يوتوبيا الضائعة
صدى ضائع كسراب بعيد | يجاذب روحي صباح مساء |
أنام على رجعه الأبديّ | ويوقظني برقيق الغناء |
صدى لم يشابهه قطّ صدى | تغنّيه قيثارة في الخفاء |
إذا سمعته حياتي ارتمت | حنينا ونادته ألف نداء |
يموت على رجعه كلّ جرح | بقلبي ويشرق كل رجاء |
ويمضي شعوري في نشوة | يخدّره حلم يوتوبيا |
ويوتوبيا حلم في دمي | أموت وأحيا على ذكره |
تخيلته بلدا من عبير | على أفق حرت في سرّه |
هنالك عبر فضاء بعيد | تذوب الكواكب في سحره |
يموت الضياء ولا يتحقق | ما لونه ما شذى زهره |
هنالك حيث تذوب القيود | وينطلق الفكر من أسره |
وحيث تنام عيون الحياة | هنالك تمتدّ يوتوبيا |
*** |
|
وحيث يظلّ عبير البنفسج | حيّا ولا يذبل النرجس |
وحيث تفيض الحياة رحيقا | نميرا ولا تفرغ الأكؤس |
وحيث تضيع حدود الزمان | وحيث الكواكب لا تنعس |
هناك الحياة امتداد الشباب | تفور بنشوة الأنفس |
هناك يظلّ الربيع ربيعا | يظلّل سكان يوتوبيا |
*** |
|
هنالك حيث وعت شهرزاد | أقاصيص غنّت بها ألف ليله |
هنالك يوتوبيا في الضباب | على شفق لم تر العين مثله |
يحفّ بها أبد من عطور | ويمنحها ألف لحن وقبله |
وترقد في سكرة لا تحدّ | على رجع أغنية مضمحلة |
على شاطيء كضياء النجوم | أسميّه شاطىء يوتوبيا |
*** |
|
هنالك طوّفت ذات مساء | وكان معي هيكل كالسراب |
أحسّ خطاه على الرمل لكن | أرى غير شيء وبعض سحاب |
وكان أمامي ممر غريب | تغلّفه دفقات الضباب |
ويمتدّ عن جانبيه خليج | وبعض جزائر بعض هضاب |
وفي حلمي صحت : أين أسير ؟ | فرد صدى:قرب يوتوبيا! |
*** |
|
أحسست في قعر روحي جنونا | وشوقا عميقا كبحر عميق |
تريد انتهاء الطريق الغريب | إلى البلد المتمّنى السحيق |
لي ذلك الأفق الأزليّ | وحيث يعيش أبولو الرقيق |
على ظمأ لوجود عجيب | يذوب عليه الندى والبريق |
على ظمأ صارخ وأخيرا | صحوت ولم أر يوتوبيا |
*** |
|
وفي حلم آخر كنت أمشي | على شاطيء من حصى ورمال |
غريب غريب بلون الأثير | يحفّ به أفق كالخيال |
تناهى بأقدامي المتعبات | إلى صخرة رسخت كالمحال |
تسلّقها أمل مضمحل | فقد تتزحلق حتى الظلال |
وساءلت ماذا ترى خلفها ؟ | فقال لي الرمل : يوتوبيا ! |
*** |
|
وفي حلم ثالث خلت نفسي | على بابها المرمريّ الكبير |
أحدّق في نشوة لا تحدّ | أكاد أجنّ .. أكاد أطير |
أحقا أرى الباب ؟ ألواحه | تلوح مبطنّة بالحرير |
تقدمت واجفة في خشوع | وفي مقلتي ومض حلم قرير |
أدقّ على الباب في نشوة | ولا ردّ غير السكون المرير |
*** |
|
ومرت حياتي مرّت سدى | ولا شيء يطفىء نار الحنين |
سدى قد عبرت صحارى الوجود | سدى قد جررت قيود السنين |
وما زلت أذرع صمت القفار | وأسأل عن سرّها العابرين |
يطول على قلبي الإنتظار | وأغرق في بحر يأس حزين |
أحاول أن أتعزى بشيء | بغاب , بواد , بظلّة تين |
دقائق…ثم أخيب وأهتف: | لا شيء يشبه يوتوبيا |
سأبقى تجاذبني الأمنيات | إلى الأفق السرمديّ البعيد |
وأحلم وأحلم لا أستفي | ق إلا لأحلم حلما جديدا |
أقّبل جدرانها في الخيال | وأسأل عنها الفضاء المديد |
وأسأل عنها انسكاب العطور | وقطر الندى وركام الجليد |
وأسأل حتى يموت السؤال | على شفتّي ويخبو النشيد |
وحين أموت..أموت وقلبي | على موعد مع يوتوبيا |
دقائق…ثم أخيب وأهتف: | لا شيء يشبه يوتوبيا |
*** |
|
سأبقى تجاذبني الأمنيات | إلى الأفق السرمديّ البعيد |
وأحلم وأحلم لا أستفي | ق إلا لأحلم حلما جديدا |
أقّبل جدرانها في الخيال | وأسأل عنها الفضاء المديد |
وأسأل عنها انسكاب العطور | وقطر الندى وركام الجليد |
وأسأل حتى يموت السؤال | على شفتّي ويخبو النشيد |
وحين أموت..أموت وقلبي | على موعد مع يوتوبيا |