نعم لمشروع الوحدة والمقاومة بين قطبي الساحة الفلسطينية

أ . تحسين يحيى حسن أبو عاصي

تُصدر مراكز حقوق الإنسان في قطاع غزة وخارجه تقاريرا وصحفا دورية عن عمق معاناة الشعب الفلسطيني ، والتي لا يمكن أن يتخيلها أحد من أولئك الذين لا يعيشون المعاناة ، لقد وصلت المعاناة إلى مستوى الكارثة الحقيقية ( بكل المقاييس ) ، حتى باعتراف رئيس هيئة الأمم المتحدة ( بان كي مون ) ، ومدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة ( جون جن ) .
فالحصار الخانق أطبق على كل شيء تقريبا ، وآلة البطش الإسرائيلية لا تبقي ولا تذر أخضرا ولا يابسا ، واقتلعت منشآت صناعية من جذورها ، كما أتلفت أراضي زراعية بأكملها ، وتسببت في قتل الحرث والنسل ، وعاثت في الأرض فسادا وتدميرا . وعلى بعد أمتار فقط من مدارسنا ومستشفياتنا وفي وسط أحيائنا السكنية ، تتكدس القمامة ، وترتفع أكوامها يوما بعد يوم ، لتنبعث منها رائحة تضر بآلاف التلاميذ والمرضي .
وأطفالنا لا يجدون لباسا ولا حذاءاً ، ومرضانا وجرحانا يفتقرون إلى الدواء والعلاج .
كنا نركب السيارات ، واليوم نركب العربات التي تجرها الحمير حتى في أفراحنا .
وجميع المؤسسات تعاني من نقص حاد في موظفيها ، بسبب نقص الوقود ، والخدمات المقدمة للجمهور تكاد أن تكون مشلولة ، والتجارة كاسدة ، والمصانع مغلقة ، وحركة البناء والإعمار متوقفة تماما ، والناس يترقبون هجوما إسرائيليا موسعا لا يبقي ولا يذر ، ولا يشعر بنا أحد .
ومن الواضح أن ذلك لا يعني أحدا من دول العالم ، ولا حتى أحدا من القوى والأحزاب والمؤسسات والأُطر في الدول العربية والإسلامية خاصة ، في الوقت نفسه نسمع أصواتا تعلو من هنا وهناك وبين الفينة والأخرى ، مدافعة عن حقوق الكلب والحمار ( أجلكم الله ) ، فلقد أصبح للبهيمة شأنا وقدرا في دول العالم أكثر من الفلسطيني .
لقد هان على الفلسطيني في قطاع غزة كل شيء إلا كرامته ، أصبح يسترخص الموت ، وألِف طلقات وأصوات المدافع والصواريخ ، وتعايش مع الفقر والمرض ، لا شيء أصبح عنده اليوم له قيمة تذكر ، لقد فقد كل شيء إلا عزّته .
نعم نحن المحاصَرون من كل الجهات ، ولكننا في حقيقة الأمر نحاصر جميع مدن العالم . فاتحدوا أيها الشرفاء .
عندما تقتل المقاومة جنديا إسرائيليا ، يقشعر بدن العالم ، ويقف على ساق واحدة ولا يقعد ، أما قتل الألوف من الفلسطينيين فلا يعني أحدا في العالم .
وعندما تأسر المقاومة جنديا واحدا تتدخل كل الدول ، ولكن أن يؤسر إحدى عشر ألف فلسطيني ، فذلك لا يعني أيضا أحدا في العالم .
في جميع أكاديميات العلوم السياسية في العالم نظرية تقول : إذا حاصرت عدوك من أربع جهات فاترك له جهة ينفذ منها .......... يبدو أن العالم أضاف على هذه النظرية عبارة : إلا قطاع غزة .
الخروج من هذا المأزق التاريخي هو الحوار والوحدة ، فمشروع الوحدة والمقاومة بين كل القوى الشريفة في العالمين العربي والإسلامي ، في طريقه نحو فجر جديد ، مشروع وحدوي مقاوم بين السنة والشيعة ، وبين الإسلامي والوطني ، هو مشروع لا يمكن إجهاضه ولا فرملته بإذن الله تعالى ، ولتسقط من جديد كما سقطت من قبل ، كل تلك القوى والأحزاب والأفكار في سنة 1948 وفي سنة 1967 .
أيها السادة في قطبي الساحة الفلسطينية ( فتح وحماس ) ، اتحدوا فيكفينا تمزقا ، اتحدوا يكفينا هموما وأحزانا ، فلقد أثبتت البندقية صحة وصواب نهجها ، اتحدوا أيها السادة قبل أن يأتي يوم لم يكن في حساباتكم ، كما لم يكن في حساب احد منكم من قبل ، مثل ما وقع بالأمس القريب ، اتحدوا فالمرحلة أكبر من حجمكم وإمكانياتكم مجتمعين فكيف بكم متفرقين ؟ .
نحن نعلم أن الأمور أكبر وأعمق بكثير ولكنني لسنا سطحيين .

أخي أنا إن سقطت فخذ مكاني يا رفيقي في القتال