د. زغلول النجار: الزلازل من جند الله.. تطهيراً للمؤمنين وعقاباً للمذنبين
| 15/10/2005
القاهرة – محمد جمال عرفة
أثار زلزال باكستان والهند الذي خلف 60 ألف قتيل وجريح في باكستان وحدها، والذي ضرب بقوة 7.6 ريخترات في منطقة الجبال التي تغطيها الغابات في كشمير الباكستانية بالقرب من الحدود مع الهند واعتبره العلماء أعنف زلزال يضرب جنوب آسيا خلال قرن من الزمن تساؤلات حول أسبابه العلمية والتفسيرات الدينية الأخرى للعلماء للظاهرة.
وعلى حين قال خبراء جيولوجيون بمرصد علوم الأرض: " إن الزلزال الذي ضرب جنوب آسيا، وتسبب في دمار شديد بكل من باكستان والهند وأفغانستان نجم عن ارتطام قارتين هما شبه القارة الهندية وقارة آسيا أو الصفيحة الأوراسية؛ لأن القارة الهندية تتجه شمالاً بمعدل سنتيمترين في السنة مصطدمة بالصفيحة الأوراسية فتتسبب بزلازل كارثية"، اعتبر خبراء آخرون أن الزلازل والبراكين والعواصف.. من جند الله التي يسخرها عقاباً للمذنبين، كما أنها ابتلاء من الله للمسلمين لتكفيراً لذنوبهم ورفعاً لدرجاتهم وتطهيراً لهم.
وحول هذا الجانب الإيماني والعلمي دار الحوار التالي مع الدكتور زغلول النجار العالم المصري:
كثيراً ما يقال أن الزلازل تكون غضب من الله على إفساد البشر وموعظة لغيره.. ولكن البعض يقول: إن ضحايا الزلازل والكوارث يكونون أحياناً من المسلمين أو الفقراء الأبرياء؟
كثيراً ما يسألني الناس هذا السؤال، وقد جاءني بعض الناس، وقالوا: إنهم مسلمون فلماذا أصابهم الزلزال الأخير؟ والحقيقة أن من أصول الإسلام الإيمان بالقضاء والقدر، وإذا تعرض المسلم لشدة من الشدائد وعلاقته بالله طيبة فإنه مطالب بالرضا بقضاء الله، مع التسليم بأن الحوادث التي تعرض لها هي لمصلحته ولخيره - وإن بدت في ظاهرها على غير ذلك-؛لأنه لا يعلم الحكمة الإلهية مما حدث.
وحدوث هذه الكوارث في كثير من مناطق الفقراء والمساكين ليس معناه أنهم كلهم من العصاة، وإن كان لا بد أن يكون من بينهم عصاة، أما الذين يُقتلون أو يصابون بأضرار عبر هذه المحن فقد يكون ذلك ابتلاء من الله لهم تكفيراً لذنوبهم ورفعاً لدرجاتهم وتطهيراً لهم، وقد يكون فيها خير كثير لا يعلمه إلا الله؛ لأننا لو اطلعنا على الغيب لاخترنا الواقع.
والعقاب الإلهي لا ينزل إلا جماعي، ويذهب ضحيته أبرياء ولكن لا أحد يعلم علم الغيب ولا الحكمة الربانية من وراء هذا الأمر، فربما كان الله يسعى للمغفرة لهؤلاء المسلمين الأبرياء ويأخذهم مع العصاة في هذه الكوارث الطبيعية حتى يبعثهم وقد غفر لهم ذنبوهم كلها.. وربما سعى الله أن ينقل لنا هذا المعني في سورة "الكهف" كي يدرك الإنسان تمام الإدراك أن من أخطاء الإنسان أنه يحكم على الأحداث بعلمه هو، وهو علم محدود للغاية ولو اطلع على علم الله كما تحدثنا الآيات في تلك السورة لأدرك تمام الإدراك أن القدر في صالحه، وإن بدت الأمور في غير ذلك، وبالتالي فلا يجوز للإنسان أن يعترض على قضاء الله، وعليه أن يسلم بالقضاء والقدر رضا بما كتب الله، وهذا هو موقف المؤمن.
فمن الذي يتصور أن خرق مركب في عرض البحر هو خير لصاحب المركب؟!! أو أن قتل طفل في عرض الشارع هو خير لوالديه؟! أو أن بناء جدار في قرية أبت أن تضيف موسى وصاحبه فيه خير كثير؟!
وأنا لا أشك لحظة في أن إعصار كاترينا الذي ضرب السواحل الشرقية من الولايات المتحدة، وموجات تسونامي التي ضربت سواحل جنوب آسيا، إضافة لزلزال باكستان أخيراً، كلها تأتي في هذا الإطار، وأنها عقاب الهي للمذنبين و ابتلاء من الله للمسلمين تكفيراً ذنوبهم ورفعاً لدرجاتهم وتطهيراً لهم.
الزلازل والبراكين من آيات الله الكبرى لخلقه مثل الزلزال الأخير الذي حصد أرواح الآلاف.. ما هي الأبعاد الإيمانية في هذه الظواهر الكونية؟
بالنسبة للأبعاد الإيمانية لهذه الظواهر، يقول الإمام علي _رضي الله عنه_: "ما وقع عذاب إلا بذنب، وما ارتفع إلا بتوبة "، وآيات العقاب المختلفة في كتاب الله نزلت كلها ردّاً على ذنوب الناس، ومن أبرز الآيات القرآنية التي تتحدث عن الزلازل ما ورد في سورة النحل حيث يقول ربنا _تبارك وتعالى_:"قد مكر الذين من قبلهم فأتي الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون"،.. وأنا لا أجد ولم أجد وصف أفضل وأبلغ للزلزال من هذا الوصف، والآيات القرآنية التي تتحدث عن عقاب العصاة كثيرة.
فالعقاب يأتي ردّاً على مكر هؤلاء الماكرين؛ فعلى المؤمن أن يعتبر من حدوث هذه الظواهر الكونية، وأن يضعها في الإطار الصحيح بأنها عقاباً للعاصين، وابتلاء للصالحين، وعبرة للناجين.
وبشكل عام فإن كافة الظواهر الكونية، مثل الزلازل والبراكين والعواصف، هي من جند الله، التي يسخرها عقابًا للمذنبين، وابتلاءً للصالحين، وعبرة للناجين، وليس معنى أن نفهم "ميكانيكية" حدوث أي من هذه الظواهر أننا يمكن أن نسيطر عليها أو يخرجها هذا من كونها جنداً لله.
ما هي أبرز الحقائق الكونية عن الإعجاز العلمي في القران التي تتحدث بها في لقاءاتك مع الغربيين؟
في أحد اللقاءات مع رجال الأعمال الغربيين في دبي ركزت على الحقيقة الكونية التي جرى اكتشافها مؤخراً – وسبقهم القران بـ 1400 سنة، وهي إنزال الحديد من السماء وليس خلقه في باطن الأرض كما ورد في الآية:
"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحديد: 25)
فالحديد أكد القرآن أنه أُنزل من السماء إلى الأرض ولم يكن موجوداً بها، وهي حقيقة كشفها العلم الحديث قبل بضعة سنوات فقط، حيث رجم وابل من النيازك الحديدية، والصخرية، والحديدية الصخرية،الأرض، وتحرك هذا الحديد المنصهر - بحكم كثافته الأعلى من كثافة الأرض في بداية نشأتها إلى مركز تلك الكومة منصهرة تحت وطأة حرارة المنشأ التي أتت منه، وصهرت معها كومة الرماد، ورسخت في باطن الأرض.
وفي العصر الحديث فقط ومع تطور علم الإنسان أمكن لنا تسجيل ومشاهدة العديد من حالات سقوط الصخور النيزكية على كوكبنا الأرضي، فخلال عام 1868 تهاوت في بولندا 100 ألف قطعة حجرية في وابل واحد، أما في عام 1912 فتهاوى في هولبروك بأيرزونا وابل من 10 آلاف قطعة، وآخر في الاتحاد السوفيتي عام 1947.
ومن الأمور الأخرى التي تحدثت عنها آية "البحر المسجور" التي وردت في القران الكريم، والتي تعني وجود حمم مصهورة في أسفل المحيطات لا هي تصعد لأعلى فتسخن المياه ولا مياه البحر تبردها؛ لأن الغاز الساخن الناتج عنها عندما يتبخر لا يعلو و"يسجر" ويبرد فيعود مرة أخرى إلى أسفل، وعندما يبرد الماء الطبقة العازلة بين هذه الحمم والماء، يسخنها الغاز مرة أخرى فلا تنطفي هذه الحمم بفضل الله ما يكشف عظمة الخالق _سبحانه وتعالى_ عندما أقسم بالبحر المسجور.
أيضاً حدث في أحد المرات أن كنت أجلس مع بعض الجنرالات الأمريكان السابقين في ضيافة رجل أعمال سعودي، وكانوا يريدون معرفة بعض الأمور عن الإسلام، ولاحظ أحدهم أنه كلما دخل شخص عرفه عليهم رجل الأعمال السعودي بأنه "أخو فلان " أو ابن أخي فلان أو ابن أخت أو ابن عم، فاستغرب هذا التلاحم الأسري واحترام الأجيال للكبار، خصوصاً عندما كان البعض يقبل يد أو رأس الكبار خلال الجلسة!
فتأثر الرجل بشدة لهذا التلاحم وتأثير الإسلام على أخلاق المسلمين في التراحم وصلة الرحم واحترام الكبير، وروى وهو يكاد يبكي أن له ابن وابنة انفق كل ثروته على تعليمهما، ومع ذلك تركاه وحيدا ولا يزورانه حتى أنه يكاد يطير فرحاً عندما تصله بطاقة معايدة بأعياد الكريسماس من أبنائه رغم أنهم يطلقون عليه فيها اسم " الرجل العجوز" (old man) ولا يقولون له: "أبي"، وانتهي الأمر بالرجل عندما رأى هذا السلوك الجيد العملي من المسلمين للتحول للإسلام.
كيف نتعامل مع العداء المتزايد للإسلام، خصوصاً عقب أحداث 11 سبتمبر؟ وهل تعتقد بإمكانية نجاح ما يسمي حوار الأديان أو حوار الحضارات؟
ما زلت أعتقد أن أحداث 11 سبتمبر مؤامرة غربية / صهيونية بضرب الإسلام واحتلال أراضيه كما حدث في العراق وأفغانستان ويخططون حالياً للسودان وغيره، رغم كل ما يقولونه عن مسؤولية المسلمين عنها، وهناك تقصير شديد من جانب المسلمين في التبليغ والدعوة ونقل علوم الإسلام لغير المسلمين، وبالمقابل نحن نترك غلاة اليهود والنصارى يسيطرون على العالم وقوى صنع القرار به وتوجيهها نحو تشويه صورة الإسلام واتهامه بالإرهاب.
ورأيي أن الحوار مع الناس العاديين في الغرب أجدى وأنفع من الحوار مع رجال الدين؛ لأن المواطن الغربي العادي على الفطرة بعكس رجل الدين الذي يسعى للحفاظ علي مكانته ومزاياه وكيانه.
انتشرت مؤخراً أقمار الفضاء العربية التي تهدف إلى إطلاق قنوات للأغاني والفيديو كليب والترفيه عموماً، وبالمقابل انتشرت أقمار التجسس الصهيونية حتى بلغت ستة أقمار.. ما سر عدم وجود برنامج عربي حقيقي ومفيد للفضاء؟
ليس هناك برنامج فضائي عربي واضح ومفيد، وما هو موجود مجرد فضائيات للهو والغناء والهاء الناس، حتى أصبح لدينا قنوات للغناء والطرب والرقص الخليع المسمي الفيديو كليب، بل ونتبارى في إطلاق هذه القنوات عبر برامج فضائية إعلامية عربية ولا نلتفت لما يفعله الأعداء بنا ويتربصون بنا من خلاله من برامج فضائية للتجسس وأخري عسكرية لقتالنا والقضاء علينا.
والفضائيات الحالية الهاء للشعوب وفي مصلحة الحكام بحيث يسعى كل حاكم لإمضاء مدة حكمه بأي صورة دون أن يسعى للتطوير وتنمية القدرات العربية العلمية والتكنولوجية، والشعوب في لهو بسبب هذه الفضائيات، في حين يتسلح الصهاينة بالأقمار للتجسس علينا والاستعداد لحروب المستقبل.
نحن نحيا الآن في عصر المعلومات وحجم المعرفة بالكون ومكوناته يتضاعف مرة كل خمس سنوات تقريباً وتقنيات المعرفة العلمية تتجدد كل ثلاث سنوات تقريبًا، وهذه الثورة العلمية والتقنية المتسارعة تحتاج إلى قيم روحية عليا وضوابط أخلاقية وسلوكية صحيحة، وإلا فإنها قد تؤدي إلى دمار الإنسانية، والمسلمون مطالبون بألا يتخلفوا عن العصر، فلا بد وأن يأخذوا بأسباب التقدم العلمي والتقني؛ حتى يتمكنوا من وضع الضوابط الأخلاقية والسلوكية للإنسان في عصر تفجر المعرفة الذي نعيشه.
ولو تركنا هذا التقدم المعرفي بأيدي غير المسلمين فإنهم سيقضون على البشرية من خلال اختراعاتهم وتسارع تقنياتهم، وفي نفس الوقت إذا تخلف المسلمون عن الركب فلن يسمع لهم أحد وهم حملة آخر الرسالات السماوية.

من موقع المسلم
http://www.almoslim.net/node/86736