عذرا ً تراب الأرض كيف تطولُ = قدماي وجهُك والفؤادُ شغول
قدماي تمشي في النعال ِتحفظا ً= وأنامُ في فرش ٍوعنك أحول
إن طالَ جسمي منك يوما ًغبرة ٌ= أو إن ّ دربي في التراب ِحمول
النفس ُتجهشُ بالصراخ توترا ً= والقلبُ ينبضُ غاضبا ًويهول
عجبا ًلنفسي كيف تنسى إنها = لتراب ِأرض ٍتنتمي وتؤول
الصدقُ جوهرك العظامُ ولحمها = ورفاتُ موتى في ثراك سيول
قدماي تمشي بالحذاء ِوإنما = أمشي على بدن ٍبلى وأجول
أمشي بزهو ٍوالترابُ ملونٌ = من عظم آدم والعظام ُ تلول
جسمي ترابٌ والترابُ نهايتي = وجميلُ خلقي في التراب ِ حلول
ما فوق سطحُك من عجائب إنما = تنمو بخيرك والعطاءُ شمول
منك الخلائقُ قد علت في وهجها = نظما ًوألوانا ًومنك تعول
كم فيك من حُسن الجمال مسُجع = وعيون ُخضرٌ في فناك ذبول
أنت الترابُ وما سواك فأنه = يبقى ترابا ً إن أبى فجهول
كم فيك من ملك ٍ وصاحب ثروة ٍ = ناموا فرادا واليدان فلول
الحسن ُفيك مع القبيح توائم ٌ= والدودُ يُسعف ُما قذى ويطول
لنهاية المخلوق وحشة تربة = والكلُ تحتك في الظلام جفول
يصحو بقعرك منْ يعيشُ بظلمه = ويفيقُ تحتك جاهلٌ وغفول
يكفيك تبتلع ُالملوكَ ومن لهم = من حافظين ومن بهم مذهول
فصبرْ على عبد ٍ وحقك غافلا ً= عمّا ملكت , عن الردى مشغول
فيك الحياة وتحت وجهك عالم ٌ= والموت فيك وللفناء دخول
فبنيتُ فوقك زائلا ًمن دورها = ومضيت ُأحلم والرجى مجهول
ونسيتُ أبني تحتك الملكَ الذي = يحوي رياضا ًوالرضى موصول
الأرضُ أمّ حيث منها أصلنا = ورفاتنا تبلى بها وتزول
من سطحها يوم الحساب ِ جسومنا = تنمو كزرع ٍوالنفوسُ ذهول
الأرضُ أم والترابُ سماتنا = والقبرُ دارٌ والممات ُ كبول
لو كان للأنسان ذرة حكمة ٍ= هجرَ الصراع ورحمه موصول
عجبي الى الأنسان كيف حياته = تقضى صراعا ًوالصراعُ سجول
حربٌ وأحقادٌ وشرُ أواصر ٍ = غدر ٌوغل ٌوالردى مأمول
هذي الحياة وسوءها من ناسها = والسوءُ في طبع ِالذيل ِ رسول
يا منْ على الرمضاء مُختالا جرى = زهوا ً بنفس ٍما لها مفعول
اعلم بأن ترابها متشوقٌ = في رصّ صدرك والترابُ عجول
قسما ًوحسبك كلّ من داسَ الثرى = يوما ًبقبر للبلاء ِ مثول
إن فزتَ باللذات طول َنهارها = وقضيتَ ليلك في النساء تنول
وملكتَ عزا ً كالملوك بعزهم = وجمعتَ مالا ًوالكنوزُ حمول
وعلوتَ كرسي البلاغة واعظا ً= وجمعتَ آدابا ً لها مدلول
وشربت َمن بحر العلوم ِ ومدها = حتى طفحت بجنيها وتطول
وسهرتَ ليلك َساجدا ًومناجيا ً = وحفظتَ ربك َ والرحيمُ قبول
لا بد يوما ً أن تذوق بلوعة ٍ = قهرَ المنايا , والزمانُ خذول
وتساقُ وحدك للمقابر ِعاريا ً = وتضمّك الأقدارُ والمجهول
وتركت َما لك من بنون َوحاشد ٍ= وخرجت منها والمصير ُ مهول
فاز الذي قد نام َ فوق ترابها = فيطيبُ عطرا ً والقذى مغسول
والله لو لا للحياة مظاهر = وعواذل فيها ترى وتقول
لجعلتُ فرشي والغطاء َ ترابها = وأنام ُدهري في الثرى وأغول