بداية أحيي جميع أبناء وطني فلسطين في الداخل والخارج بجميع شرائحهم وأطيافهم ومشاربهم الفكرية واتجاهاتهم السياسية، وتحية خاصة للشباب الأحرار الذين حطموا حاجز الخوف والتردد في نفوسهم وأطلقوا هذه الدعوة، لتحطيم حاجز الخوف في نفوس كل أبناء الوطن الأحرار الذين لا نشك للحظة في شجاعتهم وجرأتهم وقدرتهم على الخروج وعلى المواجهة والتعبير عن رأيهم، وهم الذين فجروا انتفاضتين عظيمتين لسنوات طويلة علمتا العالم معنى العزة والكرامة، وقيمة الحرية، وأنها لا تُمنح ولكنها تنتزع انتزاعاً، وقدموا لأجلها قوافل من الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين وذوي الحاجات الخاصة، وعشرات الآلاف من الأسرى … وأكرهوا العدو الصهيوني على الخروج من غزة ولم تعد مغتصبة نتساريم هي كـ(تل أبيب) كما كان يزعم قادته.
تأييد لثورة الكرامة في غزة وكل الوطن
مصطفى إنشاصي
بداية أحيي جميع أبناء وطني فلسطين في الداخل والخارج بجميع شرائحهم وأطيافهم ومشاربهم الفكرية واتجاهاتهم السياسية، وتحية خاصة للشباب الأحرار الذين حطموا حاجز الخوف والتردد في نفوسهم وأطلقوا هذه الدعوة، لتحطيم حاجز الخوف في نفوس كل أبناء الوطن الأحرار الذين لا نشك للحظة في شجاعتهم وجرأتهم وقدرتهم على الخروج وعلى المواجهة والتعبير عن رأيهم، وهم الذين فجروا انتفاضتين عظيمتين لسنوات طويلة علمتا العالم معنى العزة والكرامة، وقيمة الحرية، وأنها لا تُمنح ولكنها تنتزع انتزاعاً، وقدموا لأجلها قوافل من الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين وذوي الحاجات الخاصة، وعشرات الآلاف من الأسرى … وأكرهوا العدو الصهيوني على الخروج من غزة ولم تعد مغتصبة نتساريم هي كـ(تل أبيب) كما كان يزعم قادته.
وقد كان أهلنا في فلسطين وأحرار العالم جميعاً يُمنون أنفسهم أن تكون غزة هي بداية النهاية للكيان الغاصب، والمشروع الصهيوني الغربي ضد الأمة والوطن والعالم أجمع، وأن تكون نقطة ارتكاز لدعم الضفة الغربية وإكراه العدو الصهيوني على الخروج منها إسوة بقطاع غزة، لا لتكون مقبرة لأحلام شعبنا وأمتنا وطموحاته في استمرار مشروع المقاومة حتى تحرير كامل تراب الوطن، وإقامة دولتنا المستقلة، وتحقيق مخططات العدو الصهيوني التي هدف لتحقيقها من وراء فكه الارتباط مع غزة من طرف واحد، ليقسم الوطن، ويكرس الفرقة والانقسام، ويشق الصف، ويدخلنا في الحرب الأهلية، ويخرج القدس من الصراع، ويستكمل بناء الجدار، ويضم المغتصبات الكبرى والصغرى في الضفة إلى الأراضي المحتلة عام 1948، ويقسم الضفة الغربية إلى كنتونات صغيرة مشرذمة لا تصلح لتكون دولة، ويقبر طموحنا في الدولة المستقلة على كامل الوطن، أو في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف، كما طرح ذلك في البرنامج المرحلي للفصائل عام 2003، ويختزل قضية الأمة كلها في دويلة في غزة فقط، ويصفي القضية الفلسطينية ويركنها على الرف في الأمم المتحدة إلى ثلاثين عاماً قادمة كما أعلن عن ذلك الإرهابي إرئيل شارون وهو يروج لقبول خطته فك الارتباط مع غزة من طرف واحد، منذ عام 2003.
وذلك ما تحقق له بعد خروجه من غزة وإجراء الانتخابات التشريعية عام 2006، التي جرت في جو من الحرية سمح للجماهير الفلسطينية التي صبرت على ظلم الظالمين وفساد الفاسدين في السلطة حتى لا تُفجر صراع داخلي مع الحاكم الفلسطيني المستبد الذي لن يستفيد منه إلا العدو، كما هو حاصل منذ حوالي أربع سنوات بعد حدوث الانقسام، لأن جماهيرنا كما هو معلوم عبر تاريخها أسبق في وعيها من قيادتها التي تحكمها حساباتها الشخصية والحزبية، وما أن أتيحت لها الفرصة لتعبر عن رأيها بشكل سلمي وحضاري عبر صناديق الاقتراع، حتى أعلنت عن رأيها فيمن يحكمونها وموقفها من سياساتهم، واختارت مَنْ اعتقدت أنهم سيكونون أرحم بها من أبناء وطنها الذين يحكمونها ولكنهم شغلتهم مصالحهم ومكاسبهم الشخصية، اختارت حماس، وتعلم حماس أنها لم تفوز في تلك الانتخابات بأصوات أتباعها ومناصريها من الجماهير الفلسطينية، ولكن بفضل أصوات أبناء فتح الشرفاء التي بلغت نسبة الذين اختاروا حماس من فتح ما بين 26% إلى 40% في الأجهزة الأمنية وأجهزة السلطة، ليس تنكراً ولا كرهاً لتنظيمهم فتح، ولكن ثقة وحسن نية في إخوانهم في حماس الذين رفعوا شعار الإصلاح والتغيير، بعد أن فقدوا الأمل في فتح وأقصد قيادتها في الإصلاح والتغيير.
وعلى الرغم من علم حركة حماس بذلك إلا أنها للأسف ونقولها بمرارة العلقم بل أشد، تنكرت لفضل إخوانهم في فتح وللجماهير الغفيرة من المستقلين التي اختارتها على أمل أن تحقق لهم العدالة والمساواة وتحارب الفساد وتحاكم الفاسدين … وتعاملت مع الجميع بعد أحداث غزة وحسم الأمر لصالحها بعقلية استئصالية وروح عدائية وكأنها لا تتعامل مع أبناء وطنها ومنتخبيها، وأظهرت من الفساد والقسوة والبطش والقمع والحرص على المصالح الحزبية والمكاسب الشخصية ما لم نعرفه طوال تاريخ فتح والسلطة ومنظمة التحرير من قبل، بل صغرت كل ممارسات فرق الموت وأجهزة أمن السلطة أمام ممارسات أتباع حماس، ولم تبالي بمصير القضية ومستقبل الوطن وهي تكرس الانقسام وتجذره تشبثاً بالسلطة والتسلط والكرسي والثراء الذي حققته بعد أحداث غزة، وزادت على ما كان ممَنْ قبلها أن تسببت في تفشي أمراض اجتماعية ونفسية وفقر وجرائم مختلفة لم يعرفها مجتمعنا الفلسطيني من قبل، بسبب جشع قادتها وأتباعها وأنصارها ولوبي الأنفاق، وسرقة المساعدات التي تُرسل للجماهير وبيعها عيني عينك على الأرصفة في الشوارع، وحرمان مستحقيها من حقهم فيها …إلخ، ناهيك عن مصادرة الحريات والتعبير عن الرأي، وملاحقة المقاومة والمقاومين، وإرسال الرسائل للعدو الصهيوني والأمريكي لتطمينه بأنهم الحارس الأمين لحدود العدو الصهيوني، ليقبلهم مفاوضين وممثلين شرعيين، ولذلك هم يرفضون كل محاولات إنهاء الانقسام تحت ذرائع قد يكون معهم حق فيها ونشاركهم فيها نفس الرأي ولكن في حال أنها لم تُتخذ حجة فقط لإفشال المصالحة إرضاء لمحاور إقليمية بعد أن رهنوا لها القضية لأجل بعض الملاليم لتمويلهم، وهم يحققون من وراء ذلك مصالح خاصة بهم وليس بفلسطين، ولا مصلحة للقدس والأقصى فيها.
ومبررهم في كل ذلك: أنهم لا يخطئون، لأنهم أتباع حركة ربانية، وحكومتهم حكومة رشيدة، وأنهم يحكمون بالمنهج الإلهي، وبذلك رفعت حماس قادتها فوق النقد، ونزهتهم عن الخطأ، وأصبحوا معصومين عن أي زلل، وتحولوا إلى آلهة بشرية، وحكم ثيوقراطي ليس من الإسلام في شيء، في الوقت الذي لم نعرف فيه أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حياته كلها فضل نفسه على أحد من الخلق، أو رفع من شأن نفسه على بقية المسلمين، أو أنه زعم أنه معصوم عن الخطأ أو الزلل في الأمور التي يشترك فيها مع كل البشر بالفطرة والخلق، سوى عصمته في التشريع فقط وتبليغ الرسالة والأمانة، لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. ولكن الذي نعرفه أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم تم مراجعته وعتابه من الله تعالى في كثير من الأمور التي يشترك فيها مع جميع البشر وليست تشريعاً، كما أن بعض الصحابة رضوان الله عليهم راجعوه واختلفوا معه في بعض المسائل التي كان رأيهم فيها صواب ونزل فيها قرآن يؤيد رأيهم، ولم يغضب الرسول ولم يرى في ذلك انتقاص من شأنه ولا مكانته. والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يؤكد على أن كل بني البشر يخطئون وليس فيهم أحد معصوم: “كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون”.
كما أن خلفاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبو بكر وعمر وغيرهما لم يزعما بعصمة لأنفسهم ولا مكانة فوق البشر، ولا أنهم ربانين ولا غيره، وسيدنا أبو بكر افتتح خطبة خلافته بقوله: وُليت عليكم ولست بخيركم، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم! وسيدنا عمر الذي نزل الوحي يؤيد صحة رأيه في أكثر من موقف قال: مَنْ رأي منكم فيَّ اعوجاجاً فليقومني! وهكذا.
والحديث يطول ولكن خلاصة القول: أنه كما أن الرئيس محمود عباس هو رئيس منتهية ولايته، ولذلك هو فاقد للشرعية، وكما هي السلطة فاسدة وضد المقاومة وغير ذلك، فإن حماس أيضاً ومجلسها التشريعي وحكومتها ورئيسها إسماعيل هنية، منتهية ولايتهم، ولذلك هم فاقدين للشرعية، وحكومتها فاسدة وضد المقاومة، وغير ذلك، لذلك آن الأوان لتقول الجماهير كلمتها في كل منهما وفي غيرهما، وذلك بأسلوب سلمي وحضاري يليق بأصالة جماهيرنا، ويحترم صبرهم وتضحياتهم، ويدرك أنهم ليسوا جبناء ولا خائفين من الخروج على هذه الحكومة في رام الله أو تلك في غزة، ولكن وعيها يمنعها من ذلك، وهي تدرك أن المستفيد من ذلك هو العدو، لترتقي تلك القيادات الهزيلة إلى شيء من وعي الجماهير، ولا تضطرها لِما تكره وأن تحتكم لصندوق الاقتراع لا إلى السلاح أو التظاهر في الشارع والهتاف ضدهم والمطالبة بتغييرهم، وليعتبروا من مصير مَنْ سبقهم وكان يملك من القوة أكثر منكم، ولا تنسوا أنها لو دامت لغيركم ما آلت إليكم. أنتم منا ونحن منكم وكلاكما أخوتنا ولكن دعونا نمارس حقنا الشرعي والشخصي ونقول رأينا؛ وكفى.
وكلمتي للشباب القائمين على التحضير للثورة: أنتم على صواب، أنتم القلب النابض فينا، أنتم الأكثر رقة وإحساساً بمعاناة أهلكم، أنتم طليعة التغيير، ثقوا بأنفسكم، وكونوا على يقين أن الجماهير مع الصبر والاستمرار في دعوتها لن تخذلكم، وأن إخوانكم في حكومة غزة ورام الله يبقوا إخوانكم ولا بد أن يدركوا شرعية مطالبكم وحرصكم على الوطن ويلبونها. وكم أتمنى لو كنت على أرض الوطن لتلبية هذه الدعوة السامية والنبيلة في أهدافها ورسالتها.