالعزلة والخلوة والابتعاد عن شواغل الدنيا وضوضائها ، في فترات متقطعة متكررة من الزمن ..
* إذا قام المسلم بذلك ، وتهيأ له أداء هذه الوظيفة ، نبتت له من ذلك في قلبه محبة قلبية إلهية عارمة ، تجعله يستصغر كل عظيم ، ويحتقر كل مغرية من المغريات ، ويستهين بكل إيذاء وعذاب ، ويستعلي فوق كل إذلال واستهزاء ، تلك هي العدة الكبرى التي ينبغي أن يتسلح بها الدعاة إلى الله ، وتلك هي العدة التي جهز الله تعالى بها حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم ليقوم بأعباء الدعوة الإسلامية ..
* الدوافع الوجدانية في القلب من خوف ومحبة ورجاء ، تفعل ما لايفعله الفهم العقلي المجرد ..
* لاينبغي أن يفهم معنى الخلوة كما شذ البعض ، ففهموها أنها الانصراف الكلي عن الناس ، واتخاذ الكهوف والجبال موطنا" ، واعتبار ذلك فضيلة بحد ذاتها ، فذلك مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم ..
* المراد هو استحباب اتخاذ الخلوة دواء" لإصلاح الحال ، فالدواء لاينبغي أن يؤخذ إلا بقدر ، وعند اللزوم ، وإلا انقلب إلى داء ينبغي التوقي منه ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني
*قصة البداية *
** الحلقة 24 من السيرة النبوية :
** كان أول مابدىء به رسول الله من النبوة الرؤيا الصادقة ، فكان لايرى رؤيا في نومه إلا جاءت كفلق الصبح ، حتى مضت على ذلك ستة أشهر ، ثم بدىء بالوحي ، عليه الصلاة والسلام ..
* لما تكامل للنبي صلى الله عليه وسلم أربعون سنة ، وخرج إلى حراء ، كما كان يخرج في شهر رمضان ، أتاه جبريل عليه السلام ، بأمر الله تعالى ، وبعثه سبحانه رحمة للعالمين ، كافة للناس بشيرا" ونذيرا" ..
* كان ذلك يوم الاثنين ليلا" لسبعة وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان ..
* قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : أول مابدىء به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لايرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، حتى جاءه الحق ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك ، فقال : اقرأ ، قال : ماأنا بقارىء ، قال : فأخذني فغطني ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ماأنا بقارىء ، فأخذني فغطني الثانية ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ماأنا بقارىء ، فأخذني فغطني الثالثة ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم "،، فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، فقال : زملوني زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة ، وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي .. فقالت خديجة : كلا والله ، مايخزيك الله أبدا" ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .. وانطلقت به خديجة ، حتى أتت ورقة بن نوفل ابن عمها ، وكان امرأ" قد تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني (يترجم الإنجيل للعربية) ، وكان شيخا" كبيرا" قد عمي ، فقالت له خديجة :"يابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال له ورقة : يابن أخي ! ماذا ترى ؟ ، فأخبره رسول الله خبر مارأى ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى ، ياليتني فيها جذعا" ، ليتني أكون حيا" إذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله : أو مخرجي هم ؟ ، قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ماجئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك ، أنصرك نصرا" مؤزرا" ..
* ثم مالبث ورقة أن توفي .. وفتر الوحي ..
* فتر الوحي عن رسول الله بعد أول مرة ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا" شديدا" ، حتى كان يغدو إلى ثبير (جبل من أعظم جبال مكة) مرة ، وإلى حراء مرة ، يريد أن يلقي نفسه منه ، فكلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منه ، تبدى له جبريل ، فقال : يامحمد ! إنك رسول الله حقا" ، فيسكن لذلك جأشه ، وتقر نفسه ، فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك .. بفتور الوحي ظن رسول الله أن مارأى تهيؤات ، أو أنه قد رأى شيطانا" ، فصار في صراع رهيب في نفسه ، جعله يفكر في أن يلقي نفسه من الجبل ..
* مدة فتور الوحي يقال أنها ستة شهور ، أو سنتين ونصف ..
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" بينما أنا أمشي ، سمعت صوتا" من السماء ، فرفعت بصري ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء ، جالس على كرسي بين السماء والأرض ، ففرقت منه (خفت وفزعت) ، فرجعت فقلت : زملوني زملوني ،، فدثروه (غطوه)،، فأنزل الله تعالى :"ياأيها المدثر ، قم فأنذر ، وربك فكبر ، وثيابك فطهر ، والرجز فاهجر" ،، وتتابع الوحي ..
*قصة البداية *
** الحلقة 24 من السيرة النبوية :
** كان أول مابدىء به رسول الله من النبوة الرؤيا الصادقة ، فكان لايرى رؤيا في نومه إلا جاءت كفلق الصبح ، حتى مضت على ذلك ستة أشهر ، ثم بدىء بالوحي ، عليه الصلاة والسلام ..
* لما تكامل للنبي صلى الله عليه وسلم أربعون سنة ، وخرج إلى حراء ، كما كان يخرج في شهر رمضان ، أتاه جبريل عليه السلام ، بأمر الله تعالى ، وبعثه سبحانه رحمة للعالمين ، كافة للناس بشيرا" ونذيرا" ..
* كان ذلك يوم الاثنين ليلا" لسبعة وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان ..
* قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : أول مابدىء به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لايرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، حتى جاءه الحق ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك ، فقال : اقرأ ، قال : ماأنا بقارىء ، قال : فأخذني فغطني ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ماأنا بقارىء ، فأخذني فغطني الثانية ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ماأنا بقارىء ، فأخذني فغطني الثالثة ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم "،، فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، فقال : زملوني زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة ، وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي .. فقالت خديجة : كلا والله ، مايخزيك الله أبدا" ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .. وانطلقت به خديجة ، حتى أتت ورقة بن نوفل ابن عمها ، وكان امرأ" قد تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني (يترجم الإنجيل للعربية) ، وكان شيخا" كبيرا" قد عمي ، فقالت له خديجة :"يابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال له ورقة : يابن أخي ! ماذا ترى ؟ ، فأخبره رسول الله خبر مارأى ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى ، ياليتني فيها جذعا" ، ليتني أكون حيا" إذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله : أو مخرجي هم ؟ ، قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ماجئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك ، أنصرك نصرا" مؤزرا" ..
* ثم مالبث ورقة أن توفي .. وفتر الوحي ..
....
* مدة فتور الوحي يقال أنها ستة شهور ، أو سنتين ونصف ..
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" بينما أنا أمشي ، سمعت صوتا" من السماء ، فرفعت بصري ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء ، جالس على كرسي بين السماء والأرض ، ففرقت منه (خفت وفزعت) ، فرجعت فقلت : زملوني زملوني ،، فدثروه (غطوه)،، فأنزل الله تعالى :"ياأيها المدثر ، قم فأنذر ، وربك فكبر ، وثيابك فطهر ، والرجز فاهجر" ،، وتتابع الوحي ..
تعديل للحلقة 24 لما ورد فيها من حديث موضوع عن حزن النبي لفتور الوحي جعله يغدوا الى جبل ثبير وحراء ليلقي نفسه
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 27 من السيرة النبوية :
** يهتم محترفو التشكيك بالإسلام ، بمعالجة موضوع الوحي في حياته عليه الصلاة والسلام ، ويبذلون جهدا" فكريا" شاقا" ، من أجل التلبيس في حقيقته ، والخلط بينه وبين الإلهام .. ذلك لعلمهم بأن موضوع الوحي هو منبع يقين المسلمين ، وإيمانهم بما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- من عند الله .. فلئن أتيح تشكيكهم بحقيقته ، أمكن تكفيرهم بكل مايتفرع عنه من عقائد وأحكام ، وأمكنهم أن يمهدوا لفكرة أن كل مادعا إليه محمد -صلى الله عليه وسلم- من المبادىء والأحكام التشريعية ، ليس إلا من تفكيره الذاتي ..
* ظاهرة الوحي ليست أمرا" ذاتيا" داخليا" ، مرده إلى حديث النفس المجرد ، إنما هي استقبال وتلق لحقيقة خارجية لاعلاقة لها بالنفس وداخل الذات ، وضم الملك إياه ، ثم إرساله ثلاث مرات ، قائلا" في كل مرة : اقرأ ، يعتبر تأكيدا" لهذا التلقي الخارجي ، ومبالغة في نفي ماقد يتصور من أن الأمر لايعدو كونه خيالا" داخليا" فقط ..
* خوفه ورعبه مما سمع ورأى يدل على أنه لم يكن يتصور ، أو يخطر على باله هكذا توقع ، ولاشك أن هذا ليس شأن من يتدرج في التأمل والتفكير ، إلى أن تتكون في نفسه -بطريقة الكشف التدريجي المستمر - عقيدة يؤمن بالدعوة إليها ، ثم إن شيئا" من حالات الإلهام أو حديث النفس أو الإشراق الروحي أو التأملات العلوية لايستدعي الخوف والرعب وامتقاع اللون ، وليس ثمة أي انسجام بين التدرج في التفكير والتأمل من ناحية ، ومفاجأة الخوف والرعب من ناحية أخرى ..
* يتجلى مزيد من صورة المفاجأة المخيفة لديه صلى الله عليه وسلم ، في توهمه بأن هذا الذي رآه وغطه وكلمه في الغار قد يكون إتيا" من الجن ، وقد كان تعالى قادرا" على أن يربط على قلبه عليه الصلاة والسلام ، ويطمئن نفسه بأن هذا الذي كلمه ليس إلا جبريل ، لكن الحكمة الإلهية اقتضت إظهار الانفصال التام بين شخصية محمد عليه الصلاة والسلام قبل البعثة ، وشخصيته بعدها ، وبيان أن شيئا" من أركان العقيدة الإسلامية أو التشريع الإسلامي ، لم يطبخ في ذهن الرسول صلى الله عليه وسلم سابقا" ، ولم يتصور الدعوة إليه سلفا" -كما يدعي البعض- .
* انقطاع الوحي بعد ذلك ، وتلبثه ستة أشهر أو أكثر ، ينطوي على معجزة إلهية رائعة ، إذ في ذلك أبلغ الرد على مايفسر به محترفو الغزو الفكري الوحي النبوي ، من أنه الإشراق النفسي المنبعث لديه من طول التأمل والتكرار ، وأنه أمر داخلي منبعث من ذاته .
* تحول قلقه عليه الصلاة والسلام من احتجاب الملك مدة طويلة ، إلى خوف في نفسه ، أن الله تعالى قد قلاه ، بعد أن أراد أن يشرفه بالوحي والرسالة ، لسوء قد صدر منه ، فضاقت الدنيا عليه ، حتى رأى الملك ، وقد ملأ شكله مابين السماء والأرض ، يقول :"يامحمد أنت رسول الله إلى الناس"،، فعاد مرة أخرى ، وقد استبد به الخوف والرعب إلى البيت ، حيث نزل عليه قوله تعالى :"ياأيها المدثر ، قم فأنذر".
* هذه الحالة التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تجعل مجرد التفكير في كون الوحي إلهاما" نفسيا" ، ضربا" من الجنون ، إذ من البداهة بمكان أن صاحب الإلهامات النفسية ، والتأملات الفكرية ، لايمر إلهامه أو تأمله بمثل هذه الأحوال ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 28 من السيرة النبوية :
** التمييز الواضح بين القرآن والحديث ، إذ كان رسول الله يأمر بتسجيل القرآن فورا" ، على حين يكتفي أن يستودع الحديث ذاكرة أصحابه ، لأن القرآن موحى به إليه بنفس اللفظ والحروف ، بواسطة جبريل عليه السلام ، أما الحديث فمعناه وحي من الله عز وجل ، ولكن لفظه وتركيبه من عنده عليه الصلاة والسلام ، فكان يحاذر أن يختلط كلام الله عز وجل الذي يتلقاه من جبريل بكلامه هو ..
* كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسأل عن بعض الأمور ، فلا يجيب عليها ، وربما مرّ على سكوته زمن طويل ، حتى إذا نزلت آية من القرآن في شأن سؤاله ، وربما تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور على وجه معين ، فتنزل آيات من القرآن تصرفه عن ذلك الوجه ، وربما انطوت على عتب ولوم له ..
* كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أميّا" ، وليس من الممكن أن يعلم إنسان بواسطة المكاشفة النفسية حقائق تاريخية ، كقصة يوسف ، وأم موسى ، حين ألقت وليدها في اليم ، وقصة فرعون ، وهذا من جملة الحكم في كونه أميا" :"وماكنت تتلو من قبله من كتاب ولاتخطه بيمينك إذا" لارتاب المبطلون"..
* إن صدق النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة مع قومه ، واشتهاره فيهم بذلك ، يستدعي أن يكون عليه الصلاة والسلام ، من قبل ذلك صادقا" مع نفسه ..
* القانون الإلهي الطبيعي : أن الرسول يجب أن يكون من جنس المرسل إليهم ، فإذا كان المرسل إليهم بشرا" ، فلابد أن يكون الرسول بشرا" من جنسهم ، ليكون مألوفا" إليهم ، ولو افترض أن أرسل الله إلى البشر ملكا" رسولا" ، لجعله في هيئة البشر :"ولو جعلناه ملكا" لجعلناه رجلا" وللبسلنا عليهم مايلبسون"،، وطالما أن محمدا" صلى الله عليه وسلم كان رسولا" للبشر ، فلابد أن يكون بشرا" ، اطرادا" للقانون الإلهي ، ولايجوز أن يكون غير ذلك ،، وبما أنه بشر ، فإنه يشترك مع سائر البشر في أصل الخلقة ، فهو إنسان من لحم ودم وعظم وأعصاب ..
* ومما يؤكد بشريته وجود الغرائز والصفات البشرية فيه :
* غريزة الجوع : كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة وأهله ، طاويا" من الجوع ، كان أكثر خبزهم خبز الشعير ،، كان يحتاج إلى الطعام لسد جوعه وإقامة أوده ، شأنه في ذلك شأن الناس جميعا" ..
* كان عليه الصلاة والسلام لايعيب طعاما" قط قدم إليه ، لكن إن اشتهاه أكله وإن عافه تركه ، وكان يحب اللحم والحلوى ، وكان الذراع أحب شيء إليه من اللحم .. في الصحيحين أنه أتي بلحم ، فرفع إليه الذراع ، وكان يعجبه ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 29 من السيرة النبوية :
** كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل يأكل على السفرة ، يمدها على الأرض ، وكان لايأكل متكئا" ، ويقول :"لاآكل متكئا" "،، وكان يغسل يديه قبل الطعام ، وكان يحب أن يجتمع الناس عليه ، ولايأكلون فرادى ، وكان إذا جلس إلى طعام ، سمى الله تعالى في أوله لتدب البركة في الطعام ، وأكل بيمينه ، وأكل مما يليه ..
* قال عليه الصلاة والسلام :"ياغلام ! سم الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك"،، وكان لايكبر لقمته ، وقد نهى أن يقرن الرجل بين تمرتين في لقمة ، وكان يستعمل في طعامه ثلاثة أصابع ، وكان لايضع في قصعته إلا بمقدار مايأكل وإذا أكل لايبقي فيها شيئا" ،، وكان إذا أكل كف قبل أن يمتلىء ، ليسهل على المعدة حركتها ، وكان يقول :"إن أكثركم شبعا" في الدنيا ، أطولكم جوعا" يوم القيامة"،، وكان إذا شبع لعق أصابعه ، إن كان يأكل بهما ، ثم غسل يديه وفمه ..
* قال عليه الصلاة والسلام :"بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده"،، أي غسل اليدين والفم ..
* غريزة العطش : كان عليه الصلاة والسلام لايشرب من فم السقاء ، أو القربة ، وينهى عن ذلك ، ولكن يصب في القدح ويشرب ، ويسمي الله تعالى قبل أن يشرب ، ويشرب على ثلاث دفعات ، ولايتنفس في الإناء أثناء شربه ، ويقول :"لاتشربوا واحدا" كشرب البعير ، ولكن اشربوا مثنى وثلاث ، وسموا إذا أنتم شربتم ، واحمدوا الله إذا رفعتم"..
* عن ابن عباس رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب يتنفس نفسين ، ولايشرب من ثلمة القدح إن كانت له ثلمة ، وكان ينهى عن ذلك ، لأن ثلمة القدح لاتتماسك عليها الشفة ، فربما سال الماء على وجهه وثيابه ، فإذا روي حمد الله تعالى ..
* وإذا أراد أن يسقي جماعة ، بدأ بأكبر القوم قدرا" ، ثم من على يمينه ، فقد تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم القدح فشرب ، وعن يساره أبو بكر ، وعن يمينه أعرابي ، فأعطى الأعرابي فضلته ، ثم قال : "الأيمن فالأيمن"، فإن أراد الساقي أن يشرب ، شرب بعد أن يسقي الناس كلهم ، لقوله عليه الصلاة والسلام :"ساقي القوم آخرهم شربا" "..
* مرت الدعوة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم منذ بعثته ، إلى وفاته ، بدورين اثنين :
* الدور المكي : استمر ثلاثة عشر عاما" .. ثلاث سنوات : دعوة سرية ،، وعشر سنوات : الدعوة جهرا" باللسان فقط ، دون قتال ..
* الدور المدني : استمر عشر سنوات .. قتال وفتن ، ثم هدنة ، ثم دخول الناس في الإسلام أفواجا" ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 30 من السيرة النبوية :
** بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة سرا" ، حذرا" من وقع المفاجأة على قريش ، التي كانت متعصبة لشركها ووثنيتها ..
* فجعل يعرض الإسلام على ألصق الناس به ، يعرضه على كل من يتوسم فيه خيرا" ، ممن يعرفهم بحب الحق والخير ..
* في مقدمة السابقين الأولين : زوجته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد .. قال عليه أفضل الصلاة والسلام :" لقد فضّلت خديجة على نساء أمتي ، كما فضّلت مريم على نساء العالمين"..
* كانت رضي الله عنها أول من آمن بالله وبرسوله ، وصدّق بما جاء به .. فخفّف الله بذلك عن نبيه ، لايسمع شيئا" يكرهه من تكذيب وتجريح ، فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها ، إذا رجع إليها ، فتثبّته وتخفّف عنه وتهوّن عليه أمر الناس -رضي الله عنها وأرضاها-..
* ثم أسلم زيد بن حارثة ، وابن عمه علي بن أبي طالب (وكان طفلا" يعيش في بيته عليه الصلاة والسلام) ، وصديقه الحميم أبو بكر الصديق .. رضي الله عنهم وأرضاهم ..
* زيد بن حارثة كان مولى لخديجة ، وهبته للرسول صلى الله عليه وسلم ، أعتقه وتبناه ، وسماه زيد بن محمد ..
* كان زيد بن حارثة ابن سيد قومه ، حين أغارت على قبيلته بعض القبائل ، فأسروه وباعوه ، وكان حينها ابن ثماني سنوات ، اشترته السيدة خديجة ، ثم أهدته لرسول الله ..
* بحث عنه أبوه كثيرا" ، حتى علم أنه في بيت رسول الله ،،
* فجاء أبوه حارثة وعمه ، ودخلا على النبي صلى الله عليه وسلم ، وقالا : يابن عبد الله ، يابن عبد المطلب ، يابن هاشم ، ياابن سيد قومه ، أنتم أهل الحرم وجيرانه وعند بيته ، تفكون العاني ، وتطعمون الأسير ، جئناك في ابننا عندك ، فامنن علينا ، وأحسن إلينا في فدائه ، فإننا سنرفع لك في الفداء ،، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهلّا غير ذلك ؟؟ ،، قالا : ماهو ؟؟ ،، قال : أدعوه فخيّروه ، فإن اختاركم فهو لكم بغير فداء ، وإن اختارني فوالله ماأنا بالذي أختار على من اختارني أحدا" ،، قالا : قد زدتنا على النصف وأحسنت ،، فدعاه رسول الله ، فقال له : إن شئت فأقم عندي ، وإن شئت فانطلق مع أبيك .. قال : بل أقيم عندك ، وماأنا بالذي أختار عليك أحدا" ، أنت مني بمكان الأب والأم .. قالا : ويحك يازيد ! أتختار العبودية على الحرية ، وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك ؟ ،، قال : نعم ! إني قد رأيت من هذا الرجل شيئا" ، ماأنا بالذي أختار عليه أحدا" أبدا" ، بعد هذه الحادثة أعتقه رسول الله وتبناه ، فصار اسمه زيد بن محمد ، ولم يزل زيد عند رسول الله ، حتى بعثه الله عز وجل وكان زيد قد بلغ اثنتي عشرة عاما"..
* لما أكرم الله عز وجل بالنبوة ، أسلم زيد ، فكان من السابقين الأولين .. ولما نزلت الآيات :"ادعوهم لآبائهم" ، قال زيد : أنا زيد بن حارثة ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 31 من السيرة النبوية :
** علي بن أبي طالب كان ابن عشر سنين ، ولم يعبد الأصنام ، ولم يسجد لصنم قط (كرم الله وجهه) ،، أسلم فورا" ، وكان في بيت رسول الله ، ذلك أنه :
* أصاب قريش أزمة شديدة ، وكان أبو طالب ذا عيال كثير ، فذهب رسول الله وعمه العباس لأبي طالب ، ليخففا عنه ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا" ، وأخذ العباس جعفرا" تربيا في بيوتهما ..
* أبو بكر بن أبي قحافة ، كان صديقا" حميما" وخلا" وفيا"، لرسول الله قبل البعثة ، وهو أصغر منه بثلاث سنين ، وكانا يلتقيان يوميا" ، قال عليه الصلاة والسلام :"مادعوت أحدا" إلى الإسلام ، إلا كانت فيه عنده كبوة ونظر وتردد ، إلا ماكان من أبي بكر بن أبي قحافة ، ماعكم عنه حين ذكرته له ، وماتردد فيه ..
* قبل الإسلام رأى أبو بكر رؤيا : أن القمر ينزل إلى مكة ، ثم رآه قد تفرق على جميع منازل مكة وبيوتها ، فدخل في كل بيت منه شعبة ، ثم كأنه جمع في حجره ،، فقصها على بعض الكتابيين ، فعبرها له بأن النبي المنتظر ، الذي أظل زمانه ، تتبعه ، وتكون أسعد الناس به ، وقد كان ..
* آزر النبي صلى الله عليه وسلم في نصر دين الله عز وجل ، بنفسه وماله .. قال عليه أفضل الصلاة والسلام :"إن الله بعثني إليكم ، فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صدق .. وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي ؟!!..
*"كان أبو بكر رجلا" محبوبا" سهلا" سمحا" ، وكان تاجرا" ذا خلق ومعروف ، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه ، لعلمه وحسن مجالسته ،، أول من أسلم من الرجال ..
* أخذ يدعو من حوله إلى الله فور إسلامه ، فأسلم بدعائه : عثمان بن عفان ، الزبير بن العوام ، عبد الرحمن بن عوف ، سعد بن أبي وقاص ، طلحة بن عبيد الله ،، وهم من هم في المكانة والصلاح والأسبقية في عمل الخير ..
* بدأ الناس يتسامعون برسالة الإسلام ، وسارع الفقراء والأرقاء إلى الدخول فيها سرا" ، لما رأوا فيها من أسباب النجاة ، وكان رسول الله يجتمع بهم ويرشدهم إلى الدين مستخفيا" ، لأن الدعوة كانت لاتزال فردية وسرية ، وكان الوحي قد تتابع ، وحمي نزوله ، بعد المدثر ، وكانت الآيات والسور في ذلك الزمان آيات قصيرة ، ذات فواصل رائعة ، وإيقاعات خلابة هادئة ، تتناسق مع ذلك الجو الهامس الرقيق ، تشتمل على تحسين تزكية النفوس ، تصف الجنة والنار ، كأنهما رأي عين ، وتثبت الإيمان في القلوب ..
* روي عن زيد بن حارثة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أن جبريل عليه السلام أتاه في أول ماأوحي إليه ، فعلمه الوضوء والصلاة ، وقد فرض في أول الإسلام ركعتين بالغداة ، وركعتين بالعشي ..
* أتاه جبريل وهو بأعلى مكة ، فهمز له بعقبه (مؤخرة القدم) ، في ناحية الوادي ، فانفجرت منه عين ، فتوضأ حبريل عليه السلام ، ورسول الله ينظر ، ثم توضأ رسول الله كما رأى حبريل توضأ ، ثم قام جبريل فصلى به ، وصلى رسول الله بصلاته ، ثم انصرف حبريل عليه السلام ..
* فجاء رسول الله خديجة ، فتوضأ لها ، ليريها كيف الطهور للصلاة ، كما أراه جبريل ، فتوضأت كما توضأ لها رسول الله ، ثم صلى بها رسول الله ، كما صلى به جبريل ، فصلت بصلاته ، رضي الله عنها وأرضاها ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
الحلقة 32 من السيرة النبوية :
** كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بالتزام الحيطة والحذر والتخفي وعدم إظهار إسلامهم ، إلى أن يقضي الله أمره ،، فكانوا إذا أرادوا الصلاة خرجوا إلى الشعاب ، فاستخفوا فيها بصلاتهم عن أنظار قريش ، وقد بقوا عَلى ذلك طيلة مدة الدعوة السرية ..
* كان المشركون يتتبعون المسلمين في الشعاب ، ويسخرون منهم ، ويتعرضون لهم ، ويضربونهم ،، حمل ذلك المسلمين على التخفي والتزام البيوت ،، حتى إذا ربا عددهم عن الأربعين مسلماً ، صار يجتمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي ، وكان بيته على جبل الصفا ، وكان بمعزل عن أعين المشركين ومجالسهم ، فاتخذها مركزاً للدعوة لله عز وجل ، ولاجتماعه بالمسلمين من أجل الإرشاد والتوجيه والتعليم ..
** ألهم الله عز وجل رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم -والإلهام للرسول نوع من الوحي- ، أن يبدأ الدعوة قي فترتها الأولى ، بسرية وتكتم ، تعليماً وإرشاداً إلى مشروعية الأخذ بالحيطة ،، بالمقابل لايجوز الإسرار بالدعوة إذا أمكن الجهر بها ..
* الثمرة الطبيعية الأولى لدعوة الأنبياء ، أن يكون المسلمون الأوائل معظمهم خليطاً من الفقراء والضعفاء الأرقاء ..
* ذلك أن حقيقة هذا الدين الذي بعث الله به عامة أنبيائه ورسله ، إنما هي الخروج من سلطان العباد وحكمهم إلى سلطان الله وحكمه وحده ، وهي حقيقة تخدش أول ماتخدش ألوهية المتألهين ، وحاكمية المتحكمين ، وسطوة المتزعمين ، وتناسب أول ماتناسب حالة المستعبدين والمستذلين والمستضعفين ، فيكون رد الفعل أمام الدعوة إلى الإسلام لله وحده ، هو المكابرة والعناد من أولئك المتألهين والمتحكمين ، والإذعان والاستجابة من هؤلاء المستضعفين ..
* مامن زعماء قريش من أحد إلا وهو يعلم صدق النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما يخبر عن ربه ، غير أن الزعماء والكبراء كانت تصدهم زعامتهم عن الانقياد والاتباع له ، أما الفقراء والمستضعفون فما كان ليصدهم عن التجاوب مع إيمانهم بالله ، وانقيادهم لرسول الله شيء ..
* قصة البداية *
** الحلقة 33 من السيرة النبوية :
** بعد ثلاث سنوات من الدعوة السرية ، نزل الوحي يكلّف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن يصدع بما جاءه من الحق :"وأنذر عشيرتك الأقربين "،، ثم نزلت :"فاصدع بما تؤمر ، وأعرض عن المشركين"..
* بادر رسول الله إلى تنفيذ أمر ربه ، فدعا جميع ذويه ، وقرابته ، وعشيرته من بني هاشم ، فاجتمع أربعون أو خمسة وأربعون رجلا" ، فصنع لهم طعاما" وشرابا" ، فلما طعموا وشربوا ، أراد رسول الله أن يكلمهم ، ويدعوهم إلى الله عز وجل ، بادره أبو لهب إلى الكلام ، وأسكته ، وقال له : مارأيت أحدا" جاء على بني أبيه بشر مما جئتهم به ، فتفرّق القوم ، ولم يكلمهم رسول الله في ذلك المجلس ..
* دعاهم رسول الله ثانية ، وصنع لهم من الطعام مثل ماصنع أول مرة ، فأكلوا وشربوا ، ثم خطبهم رسول الله ، ودعاهم إلى الإيمان بالله ورسوله والبعث والحساب ..
* فقال أبو طالب : ماأحب إلينا معاونتك ، وأقبلنا لنصيحتك ، وأشد تصديقا" لحديثك ، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون ، وإنما أنا أحدهم ، غير أني أسرعهم إلى ما تحب ، فامض لما أمرت به ، فوالله لاأزال أحوطك وأمنعك ، غير أن نفسي لاتطاوعني على فراق دين عبد المطلب ..
* ثم تكلم سائر القوم كلاما" ليّنا" ، غير أبي لهب ،، فإنه قال : يابني عبد المطلب ! هذه والله السوأة ، خذوا على يديه ، قبل أن يأخذ على يديه غيركم ، فإن أسلمتموه حينئذ ذللتم ، وإن منعتموه قُتلتم ..
* فقالت صفية عمة رسول الله : أي أخي ! أيحسن بك خذلان ابن أخيك !! فوالله مازال العلماء يخبرون أنه يخرج من ضئضىء عبد المطلب نبي ، فهو هو ..
* فقال أبو لهب : هذا والله الباطل والأمانيّ ، وكلام النساء في الحجال ، إذا قامت بطون قريش ، وقامت معها العرب ، فما قوتنا بهم ؟ ، فوالله مانحن عندهم إلا أكلة رأس (أي عددنا قليل بالنسبة لهم) ،، فقال أبو طالب : والله لنمنعنّه مابقينا..
* بعد تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد أبي طالب بحمايته ، ونزلت :"وأنذر عشيرتك الأقربين"،، صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا ، فجعل ينادي : يابني فهر ، يابني عدي ! .. حتى إذا اجتمعوا ، وكان الرجل فيهم إذا لم يستطع الخروج أرسل رسولا" لينظر ما الخبر ، فاجتمعت قريش ، وفيهم أبو لهب .. فقال :" أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا" بالوادي ، تريد أن تُغير عليكم ، أكنتم مصدقيّ ؟؟".. قالوا : نعم ، ماجربنا عليك إلا صدقا" ،، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد .. فقال أبو لهب : تبا" لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا ؟؟،، فنزلت :"تبت يدا أبي لهب وتب ، ماأغنى عنه ماله وما كسب "..
* قصة البداية *
** الحلقة 34 من السيرة النبوية :
** مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته ، مظهرا" لأمر الله ، لايرده عنه شيء ، ومعكرا" على أهل الشرك خرافاتهم وترهاتهم ، موضحا" لهم أن آلهتهم التي يعكفون على عبادتها ، لاتفيدهم ولاتضرهم شيئا" ، وأن من عبدها وجعلها وسيلة بينه وبين ربه ، فهو في ضلال مبين ..
* لما طال ذلك ، ورأت قريش أن رسول الله مستمر على فراق وعيب آلهتهم ، ورأوا أن أبا طالب قد حماه ، وقام دونه ، ولم يسلمه لهم ، مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب : عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ، وأبو البختري العاص بن هشام ، وغيرهم من سادة قريش ، فقالوا : ياأبا طالب ! إن ابن أخيك قد سب آلهتنا ، وعاب ديننا ، وسفه أحلامنا ، وضلل آباءنا ، فإما أن تكفه عنا ، وإما أن تخلي بيننا وبينه ، فإنك على مثل مانحن عليه من خلافه ، فنكفيكه ، فقال لهم أبو طالب قولا" رقيقا" ، وردهم ردا" جميلا" ، فانصرفوا عنه ..
* عاب رسول الله على قومه أن يأسروا أنفسهم للتقاليد الموروثة عن آبائهم وأجدادهم ، دون تفكر منهم في مدى صلاحها أو فسادها ، ودعاهم إلى تحرير عقولهم من أسر الاتباع الأعمى ، وعصبية التقاليد التي لاتقوم على شيء من أساس الفكر والمنطق ..
* مبنى هذا الدين بما فيه من عقائد وأحكام ، إنما هو على العقل والمنطق ، وأن المتوخى في التمسك به هو مصلحة العباد العاجلة والآجلة ، لذلك كان من أهم شروط صحة الإيمان بالله أن يقوم على أساس من اليقين والفكر الحر ، دون أدنى تأثر بأي عرف أو تقليد .. أي أن الدين جاء حربا" على التقاليد ، والدخول في أسرها ..
* لاشيء يدعى التقاليد الإسلامية ، فالعقيدة قائمة على أساس العقل والمنطق ، والأحكام قائمة على أساس المصالح الدنيوية والأخروية ، وهي مصالح تدرك بالتفكير والتدبر الذاتي ، وإن قصر عن إدراكها فهم بعض العقول لبعض العوارض والأسباب ..
* جميع ماأتى به الإسلام من نظم وتشريعات ، إنما هو مبادىء ، والمبدأ هو مايقوم على أساس من التفكير والعقل ، ويستهدف الوصول إلى مقصد معين ، وإذا كانت المبادىء البشرية قد تخطىء الصواب أحيانا" ، لشذوذ في أفكار أصحابها ، فإن مبادىء الإسلام لاتخطىء الصواب أبدا" ، لأن الذي شرعها هو خالق العقول والأفكار ..
* أما التقاليد فهي مجموعة الطفيليات التي تنبت تلقائيا" ، وسط الحقول الفكرية للمجتمع ، فهي الحشائش الضارة التي لابد من اجتثاثها ، وتنقية التفكير السليم عنها ..
* قصة البداية *
الحلقة 35 من السيرة النبوية :
** اقترب موسم الحج ، فاجتمع الكفار إلى الوليد بن المغيرة ، يتشاورون في شأن النبي صلى الله عليه وسلم ، ماذا سيقولون فيه لوفود الحجاج ، كي يكون كلامهم فيه واحد ،، قالوا : نقول أنه كاهن ، قال : لا والله ماهو بكاهن ، لقد رأينا الكهان ، فماهو بزمزمة الكاهن ولا سجعه .. قالوا : فنقول مجنون ، قال : ماهو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته .. قالوا : فنقول شاعر ، قال : ماهو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر .. قالوا : فنقول ساحر ، قال : ماهو بساحر ، لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثهم ولا عقدهم ، قالوا : فما نقول ياأبا عبد شمس ؟؟،، قال : والله ! إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق (النخلة) ، وإن فرعه لجناة (مايجتنى من الثمر) ، وماأنتم بقائلين من هذا شيئا" إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول فيه ، لأن تقولوا : هو ساحر ، جاء بقول يفرق بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته ، فتفرقوا عنه بذلك .. فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة : "ذرني ومن خلقت وحيدا" ، وجعلت له مالا" ممدودا" ، وبنين شهودا" ، ومهدت له تمهيدا" .... فقال إن هذا إلا سحر يؤثر"..
* بعد أن اتفقت قريش على هذا القول ، جلسوا بسبل الناس حين قدموا للحج ، لايمر بهم أحد إلا حذروه من رسول الله ، وقالوا عنه ساحر كذاب ،، والذي تولى كبر ذلك هو أبو لهب .. فقد كان رسول الله يعرض نفسه على الناس ، يدعوهم إلى الله عز وجل ، ويخبرهم أنه رسول ونبي مرسل ، وأبو لهب خلفه ، لايغادره ، يقول : لاتطيعوه ، ولاتسمعوه ، إنه ساحر ، إنه صابىء كذاب ..
* كانت رقية بنت رسول الله قد خطبت لعتبة بن أبي لهب ، وأم كلثوم تزوجت أخاه عتيبة ،، لما نزلت : تبت يدا أبي لهب وتب ، قال أبو لهب لولديه عتبة وعتيبة : رأسي من رأسيكما حرام إن لم تطلقا ابنتي محمد ، فطلقاهما ، ثم جاء عتيبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له : كفرت بدينك ، وفارقت ابنتك ، ثم تسلط على رسول الله فشق قميصه .. فقال رسول الله : أما إني أسأل الله أن يسلط عليك كلبه ..
* خرج أبو لهب وعتيبة في تجار من قريش ، حتى نزلوا بمكان في الشام ليلا" ، قال أبو لهب لابنه : أي بني ! والله ماآمن عليك دعوة محمد ، فجعل ابنه عتيبة وسطهم ، وتحلقوا حوله ، وناموا ، فطاف عليهم الأسد ، فجعل يشم وجوههم واحدا" واحدا" ، ثم تخطاهم إلى عتيبة ، فقضم رأسه .. قال : أبو لهب : قد عرفت والله ، ماكان لينفلت من دعوة محمد ..
* قصة البداية *
** الحلقة 36 من السيرة النبوية :
** كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو أشراف قريش إلى الإسلام ، يتألّفهم ويعرض عليهم القرآن ، إذ أقبل عبد الله بن أم مكتوم الأعمى ، فجعل يسأل رسول الله ويسأل ، حتى شغله عما كان فيه ، فلما أكثر عليه ، خاف رسول الله أن يكون التفاته إلى ذلك المسكين ينفّر عنه قلوب أولئك الزعماء ،، فأعرض عنه ، وأقبل على الآخرين ، يرجو بذلك إسلامهم ، وفيه إسلام الكثير من أتباعهم ،، فعاتبه تعالى على ذلك بقوله :"عبس وتولى أن جاءه الأعمى "،، أي : إنما بعثتك بشيرا" ونذيرا" ، لم أخص بك أحدا" دون أحد ، فلا تمنعه ممن ابتغاه ولاتتصدّ به لمن لايريده .. فالهداية من عنده سبحانه .. فكان إذا أقبل عليه ابن أم مكتوم يقول له : مرحبا" بمن عاتبني فيه ربي .. ويبسط له رداءه ، ويكرمه ويسأله عن حاجته ..
** كان النضر بن الحارث من شياطين قريش ، وكان ممن يؤذي رسول الله ينصب له العداوة ، ذهب إلى الحيرة ، وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس وأحاديث الروم ، فكان رسول الله إذا جلس مجلسا" ، فذكّر فيه بالله ، وحذّر قومه عقابه ،، خلفه في مجلسه إذا قام ، ثم قال : أنا والله يامعشر قريش أحسن حديثا" منه ، وما حديثه إلا أساطير الأولين ، اكتتبها كما اكتتبتها ، فهلمّ إلي ، فأنا أحدّثكم أحسن من حديثه ، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ، ثم يقول : بماذا محمد أحسن حديثا" مني ؟ ..
* من أساليب الكفار : السخرية والاستهزاء والتكذيب ، والهمز واللمز :"إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ، وإذا مروا بهم يتغامزون"..
* اعترض رسول الله بعض أسياد مكة ، وهو يطوف بالكعبة ، فقالوا : يامحمد ، هلمّ فلنعبد ماتعبد يوما" ، وتعبد مانعبد يوما" ، فنشترك نحن وأنت في الأمر ، فأنزل تعالى :" قل ياأيها الكافرون ، لاأعبد ماتعبدون"،، وعرضوا عليه أن يعطوه مالا" ، فيكون أغنى رجل بمكة ، ويزوجوه من أراد من النساء ، على أن يترك هذا الأمر .. وهو يرفض كل عروضهم وإغراءاتهم ، ابتغاء وجه الله والدار الآخرة ..
* قررت قريش اللجوء إلى العنف والقوة في محاربة المسلمين ، فجعلوا يحبسون من أسلم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش ، فافتتن من افتتن ، وعصم الله منهم من شاء ، ومنع الله رسوله منهم بعمه أبي طالب ، فكانوا يؤذونه باللسان ، ولايجرؤون على ضربه ، من أجل عمه أبي طالب ، الذي تعهد بنصرته . وكان ذلك في حياة أبي طالب فقط ..
* كان أميّة بن خلف يعذب بلالا" ، فيضع الصخرة الكبيرة على صدره ليكفر ، ويضع حبلا" في عنقه ، ويدفعه إلى الصبيان ، فيطوفون به في شعاب مكة ، فرآه أبو بكر ، واشتراه وأعتقه ،، فكان عمر يقول : أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا ..
* كان عمار بن ياسر ، وأمه وأبوه ، من المستضعفين الذين يعذّبون في مكة ، ليرجعوا عن دينهم ، مرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم : صبرا" آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة .. مات ياسر في العذاب ، طعن أبو جهل سمية في قبلها فماتت ، أما عمار فشددوا عليه العذاب ، ومازالوا يعذبونه ، حتى سب النبي وذكر آلهتهم بخير ، فتركوه ،، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يبكي ، ويقول : مازالوا بي حتى قلتها ،، فجعل يمسح عن عينيه ، ويقول : كيف تجد قلبك ؟؟،، قال : مطمئن بالإيمان ، قال : إن عادوا فعد .. فأنزل تعالى :"إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان"..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 37 من السيرة النبوية :
** كان عبد الله بن مسعود رجلا" نحيفا" ضعيفا" ، غدا ذات ضحى ، وقريش في أنديتها ، فقرأ من سورة الرحمن بصوتٍ عالٍ جانب الكعبة ، فقاموا إليه يضربونه ..
* استمر أذى المشركين للمسلمين ، يجيعونهم ويعطشونهم ، ويقاطعونهم ، ولايشترون من تجارهم ، حتى ذهب الخباب بن الأرتّ إلى رسول الله يستنجد به : يارسول الله ! ألا تستنصر لنا ، ألا تدعو لنا ؟؟ ،، فقال عليه أفضل الصلاة والسلام : كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض ، فيُجعل فيه ، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه ، فيشق شقين ، مايصده ذلك عن دينه ، ويمشط بأمشاط الحديد ، مادون لحمه من عظم وعصب ، ومايصده ذلك عن دينه ، والله ليتمنّ هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لايخاف إلا الله ، أو الذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون ..
* كانت تلك الاعتداءات بالنسبة للمسلمين ، لاسيما المستضعفين منهم ،، أما بالنسبة لرسول الله فإنه كان رجلا" شهما" وقورا" ذا شخصية فذة ، تتعاظمه نفوس الأعداء والأصدقاء ، بحيث لايقابَل مثلها إلا بالإجلال والتشريف من قبل الخاصة والعامة ، وكان مع ذلك في منعة عمه أبي طالب ، لذا لم تستطع قريش في بادىء الأمر أن تبطش بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وتعتدي عليه كما فعلت بالمسلمين ، فجعلوا يهمزونه ويستهزئون به ويخاصمونه ، وكان على رأس المستهزئين عمه أبو لهب ..
* لما نزلت :"تبت يدا أبي لهب وتب"،، فقيل لامرأة أبي لهب : إن محمدا" قد هجاك ، فأتت رسول الله وهو جالس في الملأ ، فقالت : يامحمد ، علام تهجوني ؟؟،، قال : إني والله ماهجوتك ، ماهجاك إلا الله ،، فقالت : هل رأيتني أحمل حطبا" ، أو رأيت في جيدي حبلا" من مسد ؟؟،، ثم انطلقت ،، فمكث رسول الله أياما" لاينزل عليه وحي ،، فقالت : يامحمد ! ماأرى صاحبك إلا قد ودّعك وقلاك ، فأنزل الله عز وجل :"والضحى والليل إذا سجى ، ماودعك ربك وماقلى"..
* كان أميّة بن خلف إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه ، فنزل فيه قوله تعالى :"ويل لكل همزة لمزة"..
* أخوه أبيّ بن خلف مشى إلى رسول الله بعظم بالٍ قد ارفتّ ، فقال : يامحمد ! أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ماأرم !! ، ثم فتّه بيده ، ثم نفخه في الريح نحو رسول الله ،، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم أنا أقول ذلك ، يبعثه الله وإياك بعد مايكونان هكذا ، ثم يدخلك الله النار ،، فأنزل الله عز وجل :"وضرب لنا مثلا" ونسي خلقه ، قال من يحيي العظام وهي رميم"..
* قصة البداية *
** الحلقة 38 من السيرة النبوية :
** كان عقبة بن أبي معيط وأبي بن خلف صديقين متصافيين ، جلس عقبة مرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه ، فبلغ ذلك أبيّا" ، فعاتبه ، وطلب منه أن يتفل في وجه رسول الله ، ففعل ذلك عدو الله .. وأخذ رحم دابة فألقاه بين كتفيه وهو ساجد عند الكعبة ، فدعا عليه رسول الله ،، فاستجاب الله دعاءه فأُسر عدو الله يوم بدر ثم قتل .. "ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا" ، ليتني لم أتخذ فلانا" خليلا" "..
* روي أن النضر بن الحارث اجتمع مع نفر من أشراف قريش ، يبحثون في أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام فيهم النضر ، فقال : قد كان محمد فيكم غلاما" حدثا" ، أرضاكم فيكم ، وأصدقكم حديثا" ، وأعظمكم أمانة ، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب ، وجاءكم بما جاءكم به قلتم ساحر !! ،، لا والله ماهو بساحر ، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم ، وقلتم كاهن ، لا والله ماهو بكاهن ، قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم ،، وقلتم شاعر ، لا والله ماهو بشاعر ،، وقلتم مجنون ، لا والله ماهو بمجنون ..
* ثم قام هو وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة ليروا رأيهم ،، فقال لهما الأحبار : سلوه عن ثلاث ، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل ، وإن لم يفعل ، فالرجل متقوّل ،، * سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ماكان أمرهم ، فإنه قد كان لهم حديث عجيب ،، وسلوه عن رجل طواف ، قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ماكان نبؤه ،، وسلوه عن الروح ماهي ،، فإن أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي ،، وإن لم يفعل فهو رجل متقول ، فاصنعوا في أمره مابدا لكم ..
* فجاؤوا رسول الله فسألوه ، فقال لهم رسول الله : أخبركم بما سألتم عنه غدا" ، ولم يستثن (لم يقل إن شاء الله) . فانصرفوا عنه ..
* مكث رسول الله خمس عشرة ليلة لايحدث الله إليه في ذلك وحيا" ، ولايأتيه جبريل ، حتى أحزن ذلك رسول الله ، وأرجف أهل مكة يتكلمون ،، ثم جاءه جبريل ، فقال له رسول الله : لقد احتبست عني ياجبريل حتى سؤت ، فقال له جبريل : "ومانتنزل إلا بأمر ربك ، له مابين أيدينا وماخلفنا"،، وجاءه بخبر ماسألوه عنه من أمر الفتية وذي القرنين والروح في سورة الكهف ، وطبعا" لم يؤمنوا لفرط العناد والمكابرة ..
* ثلاثة من زعماء قريش : أبو سفيان بن حرب ، وأبو جهل بن هشام ، والأخنس بن شريق ، خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله ، وهو يصلي من الليل في بيته ، فأخذ كل رجل منهم مجلسا" يستمع فيه ، وكلٌ لايعلم بمكان صاحبه ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فتلاوموا ، ثم انصرفوا ، حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه ، فباتوا يستمعون ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض : لانبرح حتى نتعاهد ألا نعود ، فتعاهدوا على ذلك ، ثم تفرقوا ، فلما أصبح الأخنس بن شريق أتى أبا سفيان في بيته ، فقال : أخبرني عن رأيك فيما سمعت من محمد ،، فقال : والله لقد سمعت أشياء أعرفها ، وأعرف مايراد منها ، وسمعت أشياء ماعرفت معناها ، ولايراد منها ، ثم خرج من عنده ،، وأتى أبا جهل ، فسأله : ياأبا الحكم ! مارأيك فيما سمعت من محمد ، فقال : ماذا سمعت ؟؟ ،، تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف ، أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، فأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تحاذينا على الركب ، وكنا كفرسي رهان ، وقالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء ، فمتى ندرك مثل هذه ؟ والله لانؤمن به أبدا" ولانصدقه ، فقام عنه الأخنس ، وتركه ..
** مامنعهم من الإسلام إلا العناد والمكابرة ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 39 من السيرة النبوية :
** حين نتأمل مالقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من صنوف الإيذاء والعذاب ، نتساءل : فيم هذا العذاب وهم على الحق ؟؟،، ولماذا لم يعصمهم الله عز وجل منه ، وهم جنوده ، وفيهم رسوله ، يدعون إلى دينه ويجاهدون في سبيله ..
* مايلاقيه الدعاة إلى الله تعالى ، سنة كونية منذ فجر التاريخ ، ذلك أن أول صفة للإنسان أنه مكلف مطالب بحمل الكلفة والمشقة ، وبالصبر على الأذى ، وبالدعوة إلى الله وإعلاء كلمته تعالى ،، فواجب عباد الله في هذه الدنيا التمسك بالإسلام وإقامة المجتمع الإسلامي الصحيح ، وسلوك السبل الشاقة واقتحام المخاطر من أجل ذلك ..
* لو شاء الله لجعل السبل إلى إقامة المجتمع الإسلامي بعد الإيمان به ، سهلا" معبدا" ، لكن السير في هذه السبيل لايدل حينئذ على عبودية السالك لله عز وجل ، وأن جميع أهوائه تابعة ومنقادة لما جاء به رسول الله ..
* لن تجد لسنة الله تبديلا" ، حتى مع أنبيائه وأصفيائه ، من أجل ذلك أوذي رسول الله ، ومن قبله جميع الأنبياء والرسل ، وأوذي أصحاب رسول الله ، رغم عظيم فضلهم وجميل قدرهم عند الله عز وجل ..
* العذاب الذي يلقاه المسلم في طريقه إلى إقامة المجتمع الإسلامي ، ليس في حقيقته عقبات أو سدود تصد السالك عن بلوغ الغاية ، أي أن المسلمين يقربون من الغاية التي كلفهم الله بوصول إليها ، بمقدار مايجدونه في طريقهم إلى ذلك من العذاب ..
* على المسلمين أن يستبشروا بالنصر ، كلما رأوا أنهم يتحملون مزيدا" من الضر والنكبات ، سعيا" إلى تحقيق أمر ربهم :"أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ، ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم"..
* لم يطمع رسول الله في ملك أو زعامة ،، ذلك أن معيشته الحياتية كانت مطابقة لكلامه ، فهو لم يعرض عن الزعامة والملك بلسانه ، ليصل إليهما خلسة بسعيه وعمله ، بل كان صلى الله عليه وسلم بسيطا" في مأكله ومشربه ، لايعلو عما عليه حالة الفقراء والمساكين ..
* كان عليه أفضل الصلاة والسلام بسيطا" للغاية في ملبسه وأثاث بيته ، يؤثر في جنبه الحصير ، وماعرف أنه نام قط على شيء وثير ، حتى إن نساءه جئن إليه يوما" يشتكين إليه الفاقة ، ويطالبنه بمزيد من النفقة لزينتهن ولباسهن ، حتى لاتكون إحداهن أقل شأنا" من مثيلاتها من نساء الصحابة ، فأطرق مغضبا" ولم يجب ، فنزل قوله تعالى :"ياأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ، فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا" جميلا" "،، فخيرهن بين قبول العيش معه على الحالة التي هو فيها ، أو الإصرار على مطالبهن من النفقة وزيادة الزينة والمال ، حينئذ يفارقهن ويسرحهن سراحا" جميلا" ، فاخترن العيش معه على ماهو عليه ..
-
رد: مختصر قصة البداية والنهاية لابن كثير في حلقات3
* قصة البداية *
** الحلقة 40 من السيرة النبوية :
** لما اشتد أذى المشركين ، وتفننوا في تعذيب المسلمين وإيذائهم ، قال رسول الله للمسلمين :"تفرقوا في الأرض .. لو خرجتم إلى أرض الحبشة ، فإن بها ملكا" لايُظلم عنده أحد ، وهي أرض صدق ،، حتى يجعل الله لكم فرجا" مما أنتم فيه"..
* فخرج جماعة من المسلمين ، فرارا" بدينهم ، فكانت أول هجرة في الإسلام ، وذلك في السنة الخامسة للبعثة ..
* في رمضان من السنة الخامسة للبعثة ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرم ، فقرأ سورة النجم في مجلس ضم المسلمين والمشركين ، حتى إذا بلغ السجدة التي في نهاية السورة سجد وسجد معه القوم جميعا" ، مسلمهم وكافرهم ،، وخبر هذا السجود ثابت في الصحيحين ..
* ذلك أنه لما قرع آذان المشركين كلام إلهي رائع خلاب ، لايحيط بروعته وجلاله البيان ، تفانوا عما هم فيه ، وشدّهم ، فأصغوا إليه ، حتى إذا تلا في خواتيم هذه السورة قوارع تطيش لها القلوب :"والمؤتفكة أهوى ، فغشاها ماغشى ، فبأي آلاء ربك تتمارى ، هذا نذير من النذر الأولى ، أزفت الآزفة ، ليس لها من دون الله كاشفة ، أفمن هذا الحديث تعجبون ، وتضحكون ولاتبكون ، وأنتم سامدون ، فاسجدوا لله واعبدوا".. ثم سجد ، لم يتمالك أحد من الموجودين نفسه ، حتى خر ساجدا" ..
* توالى على المشركين اللوم والعتب ، ممن لم يكن حاضرا" ، فأُسقط في أيديهم .. فاخترعوا قصة كاذبة أشاعوها بين الناس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عطف على أصنامهم بكلمة تقدير ، وأنه قال عنها : "تلك الغرانقة العلى وإن شفاعتهن لترتجى"،، جاؤوا بهذا الإفك المبين ، ليعتذروا عن سجودهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ..
* سمع مهاجرو الحبشة أن المشركين قد سجدوا ، فظنوا أنهم قد أسلموا ، فعادوا إلى مكة ، ولما شارفوا على دخولها ، وقبل أن يدخلوها ، علموا أن المشركين أشد أذى للمسلمين ،، فمنهم من عاد إلى الحبشة ، ومنهم من دخل بجوار مشرك ..
* علمت قريش أن البطش وأذى المسلمين ، لم يصرفهم أو يثنيهم عن الاستجابة لداعي الله ، فعادوا للمفاوضات ، وذهبوا إلى أبي طالب ، واشتكوا إليه ، وطلبوا منه أن يثني الرسول صلى الله عليه وسلم عن أمره ، أو يسلمهم إياه ، فيكف عن حمايته وجواره ..
* فدعا أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلّمه ، فظن رسول الله أن أبا طالب قد ضعف عن نصرته والقيام معه ، فقال : ياعم ! والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري ، على أن أترك هذا الأمر ، حتى يظهره الله ، أو أهلك دونه ماتركته ،، ثم استعبر فبكى ، وقام ، فناداه أبو طالب ، فقال : أقبل يابن أخي ، فقل ماأحببت ، فوالله لاأسلمك لشيء أبدا" ، وقال :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم .. حتى أوسّد في التراب دفينا"
فاصدع بأمرك ماعليك غضاضة .. وأبشر وقر بذاك منك عيونا ..