نظمت هذه الفكر
نظمت هذه الفكر | ذات شؤون وعبر |
ولا أقول إنني | قد صغتها صوغ الدرر |
أرسلتها كما أتت | بين غياب وحضر |
أوابدا لم يك لي | منها بتأييد وطر |
ولم أخلني إن أمت | يستحيني هذا الأثر |
كظن كل من بدا | له خيال فشعر |
وظن كل من رأى | موضع نثر فنثر |
يحسب تيها أنه | غزا الخلود فانتصر |
وهم قديم سيرتي | فيه على غير السير |
ما أكلف الإنسان بالبقاء | حتى في خبر |
وما أشد وده | لو يستدام في حجر |
كم خاطر دونه | كاتبه حين خطر |
وقال هذا مكسب | لا شك إعجاب البشر |
إذ يعلمون أنني | صاحب هذا المبتكر |
حتى البكاء والسرور | حين يبكي أو يسر |
يخطه كأنه | جوعان يستجدي النظر |
لكنني وأنت تدري | أيها الأخ الأبر |
لم أتمن مرة | هذي الأماني الكبر |
ولم أبال مصحفا | لي انطوى أو انتشر |
ولم أبال اسمي إن | لم يشتهر أو اشتهر |
ألا وقد علمتني | بمشهد ومختبر |
كيف يكون أحكم السفار | والعمر سفر |
يأخذ في مسيره | ما يجتنى من الثمر |
ويجتلي حسن السهى | إن فاته حسن القمر |
ويصطفي رفاقه | للائتناس والسمر |
مجاملا أمثاله | على الرخاء والغير |
مجتنبا زلاتهم | مغتفرا ما يغتفر |
منتبذ السبل التي | تعلق بالثوب الوضر |
مستنصفا ومنصفا | في الود أو في المتجر |
مستمسكا بالحق لا | يغره وهم أغر |
يجري على حكم النهى | ولا يغالب القدر |
في الدين والدنيا له | حكمة ورد وصدر |
إن يؤت فضلا بثه | في الناس فعل من شكر |
يشركهم فيه ولو | إشراك سمع وبصر |
ولم يصنه عنهم | صون بخيل ما ادخر |
ولم يبدده سدى | بما تباهى وافتخر |
ذلك ما أفدتني | وهو عيون وغرر |
فلسفة خلقية | ألفتها من الصغر |
عن فطرة سامى بها | نقاؤها أسمى الفطر |
حضرتها قاريء | مغزى النهى في مختصر |
أرتني الدنيا وبي | عنها جلال وكبر |
وأزهدتني في المديح | والأباطيل الأخر |
يوم أبيت هامدا | مثواي في إحدى الحفر |
لكن منها داعيا | أجبته وقد أمر |
قال دع الآتي للغيب | وخذ بما حضر |
صف للرفاق ما ترى | من زهر ومن زهر |
أنشدهم ما يجلب الصفاء | أو ينفي الكدر |
حذرهم ما في الطريق | من بلاء وخطر |
سكن حشى مروعهم | ولا تؤازر من وزر |
أرشد برفق تارة | وتارة بمزدجر |
يا من دعاني أنا من | إن يدع للخير ابتدر |
الناس بالناس وكل | واهب على قدر |
وشرهم من استطاع | أن يفيد فاعتذر |
لو لم تكن مجرئي | هذا الكتاب ما ظهر |
وليس إلا قصصا | إلى شجون وذكر |
ونفحات باقيات | من شباب قد عبر |
وسانحات سنحت | بين غروب وسحر |
في مستضاء الخمر أو | في متفيإ الخمر |
تحت مرائي الشهب أو | بين ملاحظ الشجر |
خواطر وضاءة | بها ملامح السهر |
ألبستها من أدمعي | ومن دمي هذي الحبر |
قشيبة غريبة | عصرية نسج مضر |
ذلك ديواني وما | أزجيه إزجاء الغرر |
فإن أفاد راحة | أو سلوة من الضجر |
أو حكمة تؤخذ عن | متعظ ومعتبر |
فهو الذي نشرته | لأجله بلا حذر |
وبد ذاك لم يكن | لي افتخار أو خطر |