يدعوك معتل وأنت بعيد
يدعوك معتل وأنت بعيد | بالأمس كنت تعوده وتعيد |
عز العزاء على السقيم يلج في | نسماته التصويب والتصعيد |
أأبا المروءة إن خطبك خطبها | أو لم تفارقها وأنت شهيد |
تشفى الجسوم وبعد نأيك أنفس | لا النوح يشفيها ولا التنهيد |
رزأتك طائفة يحار محبها | أنى يعزيها وأنت فقيد |
كانت بعهدك أسرة قومتها | فنمت وما بفروعها تأويد |
وبكى بك الأردن أحصف عامل | لرقيه ما يستزاد يزيد |
راع تخير خطة فغدا بها | ومثاله بين الرعاة فريد |
علامة بحاثة متضلع | من دأبه التصويب والتسديد |
في كتبه للعرب تاريخ به | يجلى العتيد ولا يغيب عهيد |
ترثي صروح الخير بانيها الذي | لم يدخر فيها له مجهود |
والى رعايتها وفي أيامه | لم يبطل التأسيس والتشييد |
فاليوم إن لم يبكه عقب له | فمن الأولى ربى بكاه عديد |
كم نشأ النشء الضعيف ورصانه | فأعد جيل للبلاد جديد |
ترثي الحصافة والثقافة والتقى | من عاش لا ذم ولا تفنيد |
هيهات أن تنسى مناقبه التي | في كل ناد فاح منها عود |
أين الصداقة لا مداجاة بها | والجود أنفع ما يكون الجود |
آداب حبر ملكته بلينها | ما ليس يملك والمراس شديد |
أخلاق حر لا يخالف عهده | وعن السبيل القصد ليس يحيد |
تلك الفضائل بلغته مكانة | عزت وكان بها له تمهيد |
أدناه عبد الله منه فبات في | نعمى وطالعه لديه سعيد |
هل مثل عبد الله في أهل النهى | ملك بصير بالأمور رشيد |
بحسامه وبرأيه بلغ الذرى | فخرا فما يسمو إليه نديد |
وببأسه في الحرب أثبت أنه | بطل الجهاد الباسل الصنديد |
كائن له ولآله دين على | أوطانهم والعالمون شهود |
لو لم ينل اسمى الفخار بنفسه | لكفاه آباء سموا وجدود |
يا أيها المحبون ذكرى بولس | هذا التحدث بالحميد حميد |
هل ضم حفل من أكابر أمة | ما ضم منهم حلفه المشهود |
وبه الائمة والولاة وكل من | في قومه هو سيد وعميد |
وافوا ليقضوه الوداع فما ترى | إلا وفود تلوهن وفود |
في المسلمين وفي النصارى ماله | إلا ولي صادق وودود |
يا من نودعه أنجزع للنوى | والأمر أمر الله حين يريد |
من خص مثلك بالمروءة عمره | فلذكره الإكرام والتخليد |
جزعت لعبد الله ينعى ببكرة | ولا عوض عنه وليس له ند |
تفرد في مصر أديبا وعالما | فوا حربا أن يهوي العلم الفرد |
فجعنا به لا يحمد العيش بعده | فرحماك يا ربي له ولك الحمد |