عرض للطباعة
من أماسي إبن ماء السماء . خواطر . توطئة . متى كنت ألقاك صفاحا نقابا . لا أدري . متى كنت متفرغا لإطفالك الذين كانوا في زغب الحواصل. لا أدري . متى كان في وسع المصدورأن ينفث همومه في كنفك. لا أدري . متى كنت متفرغا من مشاغلك . لا أدري. متى كنت متفردا أو منفردا عن حواشيك . متى كنت تلقي عصا أسفارك . متى كنت تفرغ عن أسمارك التي كانت تمتد حتى الهزيع الأخير من الليل حيث كان يطاردك كلاب الدنيا والسماء . متى يتقمص الطفل بماء وجه الأب ولاسيما إذا كان الأب إبن ماء السماء . أعود والعود أحمد. يعقوب القاسمي.
جميلة جدا
حبذا لو كبرت الخط اخي الكريم رجاء
أخي رغد قصاب . ما هذه الثرثرة الرخيصة!
أماسي إبن ماء السماء . من حسن حظ الطفل أن يكون محظوظا في والد أو منحوسا في والدة . وقد يكون محظوظا في الأثنين أو منحوسا في الأثنين . وما نقص عند إحداهم من سجية أحتاج إليه الطفل طفح عند الأخرى . وعوض الطفل من مادة الذهب الأخضر. وحين يكون الطفل مغموسا ومغمورا في حب المحيط العائلي فربما يفوت على الطفل حتى تشخيص رموز السيادة البيتية أو العائلية للوهلة الأولى. وربما تتضبضب تخوم الأدوار ويعاد توزيع أدوار تلك الرموز بين أفراد العائلة المركزية أو أفراد تخومها القريبة والبعيدة . ليصبح الجدة من طرف الأم أما ولا نقول ظئرا . و ليصبح الخال أخا . فيمرع الطفل والحالة هذه في واديه . ليجد من بين هؤلاء من هو أكثره كوفأ في إسباغ الطفل بهالات الرعاية والجراية والجيرة تغدق على الطفل زيادة على ما تغدقه عائلة الطفل إذا كانت عائلة الطفل متفردة بمقام إجتماعي. ليهرع نسوة الجيرة كل من طرفها إلى إغداق حبها وحنانها على الطفل. يا للحظ . إنه يتسابق أهل الحي الى نفخ الحب والحنان فيك . ليؤثروك في حبهم على حب فلظة أكبادهم وسواد عيونهم من أطفالهم . إنه مشهد سوريالي سوى أن الطفل لا يعرف للسوريالية معنى . والسوريالية بالنسبة له زيادة في الشعور بمشاعر الأمان والعيش في حدقة القدر . وكل ذلك يبعد عن الطفل شبح السواد والسوداوية . وماذا لو وجد الطفل في أكناف خؤولته عدادا من الخالات من هن طبيون في فن إغداق الحب على الطفل . من يحذقن طقوس مداعبة الطفل وفنون الحضانة المتوارثة كابرا عن كابر . واها واها . ما أجمل حظك أيها الطفل وما أجمل ورود واديك . إنك لا تقدر على تشخيص شخص أمك في بحر نسوة المجد . وتنادي كل واحدة منهن أماه مجازا. يعقوب القاسمي.
من أماسي إبن ماء السماء . يعقوب القاسمي . الخاطرة الثانية . من أين يبدأ المرء ليكون نفسه ويصنع من ذاته عصاما في محيط يسوره الأمية ويحيطه الذاتية . في بيئة يكون فيه الناس كبراجم الكف ومتساوين كأسنان الحمار . في بيئة تحكمه وتتحكم فيها أصل المنبت وعلو الشرف. من أين يبدأ إبن ماء السماء وهو ينسب إلى أمه . حقير الأصل وحقير الفصل . لابد أن يكون إبن ماء السماء في عين السماء إذا قدر له أن يعلو ويسمو . ولابد أن يكون لإبن ماء السماء سيماءه الخلقي ومعلمه الإنتماءي حتى إذا كان لا إنتماء له في مدارج أهل الشرف . وإبن ماء السماء هذا كثير الشبه بالنبي محمد ص . إنه قد يسمى بذات الإسم وقد يكون ولدته إمرأة تحمل إسم أم محمد ص . وقد ينكح إبن ماء السماء على نحو النبي محمد ص إمرأة تنحدر من منابت خديجة بنت خويلد. ولا تقف أوجه الشبه بين إبن ماء السماء و النبي محمد عند هذا الحد بل يمتد إلى وجه صارخ وشبه سيماءي ومعلم من معالم شخصية نبي العرب ألا وهو علو الخلق وإشراقة الفلق ولهجة معبرة في الصدق . فلم يكذب الناس من قديم الأزمان في كنف النبي وكنف إبن ماء السماء . ولكن كيف يميز القوم أو الأقوام لهجة الصدق هذه في خضم بحرالكذب والنفاق والتدليس والتلبيس. إنها معجزة السماء . فالصدق غنم ويدل على صاحبه ولاسيما في محيط أخص خصائصه الكذب . ومن هنا بدأ النبي خط نبوته و دشن العصامي إبن ماء السماء عصاميته وخارجيته . و لعجب وكبيرالشبه بين النبي وبين إبن ماء السماء إن هذا الأخير أنما كان يسمى بإسمه الصريح محمدا كان يختلط علي شعبان ورمضان وكنت أحسبه بأنه هو النبي محمد. وصدق وصح علي الأمر في أيام يفاعتي الأولى . أعود والعود أحمد. يعقوب القاسمي .
من أماسي إبن ماء السماء. الخاطرة الثالثة. إن سوق الصدق سوق رائج . والصدق بضاعة رائجة إذا وصلت صيت البضاعة إلى دلاليها والطامعين فيها . وإن صدق اللهجة والخطاب ليكافئ صاحبه بالغنم . الصدق بضاعة رأسمالية وليس أقضى من درهم ولا ينقضي وينصرم فورا وعلى دفعة واحدة . إن من يكون لهجته الصدق له مقعده الخاص به . وللصدق أربابه . وإن صاحبه يعرف به ويميز به ويضرب لإجله قبة من أديم أحمر . ولقد كان يجلس إبن ماء السماء تحت هذه القبة ويخوض في خضم أحاديث وأحاديث . لا شئ ينقع من غليلك إلى جمال الطرفة وإلى سرعة البداهة وسرعة الرد وبالتالي إفحام الآخر. وقهقهتك تتعالى إلى عنان السماء . تسفو حينا وتسمو آخر. بيد أن ما تتركه من إنطباع لسامعك أو معاينك هو صدق المخبر ونبل المأرب . إن طابع حديثك ومسحته يا إبن ماء السماء هو الصدق . ورفعتك صدق اللهجة أنجدا . مقاعدا ومصاعدا . وشخصك من بين رهط أقوام لا يسعفهم حظوظهم في تنصيع لهجة الحديث ولا إخراجها في مخرج براق وخالب وجميل . وتميزت عن جليسك في صدق مخبرك وتميزت لهجتك يا إبن ماء السماء عن لهجة القوم . الآخر لا يعرف كيف يغربل أوراق التبر في غابة البلوط . لكنك الحاذق والماسك بناصية الأمر في هذا . وما ذاع عن نبي العرب من صيت ذاع لك ذات الشئ . و تنامى إلى مسامع سادة الأقوام خبرك وبرك . وعرفوا عن جوهرك وعرعرك . ودشنت يا إبن ماء السماء مسيرتك على طريق العنصلين . وسلكت طريقا سلكه من قبلك نبي العرب . لإنكما عرفتما عن تبر الأمانة وقصب الصدق . ما أشدك شبها بمحمد يا إبن ماء السماء . فلقد كان إسمك الصريح محمدا . ولقد كنت أظنك النبي محمدا آنما كان يتنامى إلى سمعي إسمك . كنت أظنك النبي محمدا بعينه فيختلط علي شعبان ورمان . وصح علي ذلك الأمر وصدق في أيام يفاعتي الأولى . وإذا أردنا أن نحدد وعلى وجه الدقة ساعة إنطلاقتك وركوبك راحلتك كطالب ملك لقلنا إنها بدأت مع ذيوع صيتك كصادق وأمين و متجنب لسفاف الأمور . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي
من أملسي إبن ماء السماء . الخاطرة الرابعة . و عرف إبن ماء السماء عفوا وعن غير قصد وطمع منه وجهاء القوم وسادتهم . ولا نقول إن إبن ماء السماء إستمالهم لإن الصدق من جرته والأمانة من عجره . فلا يحجز ذكر إنسان في وصف إبن ماء السماء في العكم . وهكذا قدر الله لإبن ماء السماء أن يكون في عين القدر وأن يصبح محل رغبة وجهاء الأقوام . ورغبة المرء في الإرتقاء والنماء غريزة مغروسة في نفوس البعض دون البعض الآخر من البشر . إنه مغروس في طينة هذا الذي خلط في طينته الآدمية طينة عسجدية أو سماوية . إنه نزعة البعض إلى العلو والتسامي . ولم يك قبول إبن ماء السماء في حاشية أهل العين بلوغا لمدارج أهل الشرف. وإذا ما قال قائل ذلك قلنا له يا للأفيكة ويا للبهيتة .فما أكثر أولئك اللذين أوصلوا بإنفسهم إلى دوائر سادة القوم . بيد أن حظي إبن ماء السماء بقبولهم كانت بمثابة أيام ترجيب وتعتير .أيام إنتظار حكم الله وقدره في الأشياء . وعلى هذا المنوال أصبح يحس بالدفأ في الثوب المرجب وأصبح همه يتجاوز طرفي رداءه . وشاءت الأقدار أن يترجب أكثر من ذلك على طريق إعتلاء السلم الإجتماعي . رغم إن مثل هذا السلم لم يك له وجود في تلك الحقبة من زمن فطحل . ودرج إبن ماء السماء في مدارج أهل الشرف . ورمي له ريش على سنام الجمل . و بلغ تلك المدارج عبر النكاح من المناكح الكريمة . ليت عرف المرء كيف تحقق هذا الأمر لإبن ماء السماء وهو ينسب إلى أمه لخمول ذكر والده أو ليتمه . وهو لا يحسن ركوب الخيل ولا باع له فيه . مهما يكن من أمر فإنه اليوم في علائق مصاهرة مع كرام القوم وإنه حظية أولئك . وكل من ناحيته يشرئب إليه ويرفع رأسه نحوه ويطمع في وده . وتزن مثل هذه العلائق أثقل من الرصاص في ميزان الحظوظ الإجتماعي وفي نوادي أهل الشرف في الحاضرة . وما يثقل ظهر إبن ماء السماء ويبهض ظهره ويثلم في كبرياءه هو فقره . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .
من أماسي إبن ماء السماء .الخاطرة الخامسة . كيف يخرج إبن ماء السماء من تلك الحالة البدائية التي يعيشه . كيف يكسر قيود الإملاق وأغلال الرمق . وبئس العيش عيشة الرمق . إن إبن ماء السماء يستكشف اليوم و برغبة حثيثة كل أبواب الرزق وشعاره افصدي تصيدي وكم لك من غنيمة لا تقسم . ولا أمامه من فرصة إلا فرصة واحدة . إن الزمن ليس زمن علم , تعلم , تعليم , أو توظيف . فهذه الأبواب كلها دخيلة على تفكيره وتبكيره . الفرصة الوحيدة المتاحة للإثراء والتثري هي فرصة شراء الأراضي . ورشقة الحظ وشطحة النبوغ تسعف المرء إذا أحسن المرء إختيار أراضي بكرة تبشر بريع وربيع . وأراضي من هذا اللون تحتكر تملكها كبير ملاك المنطقة وكبير أغواتها . ولا نصيب للفقراء من تلك الأراضي . إن من نصيب الفقراء أراضي الزرك والبور. وأشرقت على إبن ماء السماء ذات يوم فكرة شراء أراضي مديدة الأطراف في ذلك الفجر الغابر من الزمن . أراضي صخرية بعض الشئ إلا أنها موعدة . بيد أنه يعجز على دفع أثمانها عند الحافر أو نقدا بنقد . وتعلم إبن ماء السماء أصول لعبة بناء المجد وهو إبن كديها وكداءها . وما له من سبيل ولا حيلة إلى النقد إلا بنك الرهائن إذا كان في ملك يمينه بضاعة جديرة بالإرتهان أو حلي ومجوهرات . وليس لإبن ماء السماء من طريف وتالد إلا ما تملكه حليلته من اللون الأخير من الثمائن والنفائس . وتقف المرأة والتي لها حظ كبير من ذهب وخشخاش النساء على أهبة الأستعداد في وضع قض وقضيض ذهبها , وهي تملك الكثير إذ أن حظ النساء من هذه رهين منبت المرأة الإجتماعي , في بنك الرهائن مقابل المال الذي سوف يدفعه بعله عن الأراضي . والرهائن تسترد . وعلى هذا النحو أصبح إبن ماء السماء مالكا صغيرا وأصبحت الأراضي نواة تقبل بالتوسع يمنة وشمالا . حين يغري صغار الفلاحين ببيعهم أراضيهم له ليضمها بدوره إلى أراضيه . وأصاب إبن ماء السماء بشروته تلك خيرا عظيما . وظل يتحدث مع حليلته وبقلب باردة وبمنتهى رضا عن تلك الشروة من الأراضي على أنها قلبت لصالحهم موازين الحظوظ ووضعت في أيديهم مفاتيح الرزق والتجارة . وليقلب كل شئ تتبر أيديهم به إلى ذهب في قوادم الأيام . وأخرجت تلك الشروة إبن ماء السماء من دائرة الرمق إلى دائرة العرق . شهر ترى وشهر ثرى وشهر مرعى . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .
؟؟اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يعقوب القاسمي
اخي الكريم وددت لو علقت على تلك الفقرة
ولكن لما وجدت ردك المهين ..لاخوتي هنااقتباس:
من أماسي إبن ماء السماء. الخاطرة الثالثة. إن سوق الصدق سوق رائج . والصدق بضاعة رائجة إذا وصلت صيت البضاعة إلى دلاليها والطامعين فيها . وإن صدق اللهجة والخطاب ليكافئ صاحبه بالغنم . الصدق بضاعة رأسمالية وليس أقضى من درهم ولا ينقضي وينصرم فورا وعلى دفعة واحدة . إن من يكون لهجته الصدق له مقعده الخاص به . وللصدق أربابه
اعتذر عن المرور بعد الان
الخط صغير جدا لانستطيع القراءة..
تحيتي
ما أروع هذا النص وما أجمله . أروع ما كتب عن الصدق بإسلوب أدبي أخاذ . يعقوب القاسمي
من أماسي إبن ماء السماء . المادة السادسة . ويملك إبن ماء السماء في يده اليوم مفتاح حظوظ قوادم الأيام . ويهتف في قرارة ذاته وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تسطعه الأوائل . إنه وقع على ماء كماء صداء في كسبه شروة الحظوظ في شراء تلك الأراضي و الزواج من مدرارج الشرف, زواج بنت خويلد, بيد أن طريقه إلى المجد لا زال دون طريق هرشي . إنه لا زال عرضة إلى التنكب والذباح . ولعل ذلك مرده أن رهطه الأقربون لهم في شعابهم ما يشغل جدواهم . إن شأن إبن ماء السماء لا يشدهم ولا يهبون حمية من أجل سواد عينيه .ولعل مرده أيضا طبيعة التنافر والتناحر القائمة بين بطون صغار الأقوام . هذا التناحر الذي لا يعرف بداية ولا نهاية . ولعل مرده أيضا حسد بعض الأقوام إبن ماء السماء لسيره على طريق المجد والغنى . رغم أنه في عين القدر ورعايته وفي أعيين كرام القوم ممن يربطه وأياهم صلة المصاهرة والمناكحة . وبعض البلية تكمن في أن هؤلاء لا يقطنون على صقب منه وإنما على بعد . فلا يصلهم نبأ تنكب إبن ماء السماء إلا بعد أن علم به الضبع وسرى به القمر . ويهيم الليل على إبن ماء السماء . وما أدريك ما الليل . الليل وأهضام الوادي .ويشنف لصوص الأقوام أمرهم ليسرقوا داره وما خزن فيها من ثمين الأموال . إن لصوص الأقوام تسطو . ولتصبح أنت على أمر جلل . نبأ سرقة كرام أموالك . ويظل إبن ماء السماء آمادا وإلى دهر الدهارير وهو يحاول فك طلسم هوية اللصوص . وتتكهن وتتكهن وإلى ما لا نهاية . ولا يهتدي إلى معرفة هوية هؤلاء الأوباش ولا إلى هوية من يقف وراءهم ومن يبعثهم عليه أو يستعين بشرهم نكاية به . وكان إبن ماء السماء دريئة لمثل هذه الشنائع والشناعات أكثر من مرة . وراح يعمل إبن ماء السماء فكره . ما الحيلة إلى التعرف على هوية اللصوص . وما الرأي والمشورة إلى إيقاف التنكب والتذبح . وعجز إبن ماء السماء عن إسترداد أمواله المسروقة وعن كشف هوية السراق . فلا دولة يلوذ بها ولا شرطة تمسك بإضبارة التحقيق . وعجز وعجز وهو يخشى أن تدور عليه الدائرة دورة أخرى . و أصبح همه الآن منصبا على التمترس والظهور بمظهر المستفز الحامي .ودلته الحيلة إلى سبيل ووسيلة تبعث في قلوب المتربصين به من اللصوص الخوف والرهبة . وشنف إبن ماء السماء أمره في شراء بندقية من الحاضرة . وكان إستخدام السلاح الناري بين الأقوام في تلك الحقبة من الزمن أمر غير مسموع به ولا مسموح به . وهكذا كان إبن ماء السماء سباقا إلى كل جديد وإلى إدخال كل جديد في حياة الناس . وكانت تلك أول تجربة له في اللوذ بالسلاح الناري . سلاح يقتنيه برضاء الدولة . وسيعرف في قوادم الأيام صفقات سلاح أكثر تطورا وأكثر حداثة . وأبتاع إبن ماء السماء تلك البندقية من الحاضرة مقرنة بترخيصة وإجازة من دوائر الدولة مقابل دفع بعض الإجور عن الترخيصة . وكانت للبندقية رهبتها وبأسها . وذاع نبأ أمر تلك البندقية بين الأقوام . ولم تعد أمرها مخفيا على القمر. وكان إبن ماء السماء لا يضيع على نفسه فرصة في إستعراض بندقيه تلك وإظهار فرادتها وتميزها . ومن ثم التحدث عنها والترويج لها . وأصبحت البندقية تلك شوكة في عين المتربصين به . وكل ذلك إلى حين . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .
من أماسي إبن ماء السماء . المادة السابعة . وأصبحت البندقية تلك تميمة ويتيمة سلاح إبن ماء السماء .لا بل شوكة في أعيين صغار اللصوص وكبارهم . يدا له على أعداءه . يدالدولة تشد على يديه وتشدد من أزره . خاتم سليمان تسهم في بناء الملك وتزينه وتخلق هالة من الرهبة في أعيين حاسديه . وكل حاسد لإبن ماء السماء اليوم في جريض وهم عريض . إن دار إبن ماء السماء اليوم حرم آمن . تغشاها أنفاس إبراهيم وإسماعيل أو تمسها أنامل أياديهم . وإعتاد إست إبن ماء السماء المجمر في تواصله مع دوائرأهل الحل والعقد في الحاضرة . ولم يك تحاككه مع تلك الدوائرإبان شراءه تلك البندقية أول تحاكك له ولن يكون آخر تحاكك . إن واقع حاله يمهد للمزيد . ويحتم عليه التقرب شيئا فشيئا مع دوائرالنفوذ سواء كانت تلك الدوائر في الحاضرة أو في نواحيها القريبة . وأحب إبن ماء السماء ميلته تلك وهو راكب . إن إبن ماء السماء وبدون أدنى ريب من محبي الوفادة والريادة . يستميله مقايضة الناس ومزايلتهم . وله مبادءه في كيفية التعامل معهم . وأول مبدأ له إن الناس أخياف . نفوس من معادن شتى . وحتى يفلح المرء في الحياة فعليه أن يريض نفسه على فن معاملة الملأ . وما يستميل إبن ماء السماء على نحو خاص كيفية التعامل مع علية الأقوام . إنه يحب التحاكك بجذيل أولي الرأي والنفوذ . ورغم أن مثل أناس مثل عصام إبن بشير يتمثل أمامه إلا أنه لا يضطلع بأي حال من الأحوال أن يضطلع بمهام أو دور عصام إبن شهير . فما له والجلوس على باب النعمان , هذا إذا فهمنا أن الحاجب بواب , أو مجرد التحدق في وجوه زائريه أو التحقق من هوياتهم أو صدق نواياهم أو جدارتهم بلقاء النعمان إبن المنذر. إنه يزمع أن يكون جليس النعمان ونديمه ومن نصحائه . ومهما يكن من أمر فإن إبن ماء السماء اليوم يتطلع إلى ملك كبير وشأن أكبر. ويزداد شأنه ويعلو كعبه في ناحيته وفي الحاضرة . ويتسع مدار ملكه . وهو على دأبه وهيفه . ناصح و حافظ و أمين . وكأنه يوسف من طرف ونبي العرب من طرف آخر. ولا تتوق نفسه ولا تصبو إلى شئ قدر توقها وصبوها إلى ملاقاة أهل الحل والعقد والتعرف على اسلوب إنزالهم الناس منازلهم ولهجة خطابهم وأسرار ما بلغوه من شأو ومكانة ومنزلة . و يتعدى في حرصه على ذلك إلى حرص في معرفة مبادئ الدولة في التعامل مع أهلها . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .
من أماسي إبن ماء السماء . المادة الثامنة . ورمى القدر إبن ماء السماء بريشه على غاربه . أو يكاد . ويجمع إبن ماء السماء اليوم في يده مقاليد الأمر وأسباب الأرتقاء والتوسع في ملكه . وكبر عمرعن الطوق . وأصبح يطرق طريق الحاضرة و الناحية . غاديا آيبا . وهو يطمع إلى أن يكون قطب الرحى . به لا عبرة بي ولا باكيا . يلتقي ويزايل . له قدم راسخ في الثرى وآخر في الثريا . كل شئ يأذن بميلاد دعيميص الرمل والبرم . وكيما يضع أقوام ناحيته في عين الأحداث ذهب إبن ماء السماء يعقد مجلسه . ليركب القوم في كل حال سيساءه . مجلس مساءي . هذا أول عهد إبن ماء السماء بالجلوس في أماسيه . وفي التفرس في وجوه أناسيه . يلقى القوم صحرة بحرة . ليتفرس في وجوه القوم من وراء متكئه ومجمر ناره .إن العبرة لا تكمن في الإلتقاء بوجوه التعاسة والنخاسة وإنما بالإلتقاء بهم في مجلس طقوسي يهبه الهيبة . مجلس يرفع من شأن إبن ماء السماء أنجدا وينزل من شأن الأقوام أنجدا . إنها أماسي في غاية الطقوسية والتراتيلية . وكل شئ بحق إبن ماء السماء آية . ولو رأيت إبن ماء السماء وقد إستتب له المجلس . كليب بن وائل وقد بعث من رماده أو نفخ في طائره . ولو رأيت الناس بشريفهم و وضيعهم وهم يعشون إلى مجلسه بعد إطباق الغسق وإحكام الظلام . ليستقصوا أنباء واديهم . ما شنف في أمره وما لم يشنف . ما قضي في أمره وما لم يقضى . وما ينتظر قضاءه في قوادم الأيام . أيام حاسمات في عمر الوادي وعمر إبن ماء السماء . أعود والعود أحمد .
أماسي إبن ماء السماء . المادة التاسعة . أن تصدر المجلس لا ريب يتطلب قدرة على الريادة والقيادة والإدارة ضمن أطر المجلس نفسه . في هذا المجلس الفسيفساءي . أسوت لم تتعود المجمر . نفوس لا تعرف بأصول فن الجلوس في مجلس وجيه القوم وعينه . بعضها مضطربة وبعضها أربة . بعضها تحذق وبعضها تخنق . أناس كل نجار الإبل نجارها . إن إبن ماء السماء هو السفين . وعليه أن يمسك بالدفة في هذا البحر المظطرب . وكل ذلك يتطلب حنكة لم يشب عليها إبن ماء السماء ودراية لم يكتسبها لا في نعومة أظافره ولا في أوائل يفاعته . إن الأيام حتما ستنجذه والتجارب ستحنكه . إن إبن ماء السماء يحظى بقصب السبق في كل مضمار. دون أن تتوق نفسه إلى ذلك ودون أن يحركه نوازع ناهيك عن نازعة الطقس والطقوسية . نازعة التحنك بآداب الإلقاء والكلام . وإلى أن يكون مكيثا على صقب من أهل الشرف . كل يتساءل هل أن إبن ماء السماء كليب إبن وائل المنتظر . وكل من ناحيته يرنو إليه ليعرف أي صنع صنعه وأي خير خيره . كيف يصنع هذا السيد . وأي فصد فصده . لا أحد يشك بإن إبن ماء السماء على طرر طريق السؤدد وما يشك فيه الناس ويمارى فيه ساعة سؤدده . الكل ينظر إليه نقابا ويتملاه صفاحا . فهو تحت أعين حليلته . وتحت أعين قوم حليلته . وتحت أعين قومه بالذات وأخيرا وليس آخرا هو تحت أعين بقية الأقوام . و أخيرا إنه تحت أعين وبصائر الدولة . إن حليلته تنتظر كل مساء وبفارغ الصبر ساعة إنقضاء مجلسه . وإذا ما إنصرم المجلس وإنفرط عقده سارع إبن ماء السماء إلى حليلته لينقل لها صحائف وبروتوكولات المجلس . أو صحائف ما ورد فيه وما صدر . لتدلي حليلته بدورها بدلوها في كل صغيرة وكبيرة . وكل ذلك بحكمة قل نظيرها وحصافة رأي كالتبر في مكنونها . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .
من أماسي إبن ماء السماء .المادة العاشرة . وشرعت ريح إبن ماء السماء بالهبوب .ريح الشمال تارة وريح الجنوب تارة أخرى . إنه لا زال في حمية عقد مجلسه الليلي .وله الآن رجل من أبناء العشيرة الأقربين من عهد إليه إعداد القهوة لمجلس مترامي الأطراف . إذ الأقوام كلها تدافع في طريقها إلى المجلس لتحسوا القهوة العربية . المرة بمرارة الدفلي . ولتجتمع إلى وجهاء القوم وأولي الرأي . ولتحتمي أو تصطلي بنار الغضا . بنار ربما لا يجدوه في ديارهم. ولم تك إعداد القهوة في كل عشية بالأمر الهين ولا اللين. إذ لم تك الكهرباء قد دخلت في حياة الناس . ولم تعرف أهل الشرف طريقة آلية في طحن حبوب القهوة . وكذا أقتضى الأمر أن يجلس صاحب القهوة على الهاون ويدق باليد في الهاون زهاء ساعة . هذا بعد تحميص الحبوب على النار في طاوة . ولم يك في المتناول أو الهين حتى إشعال نار من الغضا أو من الخشب . إلا أن المشقة في كل هذا وذاك أعطى لصاحب القهوة حرمة ومكانة .لا بل إشراقة وشرفا . وحظا من حظوظ إبن ماء السماء ودروجه على مدارج الشرف . والحدث كله يأذن بتحول في الفجر, وتبدل, أو ببزوغه تارة أخرى. وكل يستشعر وقعه ودقه . وربما إبتهج له البعض وإمتعض منه البعض الآخر . والحدث بعد هذا كله ينقش في عقل القوم سيته وسيماءه ومعلمه . ويحدث رجعا في نواحي سواء نأت تلك النواحي أم دنت. فلم يك على الشرف طخاء يحجب . ولرمزيات الحدث هيبتها وطيبتها . وكل رمزية تنطق بحق إبن ماء السماء في السؤدد والسيادة . لدق الهاون رمزيته .ولإشعال نار الإصطلاء رمزيته . ولعقد المجلس رمزيته وزباءه . هذا رجع دق الهاون يسمع على صقب وبعد .ويبعث الأمن قبل الأنس في نفوس سكنة الحي القربة. في ليالي شتاء مكفهرة ومتشحة بالسواد . في زمن لا يأمن فيه الناس لا الليل ولا أهضامه . في زمن لم يك فيه الإنارة العامة سنة متبعة . في زمن لا زال صغار الأقوام وكبيرها تغير على بعضها البعض . لذا كان في إنعقاد مجلس إبن ماء السماء مبعث حس الأمن والأمان في قلوب أهل الدومة وردع وزجر لصغار اللصوص اللذين كانوا يتلصصون وراء غنيمة باردة في بطن الليل وأهداجه .أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي.