مفاهيم بيئية (1) البيئة Environment
محسن رشاد ابو بكر
--------------------------------------------------------------------------------


تتعدد التعاريف العلمية لمصطلح البيئة و سوف نقتصر هنا علي عرض تعريف الأستاذ الدكتور محمد عبد الفتاح القصاص (عالم البيئة المصرى والرئيس السابق للاتحاد الدولى لصون الطبيعة) الذي يرى أن البيئة تشمل علي ثلاث منظومات هي :

1- البيئة الطبيعية Natural environment وتتمثل أهم عناصرها في اليابسة و المناخ ، و المناطق الطبيعية ، الأنظمة المائية ، الغلاف الغازي أو الهوائي. وترتبط هذه العناصر و تتفاعل و تتوازن مع بعضها البعض ، كما أن كلا منها في حالة تغير مستمر دون أي تدخل بشرى وذلك طبقا لنظام ديناميكي قادر علي التوازن الذاتي و التجدد المستمر و من تضافر هذه الأنظمة المختلفة و تفاعلها يجد المجتمع البشري الظروف و العوامل اللازمة لحياته بيولوجيا و الحفاظ علي استمرارية أنشطته الإنتاجية المختلفة ، و غالبا ما يكون أثر تدخل الإنسان علي عناصر هذه البيئة ضئيلا و ذو صفه محلية نظرا لعدم قدرته علي التحكم في عملياتها الرئيسية و تفاعل عناصرها و مكوناتها المختلفة .

2- البيئة الاصطناعية Man – Made – environment و تمثل هذه المنظومة البيئية حصيلة أو نتاج لتفاعل بين المجتمعات البشرية و البيئة الطبيعية عبر المراحل الزمنية و الذي يتجسد أساسا في العلاقة التبادلية للمواد بين الإنسان و الطبيعة و تشتمل هذه المنظومة علي أنظمة فرعية متعددة تتدرج من أنظمة طبيعية محورة بواسطة الإنسان Man – modified systems إلي أنظمة صنعها الإنسان بكاملها – Man - made systems يقصد بـ Man – modified systems تلك الأنظمة التي كانت موجودة من قبل في الطبيعة و لكن الإنسان قام بتحويرها بحيث تخدم أغراضه علي وجه أفضل و مثال ذلك الأنظمة البيئية الزراعية و تتميز بأنها تخضع لتأثير كل من الإنسان و قوانين الطبيعة و بالتالي فإن قدرة الإنسان علي التحكم في هذه الأنظمة لا تكون كاملة أو مطلقة و يقصد بالـ Man – made systems تلك الأنظمة التي قام الإنسان بتصميمها و بنائها و مثال المصانع و الطرق و المدن .. .. . الخ ......

3 - البيئة الاجتماعية Social environment وتشمل النظم السياسية السائدة و النظم الاقتصادية و الإدارية و النظم الاجتماعية الثقافية .


و تلعب الأنظمة الثلاثة دورا أساسيا في تشكيل سمات و قيم و أهداف كل مجتمع ، وبالتالي تحدد نوعية الآثار التي تترتب علي تفاعل المجتمع مع عناصر البيئة الطبيعية ، لذلك فإن تحديد أهداف ورغبات مجتمع ما يستلزم بالضرورة استخدام أنظمة معينة من أنظمة البيئة الاصطناعية للحصول علي الاحتياجات المختلفة من موارد وقوي وقدرات طبيعية والتي تلزم لإنتاج تلك التوليفة من السلع و الخدمات التي يحتاجها المجتمع لإشباع حاجات أفراده. و في غمار عمليات الإنتاج والاستهلاك هذه تنبعث مخلفات عديدة يتم إرجاعها إلي البيئة الطبيعية. وتمثل هذه المراحل مجتمعة ما يطلق عليه العملية التبادلية للموارد بين المجتمع و البيئة الطبيعية .


مفاهيم بيئية (2) التقييم البيئى للمشروعات

--------------------------------------------------------------------------------

تقييم الآثار البيئية
Environmental Impact Assessment - EIA

تعتبر مهمة تقييم المشروعات بشكل عام نوع من التقدير المنتظم والمستمر لموقف المشروع فى مراحله المختلفة ، حيث أنه منذ بداية التفكير فى المشروع يجرى عليه العديد من عمليات التقييم التى تتخذ شكل اختبارات لتحديد مدى صلاحية المشروع من كافة النواحى (اقتصادية ، مالية ، تسويقية ، فنية)

وكانت الحاجة إلى التنمية الاقتصادية قد ظهرت فى كل من الدول النامية والدول المتقدمة ، على حد سواء ، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وقد كانت المهمة أصعب بالنسبة للدول النامية التى كانت قد نالت استقلالها منذ عهد قريب لتواجه بنفسها مشكلة التنمية فى اقتصاديات مشوهة وتابعة ، لذلك كان لزاما على هذه الدول أن تعمل على تحقيق الاستقلال الاقتصادى حتى تستطيع التحكم فى آليات العملية التنموية. ولم يكن ذلك باليسير دون الأخذ بمهمة التخطيط الاقتصادى الشامل. ويتلخص جوهر عملية التخطيط فى أنها "عملية حصر للامكانيات والموارد المتاحة وتخصيصها بالشكل الذى يمكن من تحقيق الأهداف المرجوة بأقل تكاليف ممكنة".

وقد كانت مهمة حصر الموارد والإمكانيات تمارس بشكل يتعارض تماما مع مفهوم التنمية المستدامة ، حيث كان الإهتمام ينصب على دراسة الموارد التى لها صفة الندرة وبذلك تستبعد دراسة الكثير من العناصر التى لها صفة الوفرة مثل الماء والهواء. ولكن بعد حدوث عددا كبيرا من الكوارث البيئية ونضوب العديد من الموارد والتغير الملحوظ فى نوعية الماء والهواء بشكل أصبح له تأثير مباشر على عملية التنمية ، بدأ الاهتمام بضرورة أخذ هذه العناصر فى الحسبان والتعامل معها على أنها موارد ذات قيمة اقتصادية وتؤثر بشكل مباشر فى عمليات التنمية.

وبدأت نتيجة لذلك تظهر أوجه القصور فى المقاييس التقليدية للنشاط الإقتصادى ، مثل مؤشر الناتج القومى الإجمالي ومؤشر الدخل القومى بوصفهما مؤشرين على الرفاهية. ويرجع ذلك إلى أن هذه المؤشرات لا تعكس بصورة واضحة تدهور البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية ، مما يؤدى إلى تضليل المخططين عند صياغة السياسات الاقتصادية فى الدول التى يعتمد اقتصادها على الموارد الطبيعية بشكل أساسى. وعلى الرغم من أهمية السياسات البيئية البعدية (العلاجية) التى تعنى بمعالجة الأضرار التى وقعت بالفعل ، فإنها لا ترقى إلى أهمية السياسات البيئية القبلية (الوقائية) ومنها عملية التقييم البيئى ، حيث أنه لوحظ أن مصروفات حماية البيئة تنفق حينما يصيب البيئة الطبيعية ضرر واضح لا سبيل إلى إنكارة ، حيث أن هذه المصروفات تحاول تدارك الأضرار التى وقعت بالفعل ولكنها لا تمنعها ولا تستطيع أن تقى البيئة منها ، ولذلك يتعين أن نقارن بين أرقام مصروفات حماية البيئة وبين مصروفات تقدير الأضرار البيئية ذاتها.

وبناءا على ما سبق ، فإن عملية التقييم البيئى لمشروعات التنمية تعتبر وسيلة لتحميل تكاليف الأضرار البيئية إلى الوحدات الإقتصادية المتسببة فيها من البداية وتحقيق مبدأ أن الملوث يدفع الثمن (Polluter Pay Prinicipal -PPP)، مع ملاحظة أن عملية التقييم البيئى لمشروعات التنمية تعتبر خطوة لاحقة لمستويات أخرى من التقييم على مستوى السياسات والخطط ثم على المستوى الإقليمي ثم على المستوى القطاعى

عن واتا