كذا فليصبرِ الرجلُ النجيبُ،
كذا فليصبرِ الرجلُ النجيبُ، | إذا نزَلَتْ بساحتِهِ الخُطوبُ |
يَسرّ النّفسَ ثمّ يُسِرُّ حُزناً، | يَضيقُ ببَعضِهِ الصّدرُ الرّحيبُ |
ويُبدي البأسَ للأعداءِ كَيلا | تُؤنّبُهُ الشّوامتُ، أو تَعيبُ |
ومثلُ عُلاكَ نُورَ الدّينِ مَن لا | يُقَلقِلُ قَلبَهُ نُوَبٌ تَنوبُ |
فإنكَ في جلادِ الملكِ خطبٌ، | وفي يَومِ الجِدالِ لهُ خَطِيبُ |
تخافكَ حينَ تزجرها الرزايا، | وتجلَى حينَ تلحظُها الكروبُ |
بقَلبٍ كلّ فِكرَتِهِ عيونٌ، | وطَرْفٍ كلّ نَظرَتِهِ قلوبُ |
وإنّ يدَ الرّدى ، ووقيتَ منها، | سِهامُ خطوبِها أبداً تُصيبُ |
أرتكَ بفقدِ فخرِ الدينِ رزءاً، | تُشَقّ له المَرائرُ لا الجُيوبُ |
كريمٌ ما بسمعِ نداهُ وقرٌ، | ولاي وجهِ نائلِهِ قطوبُ |
ولو أنّ الوغَى سلبتهُ منّا، | وبَزّتهُ الوَقائعُ والحُروبُ |
لقامَ بنَصرِهِ منّا رِجالٌ | تُزَرّ على دُروعِهِمُ القُلوبُ |
بيض يغتدي نملُ المنايا | لهُ من فوقِ صَفحَتِها دَبيبُ |
وخَيلٍ كلّما رَفَعَتْ عَجاجاً | جلاهُ الدرعُ والسيفُ العضيبُ |
كأنّ مثارَ عثيرِها سحابٌ | جلاهُ الدرعُ والسيفُ العضيبُ |
كأنّ مثارَ عثيرها سحابٌ | حَدَتهُ من سَنابكِها جَنوبُ |
أفخرَ الدينِ كم أعليتَ فخراً، | لآلِكَ حينَ تَشهَدُ، أو تَغيبُ |
برغمي أن تبيتَ غريبَ دارٍ، | وعشتَ، وأنتَ في الدنيا غريبُ |
وتخلو منكَ أمينة ُ المعالي، | ويمحلُ ذلكَ المرعَى الخصيبُ |
وتَدعوكَ الكُفاة ُ ولا تُناجي، | وتَسألُكَ العُفاة ُ، فلا تُجيبُ |
ويُقسَمُ في الأنام زكاة ُ مَدحٍ، | ومالكَ في نصابهمْ نصيبُ |
خفيتَ عن العيونِ، وأيُّ شمسٍ | تَلوحُ، ولا يكونُ لها مَغيبُ |
فصبراً يا بني إسحاقَ، صبراً، | فربُّ العيشِ بالحسنى يثيبُ |
وخفضْ عنك نورَ الدينِ حزناً، | تكادُ الرّاسياتُ بهِ تَذوبُ |
فإنّ قريبَ ما تخشَى بعيدٌ، | وإن بعيدَ ما ترجو قريبُ |
وليسَ الحتفُ في الدُّنيا عجيب، | ولكنّ البقاءَ بها عجيبُ |