الأخ العزيز ناجي أبو عيسى المحترم
الأخ العزيز ناجي أبو عيسى المحترم
سعيد بتواصلك الجميل، وأشكر تحيتك الرقيقة..
ـ الشهادة أخي الكريم، أو "الاستشهاد" بذاته ليس هدفاً ولا غاية، لكنها وسيلة لبلوغ غاية، ولا أعتقد أن هناك أغلى من روح الإنسان عليه، وعندما يبذل روحه على مذبح تحقيق غاية نبيلة فهو يقدم الأمثولة لمعنى وقيمة التضحية.. والوطن، هو دليل الانتماء إلى مكان وتاريخ وذاكرة وهوية، إن الاستشهاد في مسيرة نضال الشعب الفلسطيني والشعوب المظلومة في نضالهم لتحقيق حريتهم ووجودهم هو ثقافة واضحة المعالم والتفسير والفهم، تنتمي إلى ثقافة المقاومة، وأمام تباين موازين القوّة بين المغتصب والمحتل وبين صاحب الحق والأرض يصبح أي فعل وأي سلوك وأي طريقة للمواجهة بما فيها الاستشهاد، مبررة بل ومطلوبة وملحّة، أما المرأة الفلسطينية، الأم والأخت والحبيبة، فهي بصبرها واحتمالها وتضحايتها تقدم للعالم أنصع صورة لدور المرأة في مسائل النضال من أجل الحرية والتحرر، وقد أثبتت المرأة الفلسطينية أنها قادرة على اجتراح ما يشبه المعجزات من أجل تحقيق البقاء.
ـ لا نستطيع أن نضع سلوك الفلسطينيين المتواجدين في المغتربات في سلّة واحدة، ولا يمكننا أيضاً أن نتجاهل أو نستثني ما قدموه من أجل القضية الفلسطينية، هناك من يمسك بروح القضية ويبذل من أجلها، وهناك من شغلته الحياة بأمور أخرى، لكننا بحاجة ماسّة إلى تنظيم العلاقة بين أبناء الشعب الواحد، وبحاجة إلى تشكيل "لوبي" فلسطيني عربي يستطيع أن يقف في وجه المشروع المضاد لصالح الفلسطينيين والعرب عامّة، وهذا يحتاج إلى قرار سياسي أولاً ووطني وإنساني.
ـ يا أخي الكريم، كلنا مشاريع شهداء، فمن لم يقضِ على ساحة المواجهة المباشرة، يقضي في أي مكان تطاله يد الغدر والاحتلال..
ـ أريد أن أوضح موضوع أهلنا في فلسطين، أي عرب 48 كما يطلق عليهم.. وأنا شخصياً أعرف وفي تواصل مع كثيرين منهم في المدن والقرى الفلسطينية، وأتابع حياتهم وظروفهم الصعبة جداً التي يعيشون فيها تحت سطوة الاحتلال المباشر، ورغم ذلك كله فهم يتمسكون بانتمائهم لفلسطين، ويتمسكون بلغتهم وعاداتهم وتقاليدهم، ويناضلون بطرق شتى للمحافظة على قيمة ومعالم المكان الفلسطيني، لكنهم إلى جانب ذلك يمارسون حياتهم المفروضة عليهم من أجل البقاء، ونحن جميعاً نتابع صمودهم الأسطوري في مدنهم وقراهم وبيوتهم، وليس أخيراً تلك المواجهات التي حدثت في مدينة عكا.. وما يحدث في الناصرة، والأمثلة كثيرة جداً، وعلينا أن لا نظلمهم أبداً فهم بالتكاثر، وبالتمسك بالقيمة الفلسطينية يشكلون الخطر الأكبر على الكيان الصهيوني، بل والقنبلة الأكثر خطورة على الكيان كما صرح بعض الساسة الإسرائيليون.. بكل حال فإن الكيان الصهيوني كيان عنصري إحلالي غاصب، وهم كما يقولون العرق الأنقى، وشعب الله المختار، ما يعني أنهم لا يعترفون بأي قيمة إنسانية بشرية أخرى مهما كانت، بل يعتبرون أن أيّ كان "غير يهودي" ليس أكثر من مطيّة لليهودي لتحقيق وجوده ورفاهيته، وهذا جاء في صلب تعاليمهم وكتبهم الدينية (التوراة، والعهد القديم).. وأعتقد أن هذه الإشارة تكفي لنفهم جميعاً مفهوم العنصرية الصهيونية.
أشكر حضورك الجميل
ع.ك