-
مقالات ادبية نقدية1
اضاءة غير عادية علي الشاعرة الهندية آرونداثي سابرامانيام
http://www.alimbaratur.com/All_Pages...ubramaniam.jpg
آرونداثي سابرامانيام
Arundhathi Subramaniam
آرونداثي سابرامانيام من مواليد بومبي عام 1967، نالت شهادة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من كلية سانت اكسرافير، والماجستير من جامعة بومبي، وهي تعمل مراسلة صحفية حرة وتكتب حول الفنون الإبداعية والأدب، نشرت مقالاتها في عدد من الصحف منها تايمز أوف إنديا، ذي إنديان إكسبرس والهندو. وهي تعمل أيضا منظمة برامج في مركز الإبداع الفني في بومبي. كما أنها عضوة في دائرة الشعر منذ عام 1990 * ظهرت قصائدها في عدد من الدوريات منها: الناقد البني، فصلية منظمة القلم، بوليزيز، كافايا باراتي، سيمسيرشو 'فلورنس' وعلي عدد من مواقع الانترنت الأدبية. كما ترجمت قصائدها إلي الإيطالية ضمن أنثولوجيا حول الشعر الهندي بالإنجليزية عام '2000'.
وقد أقامت عددا من القراءات الشعرية في روما، ساليرنو وفييتري في عام '2001' صدرت مجموعتها الشعرية الأولي بعنوان 'في تنظيف أرفف الكتب' في عام '2001'.
رائحة الذكري
جدتي، حكيمة
حتيِ عندما كانت في الثامنة من عمرها،
اختبأت تحت السرير
عندما جاء أولج خجطابها إلي المنزل.
شامخة وهادئة
مَلَكيةْ مثل وجهي علي عجملَة قديمة،
لاحظت ذلك عبر الصور، الغائمة
بتغير الفصول،
مثل صورة فضية
علي حرير كانجيفارام،
البنات في الثامنة
لم يكن لديهن أسنان مكسورة
أو أكواع متسلخة.
الآن في مطبخها،
تجحَركج في هدوء روائح الجدود
من ترانيم جوز الهند الدافئة،
صوتها يتبع الفسيفساء المألوفة
لأحجيات العائلة، التي شققها التكرار،
ومع ذلك،
في الإلتفاف الطويل للساري،
تحملج هي سِرا لعالمي
يمشي فيه النساجون مازالوا
بتجارة سائلة لأولئك الذين
يعرفون أجسادهم كما يعرفون عقولهم،
مازالت تمشي في شوارع مهجورة
لتقابل كائنات سمراء مجحَرَمَة،
عيونها تلمعج مثل المصابيح في الشتاء،
وتعود قبل مغيب الشمس،
الزهور في شعرها فَوَاحَةْ
بعطر للغة غير مكتوبة للرومانس.
سر العالم
الذي ترفضج أن تهجره
عبر وصفات طبخها
وعبر جيناتها.
لحظة من العاج
'إلي جين أوستن'
عالمكِ
حيث العلاقات مسألة من مسائل علم الجبر الاجتماعية
يجريحجني الآن.
أهي المسافة بيننا تلك التي تخلق
صورة رائعة لثياب من التَافْتَا الخَوخَيةْ،
الأخلاقيات الحارة المشذبة،
الصرامة القاسية لصالونات مهذبة؟
أو أنها بطلاتك؟
عقلياتهن مظلمة وباردة كالقبو،
حواراتهن تشبه المناديل النسائية الحريرية،
وحتي في ذروة غضبهن،
لا يفلتون خيوطا تتبع آثارها الغراميات الحارة
من تقاطعات حيواتهن،
إن رزانتهن تتوازي مع خطوط الكروشية المنسقة،
جولات التريض المفتوحة،
قراءة الكتب علي مقربة من النوافذ المفتوحة،
غير عابئات بكآبة المساء في الأراضي الزراعية من حولهن.
باركينا ياجين
أنا وحبيبي،
بقشور من الليمون الأخضر لسخرية حديدية ناشفة
والهدية السرية للطف والنعومة
من دون خداع الكراميل.
-
أجراس الذهب ونهود السيليكون.....فاديا الخشن / شاعرة من لبنان
http://www.alimbaratur.com/All_Pages...eber_327_A.jpg
أجراس الذهب ونهود السيليكون
تحت لوحة النار الهادئة
ما عدت أذكر
أكان نهرا بعينين
أم عين بنهرين
الجمالُ موسيقى تتسلق
الماء بساقيها
والفل أمام المرايا
يختصرُ لغة الأشجار
إلى متى سنبقى دولتين على خريطة؟
عشقنا رسم على الورق
وأهدابنا ستائر تلتهمها
العاصفة
من نسغنا فقط مؤونة الحب
أنا التي كلما مررت بخاطري
طاش خصري
وخرج نبضي عن الطاعة
منذ البدء كان الإنسان
حيوانا بسبابة
كانت الأنامل أكثر دفئا
من النار
وكانت حرارة النهد
مؤونة للشتاء
و قبل الطب كانت القبلة
صيدلية
والسؤالُ أصغر من بؤبؤ العين.
و الدم بلا مخالب قبل التاريخ.
كان الخبيز لا يخشى العاصفة
وكانت خطوط اليد
مفوّهة قبل الورق
و سهيل كان دفتر العاشقين
وردٌ يفرغ رحيقه
في فم القصائد
ملكة كانت الشمس
وجنرالا كان القلمُ.
فيما الحب محكمة
على أعلى التلال.
قبل الحزن كان
القمر رغيفاً فرحاً
سابحا في فضاء الاكتفاء
وكان البحر ضحكتنا
الواسعة
وحقل القمح مهرجان
الشهوات
فهل يشرب الظاميء ماء الخرائط؟
المنفى تمثال أعرج
والغربة قمر محاق
فيما الأفق جرح أحمر طويل
ها نحن على غير العادة
كما الميسيسيبي نمضي للوراء
متصاحرين متشاطئين
وعلى حين غرة
تتلهى بنا ريح زاحفة
أو يبصقنا وراء الطبيعة زلزال مالي
على المياه المقعرة هل ينبت العشب؟
و نفسي التي تغالب نفسي
تحت مراوح الشمس
وطواحين الدماغ
إني لأراني ذلك الأعمى
ال يرى الناس أشجارا
تلهث في ساحة الخيال
الباع طويل والحصاد طوطم
دخان دخان دخان
صفير السؤال أعرج
فيما الذهب يصفق
بشقرته ساخرا
تهر على عتباته
أسنان لبنية
وتنتفخ_ على رنين أجراسه_
نهو د السيليكون
وتحت ريش طواويسه تستنسخ
الأساطير
زمن لا تحتمله هشاشة
عظامنا
لحمه يصغي لحريقه
كم من كلا م يسقط
من شعر ه الأبيض
وهأنذا كلما مر بي
طبل حكومي
سألت أين صوتي؟؟
وكلما أكل لساني
قرش اقتصادي
تلمست ماء وجهي
ما تحاورنا بالرمز
إلا رفقا بالحيوان
رأس على عكاز
أم عكاز على رأس
*********
*********
هو عنق على ذؤابة خنجر
حروب تصوب الأسئلة
والمحو هو الصفر العملاق
لصانعي التلوث
والضباب السياسي
والدبق
لصائدي الدم الطري
ولاستبداد الماركة
لسفر الأدمغة
و لسارقي الكحل من العين
وللاعبين بالشفع والوتر
هل نغلق العين كيلا
نرى عمق الهاوية؟
فبحق ثعلب عُبيد
ونعامة الحارث
وبحق كلب لبيد
وطير العنترة
بحق بقرة النابغة
وثور امرئ القيس
بجق القرن الأبيض (نجم)
انتشلونا
من ثقافة الخوف
والخوف المثقف
فها نحن لا ندري
من أين نبدأ؟
من الصفر أم الصفر
الليل بعوي على شباك القلق
وكل جواب من زئير هذي المحارق
هزيمة بالقصيدة
هي الأرض الممسكة بالدجاج
والبلح الساقط على
زفرات الخوذ
وبخار النفايات ووجع الورود
وبالقدم ال تسحق الأفعى
بجذرها تلملم الملامح
بعد كل محو
وترفع بعظم جناحيها
أشرعة القصيدة
بملكة سمكة جائعة
وبتوق تقويم وحشي
نوسع دم الحركات
كواجب النور نهرب
من الاختناق المصنع
وما كل هروب حذاء مدبب
كم جمر وكم رماد
وكم عاصفة انهارت
من اللوحة
وذكر بقي قمر العرب
أنا بسواد شواربه
أخفيت ارتعا شاتي
تلك التي جفت فوق
أورق امتحاناتي
والتي في صمتها مرارات
انفجرت على الوسائد
ما زالت لا تدري
من أين كان البدء؟
أمن التناسخ بالأوهام؟
أم الصراخ الموروث؟
من حرفة الهتاف أم من
الصدر العالي!!!
أم من آخر الظلال
التي تجر جحافل قلم
لم تقو جيوش الزمن
على هزيمته
أ م من الانزلاق في
الحقل الدلالي
لعقل يحول الطبيعة
إلى فكرة حريق
أو جمال
الطير استطالة عشق
يسقف الرأس بالأغاريد
دونه سلم السماء مقلوب
لكنه الثكل بات في الحناجر
كيف تؤرخه نار جاهلية؟؟
لا نار القرى
ولا نار التهويل
ولا نار الاستكثار
هي اللوحة تموت من
الازدحام الدموي
فما أطول الطريق تحت
أقدام الرمل الخائف الحزين
الريش يحلق وحيدا
أية بلاغة للرحيل الواقف
على طرف اللسان؟
العالم باب وحسب!
وأنت المتفرج على
صفصافه الدامع
هكذا النجوم تموت بعيدة
وبحبة العين الصغيرة
عصور لفظت أنفاسها
رطبة تتحرك في المحرقة
أفخاذ العصافير
هنا تلمست حدود لحمي
واستشعرت حدود دمي
ولمت العابثين
كثبان لحم تشخب بدمائها
وجوه تغور بملحها
أخاديد أخاديد
نفوس تطارد نفوسا
نار تستحوذ
صدور تتذايل بأجنحة
دخان دخان دخان
عالم محصور ببقعة دم
ما عادت يد الحدود مستقيمة
والدم صفير طير مفجوع
أي نسك تحت جسورنا
ونحن من القنص
الأصغر إلى القنص
الأكبر
من المحو الأصغر
إلى المحو الأكبر
هكذا
يشطر السؤال
الجسد شطرين
هياكل تحرق الدماغ
دغناش يخوزق
الضحية على شوكة
هو الزمن الناري
مع الظهر الزيتوني مع
الأزرق
مع ذي العين البيضاء
مع الأزغب
و الرصع الذهبي
نحتفظ بضجيج الشجر
وكفرس ثر يركض
الغاب بنا
والوجع كاسر جوز نا
عظام تفتت عظام
ليس ثمة وزن إلا للتراب!
مكتمل الدم فوق الهاوية
_ ليت المدى ليس عصفورا هبط_
ليت الكناري ما تغضف
قرب عيني
ليت الدعاء أمسك
جُدل الطير
ليت النار ما فرّغت
الجريئة
وليت اليد كسرت
الجذابة منذ عصور
علها في تعاريج الضوء
ُتخلّد تلك الأغاريد
هذا طير غرر
وذاك يحدف حدوفا
وهذا يدفدف واقفا
على رأس الخراف
من نكث عش الصقر؟
من أمسك الطائر الممنون؟
من مشى على طمي
الأجساد المشتعلة الطرية؟
مهيضة الجناح أنا
والمحروق بعيني زمن
بحجم نكسات الجهل
أتغير النار معنى التحليق؟
أنت الحافر في السماء
بيتا عصيا
ظلالك في العين طويلة
أيها الطير القتيل
كيف نستعيد الشفاه
من قوابلها
والعقل أحذر
من غراب نوح.
فاديا الخشن / شاعرة من لبنان تقيم في الدنمرك -
fak_001@hotmail.com
-
الشاعر راسل إدسون بلدة صغيرة وراء القنطرة تُدعى الشباب..اختيار وترجمة جهاد هديب
http://www.alimbaratur.com/All_Pages..._41/Layout.jpg
الشاعر راسل إدسون
بلدة صغيرة وراء القنطرة تُدعى الشباب
يُعتبر راسل إدسون، الشاعر الذي ولد العام 1935 واحداً من أهمّ كتّاب قصيدة النثر الذين عنوا باللغة في أميركا الشمالية خلال القرن الماضي، هو الذي ما زال يحيا متوارياً في الولايات المتحدة.
يقول الشاعر الأميركي بيتر جونسون عن إدسون، الذي لا يخلو شعره من أثر له، عندما قدّم مختارات له في أوائل التسعينات نُشِرت. إن هذا الذي يصف نفسه ممازحاً بـ"السيد قصيدة النثر الضئيل" هو على نحو لا يقبل الجدل الكاتب التأسيسي لشعر النثر في أميركا والذي كتب حصراً بهذا الشكل قبل أن يصبح الشكلُ طرازاً شائعاً.
أما الشاعر البلجيكي ميشيل دلفيل فيرى أن تلك الطريقة التي ابتدعها راسل إدسون في كتابته قصيدة النثر قد تورط بها أيُّ شاعرٍ وقَعَ في قصيدة النثر كخَيار حقيقي بحيث فقدَ الرقابةَ على نفسه أحياناً وعلى نحوٍ ليس من سبيل إلى معالجته. فهو، في رأي بيتر جونسون أيضاً، مُقْلقٌ ويسبب الاضطراب للتافه والشاذ. حتى أن إدسون يبتهج على ما يبدو بامتلاك الحميم والأليف ويقاسي من الممسوخ الذي لا شبيه له والخارق للطبيعة.
كتابه "النفق" الذي هو مختارات من أعمالٍ كُتِبتْ على مدارِ أكثر من ثلاثين عاماً ذاع صيتُهُ كواحدٍ من أشهرِ أعماله لما يتوفّر عليه من بساطة كأنها الجنون أو الألم... بساطة تُعَدُّ استثنائيةً قياساً بما كُتِبَ على مدى قرن من قصيدة النثر الأميركية.
البرج
في تَرْحالاتِهِ بلغَ جسرا كلُّه من عظام. قبل العبور كتب رسالةً إلى أمه : أمي العزيزة، ماذا تحسبين؟ من غيرِ قصدٍ قبضَ القردُ بأسنانِه على يديه فيما هو يأكل موزاً. الآن فقط، أنا في أسفلِ جسرٍ من عظام. ينبغي أنْ نعبرَه قريباً. أجهلُ إنْ كنتُ سوف أجدُ تلالاً وودياناً من لحمٍ بشريٍ على الجانبِ الآخر، أو ببساطةٍ ليلاً متواصلاً؛ قُرىً من نومٍ. يوبِّخُني القردُ لأنني لا أعلِّمه أفضلَ. لقد تركْتُه يرتدي خوذَتي من بابِ السلوى. يبدو الجسرُ مثلَ واحدٍ من تلك الهياكلِ العظميةِ المُعاد بناؤها لديناصور ما هائلٍ ينظر في متحف. ينظرُ القردُ إلى أصلِ الشجرةِ المتبقي من رسغه ويعنِّفني ثانية. تقدمتُ إليه بقرنِ موزٍ آخرَ فأخذه غاضباً جداً على الرغم من أنه قد حقَّرني. غداً نعبرُ الجسرَ. سوف أكتبُ إليكِ من الجانبِ الآخرَ إنْ استطعتْ؛ تطلَّعي إلى الصليب ....
نوم
كان رجلٌ لا يعرفُ كيف ينام. كل ليلة، يميل برأسه عند النعاس على نحوٍ رتيب؛ نومٌ خِلْوٌ من الاحتراف.
إنّه مَنْ يحتاج إلى معلِّمِ نوم، إلى مَنْ في يده سوطٌ وكرسيٌ وبوسعه أنْ يهذِّبَ الليلَ ويجعله يقفزُ عبْرَ أطواقٍ من نار. أحدٌ ما بوسعه أنْ يجعل نَمِراً يجلسُ على قاعدةٍ صغيرةٍ أوفي حفرة.
موتُ ذبابة
مرةً، كان رجلٌ قد تقنَّعَ بهيئةِ ذبابةِ المنزلِ ثمَّ طافَ في الجوار مخلِّفاً "قذارتها"؟.
حسنا، كان عليه أنْ يفعل شيئا ما، أليس كذلك؟ قال أحدُهم لأحدٍ ما.
بالطبع، قال أحدُهم في الخلف لأحدٍ ما
إذاً ما هذه الجلَبة كلُّها؟ قال أحدُهم لأحدٍ ما أيضا.
مَنْ الذي يثيرُها؟ إنني أقولُ هذا فقط إنْ لم يكن قد ترجّل عن حائطِ تلك البناية، سوف تطلقُ الشرطةُ النارَ لا محالة.
أوه، بالطبع، ما من شيء يقاتل مثل ذبابة ميتة.
أحبُّ الذبابَ الميِّتَ. إنها طريقةٌ تذكرِّني بالأفرادِ الذين واجهوا مصيرَهم.
مصادفات
اقتلع الحلاقُ أذنا مصادفةً. إنها تضطجعُ على الأرض مثلَ شيءٍ ما وُلِدَ للتوّ في عشٍ من الشعر.
أوووووووب، قال الحلاق، لكنْ ينبغي أنها كانت أذنا طيبة، لقد سقطت بتذمر قليل جداً.
لم تكن كذلك، قال الزبون، كانت ملصقةً بشمعٍ أكثر مما ينبغي. جرّبتُ أنْ أضعَ فتيلةً فيها كي أحرقَ الشمعَ، ومن ثَمّ أجدُ طريقي إلى الموسيقى. إنما باشتعالها وضعْتُ رأسي كله في نار. حتى إنها امتدت إلى أصلِ فخذيَّ وتحت إبطيَّ وإلى الغابة القريبة. شعرتُ أنني أشبهُ قدّيسا. اعتقَدَ أحدهم أنني جنّي.
في ذلك عزاءٌ، قال الحلاق، ما أزال غيرَ قادرٍ على إرسالِكَ إلى البيت بأُذنٍ واحدة فقط. ينبغي أنْ أنزعَ الأخرى. إنما لا تقلق، سوف يكون ذلك مصادفةً .
يقتضي التناسقُ ذلك. إنما كُنْ أكيدا أنَّ هذا مصادفة، لا أريد لك أنْ تمزِّقني عن قصد.
ربما أقُدُّ حلْقَكَ.
إنما ينبغي أنْ يكون ذلك مصادفةً...
أنتْ
بعيدا عن لا شيءَ، يأتي وقتٌ يُدعى طفولة، الذي ببساطة يقودُ عبرَ قنطرة تُدعى المراهقة. بلدةٌ صغيرةٌ وراءَ القنطرةِ تُدعى الشباب.
وحيث أحدٌ ما يتجنّبُ حياةً خيْضَتْ أبعدَ من الورد، ثمةَ في أسفلِ الطريقِ أسفلُ الطريق كوخٌ صغيرٌ في بابِهِ رقعة خُطَّ عليها، أنتْ.
إنه المستقبلُ أيضاً، ينقضي في أوضاعٍ متعددةٍ لذراعٍ على عتبةِ نافذة، خدٌ عليها؛ تنثني على ركبتين، وجهٌ بين يدين؛ أحياناً يُلقى برأسٍ إلى الخلف؛ عينان تحدقان في السقف.. في لا شيء أسفلَ أيامِ القنطرة الطويلة....
إفطار جريح
ترتفعُ أعلى الأفق قدمٌ هائلةٌ، تصرخُ بحدّةٍ وتَصِرُّ بأسنانها أمام العربات الصغيرة، حتى أنّ رجلاً جلس إلى إفطاره في شرفته قد ابتلعه فجأة ظلٌّ عظيمٌ في حجم الليل تقريباً...
نظر إلى الأعلى فرأى قدماً هائلةً ترتفعُ فوقَ الأرضِ وتقرعُ بعنفٍ.
على طرف كعبِ من غير ثقبِ وقفتْ امرأةٌ عجوزٌ إلى جوار خوذةٍ خلفَ نباحٍ عظيمٍ يتقدم على نحوٍ لولبي؛ تنجَرُّ الثقوبُ الثخينةُ ببطءٍ كأنها حبلُ سفنٍ تنجرُّ على الأرض مثل شيءٍ هائلٍ يصرخُ بحدَّةٍ ويَصِّرُّ على أسنانه؛ الأطفال في كل مكانٍ ينظرونَ من حُفَرٍ في القدمِ المثقوبةِ، تجمَّعوا حولَ المرأةِ العجوز، حتى إنها أدارت دفةَ هذه القدمِ الهائلةِ فوق الأرض...
توّاً، انحدرت القدمُ الهائلةُ باتجاهِ الأفق، يصرخ حلزونٌ رهيبٌ بحدّةٍ في الأرضِ ويَصِّر على أسنانه...
عاد الرجلُ إلى إفطارهِ ثانيةً، لكنْ رآهُ وقد صار جريحاً، سمنُ بيْضِهِ يتفطَّرُ دما.
النهد
ذاتَ ليلةٍ جاءتْ نهدٌ إلى غرفةِ رجلٍ وبدأتْ تتحدث عن شقيقتها التوأم.
شقيقتها التوأم هذه وشقيقتها التوأم تلك.
أخيراً قال الرجل، ماذا عنكِ عزيزتي نهد؟
ولذلك قضَتْ النهد بقيةَ الليل تتحدث عن نفسها.كانت هي ذاتُها عندما تتحدث عن شقيقتها: هي نفسها هذه وهي نفسها تلك.
أخيراً قبَّلَ الرجل حَلْمتَها ثمّ قال، آسف، وسقط في النوم...
الدفع إلى القبطان
ركبْنا في قاربٍ، لم نفكرْ أبداً في غرَقِه، دفعنا إلى القبطان بقذفه من أعلى السطح. ولما عاد قلنا له، أيها القبطان لا تكن غاضباً. وصفح عنّا في هذه المرّة. ولذلك قذفنا به ثانية من أعلى كي نتأكد فقط من أننا قد دفعنا الثمن كاملا متأهبينَ لرحلتنا. لما عاد لم يكن متلهفا للصفح عنا وودّ أنّ من الأفضل كثيراً لو ننصرفَ من قاربه. ما من شيء نودِّعه بالنسبة لنا كي نفعل، إنما كي نعيد الدفع إليه فيما نأملُ أن هذه المرة سوف تكون كافية، لذلك قمنا بقذفه من الأعلى ثانيةً، ولما عاد قلنا، ينبغي أنها المرة الأخيرة، سوف ندفع لا أكثر، نريد للرحلة أن تبدأ.
إنما يبدو أنه لن تكون هناك رحلة منذ أن منَحْنا القبطانَ شيئاً حسناً بالتأكيد، ولذلك ينبغي أنْ نقضي بقية أيامنا نقذف القبطانَ من أعلى سطح القارب.
أميلو الممحوّة
محى أبٌ بممحاة كبيرةٍ ابنتَهُ. لما انتهى كانتْ لطخةٌ حمراءُ على الجدار فحسب.
قالت زوجتُه. أين أميلو؟.
إنها خطأٌ ومحوْتُهُ.
ماذا عن أشيائها الجميلة؟ سألت الزوجة.
سوف أمحوها أيضاً.
كلُّ ملابسها الحسنة؟.
سوف أمحو خزانتها؛ ومَنْ يساعدها على ارتدائها... إخرسي فيما يتعلقُ بأميلو! أحضري رأسكِ وسأمحو أميلو منه.
أزال الزوجُ بممحاته جبهة الزوجة، وبدأت تنسى، قالت، همممممم، أعجبُ من كلِّ ما حدثَ لأميلو؟
لم أسمع عنها من قبل، قال زوجها.
وأنتَ، قالتْ، مَنْ أنت؟ ألسْتَ أميلو، أأنتَ؟ لا أتذكَّرُ أنكَ شخصَ أميلو. أأنتَ أميلو التي تخصّني، مَنْ، لا أتذكَّرُ أيَّ شيء آخر؟
بالطبع لا، كانت أميلو فتاةً. أأبدو مثلَ فتاة؟
لا أعرف، لا أعرف أيَّ شيء كان يشبهُ أيَّ شيء آخر...
الشجرة
طعّموا أعضاءَ من قردٍ بكلب...
ومن ثَمَّ، ماذا أضمروا، يودُّ العيشَ في شجرة.
لا، أرادَ أنْ يرفعَ قدما ويبول على الشجرة...
إنما في بضعة لحظات كان الضخمُ من بينهم قد عاد إلى نومه، يحلم أنه قد جاء بإضافةٍ تخوِّلُهُ الأمرَ كلَّه في الكون الذي لا بدّ أنْ يشمل الأرضَ والمرأةَ التي ودَّ أنْ أحبَّ...
اختيار وترجمة جهاد هديب
-
خذلان ...نادية عاشور
http://www.abunawaf.com/members/not4sale/gloob.jpg
الطائر الجريح
بقلم : نادية عاشور(فلسطين ..غزة)
عندما يخذلون إحساسك الجميل
..ويكسرون أحلامك بقسوة
..ويرحلون عنك كالأيام..كالعمر
..وينبت في قلبك جرح بأتساع الفراغ خلفهم
..ثم تأتي بهم الأيام اليك من جديد
..فكيف تستقبل عودتهم
وماذا تقول لهم؟؟؟
قل لهم
..انك نسيتهم
وأدر لهم ظهر قلبك,وأمض في الطريق المعاكس لهم
فربما كان هناك..في الجهة الأخرى..أناس يستحقونك أكثر منهم
:قل لهم
..ان الأيام لا تتكرر
وان المراحل لا تعاد
وانك ذات يوم..خلفتهم
تماما كما خلفوك في الوراء وان العمر لا يعود الى الوراء أبدا
:قل لهم
انك لفظت آخر أحلامك بهم
..حين لفظت قلوبهم
..وانك بكيت خلفهم كثيرا
حتى اقتنعت بموتهم
وانك لا تملك قدرة إعادتهم إلى الحياة في قلبك مرة أخرى
بعد أن اختاروا الموت فيك
:قل لهم
..إن رحيلهم جعلك تعيد اكتشاف نفسك
..واكتشاف الأشياء حولك
..وأنك اكتشفت أنهم ليسوا آخر المشوار
..ولاآخر الإحساس
..ولاآخر الأحلام
..وأن هناك أشياء أخرى جميلة
..ورائعة
.تستحق عشق الحياة واستمراريتها
:قل لهم
..انك أعدت طلاء نفسك بعدهم
..وأزلت آثار بصماتهم من جدران أعماقك
..وأقتلعت كل خناجرهم من ظهرك
وأعدت ولادتك من جديد
,وحرصت على تنقية المساحات الملوثة منهم بك
..وان مساحتك النقية ما عادت تتسع لهم
:قل لهم
..انك أغلقت كل محطات الأنتظار خلفهم
..فلم تعد ترتدي رداء الشوق
..وتقف فوق محطات عودتهم
..تترقب القادمين
..وتدقق في وجوه المسافرين
..وتبحث في الزحام عن ظلالهم وعطرهم وأثرهم
.عل صدفة جميلة تأتي بهم اليك
:قل لهم
..ان صلاحيتهم انتهت
..وان النبض في قلبك ليس بنبضهم
..وان المكان في ذاكرتك ليس بمكانهم
..ولم يتبق لهم بك سوى الأمس
..بكل ألم وأسى وذكرى الأمس
:قل لهم
..انك نزفتهم في لحظات ألمك كدمك
..وانك أطلقت سراحهم منك كالطيور
..وأغلقت الأبواب دونهم
.وعاهدت نفسك ألا تفتح أبوابك الا لأولئك الذين يستحقون
-
كم تدفع الشاعرات لقاء شعرهنّ؟ رجاء غانم دنف / شاعرة من فلسطين
http://www.alimbaratur.com/All_Pages...ayout_85_A.jpg
كم تدفع الشاعرات لقاء شعرهنّ؟
لم أستغرب كثيراً من مضمون ما كتبته قبل أيام في كيكا، والمقارنة البلاغية (لم تخرج عن هذا النطاق) بين من هم شعراء وشاعرات.
لم أستغرب لأنني تعودت أن تلقى نساؤنا وبناتنا نصيباً هائلاً من الاقصاء والتجاهل والنظرة الفوقية في الخطاب الذكوري السائد،هذا على صعيد عام. أما في المجال الثقافي فقد شُرِّحت نصوص الشاعرات وحياتهن في بعض الاحيان فوق طاولات البارات والمقاهي الثقافية والنتيجة أننا أعدنا جميعاً إنتاج الخطاب العربي السائد القائل بتفوق الرجل وعبقريته ودونية المرأة ومحدوديتها.
ضحكت كثيراً من تخيل صورة الشاعرة التي تحدثت عنها يتبعها رجال الامن كالخدم. ويقف المطار على رِجْلٍ كما نقول لاستقبالها وتسخَّر لها كل وسائل الراحة والاستمتاع وكأنها هبطت للتو من كوكب مخملي.
عن أية شاعرات تتحدث يا عزيزي؟؟ هل سمعت يوماً بمعاناة الشاعرات على الحدود العربية من المحيط الى الخليج؟ هل تعرف أن العديد منهن ممنوعات من السفر وملاحقات من قبل أنظمة القمع العربية ،ومن قبل دولة الديمقراطية الزائفة اسرائيل؟ وعلى عكس الصورة التي قدمتها بأن المؤتمرات والمهرجانات تصلها إلى غرفة النوم تجد نفسها محرومة من التواصل الثقافي والانساني والابداعي مع ملتقيات كثيرة قد تدعى اليها؟
هل تعرف أن شاعرات مبدعات من الخليج العربي لا يستطعن السفر إلا بمحرم؟؟ نعم حتى وإن كانت تذهب إلى مناسبة أو مهرجان شعري لا يعني شيئاً لهذا المحرم.
وماذا عن المعاناة الطويلة لمبدعات وكاتبات عراقيات طوال فترة الحكم الصدامي السابقة؟ والمعاناة الطويلة الان مع الاحتلال وظروفه القاسية؟
هل تعرف أن عدداً من الشاعرات والمبدعات قلن لا للنشر والشهرة والدعوات المفتوحة الى مختلف المهرجانات إن كانت على حساب الجسد أو المبدأ. وبدلاً من الحديث عن بعض ظواهر الدعارة الثقافية المقنعة نتحدث عن شاعرات يجلسن بالدرجة الاولى في الطائرات؟؟
هل سمعت عن المبدعات العربيات اللواتي مسحت بهن شوارع العواصم العربية العظيمة (القاهرة ودمشق مثلاً) لأنهن أخذن موقفاً ضد كل ما يجري من احتلال وقمع وقهر ،ولأنهن يَعين أن الدور النضالي الانساني لا ينفصل عن الدور الابداعي والكتابي؟
قبل أسابيع قرأت عن الكاتبة السورية سمر يزبك التي نكّل بها لأنها شاركت في اعتصام في العاصمة السورية وقلة قليلة كتبت عن هذا الموضوع الخاص بنضال امرأة مبدعة، بينما نالت أحداث أخرى أقل شاناً وأهمية نصيبها من الشعللة والبهرجة لأن أبطالها ببساطة ذكور،وهكذا تصبح البطولة نفسها مجسدة على شكل ذكر.
الشاعرات اللواتي تحدثت عنهن في موضوعك ربما كنّ قلة ولا ننكر وجودها لأنها جزء من حالة عامة ولكن ألا يوجد في المقابل شعراء تحولوا الى أساطير تهلل الدنيا كلها لهم، وان حدث ونُشر نص ركيك لهم، لا يجرؤ أحد على المس بهم وبقامتهم الرفيعة .وممارساتهم لا تختلف عما وصفت به الشاعرات في نصك؟ لم لا يذكر هؤلاء كلهم ويتم الحديث عن فساد وتسلط وقمع ثقافي وصنمية بشعة بدلاً من تحويل الامر إلى مقارنة بين الرجل الصالح والمرأة الشريرة؟
الاجدر بنا جميعاً أن ننمي لغة مختلفة اتجاه ما يجري حولنا وأن نعي أن حالة من الفساد والهوس تصيب حالتنا الثقافية ونحن بحاجة لوقفة حقيقية ومراجعة لظروفها المختلفة بدلاً من لعب أدوار تقسيمية لن تساعد كثيراً إلا في ازدياد الهوة بين الرجل والمرأة من ناحية ،وبين كل اتجاهين مختلفين في مجتمعاتنا من ناحية أخرى.
النساء المبدعات والشاعرات العربيات يتسع أفقهنّ أرحب بكثير مما صورت.
وهن يواصلن يوماً بعد يوم عملية ولادتهن الصعبة للخروج من القمقم.
رجاء غانم دنف / شاعرة من فلسطين.
-
الشاعر ممدوح عدوان من أهم شعراء سورية الأحياء
http://www.jehat.com/jehaat/images/p...oh_adawan7.jpg
الشاعر ممدوح عدوان من أهم شعراء سورية الأحياء
البعض يعتقد أني فلسطيني لأن شعري مطبوخ بهذا الهم
لم أكتب قصيدة النثر لكني لا أستنكرها
ترجمت الإلياذة وثلاثين كتاباً عن الإنجليزية
الشاعر ممدوح عدوان من أهم شعراء سورية الأحياء, ومن أهم المترجمين, وكتّاب المسرح المتميزين, وهو مؤلف درامي عالج في كتاباته للتلفزيون قضايا اجتماعية, واستحضر التاريخ في مسلسلات كبيرة شكلت علامة مضيئة للفن السوري المعاصر.
ولد في قرية (دير ماما) من ريف حماة حيث يزرع الفلاحون قلوبهم سنابل قمح, ووردا أبيض, وعلى ذلك البساط السحري الأخضر رضع معنى الانطلاق والحرية, وعشق الطبيعة الفاتنة, وتأثر بما شاهده من كدح المزارعين الفقراء, وارتباطهم بالأرض, واستبسالهم في الدفاع عنها وحمايتها من اللصوص والسماسرة, حيث كتب في عشق الإنسان للأرض والحياة والعدل القصيدة الشعرية الأولى.
وفي جامعة دمشق تعلم الأدب الإنجليزي, واهتم بالشعراء العالميين, وقرأ للعديد من الفلاسفة, وصفوة المثقفين, وأقطاب الفكر السياسي, فغدا شاعر الجامعة, وجاء شعره منسجما مع روحه وحياته, ومرتبطا بأحداث عربية, وكان خير صوت لتلك الأحداث التي مرت على الأمة في الستينيات, والسبعينيات.
صدر له 17 مجموعة شعرية آخرها (كتابة الموت) وروايتان (الأكبت) و(أعدائي) كما كتب 20 مسلسلاً منها (الزير سالم) و(أبو الطيب المتنبي). وهنا يحاوره الشاعر والصحفي الفلسطيني أحمد خضر الذي أصدر عدداً من المجموعات الشعرية.
كيف كانت بدايتكم الشعرية?
- انا من جيل الستينيات, هذا الجيل التالي على جيل الرواد من الناحية الشعرية, بدأت صغيراً أكتب الشعر, لكنني بدأت في النشر عام 1963, ونشرت في مجلة الآداب أول مرة عام 1964, وهي أهم مجلة عربية معنية بالحداثة في ذلك الوقت.
هل تشكل قصيدتك الحالية قفزة نوعية مقارنة بتلك التي نشرتها في الستينيات?
- بلا شك, فأنا الآن نضجت وكبرت وازدادت معارفي, وتطورت أدواتي الشعرية, وتعمقت نظرتي للحياة, وأستطيع استخدام أدواتي بشكل أفضل.
شعارات صعبة
يلاحظ أن قصيدتك تعلقت بالوضع العربي, ألا يمكننا القول إن مرحلة الستينيات والسبعينيات كانت مرحلة الرومانسية الشعرية بالنسبة لك?
- فيما يتعلق بالوضع العربي كانت هناك فرصة للوهم, وأجيالنا تعلقت بأوهام وشعارات تبين أن إمكان تطبيقها صعب جداً, كما أن أعداءنا أقوياء جدا, وهذا تم بشكل تدريجي, كل العرب اكتشفوا قوة إسرائيل بالتدريج, حيث كانوا يعتقدون أنهم سيزيلونها في ليلة ليس فيها ضوء قمر.
لكن عدم تنفيذ الفكرة لا يعني بطلانها, الواقع العربي لا يحتمل الآن الوحدة العربية, لكنني مازلت مؤمناً بالوحدة العربية, كما أن الواقع لا يحتمل الكلام عن تحرير فلسطين لكنني مازلت مؤمنا أن فلسطين عربية, ولو كان تنفيذ ذلك الآن مستحيلا وأنا أتكلم بلساني كشاعر ومواطن عربي ولست وزير خارجية ولا وزير دفاع.
أنت تكتب المقالة السياسية والقصيدة الشعرية, فأين يلتقي الشاعر والسياسي لديك?
- أنا شاعر أعبر عن همومي, وهمومي بها قسم كبير سياسي, مثلما تعبر عن جوعك وكبتك وظلمك وعشقك, تعبر عن أفكارك السياسية وخيبة أملك السياسية.
-
لكن الهم الفلسطيني يتملكك إلى درجة كبيرة.
- كل شعري من بدايته إلى الآن عن فلسطين, إلى درجة يعتقد البعض أنني فلسطيني, وشعرنا مطبوخ بهذا الهم, وهو يتعرض لمد وجزر حسب الأحداث والفجائع التي تحدث, لكن ليس مطلوباً من الشاعر أن يعلق على الأحداث بالضرورة, أو أن يكتب عن حدث معين. وبالنسبة لي فأنا شاعر له هم سياسي, لكنني لا أقوم بدور سياسي, لست زعيم حزب أو كادراً في حزب, ولكنني كاتب وشاعر لدي هموم سياسية لا أخفيها وأتعامل معها في شعري وكتابتي.
ظل الآخر
بمن تأثرت كشاعر?
- لا يوجد شاعر محدد, شعراء عرب وغير عرب سواء المحدثون أو القدامى, فأنا قارئ جيد للتراث وفي الوقت نفسه درست الأدب الإنجليزي في الجامعة, وعندي قدرة على أن أقرأ وأكتب باللغة الإنجليزية, وقد ترجمت ثلاثين كتاباً عن اللغة الإنجليزية, وقرأت الأدب العالمي إما لأدباء إنجليز وأمريكيين أو أدب عالمي مترجم إلى اللغة الإنجليزية.
والإنسان حصيلة هذه الثقافة إضافة إلى خبرته بالحياة, وجهده وتعبه على نفسه, إنني متأثر بكل هذا ولا يوجد شخص استعبدني ولا وقعت في ظله.
لكننا نجدك في الشعر والسيناريو والرواية والترجمة. - أكتب ما يخطر على بالي, أمارس كتابة فنون مختلفة, أكتب الشعر والدراما والرواية, حين تأتي مادة أكتبها أختار النوع الأدبي الذي أكتبها فيه وأسأل نفسي إن كانت تصلح مسرحية أو قصيدة.
الحداثة تسيطر على الساحة الشعرية العربية, وشعراء قصيدة النثر لهم صولات وجولات, فلماذا لم تبرح قصيدة التفعيلة? - أعترف بوجود قصيدة النثر وهي شعر, لكن نسبة الشعر فيما أراه موجوداً لا تبلغ واحدا في الألف, كله من نوع رديء يدل على نقص في الموهبة والثقافة ونقص في الخبرة وأدوات التعبير.
لكن هذا لا يعيب قصيدة النثر.
- نعم أنا لم أكتب قصيدة النثر لكنني لا أستنكرها, وأنا معجب ببعض شعراء قصيدة النثر مثل محمد الماغوط الذي لا يكتب إلا القصيدة النثرية.
قصائد باهتة
لماذا جاء حكمك قاسيا على تيار القصيدة النثرية? - لأن الكثيرين منهم استسهلوا الكتابة بها, واعتبروها ملجأ للهروب رغم أنها فن صعب, إضافة إلى أن العديد من شعراء قصيدة النثر لا يعرفون أسرار اللغة العربية ورشاقة ألفاظها, وجمال التعبير فيها, ويقومون بنقل قصائدها وترجمتها عن اللغات الأجنبية, فتأتي القصائد باهتة لا لون لها, ويحس المتلقي بأنها مترجمة وليس فيها شيء من روح الشاعر وموهبته الخاصة.
إغناء للساحة
ولكن.. لكل شاعر في العالم العربي أسلوبه وطريقته في التعبير والاعتراف بشاعرية الآخرين أفضل من الهجوم غير المبرر وغير الموضوعي?
- هؤلاء يشكلون زينة الإبداع العربي, ويجب أن يختلف كل واحد منهم عن الآخر, ذلك أنهم إذا تشابهوا فإن واحداً منهم يكفي, لكن حين يكون لكل شاعر طعمه وأسلوبه ولونه وطريقة تعبيره فهذا إغناء للساحة الإبداعية التي تتعدد فيها الأصوات والتجارب والخبرات.
في قصائدك الشعرية الأخيرة بدأت تميل نحو الترميز وتركز على القلق الشخصي, الذي صار بالنسبة لك هاجساً ملحاً ودائماً, لماذا دخلت هذه المرحلة وأنت الشاعر الذي انصهر في القضايا العامة? - إن الإنسان العادي له طموح أن يصبح ملاكاً يبني المدينة الفاضلة, وهذا الطموح يساعد الشعراء والحكماء والحكام في هذا الحلم, أما الواقع, فكل الواقع المحيط بالإنسان يضغط عليه لكي يرجعه إلى حيوان بغرائزه, يخلصه من أحلامه وطموحاته, هذه معركتي الأساسية, وكل ما أراه يحتويني أستاء منه, وكل ما أفرح به أراه يساعدني على النمو, وما أخاف منه أن الضغوط المحيطة تقلل من إنسانية من حولي أو أجد ضغوطاً معتاداً عليها لدرجة لم أعد أحس بأنها ضغوط, هذا أخطر ما في الموضوع أن نعتاد على الظروف غير الإنسانية ونعتبرها الظروف الطبيعية. أتمنى أن أحقق بشعري هذه المقولة, أنا أحرض بشعري على أن الإنسان له حق الحلم, وله حق في البحث عن حياة أفضل, حتى في الحب, أنت بإمكانك الحب بشكل حيواني أو بطريقة إنسانية سامية.
إنني أحاول أن ألامس الجانب الإنساني المشع في الإنسان وأدله على المناطق المظلمة فيه, والتي هي بحاجة إلى إضاءة, وكلنا في نفوسنا مناطق معتمة منذ أجيال.
لماذا لم تكتب الشعر العامي?
- كتبت أحيانا بعض الأعمال المسرحية, وأغاني درامية للتلفزيون, ولكنها ليست أغاني تطريب, بمعنى لم أكتب أغاني ولا شعرا عاميا.
البعض يرى أن الشعر صنعة.. ما رأيك?
- الشعر صنعة وموهبة, وإن كانت نسبة الموهبة فيه لا تتعدى العشرين في المائة, وما تبقى هو صنعة, لكن هذه الصنعة يجب أن تكون متقنة إلى حد تبدو فيه غير مصنوعة, فالشاعر عندما يكتب قصيدته تنقح حتى تعود إلى سلاستها, ويتلقاها المتلقي ويظن أن هذه ليست مصنوعة وغير (متعوب) عليها, وهذا ما يسميه العرب السهل الممتنع, بالبناء, والأوزان, والألفاظ, والخلفية الثقافية, والمنطق الذي يحكم التحليل الذي تقوم عليه, الفن أصلاً صنعة لكن ليس كل صانع فناناً, وبما أنني أحب ما أكتب, وأستمتع به من شعر ومسرح ورواية وزاوية صحفية وغير ذلك فإنني أتعب على الكتابة وأشتغل فيها ما لا يقل عن عشر ساعات يومياً.
ليس زمن الشعر
لندخل إلى عالم الرواية بصفتك كاتبا روائيا فإن البعض يرى أنها ستكون بديلاً للشعر, وهي فن القرن الواحد والعشرين?
- لا أوافق على هذا الرأي, نحن متعلقون بعبارة اسمها (الشعر ديوان العرب) هذه كلمة حق أريد بها باطل, فالعرب كانوا يعبرون عن كل شيء لديهم بالشعر, حتى قواعد اللغة نظموها شعراً, صار الشعر يحمل هم التاريخ, والإعلام, والحرب, أما الآن في عهد التخصص, فإن الشعر بكل بساطة استغنى عن المهام التي كان يقوم بها في السابق, فنحن لم نعد نقرأ قصيدة كي نقرأ التاريخ, بل هناك مؤرخون وكتب وكليات, الشاعر صار متفرّغاً لشاعريته ونحن نظن أن (الشعر ديوان العرب) لأن العرب كانوا سابقاً يقولون الشعر ويكتبونه وهذا غير صحيح, لا أعتقد أن المتنبي كان له قراء في عصره أكثر مما لمحمود درويش الآن قياساً للزمن والعدد, وهذا لا يعني تفضيل محمود درويش على المتنبي, الآن نسبة قراءة الشعر تقل, ودخلت فنون أخرى بصرية, وهناك وسائل ترفيه أفضل من الشعر, مثل السينما والتلفزيون والإنترنت. حتى الرواية كفن أدبي متميز, فإن نسبتها ليست أعلى من نسبة الشعر, أما القصص التي تباع فهي كثيرة كمادة تسلية وليس مادة أدبية, فإذا شاهدت شخصاً في المترو يقرأ قصة فهذا ليس قارئ أدب, أو سيدة تتنزه على شاطئ البحر تحمل هذا النوع من القصص فهي ليست قارئة أدب, ولا يعني أن الرواية منتشرة أكثر, ذلك أن انتشار الروايات الجيدة ليس أكثر من انتشار الدواوين الشعرية الجيدة.
-
موسيقى الشعر ....كميل سعادة
http://www.alimbaratur.com/All_Pages...aheen_88_A.jpg
هل من كلام يقال، والآن، وبعد الآن، عن الموسيقى في الشعر، وعن اللازم وغير اللازم، وعن الشروط المسبقة التي ينبغي للشعر أن يأخذ بها، لكي يكون شعراً جيداً أو لا يكون؟ في معنى آخر، هل يمكن أحدنا أن ينصّب نفسه حكماً في هذه المسألة، بما يحمل على إدانة اتجاه وتسفيهه، وبما يحمل، استتباعاً، على التحزب لاتجاه آخر؟ هنا، في "الملحق"، نحن من أنصار الشعر الجيد، وأياً يكن، أكان يستلهم موسيقاه الداخلية ليكون، أم آخذاً بموسيقى الأوزان المعروفة، وما سواها. المقال الذي ننشره للشاعر والناقد كميل سعادة، يريد أن يقول أشياء في هذا الصدد، ربما سيرى البعض أنها تحمل أحكاماً تعميمية ومتعسفة. لكننا إذ نؤثر نشرها فإنما لتأكيد حرية الرأي، وتعدده، وتالياً لفتح مجال المناقشة، والردود أيضاً.
منذ أن بدأت الدعوة الى الحداثة في الشعر، هوجمت الأوزان والقوافي اولاً، ثمّ هوجمت عناصر الشعر التقليدي الاخرى. وبلغ الازدراء بالاوزان درجة اعتبارها مجرّد أثواب موسيقية خارجية ومصطنعة، ورحنا نسخر من الخليل بن أحمد ومن موازينه تلك، التي قلنا إنها وقفت سدوداً في وجه الكثير من المواهب، وأحبطت العديد من عباقرة الشعراء! وبعد ذلك ذهبنا الى أبعد فقلنا إنها حوّلت الشعر الى صناعة، ثم قادته الى الموت. وفي هجومنا هذا على أوزان الشعر حلّلنا للشعراء أن يستعيضوا عنها بالتفعيلة، ثم دعا جماعة منّا الى إمكان التحلّل الكامل من الاوزان وإيقاعاتها والذهاب الى ما سميناه قصائد النثر والايقاع الداخلي. وبذلك أتممنا معاملات الطلاق بين الشعر والاوزان، وفصلنا الموسيقى وخصوصاً الايقاع عن الشعر، وصار الشعر والموسيقى أقنومين ولم يفكّر أحد منّا أنهما قد يكونان في الاصل أقنوماً واحداً.
الواقع أن الشعر العربي كان خلال مساره الطويل، عرضة لكثير من أوجه الصناعة والتكلّف في ما كان يعتبر مبنىً ومعنىً أو شكلاً ومضموناً. حتى أن قدامى نقّاده قلّما كانت لهم آراء تتحدث عن موسيقاه كعنصر داخلي مشترك منذ البدء في تكوينه؛ اذ اعتبر معظمهم مجموعة أوزان الخليل خزانة موسيقية عُلّقت فيها الاثواب النغمية لنختار منها في كل مرة ما يناسب ما عندنا من معان، والحقيقة أننا تأخّرنا كثيراً في الانقضاض على مفهوم هؤلاء النقاد، وإن كنّا في هجومنا ذلك قد عدنا فوقعنا نحن ايضاً في ما يشبه شططهم الى حد ما. والآن، وحتى نتمكن من إيضاح مسألة الشعر والموسيقى هذه، يجدر بنا أن نبحث أولاً في علاقة الموسيقى بالشعر.
المعروف أن هوميروس كان ينظم أشعاره وينشدها على أنغام قيثارته، وأن الأعشى لُقّب بصنّاجة العرب لإنشاده قصائده بمصاحبة الصّنج، والمعروف كذلك أن الخليل بن أحمد لم يبتدع أوزان الشعر العربي، وإنما استنبطها مما كان موجوداً حتى أيامه من قصائد. وبإلقائنا نظرة ولو سريعة على آداب الأمم المختلفة نرى أن الشعر كان رفيق الايقاع والغناء حتى الربع الاول من القرن العشرين؛ أي حتى ظهرت دعوات التحرّر واتجه بعض الشعر نحو الانفلات من الايقاع والقياس. ولعل اتجاه الموشحات مع العرب في الأندلس نحو التنويع في طرق الوزن الشعري، لم يكن دليلاً على ميل الشعراء الى التحرّر بقدر ما كان دليلاً على ميلهم الى تقريب عملية الوزن من مسألتي التلحين والغناء. وهذا كله في نظري دليل كافٍ على تلازم الشعر والموسيقى في جميع الظروف.
لكن قد يعترضني الساعة قائل إن الموسيقى وإن هي كانت رفيقة الشعر في كل الاوقات فإن منها الموقّع وغير الموقَّع او الفالت بلغة الموسيقيين، فلماذا اذاً نفرض الايقاع على الشعر كله، ولمَ لا يكون الشعر كربيبته الموسيقى موقّعاً حيناً وغير موقّع حيناً آخر تبعاً لما يستهوي الشاعر؟ ليس في هذا الاعتراض أي غرابة؛ فالموسيقى لغة فنية ومنها الموقّع وغير الموقَّع، والشعر لغة فنية ايضاً ويمكن أن يكون منه الموقّع وغير الموقَّع، ولكن ألا يجوز أن تكون الموسيقى غير الموقّعة هي الموسيقى المنثورة والشعر غير الموقَّع هو الشعر المنثور؟ ولماذا الالحاح على تسمية الشعر المنثور قصائد نثرية، بل ولماذا الاصرار على تعميم التسمية والخلط بين الشعر والنثر؟ إنه في نظري قد ينطلق الشعر والنثر الشعري من منطلق تكويني واحد، ولكن قد يأخذ هذا منحى النثر الجميل والذي قد يسميّه بعضهم النثر الشعري، أما الآخر ولسرّ قد لا نعرفه فيتّجه ومنذ بدئه نحو الايقاع وربما نحو الوزن وهو ما اعتدنا تسميته الشعر.
الأسى البالغ
الواقع أن اتجاه الشعراء وغير الشعراء نحو التحلل الكامل من الايقاع والاوزان الشعرية وبشكل فوضوي في هذه الفترة، يصيب الناقد الذي يحمل همّ الشعر بشيء من الأسى البالغ الأثر؛ ذلك لأنه يرى أن الشعر الذي عاش في وجدان الناس وفي ذاكرتهم وعلى شفاههم قبل التدوين وكذلك بعد التدوين ومنذ وجوده وحتى الربع الاول من القرن العشرين قد أصيب بما تصاب به الثانويات والمهملات من أشياء الحياة، وهبط حتى العديد من شعرائه الموهوبين الى مستوى الثرثارين، حتى لم يعد كما بدا لي ينفع مع هذا الخليط العجيب اقامة حواجز التفتيش والتدقيق في الهويات. سيقول بعضهم الآن: ها نحن أمام مرتّل جديد يحلّ قطع عنقه. لكن مهلاً فأنا لست مرتداً وإنما أنا باحث عن ذلك الشعر الذي فتن به الناس قروناً طويلة والذي لما كان فيه من سحر أقام له اليونان ربّة، وقال العرب إنه من وحي الشياطين، ثم ساوينا نحن بينه وبين رؤى الانبياء فيما كنّا نعمل على تجريده من عنصره الموسيقي.
قد يقول الآن قائل ان موسيقى الشعر، وخصوصاً الايقاعية، عنصر دخيل اضافه الشعراء ليسهّلوا حفظه أيام الرواية. لكني سأجيب من يدّعي ذلك أن الايقاع الشعري استُعير فعلاً الى اراجيز النحو وغيرها من الموضوعات غير الشعرية؛ أي نُقل من الاصل الى التقليد للاستفادة منه كما يحصل بين كثير من الصناعات. وقد كان خطأ التمادي في فصل العنصر الموسيقي عن الشعر وفي استخدامه هذا، راجعاً الى طائفة دخيلة على نقد الشعر في العصور العباسية جاءت آراؤها في تحديد الشعر على قليل من الصواب وكثير كثير من الضحالة والشطط. من هذه الطائفة أبو هلال العسكري وقدامة بن جعفر وكذلك ابن قتيبة وغيرهم. فهم جميعاً بلا استثناء جعلوا الوزن الشعري لباساً لمعاني الشعر، وفصلوا بين الشعر وموسيقاه وكان ذلك في نظري اثراً سيئاً للفلسفة اليونانية ومباحثها حول الروح والجسد، ثم للاهوت المسيحي والاسلامي والكلام الكثير على ما قد نسميه "الوعائية" او كون الجسد وعاء للنفس. لم يتنبّه ناقد حديث الى هذا الامر في تناولنا قضية الموسيقى في الشعر، بل رحنا نهاجم الاوزان والايقاعات "الخارجية" لأنها الجسد المصطنع الذي عيّنه أبو هلال وأمثاله للشعر، وآمنّا أننا بهجومنا على هذا الجسد إنما نخلّص الشعر مما علق به من زخرف وصناعة وهشاشة. مهلاً، الشعر سيد الفنون وجامعها وصاحب عرشها الاعظم، له موسيقى الموسيقيين، وله صور الرسامين وألوانهم، وله نحت النحاتين ورقص الراقصين وأكمل اذا شئت. بعض قصائده نقربها برهبة وخشوع ونجلّها كما نجلّ المقدسات، وفي بعض مجموعاته عوالم ننتقل اليها يصغر أمامها هذا العالم الموبوء. وقد تكون الموسيقى بإيقاعها هي نبضه الطبيعي وفيض اعتماله وكينونته. فلننسَ نظرية الجسد او اللباس؛ فكيف نفصل بين الشعر وموسيقاه ولا نفصل بين الشعر وصوره؟ واذا أردنا مثل هذا الفصل، فلنتخلّ عن موسيقى الشعر وصوره والحركة التي فيه، ولنرَ بعد ذلك ماذا يبقى لنا من الشعر. كفى تسهيل لمن ليسوا شعراء، وكفانا فوضى وضياع وتوزيع شهادات مزوّرة. إيقاع الشعر وحتى أوزانه لا يحمل همّها الشعراء لكن المتشاعرون، والقصائد ولدت في البدء مع نبضها وإيقاعها واختطّت طريقها الطبيعي ثم اتجهت مع إيقاعها ككل الاشياء من الطفولة الى النضج، ومن النقص الى الكمال، ومن التشوّش والفوضى الى شيء من الاستقرار والنظام. الطفل يتجه هذا الاتجاه وكذلك صغير الحيوان والنبات حتى مخترعات الانسان من الادوات والآلات؛ أليس ان الساعة لا يرجى منها ضبط الوقت الاّ اذا اكتملت أدواتها واتبعت نظاماً ما؟ نعم، قد تكون الاوزان كما وجدها الخليل قد اصيبت بالهرم والعقم، وقد تكون قد أضحت مومياءات محنّطة، ولكن لا أحد يستطيع أن يُنكر كونها مجاريَ ايقاعية موسيقية حفرتها القصائد واشتركت وإياها في الكينونة والوجود.
قِدم الموسيقى
لست الآن أدعو الى التزام أوزان الشعر الستّة عشر التقليدية، كما أني قد لا أحرّم التزامها. إنما شئت أن أظهر أن الموسيقى عنصر كان في الشعر منذ البدء؛ إنه اذا شئتم عنصر "قديم" بلغة المتفلسفة العرب، يلازم الشعر منذ بدء تكوينه وينبجس معه ويتبع خطاً ايقاعياً يشترك هو والشعر والشاعر في رسمه نحو الوجود. لا أذكر مرّة أني، كشاعر، هيأت المعاني والصور ثم رحت أبحث لها عن وزن شعري يلائمها ويحتويها كما يقول أبو هلال العسكري. مسكين الشاعر فعلاً، فلقد حوّله أبو هلال الى إسكافي (مع احترامي للإسكافي ولعمله)، اقصد الى مجرد صانع يهيّىء قطعة الجلد والخيطان والمسامير، ثم يختار القالب ويصنع الحذاء. اعتقد ان طائفة النقاد هذه بما كانت عليه من ضحالة وبعد عن حقيقة الشعر وعناصره، هي ما اثار نقمتنا على اوزان الشعر الستة عشر التي راحت تتحول مع الزمن الى ما يشبه المنزلات كالوصايا العشر وكتب الاديان في الشرق، أهل هذا الشرق مولعون بالمقدسات وبتجميد النظم وتثبيت القيم. ونحن الذين دعوا الى الحداثة، ربما دفعنا توتر اشمئزازنا من الجمود الى شيء من الغلو والشطط في هذا الشأن، وصار لزاما علينا الآن ان نعود الى الروية والرشد فنحاول ان نعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله.
يوم ابتدأت الدعوة الى الخروج على اوزان الشعر التقليدية، دعونا الى جواز استخدام التفعيلة كوحدة ايقاعية، واخبرنا كذلك انتقال الشاعر في القصيدة الواحدة من وزن الى آخر. كما قلنا ايضا بجواز اعتماد ما سميناه الموسيقى الداخلية في ما هو غير موقّع من الشعر. هذا طبعا في ما يتعلق بموسيقى الشعر لكن، وبعد تتبعي لتطبيق هذه الاصول في الشعر الحديث، كنت اقع احيانا على شعر يزعجني فيه شيء من الخلل الموسيقي، رغم انه في الظاهر شعر يبدو تفعيليا. وكنت اجد مثل هذا العيب حتى في شعر شعراء مارسوا سابقا النظم على البحور التقليدية. ثم كثر وقوع الشعراء في مثل ذلك، وتكون عندي نوع من الهاجس الذي كان يوحي لي أن المسألة ستتطور الى ان يصبح العيب قاعدة ما. والخلل الذي اشرت اليه هو في ان الشعراء كانوا احيانا "يكسرون ظهر التفعيلة" ويخرّبون الايقاع. ولم يكن ذلك منهم انتقالا من تفعيلة الى اخرى او من وزن الى وزن، وانما كان خللا في مبدأ الايقاع. وهذا، وإن خفي على بعض الشعراء، لا يخفى على الموسيقيين الموهوبين، فالموسيقي يزعجه كثيرا خروج بعض المغنين او العازفين عن نبض الايقاع، ويعتبر ذلك نقصا في الموهبة يؤدي الى تشويش لا يغتفر في المسار الموسيقي لا يقل سلبية عن خروج المطرب او العازف او عن عدم قدرته على الدخول في الايقاع. كان من سوء الحظ اني قرأت لمنظّرين ونقاد وشعراء كثيرين، ولكن لم يأت واحد منهم على ذكر هذه القضية، ربما لأنه لا علم لهم بأصول الموسيقى وبمبادىء العزف الثنائي او الجماعي. وحتى أوضح قضية "كسر ظهر التفعيلة" هذه، سأورد شيئا من الشعر صدف انه الآن لأدونيس. يقول أدونيس في قصيدة "شجرة النهار والليل":
-
"قبل ان يأتي النهار اجيء
قبل ان يتساءل عن شمسه اضيء
وتجيء الاشجار راكضة خلفي وتمشي في ظلي الاكمامُ
ثم تبني في ظلي الاوهامُ
جزراً وقلاعا من الصمت يجهل ابوابها الكلام"
اذا كنت ذا حس شعري موسيقي سليم شعرت بخلل ما في منتصف السطر الثاني عند "يتساءل"، حتى لو سلمنا بوجود خطأ مطبعي ورحنا نغيّر يتساءل الى "يسّاءل" او الى "يسأل"، فالخلل سيبقى موجودا، ذلك لأن الشاعر بنى ايقاعه على تفعيلات البحر الخفيف وجوازاتها وهي فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن، وكسر ظهر التفعيلة الثانية وليس في كسره هذا استخدام لجواز او انتقال من بحر الى بحر. وكذلك تشعر بخلل آخر في السطر الخامس عند كلمتي "يجهل ابوابها".
عودة الى الإيقاع
لنعد الآن الى الايقاع. لقد كثر كلام المحدثين ودارسي الشعر الحديث على الايقاع في الشعر وعلاقة التفعيلة به، فاعتبرت التفعيلة عند معظمهم وحدة الايقاع الجديدة، التي يغني التزامها بشكل او بآخر عن التزام البحور، واجيز للشاعر ان تحمل هذه التفعيلة ويتنقل بها بعللها وزحافاتها عبر قصيدته ما شاء له ذلك وكيفما اراد. ومن الشعراء كما رأينا من لجأ وسط هذه الفوضى حتى الى كسر ظهرها، ظنا منه ربما ان الشعر قلة وان الحس الموسيقي السليم نادر جدا، وان اكتشاف هذا الخلل قد يحتاج الى اكتشاف تفعيلات الوزن وتسمية الوزن ومعرفة ما قد يقع فيه من الجواز، وقد يحتاج ذلك الى الامساك بورقة وقلم وما قد يقع فيه من الجواز، وقد يحتاج ذلك الى الامساك بورقة وقلم والقيام بالتفعيل. وهذه مسألة معقدة قليلاً وتحتاج الى شيء من الوقت كما تحتاج الى موهبة ومعرفة. ثم ان القراء صار معظمهم ربما وهو يقرأ الشعر حاملا في رأسه مقولة حديثة تعلّمها اصلا من المنظّرين وهي تشبه قولنا "كلو عند العرب صابون"، فكل ما نضمه في كتاب مطبوع نكتب على غلافه انه مجموعة شعرية او شعر او ما شابه، هو شعر فعلا وصاحبه شاعر مجدد وحديث وحر. لقد جمّعنا اوزان الخليل وتفعيلاتها وجوازاتها كالخرضة في خرج، ووضعناها على ظهر حمار الخليل و"لزقنا الخليل وحماره عصايتين" واصدرنا عفوا عاما وفتحنا ابواب السجون، فالكل شعراء والشعر صار يبدأ بـ آـويها!
يبدو ان مسألة الخروج من الاوزان الى التفعيلة كوحدة ايقاعية، كانت كذلك مسألة مبنية على جهل بالايقاع الموسيقي في الشعر وفي الموسيقى، فالايقاع في الموسيقى اولا، هو فواصل زمنية محددة لا اختلاف في طولها وقصرها ضمن القسم الواحد من اللحن او المقطوعة. واي اختلاف في ذلك يعد خللا تجب ازالته. والايقاع في الشعر هو هذا بالضبط، والتفعيلة قد تكفي وحدها لقياسه احيانا وقد لا تكفي احيانا اخرى فنحتاج مثلا الى تفعيلتين في بناء ايقاع واحد كما في فَعِلن فَعلُن. ثم تتجمع الوحدات الايقاعية في ما يسمى بالموسيقى الموازير، وهي قياسات موحِّدة لنبضات الايقاع ومنها يستخرج ما يعرف بالميزان الموسيقي الذي يقاس بكسور رقمية حسابية، مثل 4/4 و2/4 و6/8 وغير ذلك. ارأيتم كيف وصلنا الى ميزان الخليل من طريق الموسيقى والحساب؟ ان القضية تحتاج الى موسيقيين للكلام على موسيقى الشعر. وانه الآن ليهجنني حديثنا السابق منذ بداية الخمسينات عن الايقاع الداخلي في قصائد النثر. انه اذا كان في النثر من موسيقى ما، فهي موسيقى فالتة لا ايقاع فيها. وليس في الموسيقى ولا في الكلام ايقاع غير الظاهر منه للاذن، اما سوى ذلك فقد يكون موسيقى تستطيع تسميتها ما شئت الا الايقاع. الايقاع نبض زمني موقع ومقاس على وحدات زمنية متساوية الطول ينهيها الموسيقيون بما يعرف بـ"الدُّمْ"، وعازفو الطبول يسمون ضباط ايقاع، لأن وظيفتهم الاساسية هي المحافظة على مسافات النبض الايقاعي لتنسجم اصوات الآلات انسجاما تاما، وليست وظيفتهم التطبيل والقرقعة كما يظن البعض. وعازفو الصولو غالبا ما يستغنون عن ضباط الايقاع خوفا من التشويش على موسيقاهم اذا وثقوا بأنهم هم انفسهم يستطيعون العزف وضبط الايقاع في الوقت نفسه.
فرضيات وأوهام؟
اذاً، فأي ايقاع هو هذا الكائن في النثر؟ آسف فكثير من الوقت اضعناه في الجدل حول الايقاع والايقاع الداخلي وايقاع النثر، وكله كما رأينا كان مبنيا على فرضيات واوهام، ثم عدنا نتيجة لذلك، نضيع وقتا اكثر في استقراء ايقاع الموسيقى الداخلية في ما دعي بقصائد النثر متكلمين كالسحرة والمنجمين عن اشياء لا وجود لها في الواقع، حتى تركنا الناس تظن اننا نحس بما لا يحس ونرى ما لا يُرى، فتجاوزنا اعتقاد اليونان والجاهلين بآلهة الشعر وشياطينه وجعلنا الناس يعتقدون ان في الشعر اسرارا لا قبل للبشر العاديين بفك رموزها، وفيه كذلك جمالات يجب ان يقرّوا بها ولو لم يستطيعوا اكتشافها.
والآن، ان جل ما نرجوه ان تكون عواصف الحداثة قد هدأت، وان يعود كل شيء الى الهدوء والواقع، وان نبدأ من جديد متضافرين فنعيد النظر في مبادىء اطلقناها سابقا كان فيها طموح شديد وربما كان يشوبها هنا وهناك شيء من النزق والشطط.
كميل سعادة
-
هل سينجح كادر فيلم (اختطاف كمر) العراقي ...وفاء شهاب الدين
http://static.flickr.com/33/46110409_ed3b48217b_m.jpg
هل سينجح كادر فيلم (اختطاف كمر) العراقي بضم النجم الاسترالي (دون هاني) بعد ان ضم ثلاثة ممثلين استراليين؟
وفاء شهاب الدين
romanswriter@hotmail.com
____________________________________
السينما العراقية سينما لها جذور واعماق فنية عميقة قدمت الكثير طوال الفترات الفائتة ولكن الظروف السياسية الخطيرة التي مر بها العراق جعلت الفنانين العراقيين والسينمائيين على وجه التحديد يقدمون على الهجرة كأقرانهم من مبدعي العراق الى خارج بلدهم خوفا على انفسهم من القتل والابادة ،ولكن يبدو ان السينما العراقية مصرة على ان تجعل انتكاسات السياسة انتصارات فنية ،فقد اقدم كادر فني استرالي من اصول عراقية على التهيئة لانتاج فيلم عراقي استرالي مشترك يحمل عنوان (اختطاف كمر ) وهو فيلم كوميدي تتحدث قصته عن تداعيات ظاهرة الاختطاف التي انتشرت في العراق مؤخرا
وبالخصوص بعد سقوط النظام العراقي السابق وتأثيرات العنف الذي يحصل في اماكن التوتر على ابناء الجاليات وعلاقاتهم بابناء المجتمعات الغربية التي يقيمون بها والفيلم يتناول أيضا موضوع سرقة الآثار العراقية بعد دخول القوات الأمريكية الى بغداد ومحاولات تهريب هذه الثروات من قبل عصابات عالمية منتشرة في كل بلدان العالم ولكن اهم ما يحاول ان يعالجه الفيلم هو محاولة تنضيد العلاقات الإنسانية بين أبناء المجتمعات الشرقية والغربية والتغلب على المصاعب التي تخلقها الصراعات السياسية والتي من اهمها التأثيرات السلبية التي تركتها ظاهرة الاختطاف على هذه العلاقة يقوم ببطولة الفيلم الممثل الكوميدي العراقي (جورج سليفو ) ويدير تصوير الفيلم الفنان (ادوارد الرسام ) قصة وسيناريو وحوار الفيلم كتبه الكاتب العراقي (احمد الياسري ) ويقوم باخراج الفيلم المخرج (كارلوس هايدو) وهو مخرج استرالي شاب من اصل عراقي ويشنرك في بطولة الفيلم الفنانة العراقية (سوزان ) هذا بالاضافة الى نخبة من الفنانين العراقيين والاستراليين اهمهم الفنان العراقي الكوميدي (عبد الله البصري) الداخل في موسوعة غينز للارقام القياسية لانه اول انسان على وجه الكرة الارضية استطاع ان يخرج عينيه الى اكثر من انج ونصف وقد كتبت عنه وسائل الاعلام العالمية وشارك في العديد من البرامج والندوات التي تناولت هذه الظاهرة ثم استطاع كادر الفيلم من ضم الممثلين الاستراليين ريشارد جيمز وسام اليكسون والممثلة الاسترالية الشابة كريستي مكانزمي والمفاجأة حصلت حين فاتح مدير الشركة الاسترالية_g a j _ المشرفة على انتاج الفيلم (جوني البالوكي ) بشكل سريع ومفاجئ النجم الاسترالي العائد من هوليود توا (دون هاني ) للانضمام الى كادر العمل ، اعتذر (دون هاني ) لكثرة ارتباطاته في هوليود ولانه عائد لاستراليا ليقضي عطلته السنوية في مزرعة والده في نيو ساوث ويلز حينئذ قامت الشركة بدعوته ليكون ضيف العمل
(دون هاني ) الحاصل على جائزة افضل ممثل عن فيلمه (ويينك اوف ذه بيس ) الذي يتحدث عن الحرب الامريكية على العراق والذي اشترك باكثر من اربعين مهرجان سينمائي حصل خلالها على عشرين جائزة تقديرية بضمنها جائزة افضل ممثل لبطل الفيلم الاسترالي (دون هاني ) اكمل في الفترة الاخيرة فيلمه الاخير (بك توب ) والذي من المفترض ان يعرض في صالات العرض الامريكية هذا الموسم ويرى المختصون ان نجاح (دون هاني ) في فيلمه (كارليفونيان كنك ) قد ينعكس بشكل ايجابي على فيلمه الاخير علما انه يعتبر من ابرز الطاقات الشبابية الاسترالية التي انطلقت بشكل ملحوظ وحققت نجاحات في هوليود وتتأمل الشركة الاسترالية التي تنتج الفيلم العراقي (اختطاف كمر ) ان يتم ترجمة العرض المطروح على النجم الاسترالي الى واقع عملي من خلال استضافته في الفيلم وقد حصلت بالفعل على موافقة مبدئية من قبل النجم الاسترالي وسيتم الاعلان الايام المقبلة عما ستؤول اليه النقاشات وسيعلن عن النتائج في الايام القليلة المقبلة
-
سنونو الضجر...محمد الماغوط
صدئت أخطائي
ولم أكفر عنها بحرف أو حركة
كل شيء عندي قديم ومستهلك
البيت
الجدران
الستائر
الثياب
القبعات
الخمر
ما عدا: الدموع
وارتباك الزهور عندما يداهمها الخريف
وحرج الأقوال عندما تدعمها الأفعال
وعندما واتتني المنية في أحد الأحلام
أوصيت بوطني لأول قاطع طريق.
* * *
أما أفعالي الملونة:
فقد أوصيت بالصفراء للخريف
والخضراء للربيع
والزرقاء للبحر
والرمادية للغيوم
والسوداء لأغاني الهجر والفراق
- مؤلفاته:
1- حزن في ضوء القمر- شعر- بيروت 1959.
2- غرفة بملايين الجدران- شعر- دمشق 1964.
3- العصفور الأحدب- مسرحية- بيروت 1976.
4- الفرح ليس مهنتي- شعر- دمشق 1970.
5- الأعمال الكاملة- بيروت 1973.
6- المهرج- مسرحية- بيروت 1974.
7- المارسيليز العربي- مسرحية- بيروت 1975.
8- الأرجوحة- رواية- لندن 1992
-
كوكتيل رائع يا ام فراس
الله يعطيك العافيه
ذيبان
-
يشرفني حضورك موضوع كبير لكن يستاهل القراءة بتريث للمهتمين لانه دسم برايي
كل الشكر للمرور
-
http://alghrib136.jeeran.com/d0fe.jpg
حوار مع فنان وأديب من سيناء
أجـــــــــرى الحوار
حسن غريب احمد
عضو اتحاد كتاب مصر
عناوين جانبية :
1) الحديث عن التذوق لابد أن يبدأ بالحديث عن الذوق 0
2) تذوق العمل الأدبى يعتمد على عدد من الأدوات أولها " اللغة " 0
3) تذوق الأدب 00 هذه الأيام لا ينفصل عن تذوق الفنون الأخرى 0
4) من شمال سيناء أدباء على مستوى عال 0
5) الحركة الأدبية فى شمال سيناء 00 ينقصها اهتمام المعنيين بالأمر بشكل أوسع واشمل 0
6) مطلوب تَفَرّغ للأدباء إذا أردنا إنتاجاً متميزاً على أرض سيناء 0
لقاء مع ::
المخرج الأديب
أسعــــد الكاشف
حســـــــن : (( لا شك أن هناك مذاقاً خاصاً للحوار الأدبى أو الفكرى بشكل عام عندما تُتاح لك الحوار
والمحاورة واللقاء مع مثقف جمع بين الفن والأدب 000 فنادراً ما نرى أو نلمس هذا الازدواج
أو هذه الثنائية فالذى يكون موهوباً فى الأدب يحاول تكريس أو تركيز وقته أو معظم وقته
للتفرغ للأدب وفنونه وكذلك بالنسبة للفن 000 ولكن ممكن وليس غريباً أن يجمع ما بين الطب والأدب وبين الهندسة والأدب أو بين الجيولوجيا والكيمياء والأدب 0000 الخ لكن ميدان الفن عريض وواسع و بالكاد يكون أمام أهله الوقت الذى يأكل كل مهام عملهم الفنى 000 ومع ذلك فقد أراد الله تعالى أن تخرج لنا سيناء رجلاً من رجالها وُليد فوق ترابها وتربى بين بحرها ونخيلها وتحت سمائها 000 فامتزج بها وبطبيعتها الخلاّبة فأعطته وميض الأدب فى بداياته 00 ثم أراد الله له أن يسلك الدرب القاسى والمتشعب والمتشابك وهو الفن 00 فعاش الفن كما عايش الأدب الذى هو فى عقله الباطن لذلك حاولنا أن نغوص معه حول هذه المفاهيم 000 فأهلاً وسهلاً بالمخرج الأديب ابن العريش أسعد الكاشف 00
حســـــــن : شكراً لك أولاً لأنك أديب جميل الخْلقة والخُلـُق وبدابة أقول لك أننى أنجذب جداً و بشئ
كاللاشعور إلى أى أديب لأنه يذكرنى بما خُلقت له وهو الأدب 0
بداية ماذا يقول المخرج الأديب الشاعر أسعد الكاشف حول الحركة الأدبية فى شمال سيناء 0 كما
يعايشها اليوم ؟
أســــــعد / أنا بطبعى صريح لأبعد حدود ولا أحب أن أقول لك كلاماً لا أكون مؤمناً به 00 وعندما تسألنى
عن الحركة الأدبية فى موطنى ومسقط رأسى " العريش " أو قل شمال سيناء دعنى أقول أننى ثائر ومنفعل يكاد يسطو بى الكمد ويكاد يقتلنى الغضب ، وكيف لا أغضب وأنا أرى أدباء سيناء يكاد بعضهم يقتل البعض الآخر ـ لو أستطاع ـ وكان لى رغبة أن أقول أنى غاضب بشكل عام على " جناية تستحق التأمل " وهى جناية ما يسمى بالشعر الحر 00 إنها بالمقاييس الفنية للأدب جناية بكل مفهوم هذه الكلمة 00 والذى ينطبق على جناية الشعر الحر 00 ينسحب أيضاً على جناية لا تقل خطراً { الساحة الأدبية بشمال سيناء } الكل يتقاتل مع الكل ، الكل يحقد على الكل 00 الكل يتربص بالكل 00 هذا الذى يحدث ؟؟ هل هو نوع من تأكيد الذات للبعض ؟؟ هل هو النرجسية المميتة ؟ أم أمراض الشيزوفرانيا أو الفوبيا 000والعجيب أن بعضهم إذا كلمته فى أمر يتعلق مثلاً بالناحية السيكولوجية لعمل أدبى مثلاً 00 يردّ عليك بشئ غريب وكأن لسان حاله يقول : ـ { أنا لا أقف عند السيكولوجية فحسب بل إنى من علماء " البارا سيكولوجى " أو انى فيلسوف " الميتافيزيقا " أو أن لى نسب خئولة مع " أرسطو " ونسب عمومة مع " أنشتين " وجيرة طويلة مع أبو الطيب المتنبى ومصاهرة مع الُبحْترى !!!
أنى بصراحة حزين بل حزين جداً لما يحدث على الساحة الأدبية
فى شمال سيناء
حســـــــن : أراك ناقماً على ما يسمي بالشعر الحر ؟
أســــــعد / نعم 00 وقد أوضحت ذلك فى كتابى المتواضع " الأدب الإسلامى 00 و قرن جديد "
ومن قبله كتابي " الفراغ العربي بين قصور و تقصير "
حســـــــن : وما هى حدود غضبتك على الشعر الحر ؟
أســــــعد / المسألة ليست حدود أو نسب بل هى تذوق اليوم تشترى ثلاثين ديواناً من الشعر الحر 00
نتجرع فى قراءتها الصبر المُرّ ، وبعد العناء لا تفوز منها بُطْرفَة أو نكتة أو حكمة أو فائدة لغوية ، وليت الأمر يقف عن ذلك فهى فى معظمها أغراء لقارئها أن يكفر بقومه ولغته وتراثه ويتبدّل بها أراء الأعداء ونظريات الملاحدة وهمزات الشياطين 0
حســـــــن : هل هناك أمثلة لديك من ذلك ؟
أســــــعد / نعم ولكن أريدك أن تجاوبنى اولاً بوصفك أديب 00 نحن نعلم أن الشعر الحديث له ألوان ثلاثة
وهى :
1) اللون الأول : وهو الذى له وزن على هيئة تفعيلة ملتزمة وتبرز فيه القوافى أحياناً 00 ومن نماذجه قول نزار قبانى من قصيدته {{ رسالة من تحت الماء }} يقول :ـ
إن كنت قوياً أخرجنى من هذا اليّم
فأنا لا أعرف فَنّ العوم
الموج الأزرق فى عينيك بحر يجرجرنى نحو الأعمقْ
وأنا ما عندى تجربة فى الحب وما عندى زورقْ
إنى كنتُ أعزّ عليك فخذ بيدىّ
إنى أتنفس تحت الماء
إنى أغرق 00 أغرق 00 أغرق
حســـــــن : وماذا فى هذه القصيدة فى رأيك ؟
أســــــعد / نزار فى هذه القصيدة لا يحيد عن تفعيلة واحدة هى تفعله البحر المتدارك " فعلُنْ " ولكنه يزيد فيها وينقص غير متقيدّ بالبحر المتدارك ثم إن للقصيدة قوافى تبرز أحيانا وتختفى 0
2) اللون الثانى وهو شعر التفعيلة بلا أقواف فأمثلته كثيرة كقول فدوى طوقان فى المقطع الأول من قصيدتها { الفدائى والأرض } تقول :
أجْليسُ كى أكتب 00 ماذا أكتب ؟ 00
ما جدوى القول 00 يا أهلى يا بلدى يا شعبى
ما أحقر أن أجلسَ كى أكتب 00 فى هذا اليوم هل أحمى أهلى بالكلمة 000 كل الكلمات اليوم ملحُ ُ لا يورقُ أو يُزهر فى هذا الليل }
فقد التزمت فدوى طوقان نوعاً من التفعيلة تفعيلة " المتدارك " لكنها انفلتت من القافية نهائياً 0
3) أما النوع الثالث : وهو المنثور الذى لا أثر فيه لوزن أو قافية فقد صدرت منه دواوين كاملة لأمثال الماغوط وأنسى الحاج وبعض شعراء الخليج بل وبعض شعراء سيناء الذين ما زال الحبو الأدبى هو طريقهم وبعضهم أجاد ويعرف أدواته وهذا ليس رأيى فقط بل رأى الدكتور / أحمد عوين كما تعلم أستاذ حسن 00 ونعود للنوع الثالث هذا وهو المنتشر = للأسف = ومنه قول أدونيس من قصيدة لم أفهم منها شيئاً وهى من ديوانه { التحولات والهجرة } يقول مثلاً : ـ
الزمن فخار 00 والسماء طحلب 00 أصير الرعد و الماء و الشئ الحي و حين تفرغ المسافات حتى الظل أملؤها أشباحاً 00 تخرج من الوجه والخاصرة وترشح بالحلم وذاكرة الشجر 000 وحين لا تواتيك الدنيا ألهو بعينى ليزدوج فيها العالم !!!
وجميع الديوان المذكور من مثل هذه الطلاسم المشبوهة وأقول لك صراحة أستاذ حسن وأنت أديب تعرف أدواتك تماماً مثل بعض شعراء سيناء 00أقول صراحة إن اللونين الأولين من أنواع الشعر الحر يمكن أن يهضمها الشعر العربى لا كبديليْن بكل الأوزان ولكن لوزنين جديدين يضافان إلى بحورنا القديمة لتصبح ثمانية عشر بحراً بعد أن كانت ستة عشر 0
حســـــــن : إذَنْ يبقى اللون الثالث فماذا تقول فيه وبصراحة أيضاً ؟
أســــــعد / لقد أوردت لك مثلاً واحداً أو نموذجاً واحدً وذكرت شيئاًُ من شعر أدونيس 00 وبصراحة أقول أن الشعر العربى لا يعترف به ولا يُعطيه اسم " شعر لأن العرب عبرْ العصور يعدّون مثل هذا القول نثراً فهو لا يملك أىّ نفحة أو مقوّمةٍ أو ركنٍ من أركان شعرنا العربى 0
حســـــــن : يعنى تريد أن تقول أستاذ أسعد الكاشف 00 أنه إذا اعتبرنا مثل هذه المقطوعات شعراً فسوف يأتى من الملاحدة منْ يقول إن القرآن شعر ، بل وقد يكتب آيات وكلمات من القرآن بعضها تحت بعض ثم يحكم أنها كالشعر المنثور 00 مع أن الله عز و جل نفى أن يكون القرآن شعراً أو أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم شاعراً 0
أســــــعد / نعم هذا صحيح وهنا نسمع قول الله تعالى فى سورة الحاقة :
( وما هو بقول شاعرٍ قليلاً ما تؤمنون ) صدق الله العظيم
وقال عن نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم :
وما علمناه الشعر وما ينبغى له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين
هذا رداً موجزاً على ما قلت أستاذ حسن 0
حســـــــن : أراك متأثراً بما ارتآه الدكتور أحمد عوين و أنت رئيس لنادي الأدب بشمال سيناء 00أرك متأثر برأيه أنه ليس هناك شى اسمه الشعر الغنائى كما يطلقون هذه الصفة اليوم على بعض الأغانى وإلى أى حد أنت متأثر بنماذج من النثر الفنى ؟؟
أســــــعد / بالطبع أنا مع الدكتور أحمد عوين وكل ما أرجو أن اؤكد عليه هو أننى ثائر لغيرتى على دينى ولغتى وكل منْ هم على شاكلتى من الغيورين يوضحون مغزى التخطيط المدمر الذى يرتدى أقنعة كثيرة ومتنوعة لضرب لغة الضاد والدعوة إلى اللهجات العامية 00 وهذا ما ينبغي أن ينتبه إليه أبناء هذا الجيل 00 نعم هناك هجمة شرسة على لغة القرآن الكريم 00أما بهذه المناسبة ونحن نتحدث عن النثر الفنى فأضع أمام القارئ هذا النموذج الرائع من أدب الرافعى فقد ذكر فى مقدمة كتابه (( تحت راية القرآن )) يقول :
اللهم جنبنا فتنة الشيطان 00 أن يقوى بها فنضعُف أو نضعف لها فيقوى 00 اللهم لا تحرمنا من كوكب هداية منك فى كل ظلمة شكً منا00 نسألك بوجهك ونتوسل إليك بحمدك وندعوك بأفئدة عرفتك وآمنت بك حين زُلْزِلَ غيرها و استقرّت
حســـــــن : الحقيقة أن هذا نثر فنى من أدب الرافعى فيه من الموسيقى أكثر مما فى الشعر المنثور والمزعوم ومع ذلك لم يَدّعِ الرافعى رحمه الله أن نثره هذا شعر 00 ولكن أستاذ أسعد المخرج الأديب 00 ما ريك فى المؤامرة الشهيرة وهى مؤامرة اللهجات العامية بدلاً من اللغة الفصحي 0
أســــــعد / تشدنى أستاذ حسن إلى الحديث بشكل الجذب لا بشكل الرّد 00 على كل حال 00 كان هناك شاعر مارونى اسمه " سعيد عقل " بنى كل مجده وشهرته على الأدب العربى حتى لقد اجتمع نفرُ ُ من النقاد والشعراء قبل وقت ليس ببعيد و بايعوا سعيد عقل هذا أميراً للشعراء وهو اللقب الذى أحرزه شوقى حين طبق شعره الآفاق وكرد لجميل الأدب العربى الذى رُقّيَ على كتفيه // أعلن سعد عقل بعد بيعته هذه بوقت قصير :
-
أن اللغة الفصحى لم تعد تفى بالتعبير عن المشاعر ولابد أن نستبدل بها اللهجات العامية ونستبدل بحروفها الحروف اللاتينية // وكتطبيق عملى للفكرة // الخبيثة طلع علينا أمير الشعراء الجاهد الكنود بديوان أسماه {{ يارا }} نظم قصائده بالعربية ولكنه كتبه بحروف لاتينية بحجة أن الإملاء العربى
مشكلة !! 00 فكلمة " هذا " ليس لها ألف وكلمة " حضروا " لها ألف لا تلفظ والحق أستاذ حسن أن هذا ليس هو السبب ، ولكن وراء الأمر نعرة فينيقية وحقداًً صليبياً نَفسّ عنهما أثناء الفتنة العمياء فى النية أن جمع حوله عصابة من المجرمين سماها {{ حُراّس الأرز }} وجعل شعارها قتل الغرباء ويعنى بالغرباء العرب المسلمين 0
حســـــــن : وظللنا تحاور المخرج الأديب أسعد الكاشف ؟
فى حميمية صادقة مخلصة وعرجنا بالحديث حول مناهج النقد الأدبى ودخلنا أبواب كبيرة فى هذا البحر الواسع مثلاًْ كالتحليل النفسى للأديب ، وماهية الإبداع الفنى عند نفسية المبدع // وعلم اللغة والنقد الأدبى والأسلوبية الحديثة والعلاقة بين الحقول الشعرى والملفوظ النفسى // وعن البنية القصصية ومدلولها الاجتماعي كذلك عن اجتماعية الأدب 000 ونظراً لضيق الوقت وأيضاً بحدودية المساحة للنشر وجدنا مخرجنا الأديب أسعد الكاشف توقف فجأة ليقول لى : أرجوك يا أخ حسن أن تبلغ الأدباء فى شمال سيناء و أنا أخ لهم جميعاً بلغهم أن يقدموا كلمة الحنان و أن يعزفوا اللحن الندى ، و أن يزيلوا من الصدور الكآبة و أن ينفضوا عن النفوس ما علا عليها من ركام ، فيقدمون قصائد ، و قصص ، و مسرحيات عن القيم التى تجمعهم و الأهداف العليا التى تشدهم و المطامح الكبرى التى يرنون إليها و عندما سألته فى هذه النقطة بالذات : -
[ المخرج الأديب أسعد الكاشف فى رأيك ما هو الأدب الأسلامى و بكل أشكاله من شعر و قصة و رواية و مسرحية و نحن نعلم أنه كانت لك رؤية جديدة فى الأدب الأسلامى نشرت لك فى الثمانينات بالبلاد العربية و تم التعليق عليها ! و خضعت لموازين النقد الأدبى من رابطة الأدباء الأردنيين و نشر ذلك باسم الأديب الأردنى الكبير حسنى شحادة فحدثنا عن هذه التجربة لو سمحت 0000 ]
أســــــعد / قلنا أن الأدب الأسلامى أدب هادفً بناء ، مُغَـذّ للعواطف الأسلامية ، يرقي بالإنسان أيا كان هذا الإنسان 000 يدعو إلى الاعتزاز بالإسلام منهجاً كاملاً و نظاماً شاملاً من خلال تناوله السًوىّ لمعطيات الحياة فهو نتاج يعتز بلغة القربان و نحاول أن يتمثل شيئا من خصائص صياغته كما يترسم سمات الأسلوب النبوى الكريم // و هو فى حقيقتة أدب يصد عن الفكر الأسلامى و عن اللغة العربية 0 أعنى التيارات 00 تلك التى تهدد الأمة الإسلامية فى أخلاقها و فى آدابها و فى لسانها العربى 000
حســـــــن : و لكن حتى الآن لم تكلمنا عن رؤيتك الأدبية الجديدة ؟
أسعد : آه 000 نسيت و استغرقنى حديثى معك و صعب على الأديب أن يحاور أديبا مثله 00 على كل حال رؤيتى الأدبية الجديدة ما هى إلا لقاء بين الأديب و الحياة 00 من خلال التصور الإسلامى ، بأسلوب لُحْمُتهُ و سُداهُ العاطفة الدينية ، و تتجلى فى أسلوبه المعانى القرآنية ، و الآيات المحكمات فى السياق الأدبى لتعطى المعنى و الدليل // و قد حاولت فى هذه التجربة تجاوز الأهداف الدنيا إلى المعانى العليا 00 حتى اننى حاولت التسامى متطلعاً إلى الحق و الخير و الجمال // و حمداً لله
اننى التزمت فى رؤيتى خصائص أمتى الإسلامية و تجلى هذا الالتزام فى تصورى الإسلامي للحياة // فانفعلت بهذا التصور فى إطار من قيم الإسلام و مبادئه //و كانت الصياغة ُمَعّبرة و موحية / و الحمد الله على كل حال
حســـــــن : هل لنا نصيب أن نسمع نحن ، و يقرأ القارئ و لو جزء يسير من هذه الرؤية 000
أســــــعد / أولا : المعنى الشامل لهذه الرؤية اللصيقة بالحياة كلها هو أنك ما دمت فى رحاب الله لا تخف أبداً و لا تخشي شيئاً أبداً فهذه المعّية هى السلاح الذى يتسلح به الإنسان منذ ولادته حتى وفاته 00
قلت فى جزء منها :
[ أنا 0000 مَـنْ أنا ؟ مسجون و معتقل مسجون هذا العصر 000
أمشى أسير على هذا الدرب الطويل المظلم 000
و أمشى أشواك الحياة 00 بلمسة 00
و أغوص ألوان العذاب 00 بعزة
لكننى يوماً 00 ما شكوت راجيا
ما رجوت سائلاً
ما سألت زائلاً
بل 000
شكوت للإله الأول
بل 000 رجوت عفو العزيز القادر
بل 000 سألت كرم الكبير المنعم
الله علمنى الحقيقة قائلاً سبحانه
[ و اضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح ] الكهف 45
حســـــــن : الحقيقة 00 أنه إنتاج ادبى هادف 00 حــّدد الفكرة ووضّح الهدف بكلمات موحية و أسلوب أدبى يشرح واقعاً 00 و يؤكد هذا الواقع بآية بيّنة من التنزيل العزيز 00 حيث لا يترك مجالاً للسامع أو القارئ للحيرة أو اختلاط المعنى أو حتى أن يسرح الخيال بعيداً ، لأنك هنا أستاذ أسعد دفعت بسلاسة و سهولة بالحقيقة التى رنوت إليها و الهدف الذى إليه سعيت بآية كريمة لا يأتيها الباطل من بين يديها و لا من خلفها 0 على كل حال 00 بوصفك دارس و ممارس للنقد الأدبى و الفنى و أن كنا قد عرّجنا بالحديث فى البداية حول هذه المعانى 00 لكن بالنسبة لأدباء سيناء مرة ثانية ما هو الإنتاج الذى أعجبك و لمـنْ هو ؟
أســــــعد / لا شك أن هناك أدباء فى شمال سيناء لديهم الموهبة التى لابد أن تصقل 00 و لكن معظمهم تغلب عليه الموهبة و لكن ما يزال فى احتياج إلى تجربة و محك أدبى من خلال نوادى الأدب و الاستماع إلى النقد البناء ثم هناك بعض النصوص أهديت لى و قرأتها بتأنِّ و تفهم و على سبيل المثال : -
) الأديب الشاعر الشيخ / محمد عايش عبيد 000 وقفت سنوات و سنوات أمام إبداعاته الشعرية و منذ أكثر من ثلاثين عاماً عندما كنا نسبح هنا و هناك فى قلب القاهرة
" و منتهزاً أنا " بحكم مهنتى 00 التلفزيون و الإذاعة و الصحافة و الندوات و المحاضرات و الأصدقاء و الزملاء من الأدباء و المفكرين و الكتاب 000 و حملت فى حقيبتى عام 1977 أول عمل للشيخ محمد و كان مخطوطاً و هو {{ تغريدة السيرة النبوية }} فكانت مثار إعجاب الأدباء الأساتذة فى مكة المكرمة 000 عشرة آلاف من الشعر و من بحور متقاربة و بنفس واحد سريع و انفعال جذاب متجاوب مع العقل و منطق التاريخ 00 كان ذلك مذهلاً حقاً لهم بعد ثلاثين عاماً وقفت أمام كتيب يحمل عنوان {{ سياحة فكرية 00 شعر }} فعشت لحظات تأمل 00 بل لحظات تمتع بلذة المعانى و رهافة الحسًّ المنظوم فى ( 1 ) القدس فى خواطر شاعر ( 2) الليل فى خواطر شاعر( 3 ) السماء فى خواطر شاعر 00 الخ
ستون موضوعاً أو ستون خاطرة فى ستين صفحة 00 هى جملة صفحات الكتيب // حقيقة أدهشتنى جداً هذه الخواطر 00 و أوقفتنى أمام انتماء الشيخ محمد عايش إلى العقل الجمعى أو اللاشعور الجمعى و قد التزم بالأساس البنائى فى مفهوم الشعر مع أنه فى نفس الوقت يرى ( حسب رؤيتى ) ضرورة الربط بين التعبير الادبى و الحركة الاشارية أو كما نقول عنها // لغة الاشارية "" أى فى النهاية لا يستطيع بأى حال أن ينسحب من مجتمعه و معايشتة له فهو فى تركيباته و دلالاته فى حالة النجاح 00 مما جعلنى أنا أيضا انسجم و أشعر بلذة و أنا أقرأ له 000 ليس [ السياحة الفكرية ] فقط بل جميع ما قام به من أشعار جميلة و رائعة تثرى بل أثرت الحركة الأدبية فى شمال سيناء 0
2) الشاعر حاتم عبد الهادى 00 عشت مع إنتاج كثير له و لكننى وقفت متأملاً جداً فى أجمل إبداعاته [[ أرض القمر ]] 00 الشكل الأدبى عند حاتم عبد الهادى من وجهة نظرى 00 [ شكل بنيوى توليدى ] 00 وهكذا فسّرت أنا [ أرض القمر ] باعتبار أن البنيوية التوليدية هما منهج فى دراسة الأدب و مفهوم عنه 000 المهم وجدت قيماً جمالية ابداعية غزيرة { أرض القمر } جعلتنى أمام أستاذ يعرف أدواته و كأنه قبل الشروع فى سرد خواطره بشكل ( مقولب ) كان يعرف الفلسفة الأسلوبية 00 فعرف الأسلوب
الأدبى و مفرداته و عرف الأسلوب المعيارى و عرف متى يكون التكرار المتوافق لأنماط لغوية بعينها 00 و عرف كيف و متى يتعامل مع الأسلوب باعتباره وسيلة من وسائل استغلال الطاقة الكامنة فى اللغة // و هو أى حاتم عبد الهادى ما شاء الله و على ما يبدو وضع لنفسه [[ قواعد أجرومية ]] لتفجير طاقته الأدبية و الشعرية 00 فهو لا شك شاعر موهوب و متمكن و هو فى نفس الوقت ليس فى حاجة إلى أن أثنى عليه و لكنها الموضوعية 0
3) الشاعر حسونة فتحى 000 وقفت أمام [[ رسالة إلى 000 ]] هذا الكتيب حمل بين دفتيه لوناً من شعر العامية الذى لا يقل فى معانية و أهدافه و مراميه الأدبية عن بعض شعراء الفصحى الذين لم يصلوا بالمضامين لما يريدون قوله أو توصيله 00 بل وصلوا إلى حافة المعنى ثم تركوا باقى الطريق 00 لكن حسونة فتحى هنا بنظرية النقد الادبى و الفنى لما كتب // فيمكن أن نقف معه لنترجم كيف انه وفق فى [[ اجتماعية الأدب ]] و هنا يمكن أن يهتم النقد الادبى بالسببية أكثر من اهتمامه بالمعيارية فقد غيرت الرومانسية طبيعة الأسئلة التى تعوّد النقد أن يطرحها على الأعمال الأدبية 00 فنجد أنفسنا فجأة أمام تساؤل : ( مـنَ يتكلم ؟ ) لا كيف ثم هذا العمل أى نحن أمام تحديد معايير الصنعة و تقويمها 00 و من ثم نجد حسونة فتحى مسئولاً عن الإنتاج الذى تضمن مضمون العمل الادبى و شكله 00 و على كل حال العمل الادبى لحسونة فتحى فى شكله و مضمونه هو تعبير عن الذات و هو فى نفس الوقت تعبير عن المجتمع 000
و كل ما قاله حسونة فتحى لا شك يعكس صوراً متحركة هى فى حد ذاتها سيناريو متحرك نعيشه و نعايشه ليل نهار
4) أما أنت يا أخ حسن فصعب على أن أقول لك رأى و أنت تحاورنى 00 و لكننى أقف أمام قصتك [[ شبح سعد ]] و قصتك [[ شجرة النخيل ]] و مجموعتك القصصية [[ الانحدار إلى أعلى ]]
أما ما قلته أنت من شعر فالحقيقة اننى شدهت من قصيدتك {{ لحن العودة إلى سيناء }} وقفت متأملاً كل لفظة و كل كلمة عبارة سواء فى قصصك و حكاياتك أو (( سوالفك )) كما يقولون عنها أهل الخليج 000 أو فى شعرك الذى تستمد له من جمال العربية ما يزين أبياتك و لا يخرجها عن موضوعيتها و لا يجرح شكلها 00 فأنت بالمقاييس الفنية تقع سواء فى قصصك أو
أشعارك بين ( اتجاه نفسي فى التناول ) و ( اتجاه اجتماعى ) ثم و اذا أخضعنا قصصك للبنية القصصية و مدلولها الاجتماعى يمكن أن نقول إنك أديب يعرف عملهُ الأدبى الطريق الصحيح و ليس المرتجل و المرتعش 0
حســـــــن : المخرج الأديب أسعد الكاشف
ملحمتك الرائعة عن ( سليمان خاطر ) أرّخت لها و عالجت لوحاتها بشعر العامية فى الثمانينات 00 فمزجتها بخاطرة بالفصحى هل لنا أن نسمع منك ألان شيئاً ؟ 00 و لو يسيراً
أســــــعد / قبل الملحمة و الدم العربى من المحيط إلى الخليج يغلى قلت : -
** إلى متى نظل عبيداً للواقع المغضوب 0
** إلى متى نظل أمام ذلك المجلوب
** لم يكن ذلك للأجداد فلم بات من المحبوب
** قهوتنا كانت حلوة النكهات 0 مالنا نجعل من المصبوب
** بيوتنا كانت ستاراً 00 مالها غدت من الثقوب
** كنا بيض القلوب جميلها 00 ما لها صارت أسود من الخروب
** نعم لم يعد زماننا ينجب 000 من ظهره الأيوبى
** حقائبنا غدت لذة نطير بها من الشمال إلى الجنوبى
** اخشى علينا غضبة تثير الزمهرير – كأنواء من الدانوبى
حســـــــن: و لكن كانت هناك خاطرة عنوانها (( أمة تنادى أولادها )
أســــــعد / نعم – نعم قلت فيها و هذه نشرتها فى كتابى الفراغ العربى
** أنعيش فى زمن الصمت طويلاً يا ولدى
أنعيش قضايا العصر 00 مصالح فرد يا ولدى
أندوس كرامة أرض أعطتنا هوية حب يا ولدى
أيحب ركلة قدم فى الوجه 00 و لطمة ذل يا ولدى
أنفرط فى حد العرض السياج عندما نشرب نخباً يا ولدى
أنناقش أمراً هو جدُّ أم هو هزل الخاطر يا ولدى
أننادى مجد الأجداد 00 و نلطخ مجد الاحفاد بالذل الأغبر يا ولدى
أنناجى الله يرحمنا 00 و السوء ملء الأجواء فى أبنائك أنت يا ولدي
أتعاهد هذا أو ذاك 00 على سوء المقصد يا ولدى
أنؤآخى الدب الأحمر يا ولدى و ننسى الأهل يا ولدى
انصادق ذئباً شريراً على عزى و عزك يا ولدى
من يرض حياة الأضداد
فتراه ذليلاً يا ولدى
-
حســـــــن : فى نهاية هذا اللقاء ماذا تود أن تضيف أو تنهى اللقاء به ؟
أســــــعد / واقع لا يتجاهله عاقل 000 أمتنا العربية بشكل شامل أستطيع أن أقول عنها أنها(( أمة ضاعت الموازين فيها ) )
حســـــــن : و هل لك خاطره أدبية حول هذا المعنى ؟
أســــــعد / ليس لى من نتاج عقلى بل هناك خاطرة لصديقي الشاعر العظيم الدكتور / عدنان النحوى الذى أرسل لى من السعودية ديوانه الرائع ( جراح على الدرب ) فقال فى احد قصائده :
[[ إنما الناسُ معْدن و سجايا
و رجال من الفعال رجال ]]
[[ لا يقاس الرجال كالنبت و الصخر
بحجم كما تقاس البغال
أمة ضاعت الموازين فيها
جار فيها الميزان و المكيال
نزعت عن مناهج الحق و ارتدت
إلى الجهل بالهوى الآمال
لا تسل بعد ذاك أى كبير
أو صغير تمضى به الأمثال
حســـــــن : و حول التذوق و الأدب ماذا يقول المخرج الأديب اسعد الكاشف ؟
أســــــعد / أنت تضعنى أمام لوحتين الأولى لوحة فنية بحته و هى فى عالمنا (( كمخرج )) تسمى السيناريو و ما وراءه من كاميرا و إضاءة 00 الخ
و الثانية [ نص أدبى ] و على الإجمال أقول :
( الحديث عن التذوق لابد أن يبدأ بالحديث عن الذوق // و الذوق فى سياق الفن عامة يحتاج إلى تعريف و هو باختصار القدرة على الإحساس بالعمل الفنى أو أى إنتاج ذهنى و تبيين أوجه الجمال أو النقص فيه )
حســـــــن : نضرب لذلك مثلاً أو شرحاً أوسع ؟
أســــــعد / مثلاً قد يقال لشخص ما 00 انى احتكم إلى ذوقك أو انى أثق فى ذوقك // و كما قد يقال إن ما نسميه جمالاً يتوقف على ذوقنا أكثر مما يتوقف على حكمنا ومن ثم 00 يجرى الحديث عن تكوين الذوق و تنقية و توسيع نطاقه و إفساده 000 الخ
و إذا أخذنا كلمة التذوق بمعناها الواسع وجدناها تعنى إن إبداء الراى أو الحكم وفقاً للذوق الخاص
حســـــــن : لو أمامنا الآن عمل أدبى كيف يمكن تذوقه ؟
أســــــعد / يعتمد تذوق العمل الأدبى على عدد من الأدوات التى لا يمكن الاستغناء عنها أولها (( اللغة )) فالنص الأدبى كما تعلم يقوم على العلامة اللغوية أى أن الكلمة قوامه و من ثم يتحتم على من يقراه اى النص الأدبى أو العمل الأدبى أو ينقده أن يكون ملماً باللغة التى كتب بها // و ذلك الطبع يتطلب أن يكون التذوق تذوقاً ملياً إذا كانت قراءته باللغة التى كتب بها اصلاً
أما الترجمة أو تذوق أو نقد العمل المترجم يكون فيه خلل و نقد على نقد
و التذوق و أن كان عملية فردية يسهم إلى حد كبير فى تكوين الذوق العام و تطور الأدب و تطويره بالتالي على كل حال أستطيع فى النهاية أن أقول نسبياً مثل بوصفك أديباً يمكن لى أدلك أو لأى مثقف إن يقرأ نصا أدبياً واحداً لكنه من زاويتين مختلفتين
- التذوق فقط
- التذوق مع إبداء الرأى وإصدار الحكم
و مما لا شك فيه إن أفضل العملين أو الزاويتين هى اولهما
أما عن المجموعة القصصية للأديب // زين العابدين الشريف و هى بعنوان ( نباح و همسات ) و لأنه أهداها لى عندما زاوج بين الفن و الأدب فقال إلى الفنان المبدع و الصديق الرائع 000 فقد حملنى نعتاً لا استحقه فما أنا إلا إنسان مازال يحبو فى طريق الفن و أزقة الأدب // و على كل حال بعد قراءتى المتأنية لـ ( نباح و همسات ) لزين الشريف 000 وجدتنى أقف أمام قاص موهوب يملك ناصية ( الحكى ) و إن كان يلعب بالألفاظ بغية أن تأتلف مع المعنى دون أن يدرى أن ذلك يقلل من عملية التذوق للمضمون 000 و مع ذلك فهو فى هذه المجموعة يقف فى شموخ == كما ترى == أمام الكثيرين من المحسوبين على الأدب و الأدباء 0
أســــــعد / و قبل أن أنسي 00 فلن أنسى ذلك الإهداء الوردى الجميل الذى أهداه لى الأديب حسونة فتحى عندما قال // الأخ الكبير و المخرج المتميز 00 و الصحفى النشط و الأديب الفنان
و ذلك بمناسبة صدور مجموعة أشعاره بالعامية عام 2000 تحت عنوان (( سنين من سينين )) و كم أعجبنى و هو يحلق فى فضاء المعانى و أجواء التخيل 00 و إن كانت ترجمته لذلك بالعامية 00 لكنه على الإجمال – اى ما كتبة – ليس إلا دفعة جياشة من قلب مهموم بالأحداث التى تقع حوله ومن حوله 00 فهو ليس شعراً و ليس نثراً و لكنه من هذا و ذاك 000 و كثيرون طرقوا هذا الباب و لكن شتان بين ما كتبوا و كتب 00 ففى الوقت الذى نرى قدرة الشاعر حسونة فتحى على التلوين فى المعانى و الأسلوب الفنى فى المبانى 00 نرى فيه أيضا بعض المحسوبين == ظلماً == على الأدباء منجرفين مع التيارات المراهقة و المواره من يمين و يسار 00 و مع الهوجة أو مع راكبى الموج 00 فهم يبتعدون عن الواقع و يصعدون إلى الأعلى و لكن كدخان كثيف يصعد إلى أعلى ثم يتلاشي تماماً 0
حســـــــن و لكن أدبينا الكبير الذى عاش و عايش الأدب و الفن بكل زوايهما و ميادينهما 00 نراك لم تتعرض بالحديث عن الأديب سمير محسن 00 رغم أنه صديقك ؟؟
أســــــعد / الأمور لا تقاس بهذا المقياس أستاذ حسن خاصة فيما يتصل بالأدب 000 الأدب خاصة فى مجال (( نقده )) و النقد كما تعلم فن من الفنون القائم بذاته 000 لأنه يمكن أن أكون دارساً لفن النقد و لكني لا اقرض الشعر و لا امسك بزمام الكلمة و دفئها و جمالها و العكس صحيح 000 و لو نقدت لك نصاً
أدبياً باعتبارى صديق لك ستغلبنى العاطفة و سيكون حكمى أو انطباعى ليس فى محله و لكن عندما تضعنى أمام نص فقط دون كاتبه أو مبدعه لاشك أن الحكم أو الذى سيكون منصفا و مهما كانت درجة النقد خاطئة أو صائبة وفقا بمقاييس النقد الادبى و الفنى 0
• أما الأديب سمير محسن فحقيقة لم اطلع على اى مؤلف له أو بمعنى اصح كان بخيلا معى فلم يهدنى اى مؤلف من مؤلفاته و لو اننى استمعت إليه مشافهة فى بعض الندوات الأدبية إلا انه أخيرا و خلال الأيام الأولى من سبتمبر 2004 أهدى لى ( ثلاثية البوح و الرماد )) فأردت أن أتمعن فى كل لفظة و فى كلمة من هذه الثلاثية 00 و اعجبنى جدا عندما كان إهداءه (( بلسماً هادئا فى يوم قائظ )) حيث قال [ إلى مدينة العريش 00 التى عايشتها منذ صباى بجميع متناقضاتها و جميع تقلباتها ] و حقيقة ادهشنى سمير محسن بتلك الموضوعات و القضايا التى طرحها فى شعره مثل منابر الأقصى // سراديب النواميس // أجراس و مزامير // مومياء // صرخات فى أعشاب الصمت
• المهم وجدتنى أمام شاعر ينبض إنتاجه بالعاطفة البناءة لجيل الأمل لعل و عسي 000 و يكثر من الإسقاطات و هذا مطلوب و لا يعيه و يدركه ألا الأذكياء على كل حال و أن كان سمير محسن تناول كل خواطره الأدبية فى تلك المضامين التى جعل لها عناوين جذابة ترتاح لها نفسه و تنسجم مع كل مستويات المتلقين و كل حسب مزاجيته و زوايا حياته و أخاديد صراعاته فى الحياة 000 ألا اننى مازلت أقول و سأظل أقول إن هناك [[ جناية تستحق التأمل ]] و هى ( الشعر الحديث أو فيما يعرف بالشعر الحر 000
حســـــــن: أراك مازلت منفعلاً ثائراً كلما قرأت أو أستمعت (( شعراً حراً )) رغم انك تكتب
هذا الشعر ؟؟
أســــــعد / لا يا أستاذ حسن 000 لم اكتب شيئاً فى حياتي من هذه النوعية من الشعر و سميته (( شعراً ) بل كان ما كتبت كان عبارة عن خواطر أو هواجس فانا أكفر تماما بكل الشعر الحديث أو( إفلاسا ) قالوا انه شعر حر // و طبعا أنا ثأر بل يكاد يقتلنى الغضب و كيف لا اغضب و الجناية قد أصابت فى المقتل 00 و الجناه مصممون أن يجهزوا على الضحية الزكية // مصرون على المضى فى تخطيطهم الفظيع الظالم بإملاء من الشياطين و إيحاء من الحاقدين // و كلمة حق لابد منها برغم انف الغضب و هى أن الجناة مخلصون لباطلهم أخلاصاً يستحق الإعجاب ، متحمسون للهدم حماسة تتضاءل أمامها حماسة إبليس للضلال // إنهم يهجمون على اى ناقد يعارضهم هجمة الذئاب الشرسة الجائعة إلى القطيع 0
حســـــــن : من اجل متابعة القارئ لهذه القضية هل نطمع فى ضرب مثل أو طرح نص يبرهن على غضبك هذا 00
أســــــعد / نعم 00 لكى يدرك القارئ مدى الخسارة الفادحة التى عصفت بكل العناصر الفنية فى شعرنا
0 اسمعك هذه المقطوعة من باب الشكوى 00 فى الشعر الحديث من ديوان (الأرض و الدم ) و عنوانها [[ عذابات سرية ]] لترى المستوى الذوقى للشكل الجديد 00 و اسمع يا سيدى
يقول هذا الشاعر الحر :
{ شربت مرق الأحذية المنقوعة 00 فى الخوف و النحيب أكلت ما يخبزه الإسفلت 00 ( يقصد الزفت )) فى جوفه من حنطة التعذيب
و أيضا أسمعك مقطوعة أخرى لشاعر أخر و عسى إلا تفعل بك ألان مثلما فعلت معى ذات مرة شربه زيت الخروع [[ فى حذائى مسمار 000 و فى ذوقني شوكة هذه ممتلكاتى 000 افتح الشمسية و القنانى انزلج فى الجغرافيا 000 فى عنف زرافة اصطياف ]]
طيب يا أستاذ حسن بوصفك أديب بل هذا نداء لكل أدباء سيناء و بالذات من ذكرتهم فى هذا اللقاء 000 بالله ناشدتك الله و ناشدتهم معكم ضمير القارئ أن تفتينى اشعر هذا أم صديد ؟ و بالمناسبة نسيت أن أقول لك أن القطعة الثانية هى مما اعجب بها المروجون و هى لشوقى أبو شقرا بعنوان [ حجر فى سروال ] و قد نشرتها له مجلة ( شعر ) فى عددها السادس للسنة السابعة 1963 00 على إنها إبداع و فتح 00 تصدر هذه الطلاسم فتح و أبداع !!
حســـــــن : و فى النهاية ما الذى تريد أن تودعنا أو أن تنهى به هذا اللقاء
أستاذ / سعد الكاشف
أســــــعد / أقول بكل اطمئنان 00 خاب الحاقدون و رد كيدهم فى نحورهم و سيظلوا خائبين 000 إذ يسر سبحانه وتعالى اللغة القرآن الكريم من يدافع عنها من الأدباء المؤمنين كالرافعى و الزيات و حافظ إبراهيم 00 الخ و أرجو أن يطلع القارئ العزيز إلى بعض هذه النماذج التى ارتكبت جناية ما يسمي بالشعر الحر أو ما يسمي بشعر (( الإفلاس الفنى )) مثل أغانينا المهزوزة هذه الأيام 00 و أقول و أنا مطمئن إلى ما أقول المسالة لا تحتاج إلى كشف النقاب عن هؤلاء الذين حملوا حملات التحديد أو امسكوا بهمة و نشاط معاول الهدم و الانحلال 000 لان كثير منهم لا اطمئن إلى ماضيهم و لا إلى عقيدتهم 00 سائلا الله أن يهدى من بقي منهم حيا و يسلم أدبنا و لغتنا و قرآننا و تراثنا من شرور دعواتهم و لن اتعرض فى يوم من الأيام للأخلاق الشخصية فى هؤلاء و لو علمت أن احدهم تفوق على أبى نواس فى المجون و الخمر و النساء 000 فتلك أمور يظلم بها المرء نفسه و حاله و صحته و لكن حين يصل الأمر إلى فساد اولادى و إغرائهم بالانحلال و الانحراف فإن ذاك تصبح الصراحة فرضا و النصيحة دينا و السكوت جريمة 000 و فى لقاء قادم أن شاء الله سأذكر نماذج منهم 00 نماذج فقط و اكتفى اليوم بان اذكر أعمال تم نشرها و الترويج لها و على من يريد فليبحث ولو أنى مؤمن تماماً أن نسبة 90 % من فتيان الأمة العربية و فتياتها هذه الأيام لن يبحثوا عن شئ لان جميع الحواس فى إجازة إلا حاسة البصر التى جمعت بين حاسة السمع بل الإصغاء بل
-
الإنصات 000 لكل ما يقال و يحكى و يغنى من قلة الأدب على شاشات التلفزيون التى تتلقى من الفضاء فنون الجنس و فنون الدعارة لاسيما أن الجنس و الكلام عن الجنس أصبح أدبا و الدعارة المباشرة و غير المباشرة أصبحت إبداعاً 0
هذا الحوار عن مجلة «شعر» التي احتكرت برأيه الحداثة، وعن الشعراء الشباب والفوضى في المعترك الشعري الراهن. ويتذكر جزءاً من ماضيه ويدافع عن حبه لشعر المتنبي.
> نشرت في مجلة «شعر» بضع قصائد...
- أنا لم أنشر، المجلة أخذت القصائد من صحافة الداخل الفلسطيني. ولعلها المرة الوحيدة التي نشرت لي قصائد في «شعر».
كيف تنظر الى مجلة «شعر»؟
- لا شك في أن مجلة «شعر» كان لها دورها وكانت لها أوهامها أيضاً. ومن أوهامها انها احتكرت مفهوم الحداثة الشعرية وحاولت ان تقصي التجارب الأخرى خارج «جنة» الحداثة، إذا جاز التعبير. وأعتقد بأن مجلة «شعر» مثلت تياراً من تيارات الشعر العربي الحديث وليس كل الشعر العربي الحديث. ومن عيوب التعامل مع هذه الظاهرة ان هناك دراسات جامعية تدرس الشعر الحديث من خلال مجلة «شعر» فقط. ويجب ألا ننسى أنّ كان هناك مجلة «الآداب» وكان هناك الشعر العراقي والشعر المصري... وهذه تيارات أساسية في الشعر العربي الجديد. ليس كل شعراء مجلة «شعر» استطاعوا أن يُكرِّسوا أو أن يحققوا مكانة شعرية كبيرة. هناك بضعة شعراء فقط.
كانت مجلة شعراء أكثر مما كانت مجلة منفردة بذاتها أو مجلة تيار واحد!
- حاولت أن تكون مجلة تيار وانشغل بعض شعرائها بالتنظير الزائد عن اللزوم أحياناً. إنها مثل أي حركة شعرية، خرج منها في نهاية الأمر بضعة شعراء مهمّين.
والمعركة الفكرية الحداثية التي خاضتها هذه المجلة هل عنت لك شيئاً؟
- إنني اطلعت على المجلة متأخراً أي بعدما خرجت من فلسطين وكانت قد توقفت عن الصدور. وكانت المعركة التي أعلنتها قد انتهت، خصوصاً بينها وبين مجلة «الآداب». إلا أن المعركة الشعرية الحداثية مستمرة حتى الآن ولكن عبر أدوات أخرى: هل الشعر يعرّف بما يقوله أي بموضوعه أم في كيفية ما يقول؟ هل للشعر دور ما؟ هل يجب أن يكون على علاقة بالقارئ أم لا؟ وما هي العلاقة بين المتلقي والشاعر؟ هل الذات الكاتبة هي وحدها في العملية الشعرية أم ان ثمة ما يشاركها، كاللغة مثلاً؟ مثل هذه الأسئلة ما زال مستمراً حتى الآن. هل عزلة الشعر هي مقياس من مقاييس جودة الشعر؟ ذيول المعركة ما زالت قائمة حتى يومنا. وأعتقد ان من الجميل أن يكون هناك تيارات، عوض أن يكون هناك تيار واحد متسلّط على الساحة الشعرية.
لكن «شعر» لعبت الدور الرئيس في ترسيخ القصيدة الحديثة!
- لمَ لا؟ لكن «الآداب» لعبت مثل هذا الدور أيضاً.
لكن «شعر» حصرت مشروعها في الشعر بينما «الآداب» كان مشروعها أدبياً ورفضت قصيدة النثر؟
- أنا لم أطلع على المشهد عندما كان قائماً. جئت متأخراً، ذلك انني خرجت في العام 1971. وكانت وقعت هزيمة 1967 التي غيّرت مفاهيم مجلة «شعر» نفسها.
http://www.latef.net/imag/AhmadHijazi_16.jpg
«مواقف» «مواقف» مجلة الشاعر أدونيس هل تابعتها حينذاك؟
صدرت «مواقف» عندما كنت في بيروت وكنت في مرحلة من أسرة تحريرها.
كيف ترى الى «مواقف» لا سيما في تلك الفترة؟
مجلة «مواقف» أضافت بدورها. وحاولت أن تقيم علاقة بين الابداع والفكر والثورة والتغيير، بين الابداع والحرية. كانت «مواقف» تمثل حالاً من القطيعة مع مجلة «شعر»، لكنها قطيعة تطويرية. واتجهت نحو السؤال الفكري ولم تكن مجلة ابداعية فقط.
لماذا انسحبت من أسرة تحريرها؟
لم أنسحب لخلاف أو سواه، ولكن كان عندي مجلة «شؤون فلسطينية» ثم أصدرت «الكرمل» في العام 1981.
الإشكال الذي أثاره تصريحك قبل فترة حول شعر الحداثة كيف توضحه، خصوصاً بعدما ترك التباساً أو سوء فهم؟
أولاً لم أتعرّض للشعر الجديد وشعر الحداثة. سئلت في تونس في لقاء صحافي كبير جداً، عن أزمة العلاقة بين المتلقي والشعر الجديد. وقلت إن هناك أزمة فعلاً لأن بعض الشعراء يستمرئون عزلتهم ويضعونها هدفاً، من غير أن تكون نتيجة طبيعية لتطور ما في نص شعري جديد على الذائقة. هناك شعراء يقيسون جمالية شعرهم بمدى عزلتهم عن القارئ. وهناك سبب آخر وهو أن القارئ لا يريد أن يقترب من شعر يرفضه كمتلقٍ. وأنت تعرف أن الشاعر ليس وحيداً في الكتابة، إنه طرف في المعادلة الشعرية، هناك الشاعر، هناك اللغة التي تفرض نفسها على الشاعر، وهناك طرف ثالث لا يتم الفعل الابداعي من دونه وهو القارئ. هذا الثلاثي هو الذي يساهم في تطوير الفعل الشعري وفي تحقق القصيدة. وهذا التحقق لا يتم إلا من خلال تفاعل ما، بين القارئ والشاعر. لم أتعرّض لأحد ولا أحب أصلاً التعرض لأحد. كل شاعر حر. وأردد دوماً أن على السجال الشعري اللامجدي أن ينتهي. قصيدة النثر هي خيار شعري مكرّس وفيها أعمال ابداعية جميلة جداً. ويجب أن ننظر الى الشعر في كل خياراته، العمودي والتفعيلي والنثري، والى مدى تحقق الشعرية في القصيدة. هذه نظرتي العامة ولا يمكنني أن أكون تقليدياً أو رجعياً، الى حد أن أرفض أي اضافة أو أي اقتراح شعري جديد.
هل تقرأ الشعراء الجدد والشباب؟
أقرأهم دوماً وأتعلّم منهم وأراقب دوماً التوجهات الجديدة في علاقة الشعراء باللغة والنص والبناء والايقاع، لكي أستوعب ايقاع العصر الجديد. قد أكون هرمت من دون أن أدري. قد أكون تحولت الى تقليدي من دون أن أعلم. تجارب الشعراء الجدد ولو لم تكن ناضجة، تلفت نظري الى مسارات جديدة عليّ أن أنتبه لها وأن استفيد منها إذا كانت قادرة على امداد النص الشعري بدم جديد وحياة جديدة. ولكن لنعترف، هناك فوضى، سواء في الشعر العمودي أم التفعيلي أو النثري، هناك فوضى. وهذا طبيعي، لأن لا رقابة على النشر، وأقصد بالرقابة الرقابة الأدبية والابداعية التي تضع معايير وتحدد للقارئ، مفاتيح ما هو شعري وما ليس شعرياً. سهولة النشر كبيرة جداً وكل الصحف العربية فيها صفحات ثقافية يجب أن تمتلئ بما توافر، والمحررون يكونون أحياناً في مستوى لا يؤهلهم لتقويم الشعر. لذلك تعمّ الفوضى، وهي ليست من سمات عصرنا، ففي كل العصور كان هنا فوضى. لكنّ صعوبة النظم كانت تحول الى حد ما دون استتباب الفوضى. فالنظم يتطلب أدوات عروضية ولغوية قوية وقد يكون مجرد نظم خالٍ من الشعر.
مَن يتحمل مسؤولية هذا الفلتان الشعري؟
الفوضى النظرية التي عرّفت الحداثة بها، كل شيء غير منضبط في شكل، يستطيع أن يدّعي شاعره أنه ينتمي الى الحداثة. والآن عندنا تسمية جديدة هي ما بعد الحداثة. ونحن ما زلنا نعيش في عصر ما قبل الحداثة.
لكن الشاعر الفرنسي لو تريامون يقول إن على الشعر ان يكتبه الجميع!
أعتقد أن كل كائن بشري يحاول أن يكتب شعراً. والفرق ان هذا الشعر لم تُتح له فرصة النشر، أو ربما فرصة التكوّن. وكما تعرف في فترة المراهقة يكتب المرء ما يشبه الخواطر ويقلّد بعض الأدباء. وهذه الكتابات غالباً ما تكون شخصية. يجب أن يكتب كل الناس، كما قال لوتريامون، لكي يخرج من هؤلاء شعراء وروائيون وكتّاب...
لا تزال تصرّ على «صدمة» جمهورك، وما زال هذا الجمهور يتابعك في أمسياتك الشعرية. كيف تنظر الى هذا الجمهور والى «الصدمة» التي تحدثها فيه عندما تقرأ له قصائدك الجديدة التي تختلف عن القصائد الأولى التي يميل اليها عادة؟
لا أعرف ان كان الجمهور يميل الى القصائد الأولى حقاً. لم يعد الجمهور يطالبني كما في السابق بأن أقرأ ما في ذاكرته من شعري. وهذا حسن. واستطعت أن أجد ما يشبه الثقة المتبادلة بيني وبين القراء. إنني لا أحب كلمة جمهور. لنقل المتلقي أو القارئ. فالجمهور ليس كتلة واحدة متجانسة. وأنا لا أستطيع أن أتكلم عن الجمهور بطلاقة، لأنني سأرتكب أخطاء كثيرة. ثم من هو الجمهور؟ قد يكون مجموعة من الشعراء والمثقفين، قد يكون من سائقي التاكسي أو ربات البيوت أو الطلاب، وقد يكون لكل مجموعة الحق في أن تقيم علاقة مع الشعر. المشكلة عندنا ان القارئ العربي يشعر بأن من حقه أن يتدخل في تحديد مفهوم الشعر. وكل قضية من هذا النوع تتحول قضية عامة قد يهددها خطر التبسيط، لئلا أقول الابتذال. إنني أواكب قرائي مثلما هم يواكبونني وهم يتطورون ويتغيرون. وأكثر ما يسعدني في هذا الوقت، انني أفاجأ أينما ذهبت بأن الذين يحضرون الأمسيات الشعرية هم في ما يقارب التسعين في المئة من الجيل الجديد ومن الشباب في العشرينات. وهذا يعني أن قرائي الذين يحبون قصيدة «سجل أنا عربي» رحلوا وتركوني أو أنهم اكتفوا بذلك. إذاً اقتراحي الشعري هو أن من حق الشاعر أن يواصل تطوير لغته وأن يحميها من التكرار والارهاق. حتى اللغة الشعرية تصاب بالارهاق، وعلى الشاعر أن يجدد صورها واستعاراتها. هناك إذاً علاقة تتجدد مع تجدد الذائقة والعصر والزمن. هناك ثقة متبادلة، وإذا حقق الشاعر الثقة مع قرائه فقراؤه يعطونه الحرية في أن يطور نفسه كما يشاء. وإذا لم يكن هناك من ثقة أو إن كان ثمة جدار بين الشاعر والقراء، فالأمر يصبح قيداً ثقيلاً. بعض الشعراء يستهزئون بهذا القارئ وبعضهم يقدمون له تنازلات ويسمعونه ما يريد أن يسمع، ويكتبون له ما يريد أن يقرأ.
-
حســـــــن : فى نهاية هذا اللقاء ماذا تود أن تضيف أو تنهى اللقاء به ؟
أســــــعد / واقع لا يتجاهله عاقل 000 أمتنا العربية بشكل شامل أستطيع أن أقول عنها أنها(( أمة ضاعت الموازين فيها ) )
حســـــــن : و هل لك خاطره أدبية حول هذا المعنى ؟
أســــــعد / ليس لى من نتاج عقلى بل هناك خاطرة لصديقي الشاعر العظيم الدكتور / عدنان النحوى الذى أرسل لى من السعودية ديوانه الرائع ( جراح على الدرب ) فقال فى احد قصائده :
[[ إنما الناسُ معْدن و سجايا
و رجال من الفعال رجال ]]
[[ لا يقاس الرجال كالنبت و الصخر
بحجم كما تقاس البغال
أمة ضاعت الموازين فيها
جار فيها الميزان و المكيال
نزعت عن مناهج الحق و ارتدت
إلى الجهل بالهوى الآمال
لا تسل بعد ذاك أى كبير
أو صغير تمضى به الأمثال
حســـــــن : و حول التذوق و الأدب ماذا يقول المخرج الأديب اسعد الكاشف ؟
أســــــعد / أنت تضعنى أمام لوحتين الأولى لوحة فنية بحته و هى فى عالمنا (( كمخرج )) تسمى السيناريو و ما وراءه من كاميرا و إضاءة 00 الخ
و الثانية [ نص أدبى ] و على الإجمال أقول :
( الحديث عن التذوق لابد أن يبدأ بالحديث عن الذوق // و الذوق فى سياق الفن عامة يحتاج إلى تعريف و هو باختصار القدرة على الإحساس بالعمل الفنى أو أى إنتاج ذهنى و تبيين أوجه الجمال أو النقص فيه )
حســـــــن : نضرب لذلك مثلاً أو شرحاً أوسع ؟
أســــــعد / مثلاً قد يقال لشخص ما 00 انى احتكم إلى ذوقك أو انى أثق فى ذوقك // و كما قد يقال إن ما نسميه جمالاً يتوقف على ذوقنا أكثر مما يتوقف على حكمنا ومن ثم 00 يجرى الحديث عن تكوين الذوق و تنقية و توسيع نطاقه و إفساده 000 الخ
و إذا أخذنا كلمة التذوق بمعناها الواسع وجدناها تعنى إن إبداء الراى أو الحكم وفقاً للذوق الخاص
حســـــــن : لو أمامنا الآن عمل أدبى كيف يمكن تذوقه ؟
أســــــعد / يعتمد تذوق العمل الأدبى على عدد من الأدوات التى لا يمكن الاستغناء عنها أولها (( اللغة )) فالنص الأدبى كما تعلم يقوم على العلامة اللغوية أى أن الكلمة قوامه و من ثم يتحتم على من يقراه اى النص الأدبى أو العمل الأدبى أو ينقده أن يكون ملماً باللغة التى كتب بها // و ذلك الطبع يتطلب أن يكون التذوق تذوقاً ملياً إذا كانت قراءته باللغة التى كتب بها اصلاً
أما الترجمة أو تذوق أو نقد العمل المترجم يكون فيه خلل و نقد على نقد
و التذوق و أن كان عملية فردية يسهم إلى حد كبير فى تكوين الذوق العام و تطور الأدب و تطويره بالتالي على كل حال أستطيع فى النهاية أن أقول نسبياً مثل بوصفك أديباً يمكن لى أدلك أو لأى مثقف إن يقرأ نصا أدبياً واحداً لكنه من زاويتين مختلفتين
- التذوق فقط
- التذوق مع إبداء الرأى وإصدار الحكم
و مما لا شك فيه إن أفضل العملين أو الزاويتين هى اولهما
أما عن المجموعة القصصية للأديب // زين العابدين الشريف و هى بعنوان ( نباح و همسات ) و لأنه أهداها لى عندما زاوج بين الفن و الأدب فقال إلى الفنان المبدع و الصديق الرائع 000 فقد حملنى نعتاً لا استحقه فما أنا إلا إنسان مازال يحبو فى طريق الفن و أزقة الأدب // و على كل حال بعد قراءتى المتأنية لـ ( نباح و همسات ) لزين الشريف 000 وجدتنى أقف أمام قاص موهوب يملك ناصية ( الحكى ) و إن كان يلعب بالألفاظ بغية أن تأتلف مع المعنى دون أن يدرى أن ذلك يقلل من عملية التذوق للمضمون 000 و مع ذلك فهو فى هذه المجموعة يقف فى شموخ == كما ترى == أمام الكثيرين من المحسوبين على الأدب و الأدباء 0
أســــــعد / و قبل أن أنسي 00 فلن أنسى ذلك الإهداء الوردى الجميل الذى أهداه لى الأديب حسونة فتحى عندما قال // الأخ الكبير و المخرج المتميز 00 و الصحفى النشط و الأديب الفنان
و ذلك بمناسبة صدور مجموعة أشعاره بالعامية عام 2000 تحت عنوان (( سنين من سينين )) و كم أعجبنى و هو يحلق فى فضاء المعانى و أجواء التخيل 00 و إن كانت ترجمته لذلك بالعامية 00 لكنه على الإجمال – اى ما كتبة – ليس إلا دفعة جياشة من قلب مهموم بالأحداث التى تقع حوله ومن حوله 00 فهو ليس شعراً و ليس نثراً و لكنه من هذا و ذاك 000 و كثيرون طرقوا هذا الباب و لكن شتان بين ما كتبوا و كتب 00 ففى الوقت الذى نرى قدرة الشاعر حسونة فتحى على التلوين فى المعانى و الأسلوب الفنى فى المبانى 00 نرى فيه أيضا بعض المحسوبين == ظلماً == على الأدباء منجرفين مع التيارات المراهقة و المواره من يمين و يسار 00 و مع الهوجة أو مع راكبى الموج 00 فهم يبتعدون عن الواقع و يصعدون إلى الأعلى و لكن كدخان كثيف يصعد إلى أعلى ثم يتلاشي تماماً 0
حســـــــن و لكن أدبينا الكبير الذى عاش و عايش الأدب و الفن بكل زوايهما و ميادينهما 00 نراك لم تتعرض بالحديث عن الأديب سمير محسن 00 رغم أنه صديقك ؟؟
أســــــعد / الأمور لا تقاس بهذا المقياس أستاذ حسن خاصة فيما يتصل بالأدب 000 الأدب خاصة فى مجال (( نقده )) و النقد كما تعلم فن من الفنون القائم بذاته 000 لأنه يمكن أن أكون دارساً لفن النقد و لكني لا اقرض الشعر و لا امسك بزمام الكلمة و دفئها و جمالها و العكس صحيح 000 و لو نقدت لك نصاً
أدبياً باعتبارى صديق لك ستغلبنى العاطفة و سيكون حكمى أو انطباعى ليس فى محله و لكن عندما تضعنى أمام نص فقط دون كاتبه أو مبدعه لاشك أن الحكم أو الذى سيكون منصفا و مهما كانت درجة النقد خاطئة أو صائبة وفقا بمقاييس النقد الادبى و الفنى 0
• أما الأديب سمير محسن فحقيقة لم اطلع على اى مؤلف له أو بمعنى اصح كان بخيلا معى فلم يهدنى اى مؤلف من مؤلفاته و لو اننى استمعت إليه مشافهة فى بعض الندوات الأدبية إلا انه أخيرا و خلال الأيام الأولى من سبتمبر 2004 أهدى لى ( ثلاثية البوح و الرماد )) فأردت أن أتمعن فى كل لفظة و فى كلمة من هذه الثلاثية 00 و اعجبنى جدا عندما كان إهداءه (( بلسماً هادئا فى يوم قائظ )) حيث قال [ إلى مدينة العريش 00 التى عايشتها منذ صباى بجميع متناقضاتها و جميع تقلباتها ] و حقيقة ادهشنى سمير محسن بتلك الموضوعات و القضايا التى طرحها فى شعره مثل منابر الأقصى // سراديب النواميس // أجراس و مزامير // مومياء // صرخات فى أعشاب الصمت
• المهم وجدتنى أمام شاعر ينبض إنتاجه بالعاطفة البناءة لجيل الأمل لعل و عسي 000 و يكثر من الإسقاطات و هذا مطلوب و لا يعيه و يدركه ألا الأذكياء على كل حال و أن كان سمير محسن تناول كل خواطره الأدبية فى تلك المضامين التى جعل لها عناوين جذابة ترتاح لها نفسه و تنسجم مع كل مستويات المتلقين و كل حسب مزاجيته و زوايا حياته و أخاديد صراعاته فى الحياة 000 ألا اننى مازلت أقول و سأظل أقول إن هناك [[ جناية تستحق التأمل ]] و هى ( الشعر الحديث أو فيما يعرف بالشعر الحر 000
حســـــــن: أراك مازلت منفعلاً ثائراً كلما قرأت أو أستمعت (( شعراً حراً )) رغم انك تكتب
هذا الشعر ؟؟
أســــــعد / لا يا أستاذ حسن 000 لم اكتب شيئاً فى حياتي من هذه النوعية من الشعر و سميته (( شعراً ) بل كان ما كتبت كان عبارة عن خواطر أو هواجس فانا أكفر تماما بكل الشعر الحديث أو( إفلاسا ) قالوا انه شعر حر // و طبعا أنا ثأر بل يكاد يقتلنى الغضب و كيف لا اغضب و الجناية قد أصابت فى المقتل 00 و الجناه مصممون أن يجهزوا على الضحية الزكية // مصرون على المضى فى تخطيطهم الفظيع الظالم بإملاء من الشياطين و إيحاء من الحاقدين // و كلمة حق لابد منها برغم انف الغضب و هى أن الجناة مخلصون لباطلهم أخلاصاً يستحق الإعجاب ، متحمسون للهدم حماسة تتضاءل أمامها حماسة إبليس للضلال // إنهم يهجمون على اى ناقد يعارضهم هجمة الذئاب الشرسة الجائعة إلى القطيع 0
حســـــــن : من اجل متابعة القارئ لهذه القضية هل نطمع فى ضرب مثل أو طرح نص يبرهن على غضبك هذا 00
أســــــعد / نعم 00 لكى يدرك القارئ مدى الخسارة الفادحة التى عصفت بكل العناصر الفنية فى شعرنا
0 اسمعك هذه المقطوعة من باب الشكوى 00 فى الشعر الحديث من ديوان (الأرض و الدم ) و عنوانها [[ عذابات سرية ]] لترى المستوى الذوقى للشكل الجديد 00 و اسمع يا سيدى
يقول هذا الشاعر الحر :
{ شربت مرق الأحذية المنقوعة 00 فى الخوف و النحيب أكلت ما يخبزه الإسفلت 00 ( يقصد الزفت )) فى جوفه من حنطة التعذيب
و أيضا أسمعك مقطوعة أخرى لشاعر أخر و عسى إلا تفعل بك ألان مثلما فعلت معى ذات مرة شربه زيت الخروع [[ فى حذائى مسمار 000 و فى ذوقني شوكة هذه ممتلكاتى 000 افتح الشمسية و القنانى انزلج فى الجغرافيا 000 فى عنف زرافة اصطياف ]]
طيب يا أستاذ حسن بوصفك أديب بل هذا نداء لكل أدباء سيناء و بالذات من ذكرتهم فى هذا اللقاء 000 بالله ناشدتك الله و ناشدتهم معكم ضمير القارئ أن تفتينى اشعر هذا أم صديد ؟ و بالمناسبة نسيت أن أقول لك أن القطعة الثانية هى مما اعجب بها المروجون و هى لشوقى أبو شقرا بعنوان [ حجر فى سروال ] و قد نشرتها له مجلة ( شعر ) فى عددها السادس للسنة السابعة 1963 00 على إنها إبداع و فتح 00 تصدر هذه الطلاسم فتح و أبداع !!
حســـــــن : و فى النهاية ما الذى تريد أن تودعنا أو أن تنهى به هذا اللقاء
أستاذ / سعد الكاشف
أســــــعد / أقول بكل اطمئنان 00 خاب الحاقدون و رد كيدهم فى نحورهم و سيظلوا خائبين 000 إذ يسر سبحانه وتعالى اللغة القرآن الكريم من يدافع عنها من الأدباء المؤمنين كالرافعى و الزيات و حافظ إبراهيم 00 الخ و أرجو أن يطلع القارئ العزيز إلى بعض هذه النماذج التى ارتكبت جناية ما يسمي بالشعر الحر أو ما يسمي بشعر (( الإفلاس الفنى )) مثل أغانينا المهزوزة هذه الأيام 00 و أقول و أنا مطمئن إلى ما أقول المسالة لا تحتاج إلى كشف النقاب عن هؤلاء الذين حملوا حملات التحديد أو امسكوا بهمة و نشاط معاول الهدم و الانحلال 000 لان كثير منهم لا اطمئن إلى ماضيهم و لا إلى عقيدتهم 00 سائلا الله أن يهدى من بقي منهم حيا و يسلم أدبنا و لغتنا و قرآننا و تراثنا من شرور دعواتهم و لن اتعرض فى يوم من الأيام للأخلاق الشخصية فى هؤلاء و لو علمت أن احدهم تفوق على أبى نواس فى المجون و الخمر و النساء 000 فتلك أمور يظلم بها المرء نفسه و حاله و صحته و لكن حين يصل الأمر إلى فساد اولادى و إغرائهم بالانحلال و الانحراف فإن ذاك تصبح الصراحة فرضا و النصيحة دينا و السكوت جريمة 000 و فى لقاء قادم أن شاء الله سأذكر نماذج منهم 00 نماذج فقط و اكتفى اليوم بان اذكر أعمال تم نشرها و الترويج لها و على من يريد فليبحث ولو أنى مؤمن تماماً أن نسبة 90 % من فتيان الأمة العربية و فتياتها هذه الأيام لن يبحثوا عن شئ لان جميع الحواس فى إجازة إلا حاسة البصر التى جمعت بين حاسة السمع بل الإصغاء بل