وتمر المدينة برقاً
وزائرتي كأنّ بها حياءً | |
فرشت لها الهزائم والمنافي | |
قيلَ لي: أنتَ تبقى هنا في المدينة |
|
قلتُ: وأين المدينة |
|
إني حملتُ المدينةَ وحدي وأنتم معي |
|
تجهلون ملامِحَها |
|
ودموع المدينة وَهْيَ تصيرُ دمي |
|
إنني قد سرقتُ المدينةَ منكم |
|
ورحتُ أطارد فيها |
|
ويُنفى من المدن الناسُ |
|
مَنْ سوف ينفي المدينةَ مِنّي |
|
تُعذِّبني وَجَعاً |
|
وتطاردني مثلَ ظلي |
|
تفاجئني في المرايا وفي الواجهات خيالا |
|
وتمنعني من قبول المخازي |
|
تقود لساني إلى الكلمة القاتلة: |
|
أيها الطاغيه |
|
أنت ، والحاشيه |
|
سبب الهجرة الآتيه |
|
جعلوا حبنا مثل شيء يُهرَّب ، |
|
يأتي إليَّ الطغاة |
|
يصادر كلُّ دليلاً على حبنا |
|
صادروهُ ، وكان التراب يُهرَّب عبرَ الحدود |
|
وكانت حدود البلاد تلينْ |
|
فتمتدُّ أو تتقلص مذعنةً |
|
حسب ضغط العدو وضغط الطغاة |
|
وتمرّ المدينةُ برقاً |
|
أنا الشجَرَ العربيُّ الذي نسيَ الماءَ |
|
أهتز جذراً وغصناً |
|
دموع المدينة تجري كنهرٍ |
|
رأيت المدينة والنهرَ |
|
عانقتُ قريتَنا فيهما |
|
وبكيت اغترابي |
|
تدفق نهرٌ جديد من الفُقَراء |
|
أيها الشَجَر العربيُّ الذي نسي الماءَ |
|
جفَّ في الرمل غَرْس منىً |
|
والعواصف تنقله وتهجّره |
|
إنني أذرف الصبرَ حين أرى الريح تقبلُ |
|
حاملة معها الهجرة الآتيه |
|
فلنكن لؤلؤاً عربياً |
|
ليسرق كلٌّ مدينته |
|
ويعانق فيها هزائمه |
|
ويحوِّلها سجنه |
|
ويموت معي |
|
وسط أمواجها العاتيه. |