www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

فلسفة المقاومة في مُكَوِّنات مشروع التغيير والتحرير/أسامة عكنان

0

 

كي لا يخدعَنا أحد، وكي لا نعيشَ حالةً من الكذب على الذات، تعالوا نحاول معا أن نفهمَ ما معنى “المقاومة”..

فالمقاومة فعلٌ لا يقوم بذاته منعزلا عن محيطه ومفصولا عن مُكَوِّناته، بل يُنْسَب إلى ظرفِه.

وبالتالي فهي – أي المقاومة – ليست حالةً مُصَمَّمَة بشكلٍ مُحَدَّدٍ ونهائي،

يحظى بالقداسة والتبجيل والصوابية دائما،

لمجرد أنها مقاومة ترفع شعاراتِ نبيلة، ويقدِمُ أفرادها على أفعالٍ تضحوية بطولية.

 

 

إنها – وبدون أيِّ تحفظات – لا تُفهم من خلال تضحيات المقاومين وبطولات المبادرين، ولا عبر الشعارات البراقة المدغدغة لمشاعر ووجدانيات الجماهير، أو خطابات القادة الكارزميين. بل من خلال ما نسميه “عقيدة المقاومة”، المرتكزة إلى “أيديولوجية موضوعية وناضجة في قراءة الواقع المُقاوَم – بفتح الواو – لأجله”.

إن تقييمَ المقاومة موضوعيا يستند إلى مدى مواءمتها لظروفِ الواقع الذي تبادرُ فيه بالفعل المقاوِم، ويرتكز إلى مدى انسجامها مع متطلبات التحوُّل في ذلك الواقع، باتجاه مصالحِه الحقيقية المستوحاة من تلك “الأيديولوجية الموضوعية والناضجة”.

فقد تكون مقاومةٌ ماَّ مقاومةً تبشيرية طفولية، تُخفي في قلبِ فعلِ المقاومة الساحر والجذاب الذي تضطلع به، انحرافاتٍ خطيرةً تقود الواقع الموضوعي الذي تتحرك به وفيه ولأجله إلى كوارث حقيقية، وإلى اختزالات مأساوية، وإلى إنتاج توصيفات خاطئة للعلاقات المختلفة بين العناصر المُكَوِّنَة للواقع الموضوعي، تؤدي إلى الابتعاد كثيرا عن القراءة الأيديولوجية الموضوعية الناضجة التي أشرنا إليها.

أ – فمن حيث “المُقاوَم” بفتح الواو..
* هناك مقاومة تستهدف منع عدوٍ من التوسع في عدوانه. أي أنه عدوٌّ اعتدى علينا وتواجد في عقر دارنا وانتهى الأمر. فتأتي المقاومة لتحاولَ إيقافه عند حده كي لا يتمدد.
* وهناك مقاومة تستهدف دحرَ عدو اعتدى علينا وتواجد في عقر دارنا، لا كي تمنعَه من التوسع في عدوانه وحسب، بل كي تزيلَ أثر هذا العدوان وتدحرَه من الأساس.
* وهناك مقاومة تستهدف عدوا يحاول الاعتداء علينا ابتداء، وذلك كي تُفشلَ عدوانَه أصلا، وكي تُبقيَ حياضَنا محميةً ومصانة.

ب – ومن حيث “جغرافية المقاومة”..

* هناك مقاومة تستهدف بفعلها المقاوم دولةً محددة في إقليم.
* وهناك مقاومة تستهدف بفعلها ذاك إقليما كاملا بكلِّ دُوَلِه.

ج – ومن حيث “المقاوِم” بكسر الواو..

* فهناك مقاومة سلبية تكتفي بردة الفعل على فعلِ العدو.
* وهناك مقاومة إيجابية تبادر بالفعل، سواء بادر العدو أو لم يبادر.

د – ومن حيث “إستراتيجية المقاومة”..

* هناك مقاومة تعتمد على حرمان العدو من الأرض وإفقاده العمق بالزج به إلى “الكثافة”.
* وهناك مقاومة تعتمد على تشتيت العدو، فتمنحه الأرض وتفقده العمقَ بالزج به إلى “التَّمَدُّد”.

فايُّ أنواع المقاومة تتطلبها “حركة التحرر العربي”، من الحالة التي سادته وحكمته وما تزال، منذ “سايكس بيكو” و”بلفور” وحتى الآن، سواء من حيث “المقاوَم”، أو من حيث “المقاوِم”، أو من حيث “الجغرافية”، أو من حيث “الإستراتيجية”، لنعرف من ثمَّ إن كان هذا النوع من المقاومة موجودا، أم أنه غير موجود حتى الآن؟!!

إن الإجابة على هذا السؤال، تعني تحديدَ “عقيدة المقاومة” التي نبحث عنها، وهي ما لا يتحدد أو يتعيَّن إلا بالتعرُّف على الظروف التي يُفترض أن المقاومة نشأت للتعاطى معها.
* فعلى صعيد “المقاوَم” بفتح الواو..

عدوُّنا من النوع الثاني الذي اعتدى وما يزال يحاول التمدد والتوسع في عدوانه. وبالتالي فإن مقاومتَنا له يُفترض أن تكون مقاومةً تستهدفه وجودا وتوسعا، فتعمل على منع التوسُّع ودحر الوجود.

* وعلى صعيد “المقاوِم” بكسر الواو..

إن ما يقتضيه وجود العدو أصلا – وهو الأمر الذي يمثل حالتَنا العربية – هو أن نبادرَ إلى دحره، وألا ننتظرَ مبادراتِ توسُّعِه فقط، كي نعمل على منعها بعد ذلك. لأن الوقوفَ عند ردات الفعل على أعماله التوسعية أيا كانت، يعني الإقرار بتداعياتِ واقعةِ أنه موجود، والاعتراف بمتطلبات أنه لم يعد عدوا، وأنه غدا جزءا من المنطقة، وأن هدفنا يجب ألا يتجاوز من ثمَّ حدودَ تنظيم عملية توسُّعِه تلك.
* وعلى صعيد “الجغرافية”..

أثبت عدونا أنه يستهدف الإقليم بأكمله، منذ قدومه إليه وحتى الآن. وبالتالي فكلُّ دول الإقليم متضرِّرَة منه أراضٍ وشعوبا. وهو ما يعني أن “المقاومة” يجب كي تكونَ ذات قيمة ودلالة، أن تستهدفَه وتستهدفَ أطرافَه وأعوانَه وأذنابَه ولواحقَه في كامل الإقليم لحمايته من التوسع فيه ولطرده منه.

ومن هنا تفقدُ أيُّ “مقاومة” تصنِّف نفسَها تصنيفاتٍ “قُطْرِيَّة” و”هوياتية”، وتقيمُ رؤاها وبرامجَها وأيديولوجياتِها على أُسُسِ هذه التصنيفات، صفةَ المقاومة الحقيقية للعدو بصفته الحقيقية التي أشرنا إليها سابقا، وهي أنه يستهدف الإقليم كلَّه عبر وجوده في جزء منه أولا، ومن خلال توسُّعِه متنوع الأشكال في مختلف مناطقه ثانيا. لأن مقاومةً من هذا النوع، تكون قد قاومته من وجهٍ، لجهة اعتدائه على الدولة التي تربط تلك المقاومة نفسَها بها، ومنحته قوةَ مواجهتِها من وجهٍ آخر، لجهة امتناعها عن مقاومته لحساب الإقليم ككل وعبر جغرافيته كاملة.

لأن عناصر قوة هذا العدو – مادامت هذه هي صفته، وهذه هي أساليبه وسياساته وأدواته – تكمن في تجزئة الإقليم في سياق أيِّ أعمالٍ لمقاومته. بينما تكمن عناصر ضعفه في اعتباره عدوا للإقليم، ومقاومته على أساس أن الإقليم هو في مواجهته صاحب مصلحة واحدة لا تتجزأ.

* على صعيد “الإستراتيجية”..

إستراتيجية “المقاومة” تتحدد بناء على تحديدنا للعناصر الثلاثة السابقة..

فمقاومةٌ تستهدف عدوا قائما على شكل دولة في جزء من الإقليم، وعلى شكل أدوات وظيفية في أجزاء أخرى منه، ويعمل على التوسع ليبسطَ هيمنتَه على الإقليم كلِّه بمختلف الوسائل، يجب أن تكون إستراتيجيتُها منصبَّة باتجاه حرمان العدو من العمق المُوَسِّعِ لنفوذه في الإقليم من حيث المبدأ، أيا كان الأسلوب الذي تكشف سيرورة المقاومة عن ضرورته وجدواه وفائدته لحرمانه من ذلك العمق.
– “ماو تسي تونغ” كان يؤكد على عدم وجود أيِّ قيمة للاحتفاظ بالأرض عند مناجزةِ جيوشِ عدوٍّ بحرب شعبية، تهدف في نهاية المطاف إلى تحرير كلِّ الأرض من تواجده العسكري. لأن تشتيتَه يفقدُه القوة المُرَكَّزَة، ويدمِّرُ خطوطَ إمداداته، ويقحمه في أماكن الكثافة السكانية المساندة للمقاومة، والتي تعتبر مقتلَه الحقيقي.. إلخ.

– قادة حروب العصابات في أميركا اللاتينية وفي جنوب شرق آسيا وفي أنغولا وفي مناطق إفريقية أخرى، قالوا بالأمر نفسه. بل هم كانوا يسمون “حرب العصابات” بـ “حرب البرغوث”، لأنهم شبهوها بما يفعله البرغوث في جسد الكلب الممتد، بشكل يتيح الفرصة لهذا العدو اللئيم – الذي هو البرغوث – أن يتحركَ ويؤذي الكلب دونما قدرة منه على مقاومته، بسبب ضخامة المساحة التي يستطيع ذلك البرغوث إيذاءه من خلالها، إنه تقريب لفكرة التمدد في الأرض بغية التشتيت والتدمير.

– الحكيم الراحل “جورج حبش”، كان يعتبر استدراجَ العدو إلى احتلال أراض واسعة من الإقليم العربي المحيط بفلسطين، في حال وجود مقاومة حقيقية غير قُطرية وغير قائمة على مقاومة تهدف إلى إنجاز هوية هزيلة، هو أمر ينُمُّ عن ذكاء إستراتيجي، يقرِّب هزيمة العدو وانتهاءَه. لكن أحدا لم يسمع كلامه، لأن القائمين على الفعل المقاوم لم يكونوا قوميين، وإنما قُطريين و”هوياتيين” يتغنَّوْن بهوية سقيمة هزيلة سخَّروا لها الفعل المقاوِم، فمسخوه بهزال “القطرية”، بدل أن يرفعوه ويثروه بقوة “القومية”.

– الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر” كان بعد هزيمة عام 1967، خائفا ومذعورا من إمكان دخول الجيش الإسرائيلي إلى القاهرة بعد سحق الجيش المصري في سيناء. لكن الرئيس الجزائري المقاتل “هواري بومدين” تمنى لو أن الحماقة تبلغ بإسرائيل إلى هذا الحد، فتورِّط نفسها في احتلال أراضي ومدن عربية جديدة، كي ننتهي منها إلى الأبد رغم انتصارها في حرب الأيام الستة.

أي أننا عندما نقاوم لأجل تحرير جغرافية إقليمٍ واسع من عدو قائم وموجود في جزء من هذا الإقليم، يحاول التوسع بشكل غير عسكري “اقتصادي، سياسي، قانوني، إعلامي، ثقافي”، قد يكون من الذكاء الإستراتيجي لدى المقاومين استدراجُه عسكريا إلى جغرافيا جديدة، دون الخوف على تلك الجغرافية من أن تطأها أقدامُ جيوشه، ودون السماح له فقط بالتوسع غير العسكري الأقل كلفة والأقل خطورة عليه في العادة.

بناء على ما سبق إذن، علينا أن نعترف بأن “عقيدة المقاومة” التي قامت عليها أفعال المقاومة العربية منذ احتلال فلسطين وحتى الآن، لا تكشف عن تجاوبٍ موضوعي مع متطلباتِ مقاومةِ عدوٍ كالعدو الإمبريالي الصهيوني الوظيفي، في إقليمٍ عربي مثل إقليم بلاد الشام “سوريا الطبيعية أو الكبرى” المحيط بالاحتلال.

* فالمقاومة الفلسطينية، بعد أن نزعت عن نفسِها رداءَ أردنيتها عقب عام 1968 بابتلاعها طعم “الهوية القُطْرِيَّة”، فشلت في أن تكون “مقاومة إقليم عربي سوري” ضد “مشروع إمبريالي صهيوني وظيفي”. واستماتت عبر فعلها المقاوِم كي تنجزَ مشروعَها “القطري الهوياتي الفلسطيني” الضيق الهزيل، ففشلت. لأنها جنحت إلى مقاومةِ عدوها بالسلاح “الأيديولوجي” و”الإستراتيجي” الذي لا يضع مصيرَه ووجودَه في زوايا التهديد الحقيقية، بل الذي سعى هو ذاته إلى إخراج “المقاومة” من دائرتها القومية إلى دائرته، كي يخوض “مقاومة المقاومة” وفق أجندته هو، وليس وفق أجندة “المقاومة القومية”.

* والمقاومة اللبنانية بما فيها “المقاومة الإسلامية” بقيادة حزب الله، كانت أكثر فشلا في الخروج عن عباءة القُطرية، وأكثر نكوصا إلى دائرة مقاومة ذلك المشروع الإمبريالي الصهيوني الوظيفي المعادي، في داخل الأرض اللبنانية الممعنة في افتقارها إلى العمق الإستراتيجي في الحالات الفاصلة والحاسمة، إلى درجة أن غدا مشروعَ مقاومة أقرب إلى “ورقة جوكر” لتمرير سياسات دول إقليمية، تبقى مصالحها المنظور إليها براغماتيا فوق كلِّ اعتبارات العمل الشعبي والمقاومة الشعبية أصلا.

* ومقاومة “حركة حماس”، استغرقتها “قُطرية القطرية”، فكانت الأكثر عجزا من سابقاتها عن أن تكون رافعة مقاومة قومية إقليمية، إلى أن غدت أداة من أدوات التشتيت والتفتيت من “القُطري” إلى ما هو “أقل من القطري”، بدل أن تكون أداة من أدوات التجميع والتوليف من “القطري” إلى ما هو “إقليمي” فـ “قومي”، كما يقول فكر “الإخوان المسلمين” الذي ترتكز عليه، استنادا إلى المقولة الذهبية لـ “حسن البنا”: “تعالوا نتعاون فيما اتفقنا فيه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه”. فحماس كان فشلها أكبر من “المقاومة الفلسطينية التاريخية” و”المقاومة اللبنانية الإسلامية”، لأنها لم تستطع أن تعي أسباب فشل تينِكَ المقاومتين، وهو جعل “الهوية القطرية” مركزية في غايات الفعل المقاوم، فوقعت فيه وفيما هو أكبر منه، عندما تصورت أنها هي ذاتها – أي حماس – مركزية جدا في التأسيس للمقاومة الحقيقية.

وهكذا فبعد أن كانت المقاومة في الأردن قبل عام 1968، مقاومة تؤسِّسُ لقوميتها الطاردة للوظيفية والمهيِّئة لمشروع مقاومة أممي، اختزلت نفسها إلى مشروع “مقاومة فلسطينية”، حفرَ بفلسطينيته قبرَه في الأردن، ليرحل بهزاله المزمن إلى لبنان أكثر إمعانا في فلسطينيته وبعدا عن فكرة “المقاومة القومية”. ليأتي “حزب الله” بعد ذلك مختزلا المختزل، ومجسِّدا قطريتَه في أضعف صورها، عندما اعتبر نفسه وأصَّل لأيديولوجيته على أساس أنه “مقاومة لبنانية”، وهو بالفعل كذلك بعيدا عن عواطف السُّذَّج الذين يفضلون – كي لا تصدَم وجدانياتهم – النظرَ إلى الواقع وهم مغمضي الأعين.

وإذا كنا نستطيع تَفَهُّم كل مسارات الفعل المقاوم التي اختطتها حركات المقاومة التي اعقبت مرحلة “الأردن”، الذي كان وحده المؤهل ليكون “القاعدة الآمنة” القادرة على احتضان المشروع القومي المقاوم للمشروع الإمبريالي الصهيوني الوظيفي، باعتبارها مسارات حكمتها الجغرافيا من جهة أولى، وظروف النشأة والتكوُّن من جهة ثانية، ومحدودية العناصر الرافدة لمشروع مقاومةٍ مُأَدْلَج قوميا على نطاق إقليمي واسع من جهة ثالثة، فإننا لا نستطيع تَفَهُّمَ الانتكاسة التي مُنيت بها “المقاومة في الأردن” مع نهاية عقد الستينيات، خارج نطاق الخلل الإستراتيجي في البناء الأيديولوجي الذي انحرف من التأسيس لمشروع مقاومة قومي إقليمي واسع، قاعدته “الأردن” كانت مقدماته وبوادره قائمة بالفعل، إلى التأسيس لمشروع مقاومة قُطْري ضيق قائم على إستراتيجية إنجاز “الهوية القطرية الفلسطينية”، قاعدته “لبنان” بكل هزاله الإستراتيجي، بعد كلِّ أشكال الاختزال التي تعرض لها “مشروع المقاومة القومي الإقليمي واسع النطاق” في الأردن، ليتحول إلى تلك الحالة التي ورثتنا “فك الارتباط” و”أوسلو” و”سلطة ممعنة في وظيفيتها” غرب النهر، والتي ورثتنا “فك الارتباط” و”وادي عربة” و”نظام فاسد من غلاة الوظيفيين العرب”، خرَّب الدولة الأردنية، ومسخ ثقافة الشعب الأردني، ونهب منه كلّ شيء، حتى جينات الإحساس بالكرامة، شرق النهر.

إن مآل “المقاومة الفلسطينية” إلى كارثة “أوسلو” وتداعياتها، هو نفسه وحتما ما سيكون عليه مآل “المقاومة اللبنانية” و”مقاومة حماس”، وإن يكن بأشكال تناسبُ الظروفَ الخاصة المحيطة بهاتين المقاومتين. فهما لا تختلفان عن “المقاومة الفلسطينية” في الجوهر من حيث قيامهما على “القطرية”، وعلى “مركزية الأنا المقاوِمة”، وعلى مقاومة العدو “الإمبريالي الصهيوني الوظيفي” بشعاراتهما وأبطالهما، ولكن وفق أجندته الإستراتيجية هو نفسُه.

والسبب في حتمية هذا المآل هو أن “سوريا الكبرى” أو “سوريا الطبيعية”، وبحكم طبيعتها العروبية القومية المتجذرة في أعماق التاريخ منذ القدم، ستبتلعُ كلَّ مشروعِ مقاومةٍ يحاولُ القفزَ على هذه الحقيقة، لأنها ترفض أن تُسْتَغَلَّ فكرةُ “المقاومة” النبيلة والمقدسة في ذاتها، لتكون جسرا يتمُّ العبور منه إلى أشلائها. إن “سوريا الكبرى” كائن حي ديناميكي يدفعُ دائما باتجاه “المقاومة” التي تعمل من أول رصاصة على لملمة أشلائه المبعثرة، ولا يستجيب لأيّ “مقاومة” تستغل قداسة الرصاصة لتبني لنفسها على وقعِ أزيزها كذبة اسمها “الهوية القطرية” أو “الهوية المذهبية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.