في الحقيقة ليست حفنة بل حفنات وليست لبنة بل لبنات واللبنة مكون أساسي أيضاً لصندويشة يحبها الأطفال لها شقيقة توأم وهي صندويشة الزيت والزعتر، وقد تم منع التعامل مع المادتين في داري العامر بطفلتين أرى في أعينهن رحمة الخالق، ويتوجب عليَّ حمايتهن بعد أن تيقنت بعدم وجود من يحمينا جميعاً إلاَّ لطف الله.
من أجل حفنة من الـلبنات… بقلم آرا سوفاليان
في الحقيقة ليست حفنة بل حفنات وليست لبنة بل لبنات واللبنة مكون أساسي أيضاً لصندويشة يحبها الأطفال لها شقيقة توأم وهي صندويشة الزيت والزعتر، وقد تم منع التعامل مع المادتين في داري العامر بطفلتين أرى في أعينهن رحمة الخالق، ويتوجب عليَّ حمايتهن بعد أن تيقنت بعدم وجود من يحمينا جميعاً إلاَّ لطف الله.
مقال عاصف في موقع وطني بامتياز يتحدث عن الزعتر معززاً بالصور يوضح العثور على مخلفات قوارض وهدايا أخرى في مكونات هذه المادة الغذائية في معمل يعود للعصر الأحفوري الجورأسي المتقدم (آخ يا رأسي) ولا يزال يعمل ويبيع ويجتهد… وقد تم توقيف هذا المعمل أخيراً عن العمل فباع الشركاء العشرة معملهم وتم فض الشراكة بعد أن دفعوا ما عليهم و(طلعوا منها متل الشعرة من العجين) وفتح كل واحد منهم معملاً سرِّياً تحت سابع أرض لوحده وبدون شركاء لأن الشراكة شرك، ودارت عجلة الإنتاج في عشرة معامل جديدة وبسوية إنتاج أدنى وأقذر من قبل لتعويض الخسارة التي نجمت عن الرشرشة والكشكشة بعد تأدية الحقوق المتوجبة للسادة قاسم النصف وشركاه.
ولم نستيقظ من صفعة الزعتر حتى جاءت صفعة اللبنة… وبدأت القضية عندما بدأت الشكاوى من جموع المستهلكين لمادة اللبنة وهم غالباً أطفال المدارس أولادنا وأحفادنا وقد قال فيهم أهل البطحاء إنما أولادنا أكبادنا تمشى على الأرض … وقد بدأت الشكاوى تشنف آذاننا على الشكل الآتي:
ـ بابا هذا الموبايل مزعج جداً في الصباح … خاصة وأنه يقلع بفواصل زمنية متقاربة وبصوت مزعج جداً لا يحتمله أحد
ـ نعم وهذا الإجراء متعمد وهو يريحني من الغرامة الحتمية التي يتوجب عليَّ دفعها بعد أن يفوتكم باص المدرسة… البارحة وفي هزيع الليل أحضرت لكم صندويش طازج وغير عجر ولا مخبوص ولا منخبص أو متخببص و من الفرن الذي تحبونه لأن صاحبه شريف يهتم بأن يبيعنا خبز ناضج وليس عجين مثقل بالماء ، واضطررت لصف السيارة بعيداً والذهاب إليه سيراً على الأقدام لأن جهابذتنا قرروا وضع اللمسات السحرية المبدئية على واحدة من عجائب الدنيا التي ستضاف إلى عجائب الدنيا السبع فقطعوا كل الطرق المؤدية إلى هذا الفرن ومع ذلك فلقد وصلت وعدت بهذا المغنم وتحدثني نفسي بأن أتحفكم بصندويشتين رائعتين تستبدلان بهما هذا الهباب الذي تشترونه من بوفيه المدرسة.
ـ ماذا لدينا
ـ عامرة والحمد لله لدينا كل شيء عدا الزعتر الذي لا زال في قائمة المنع، ما رأيكم باللبنة؟
ـ لا شكراً مردودة مع الشكر… الله يعطيك العافية.
ـ لماذا؟
ـ لأنه لا علاقة لها باللبنة التي نعرفها إلاَّ بالشكل أما الطعم فهو سمج وكريه وننصحك بعدم شرائها لأنها ستبقى في البراد إلى أن يحين وقت التخلص منها!
ـ ما رأيكم بالزيتون فالزيتون هو المادة الوحيدة التي لن يصل إليها عقل الغش الجهنمي الذي نتمتع به
ـ ممتاز بشرط أن يكون مفقَّش… وعلى فكرة نرجوا أن لا تكون متفائلاً كثيراً بشأن الزيتون فلقد قالت لنا جدتنا أنهم في سوق الهال يغشون الزيتون أيضاً بإضافة الأصبغة المسرطنة إليه ليوهموا الناس بأنه ناضج كفاية مع أنه عجر، وبأن لونه ساحر تحبه العين مع أن لونه الحقيقي قبل الغش هو غير ذلك… طيب بقي عشر دقائق وسيفوتكم الباص.
وأوصلتهم وعدت لأقرأ في موقع آخر أنه تم ضبط كميات كبيرة من اللبنة المغشوشة في مصانع مرخصة في ريف دمشق تتم إضافة مواد غذائية وصناعية غريبة إليها تجعلها غير صالحة للاستعمال الإنساني ولا الحيواني و منها زيت النخيل والنشاء المركز ومخلفات صناعية منها مادة السبيداج المستعملة في دهان الجدران والأبواب والسيارات والمعجونة بشكل عام حيث تتم إضافتها إلى اللبنة وهذا ما يؤدي إلى الطعم السبيداجي السمج والكريه الذي يمجه الأولاد والذي يؤدي بهم إلى إعادة الصندويش إلى البيت على مبدأ عدم رمي النعمة دون أن يعرفوا بأن هناك من يتعمد رميهم مع النعمة بعد إفراغ جيوب والدهم في مسعى جهنمي تعجز عنه الشياطين!
وقفز إلى ذهني سؤال غبي لا زلت أخجل منه وأخجل من تذكر الحادثة… طرحته منذ عشرون سنة على البروفيسور إيان أوليفر أحد أعمدة شركة دنتسبلاي العملاقة المتخصصة في الصناعات الدوائية المتعلقة بطب الفم والأسنان… وقبل إيراد هذا السؤال الغبي لا بد من هذه المقدمة التوضيحية للقارئ الغير متخصص.
هناك مادة دوائية في طب الأسنان على شكل بودرة بيضاء لا يرفضها جسم الإنسان أسمها زينك أوكسايد يتم مزجها مع سائل الأوجينول وهو روح القرنفل لتستعمل كحشوة مؤقته أو حشوة قعر بعد بتر اللب عند الأطفال أو كحشوة قناة بعد استئصال عصب السن.
وفوجئت بأن سعر الـ 15 غرام من هذه المادة التي تقدمها شركة دنتسبلاي هو 1500 ليرة سورية، في حين تتوفر نفس المادة في محلات بيع الدهان ويطلق عليها اسم السبيداج ويباع الكيلو غرام منها بسعر 50 ليرة سورية لا غير … وبمعنى آخر فإن المادة الأجنبية تباع أغلى بـ 2000 ضعف، وتعجبت وظننت بأنني مكتشف الدورية الدموية الصغرى أو الكبرى أو كليهما وكنت غراً وجديداً في مهنتي فركضت وطرحت السؤال على البروفيسور إيان اوليفر بالذات وقابلني الرجل الساحر بمنتهى التفتح والإصغاء والاحترام وقال لي: صحيح نحن نبيع نفس المادة أغلى بألفي ضعف ولكن بعد تنقيتها لأن المادة تحوي أكسيد الرصاص وشوائب أخرى كثيرة وتنقيتها تعتبر مسألة معقدة ومكلفة للغاية وبالطبع نحن نضع مواد إضافية شافية وغالية و نتوخى الحرص الشديد لأن القوانين الاتحادية صارمة ويمكنني أن أؤكد لك بأن أبسط عقوبة قد تؤدي بنا إلى الإفلاس وإغلاق المصنع أما عقوبة التعمد في إدخال أكسيد الرصاص إلى دم المريض فإنني لا أستطيع التكهن بها ولا تخيلها.
طيب؟؟؟!!! لماذا ؟؟؟!!! يرحم بيكم وبي السامعين أجمعين عفواً القارئين (إن حصلت المقالة على الموافقة وتم نشرها، على الأقل في الموقع الذي أحبه) لماذا؟؟؟!!! لماذا؟؟؟!!! لماذا؟؟؟!!! لم نر الأصفاد في أيدي المجرمين ولم نسمع بأسماء هذه المعامل ولم نضطلع على أسماء أصحابها ولم نرى وجوههم البشوشة على الفضائية السورية على الأقل ولا في الصحف ولا على شاشات المواقع الالكترونية، مع أنهم ينزلون بملابسهم النتنة في نفس الخانة التي تنزل فيها إسرائيل من حيث معاملتها للأطفال وأطفال العرب بشكل خاص والشواهد بالمليارات، لماذا لم نسمع بمحاكمات أو إعدامات ولم نسمع بتنديدات مع أن الجريمة مروعة كما يؤكد البروفيسور إيان اوليفر؟؟؟!!!
إسرائيل عدو والعدو يتمنى قتل أعدائه وإبادة أبنائهم ومحو آثارهم وسلب أرضهم وخيراتهم، أما هؤلاء المجرمون فيفترض أنهم إخوتنا… ولكن لهم نفس أمنيات العدو أفلا يستحقون هم الإبادة والإعدام بجريرة جرم أفدح بكثير من جرم الخيانة العظمى؟؟؟!!!
Ara Souvalian
arasouvalian@gmail.com