www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

في هذا السياق وحده، وليس في أيِّ سياقٍ غيرِه نفهمُ تحركات “كيري، عبد الله، عباس” الأخيرة (!!) /أسامه عكنان

0

في هذا السياق وحده، وليس في أيِّ سياقٍ غيرِه نفهمُ تحركات “كيري، عبد الله، عباس” الأخيرة (!!) ،


ArabNyheter | 2014/02/21

“لوغو الهويات”، هي اللعبة الأخطر التي يلعبُها النظام الوظيفي الأردني،

بأدواته الإقليمية الأردنية والفلسطينية، دعما لنفسِه عبر ترحيلِ كلِّ أُفقٍ للتغيير،

ودعما لإسرائيل عبر الإبقاء على حالة “اللا حرب واللا سلم” قائمة (!!)

 

 

إن على المواطن الأردني من أصل فلسطيني باعتباره بقرةً حلوبا أساسية للثروة السائبة التي يرتعُ فيها الفاسدون من كومبرادور وبيروقراط مُفْقِرين الشعب كلَّه بلا استثناء، أن يبقى مُتعلقا بوهمٍ لن يتحقَّق بنهج التسوية والتسويف والترحيل المُتَّبَع مهما طال الزمن، هو وهم “الدولة الفلسطينية” غرب النهر، أَيْ في الضفة الغربية، بعد أن تمَّ التنازل نهائيا عما سواها أصلا، وذلك كي لا يلتفتَ إلى “شيخ القبيلة” و”مختار الحارة الكبير”، وإلى “جوقة اللصوص” من حوله وهم يسرقون وينهبون ويُخَرِّبون بلدا يُراد له أن لا ينتمي إليه، كي لا يهتمَّ بتخريبه، وكي لا يتوقَّفَ مُحتجا على تدميره، وكي لا يكون من ثمَّ معنيا بالدفاع عنه، مادام الكلُّ يُقنعه بأنه مقيمٌ فيه بصفته ضيفا، وبشكلٍ مؤقتٍ باتَ انتهاؤُه قريبا، وغدت مغادرتُه له وشيكة من جهة، وكي يَضْعُفَ شقيقُه الآخر وهو يحاول منفردا إصلاحَه وإنقاذَه من التخريب والدمار اللذين ينحدر نحوهما من جهة أخرى، فيكونُ المنتفع الوحيد جراءَ ذلك هو النظام الوظيفي، ببيروقراطه وكومبرادوره، بمَلِكِه ومؤسَّسَة عرشه ومخابراته وحكوماته، ويكون المتضرِّرُ الدائم هو الشعب الأردني بكلِّ فئاته وشرائحه وطوائفه (!!)

ولكي تبقى هذه المعادلة الطبقية الاستبدادية قائمةً وحاكمةً ومُحَقِّقَة للغرض منها، وهو استمرار نهج التبعية والوظيفية والفساد والاستبداد، وإفشال كلِّ محاولات أيِّ حراك شعبي أردني مُطالِبٍ بالإصلاح والتغيير، يجب أن يتمَّ التعامل مع مشروع “الهوية الفلسطينية الوهم”، ومع “مشروع الدولة الفلسطينية الفاشل”، بمنطق “شعرة معاوية”، الذي يعني في هذا السياق، اللجوءَ إلى أحد النهجين التاليين أَيُّهُما تستدعيه الحاجة الناجمة عن سيرورة القضية:

النهج الأول.. إما أن يتمَّ تفعيلهما – أي “مشروع الهوية”، و”مشروع الدولة” – وإحياؤهما بالجعجعة والصراخ والعويل، كلَّما قاربا على الموت، وكلَّما أصبح النظام مُهَدَّدا بمخاطر السقوط بسبب مقاربةِ الموت تلك، للدفع بالأعناق لتشرئِبَّ نحو الغرب، عبر خلق عناصر ترحيل جديدة تعيد إنتاج ثقافة “الأمل” و”الإمكان” و”دعونا نحاول”، و”لنعط للتسوية فرصة أخرى”، وهي الثقافة القادرة على إعادة إنتاج الحياد السياسي الكامل للأردنيين من أصل فلسطيني فيما يتعلق بالشأن الأردني (!!)

النهج الثاني.. وإما أنه عندما تشرئبُّ أعناق الأردنيين من أصل فلسطيني نحو الغرب حيث الأمل الذي يكون قد بدأ يناغش أوهامَهم بسبب شعرة معاوية تلك، وكي لا يبالغوا في أوهامهم وأحلامهم، يتمُّ إرخاء الشعرة عبر تحويل زاوية النظر السياسي لتنحرف قليلا نحو الشرق، لتقلَّ سقوفُ التوقعات من جديد، وتسترخي القضية إلى أجلٍ تحدِّدُه مخاطر انعكاساته على الداخل الأردني، ليُعادَ شدُّ الشعرة من جديد عندما يُرى أن هؤلاء بدأوا يعودون إلى حقيقة أردنيتهم وما تمليه عليهم من مسؤوليات وطنية (!!)

إن الحالة السياسية التي يُخْشَى من أن يَنْتُجَ عنها اندفاعُ الأردنيين من أصل فلسطيني إلى البدء في البحث عن رهانٍ آخر غير رهان تجسيد “الهوية الفلسطينية” بمشاريع التسوية القائمة على الترحيل الأبدي كطريق منتَهَج لهذا التجسيد، هو رهان الانتماء الكامل للوطن الأردني أرضا وهوية وشعبا، بوصف هذا الانتماء هو البديل الأكثر فعالية للتأسيس للهوية الفلسطينية وللدولة الفلسطينية في حاضنة مشروع التحرير الحقيقي من القاعدة الآمنة الحقيقية “الأردن”، بدءا من اعتبار الضفة الغربية أرضا أردنية يجب تحريرها كمقدمة لتحرير الأرض الفلسطينية المحتلة، ومرورا بالاندماج المتفاعل على نحوٍ شامل في حراك التغيير والإصلاح في البلاد، ما يُهَدِّد النظام الوظيفي الفاسد بشكلٍ جَدِّي، ويرفِدُ الشقيقَ الآخرَ في نضاله الوطني، رغم أنه ما يزال حتى الآن يلعب في الساحة وحيدا مع الأسف، بسبب نجاح النظام في تمرير معادلته الشيطانية هذه..

نقول.. إن هذه الحالة السياسية، وما ينتجُ عنها من اندفاعٍ نحو أَرْدَنَةِ المُنْطَلَق لتحرير فلسطين، ونحو ما تقتضيه أَرْدَنَة المنطلق هذه من اندفاعٍ نحو التغيير الداخلي الجاد والحقيقي للانعتاق من براثن الوظيفية والتحليق في فضاءات الوطنية، تجعل النظام يتحرك من داخل المساحة التي تتيحها لعبة “لوغو الهويات”، عبر التنسيق الكامل مع أذرع الإمبريالية الأخرى صهيونية كانت أو وظيفية، باتجاه إعادة إحياء مشاريع “الهوية الفلسطينية” الأسطورية غير المؤَسَّسَة، عبر خلق حواضن تسوويَّة جديدة لها تملك القدرة على الترحيل والتسويف، لتخفيف الضغط على البُنْيَة الوظيفية التبعيَّة للنظام وللدولة (!!)

وخلال اللعب بطرفي هذه المعادلة بمنطق شعرة معاوية، يتحرك الإقليميون من الطرفين بمنتهى الرعونة والحماقة والغباء، للتجاوب عن وعي أو عن غير وعي مع ما يُراد للشعرة أن تحقِّقَه في سيرورة الهويتين والقضيتين وهما تتبادلان مواقع الاهتمام في “لعبة اللوغو” التي يمارسها النظامان الوظيفيان الفاسدان في “عمان” و”رام الله” (!!)

وبالتالي ولكي يفشلَ الإصلاح في الأردن يدفعون بالأردنيين من أصل فلسطيني إلى التَّشَبُّث بوهمٍ “الفلسطينية” التي سيشاع أنها اقتربت، على حساب اندماجهم الكامل في مواطنتهم الأردنية وما تقتضيه من حراك فاعل باتجاه التغيير والإصلاح الداخليين (!!)

وعندما يصبحون – أي الوظيفيين – ملزمين بالتجاوب مع متطلبات التشبُّث الذي دُفِعَ إليه هؤلاء الواهمون، يتمُّ الغزلُ على الناعم من جديد لاستعادتهم بلطفٍ نحو الأردن ونحو المطالب الإصلاحية فيه، ليُخَفِّفوا الضغطَ عن الجبهة الغربية، ريثما تستدعي اللعب على موجات التوجيه الكامل نحوها من جديد المُخْرَجاتُ السياسية لمستويات العودة الناعمة التي تمَّ اللجوء إليها نحو الشرق قبل ذلك (!!)

وبالتالي فكلَّما انتشرت في الأفق حيثياتٌ سياسية تتعلق بتهاونٍ في المواقف المتجاوبة مع الحقوق الفلسطينية في الدولة والهوية، كلما رافق ذلك انتشار مكثف في الحديث عن الأساطير المتعلقة بالتوطين والوطن البديل ومخاطر التجنيس في الأردن، ليتكشَّفَ كلُّ ذلك عن مشاريع مشبوهة لإعادة ترتيب الأوضاع في الأردن باتجاه لا إصلاحي ومقاوم للحراك الشعبي الداعي للإصلاح والتغيير من جهة، وعن مشاريع ترحيلية جديدة للقضية الفلسطينية في سياقها الهوياتي التسووي من جهة أخرى، يُرادُ لها أن تحظى بالقبول عبر خلق حالة من الترهيب والترويع، في حال عدم القبول بها أو رفض التجاوب معها (!!)

إن “أوسلو 1” على سبيل المثال قد أصبحت غير قادرة على الحفاظ على نظر الأردنيين من أصل فلسطيني متجها نحو غرب النهر، ونحو وهم تجسيد الهوية الفلسطينية في الضفة الغربية، بسبب استنزاف تلك الاتفاقية لكامل زخمها وقدرتها على ترحيل وتسويف وتَرَقُّب نتائج المفاوضات، بعد أن لم يعد أمام هذه المفاوضات ما تقدِّمُه، وبالتالي بعد أن لم يعد أمام “أوسلو 1” بأكملها ما تُقَدِّمُه.

إن هذا يعني أن الثقافة العامة ستبدأ تتَّجِه نحو شرق الأردن للبحث عن الحلِّ الذي فُقِدَ في مشروع “الهوية الفلسطينية” البائس، وذلك في أَرْدَنَة المقاومة والثورة ومشروع التحرير برمته.. إلخ، اعتقادا بضرورة تأجيل مشروع الهوية لما بعد التحرير باعتبار ذاك هو الطريق الصحيح للتعاطي مع القضية الفلسطينية أصلا. ولكي لا يحصل ذلك، يُصار إلى إعادة اجترار الأساطير المعتادة التي تُرْعِبُ الجميع، وخاصة الشرق أردنيين، من مثل التوطين والوطن البديل والتجنيس.. إلخ، وذلك من قِبَلِ النظام الوظيفي وأبواقه ومخابراته وطابوره الخامس.. إلخ من الطرفين: “الأردنيون من أصول شرق أردنية”، و”الأردنيون من أصول غرب أردنية”، كي يتمَّ تلجيم الاندفاعة المتسارعة للثقافة الجديدة نحو الشرق ونحو إعادة إنتاج حالة وطنية وثورية ومقاوِمة في الأردن من جهة، وكي يتمَّ أيضا تلجيم الاندفاعة الحاصلة نحو الإصلاح والتغيير، كي تتوقف إن لم تتراجع أصلا من جهة أخرى.

وعندما يصبحُ الإصلاح مُلَجَّما بعد أن يكون قد تمَّ رهن تَحَقُّقِه بإعادة نظر الأردنيين من أصل فلسطيني نحو غرب النهر من جديد، وبعد أن يصبحَ نظر هؤلاء إلى الأردن بوصفه منطلقا للتحرير إذا أعيد إنتاجُه على هذا الأساس، نظرا مخيفا بعد أن يكون قد تمَّ النجاج في ربطه بأساطير مرعبة كالتوطين والوطن البديل والتجنيس.. إلخ، فإن هؤلاء المُحبطين اليائسين المرعوبين وهم الأردنيون ذوي الأصول الفلسطينية، يصبحون على أهبة الاستعداد النفسي والذهني والثقافي لتَقَبُّل أيِّ صيغة جديدة تعطيهم أيَّ أمل في أن نوعا من المفاوضات الجديدة في قوالب حلولٍ جديدة قد يوصل إلى نتيجة، فيؤثرون أيَّ صيغة قد تُلْقى عليهم، على أيِّ مخاطر من تلك أشرِبوها واعتبروها أكثر شرا وأشدَّ كارثية من إضاعة عقدين من الزمن في المحاولة والرهان على الشرعية الدولية وعلى المفاوضات والضغوطات.. إلخ.   

فيما يغدو من السهل الانتباه إلى عُلُوِّ نغمة النظام المغَرِّدَة باتجاه المواطنة والوطن الواحد والإصلاح الوهم.. إلخ، كلما كان الوضع يتطلب إعادة سحب الأعين التي راحت تتطلع غربا لتتطلع شرقا من جديد (!!)

وهكذا دواليك تستمر اللعبة إلى أن ينتبه الجميع إلى الخدعة التي وقعوا فيها ويرفضون هذه اللعبة ويقررون أن الأردن وطنهم ويجب أن يصلحوه ويغيروا نهجه السياسي، لأن هذا وحده هو الطريق الصحيح إلى تحرير أرضهم المحتلة (!!)

أما قبل أن يفكروا على هذا النحو، فليضيِّعوا وقتهم وعمرهم في الهراء الفارغ كما شاءوا، ولا يلومُنَّ إلا أنفسَهم (!!)

وهذا ما جاء وما سيجيء “جون كيري” اليوم وخلفاؤه غدا، وخلفاءُ خلفائِه بعد غدٍ ليفعلوه (!!)

وأساطير “الوطن البديل” و”التوطين” و”التجنيس”، وأوهام “الهويات المقدسة”، كانت وستكون وستبقى هي دائما بَعابِعُ النظام لتمرير مثل تلك المشاريع الترحيلية عندما يُراد صرفُ نظر الجميع عن أيِّ عملية تغيير شرق النهر، قد تؤسِّس لعملية التحرير غرب النهر (!!)

والجَعْجَعَة المُفَرَّغة من أيِّ طحنٍ، كانت وما تزال وستبقى هي دَيْدَنُ المعارضين والحراكيين والسياسيين الأردنيين، ما لم يقولوا جميعا وبأعلى صوتهم: “إن بداية إعادة إنتاج الدولة الأردنية على قواعد غير وظيفية، وغير تبعية، لتحريرها من الفساد والاستبداد والظلم، وتأهيلها من ثمَّ لاحتضان مشروعِ التحرير، تكمنُ في العودة الفورية وغير المشروطة وبلا تَحَفُّظ عن “قرار فك الارتباط”، تمهيدا لإسقاط “أوسلو” و”وادي عربة” (!!)  

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.