وأقبل الأمن بآلآئه
وأقبل الأمن بآلآئه | فكل نفس بالرضا تشعر |
كأنما الأمن ربيع له | في كل ما مد به مظهر |
فحيث يخفى عبق فائح | وحيث يبدو غصن مزهر |
والدهر في أثنائه باسم | والعيش في أفيائه أخضر |
وللمنى من راحه مورد | وللغنى عن ساحه مصدر |
ما أبهج السلم وتبشيره | وغبطة الخلق بما بشروا |
قد نافس الأيام لكنه | نافسه اليوم الذي نحضر |
فكاد لا يدري محبوكم | أي السرورين هو الأوفر |
سلوا الأولى تفتن أنواركم | أما نسوا أن الدجى مقمر |
سلوا الأولى تعجب أزهاركم | ورد الربى أم وردكم أفخر |
وأشمل النعمى بأفراحها | هي التي يحظى بها الأجدر |
ألحمد الله على أن خلت | حرب بها قصمت الأظهر |
كادت تريب الخلق لو لم يروا | في الغب أن الحق مستظهر |
كارثة أعظمها دهرها | ومثلها تعظمه الأدهر |
ما أكربت تبدو بآفاقها | نجوم نحس شرها مسعر |
حتى أتاح الله تلقاءها | نجوم سعد نوءها خير |
في مصر منها كوكب نير | يا حبذا كوكبها النير |
كأنما الأعين كاساته | كأنما لألاؤه كوثر |
أوفى فلم يحجب هدى نوره | إلا وإصباح الهدى مسفر |
بنت الثريا أنا مستخبر | لعل ذا معرفة يخبر |
إذا بدا الفجر وآياته | كأنها راياته تنشر |
ولبثت كل نؤوم الضحى | في لجج الأحلام تستبحر |
ساهرة الليل على أنها | لمرقص أو مقمر تسهر |
تذهل أم الولد عن ولدها | وتستخف الريبة المعصر |
من التي تنهض من بكرة | وحرة القوم التي تبكر |
فتهجر الترفيه في بيتها | وهو الذي ما اسطيع لا يهجر |
وتغتدي يوفض سيرا بها | منخطف كالبرق أو أسير |
في ملبس شف بظلمائا | عن غرر من شيم تزهر |
تبدو مرضاها بإلمامها | والعهد أن الأحوج الأبدر |
تألف لا تأنف مستوصفا | للبؤس في أكنافه محشر |
يمض من مر به ناظرا | لفرط ما يؤلمه المنظر |
ما حال من تدأب تنتابه | تخبر من بلواه ما تخبر |
معشرها من أنسها موحش | وأتعس الخلق لها معشر |
من صبية فيهم سديد الخطى | وفيهم الأصغر فالأصغر |
أجدهم بثا وتلعابهم | يبكيك إذ يهذي وإذ يهذر |
وفيتة يودي بهم جهلهم | فهالك في إثره منذر |
ومرضع من نضبها تشتكي | وهرم من ضعفه يهتر |
وطفلة ما عربدت عينها | لكن سقما لونها الأحمر |
وذات حسن أحصنت عرضها | وإن تولى هتكها المئزر |
إن خفر القلب فذاك التقى | ما الثوب إلا ذمة تخفر |
لهفي على تلك النفوس التي | هيضت وود البر لو تجبر |
هي الشقاوات لقد صورت | في صور توحش أو تذعر |
لها وجوه باديات القذى | مبصرها يؤذي بما يبصر |
تعبس حتى حينما تجتلي | ذاك المحيا طالعا تبشر |
يا حسن تلك المفتداة التي | آياتها في البر لا تحصر |
لاحت فلاح النور بعد الدجى | جاءت فجاء الدهر يستغفر |
تأسو برفق أو تواسي به | قد يضجر الرفق ولا تضجر |
تسام أقصى ألم المشتكي | وفوق صبر المشتكي تصبر |
تطارد الفقر بمعروفها | وإنه للخاتل الأنكر |
تحارب الجوع بإيمانها | والجوع عين الكفر أو أكفر |
تظل بالجود تعفي على | ما يتلف التسهيد والميسر |
وباليد البيضاء تبني الذي | يهدمه الإدمان والمسكر |
يلوم قوم طولها بالندى | ولا تلوم القوم إن قصروا |
وما تبالي كيف كانت سوى | ما طاهر الوحي به يأمر |
عاذرة للناس والناس قد | تتهم الحسنى ولا تعذر |
وبعد هذا كم لها جيئة | في يومها أو روحة تشكر |
كم خدمة في كل جمعية | للخير لا تألو ولا تفتر |
كم دار تنكيد إذا أقبلت | عاد إليها صفوها المدبر |
كم هالك تنقذه من شفا | وكادت الدنيا به تعثر |
كم دون عرض تبتغي صونه | تمهر والأقرب لا يمهر |
كم تتصدى لعليل وما | من خطر في بالها يخطر |
لا تكتفي بالمال لكنها | تعطي من الصحة ما يذخر |
كبيرة القدر ولكن لدى | كل صغير القدر تستصغر |
تاحت لمصر أختها قبلها | بأي أخت بعدها تظفر |
يتيمتا العصر هما هل ترى | ثالثة تأتي بها الأعصر |
سسيل هل تردين تلك التي | أذكرها أنت التي أذكر |
لا تغضبي من مدحتي إنها | قد وجبت والفضل قد يشكر |
ما تجزيء الأقوال من همة | فيها تقضى عمرك الأنضر |
حيي الصبا حسناء أمثالها | بسنها في عقلها تنذر |
فرع أب ذكراه في قومه | أخلد ذكرى واسمه الأشهر |
صورة أم ذات خلق سما | يظهره الفضل وما تظهر |
سليلة الآل الكرام الأولى | في كل ناد صيتهم يعطر |
برقة الجود استرقوا النهى | والجود من يعطي ومن يستر |
بيت عتيق لم تزل في الندى | وفي الهدى آثاره تؤثر |
إلى ابن عبد زفها قلبها | والناس بالأعياد تستبشر |
موريس من بيت رفيع الذرى | موضعه في الجاه لا ينكر |
أبوه عالي الجد سامي الحجا | وأمه الجوزاء أو أزهر |
قد صدقت فيه الصفات التي | ببعضها يفخر من يفخر |
فاهنأ بمن أوتيت زوجا فما | زوجك إلا الملك الأطهر |
عيشا بسعد وانموا واكثرا | فالنسل خير ما زكا العنصر |