الدمع رتّل وحْي الحزن في الورق=والنبض صلى على سجادة الأرقِ
ما بال دمعك -يا ليلى- غوى مدني؟!=والدمع من كلمات الله في الحدقِ
يصغي إليك دمي والوقت ساقية=تروي الفراق بدمع الناس والعرقِ
ليلى، يقولون: "ليلى بالعراق.."، فهل=رأوك بالقدس تحت النار في الطرقِ؟!
وفي قصور بلادي غيرَ مالكة؟=وبيننا الجندُ عند السور والنفقِ؟َ!
أقسمت إن يمين الشعر عاجزة=فلا تريقُ سوى الأحبار في الورقِ
وأزعجتني صلاة الشعرِ؛ حيث دمي=وضوؤها، وصلاتي ركعتا قلقِ
ولستُ أملك من ليلى سوى صور=وذكريات بلا مأوى ولا نسقِ
في الليل كانت سرير الروح، كلمتها= تشفي الرياح بترياق من العبقِ
تميس مثل زهور الخلد في خطَرٍ=يضوع منه بياض -في المساء- نقي
رسالة هي من وحْي الدموع، ومن=رَوْحٍ، وريحانها في محنتي رمقي
ليلى تلتْ في دمي سعدي، وكنت أنا=طفلاً، وبُهمِيَ أرعاها على الطرقِ
كانت –إذا خفتُ- تسقيني معيّتها=في هدأة الحقل، أو في ضجّة الرفقِ
كم داعبتني أيادي صيفها حدبًا=بضوء نجمٍ تربّى في سما الحدقِ
ويسرق الماء من نجماتها عددًا=في جدول ليس ينسى مركبي الورقي
وتزرع الحلم في نومي شموسَ رضا=وياسمين هدى يوصيك بالخلقِ
وتغسل الناس والدنيا بطيبتها،=كالنهر بالطهر، والفلاح بالعرقِ
فكنت أسمع صوت التين تنضِجه=تلاوة الصيف في كفَّيك مثل تقي
"وقل أعوذ برب الناس" تلبسني=صبحًا يُعَزُّ بتعويذ من "الفلقِ"
كانت ملامحها ريفية، حلفت=أني ابنها.. قيسها.. هل أيُّ شيء بقِي؟!!
***=***
لما حزمت إلى التغريب أمتعتي=كانت يغلّف قلبي طمْيُها ويقي
لكن يطول زمان البعد؛ كيف لها=أو لي بجوهر صبر مات من قلقي؟
ما أصعب الوقت في بيتي وقد رحلت=أو قل: "رحلْتُ، رفيقي ذلّة الغسقِ"
الآن صار جميع الكون من ألم=والزاد محبرتي، والدار من ورقِي
ليلى، أفتّش عن عينيك في مدني=وغربتي البحرُ تأبى لي سوى غرقي
تاهتْ خطى الصبْح عن بيتي وفي يدها=لجام فارسك المعصوب في نفقي
ليلى، (وقلبك تاريخي ومملكتي=ودرة التاج) تاجي شبه محترِقِ
ما زلت أذكر طمْي الريف رائحةً=والفجر يقرأ سحر الصيفِ في الحدقِ
ما زلت أذكر أيامي، فهل نسيَتْ=عيناك أيامها في زحمة الغسقِ
الشعرُ يكفي؟! معاذ الحقِّ؛ إن دمي=حقٌّ لمجدك يا ليلى الحنينِ.. ثقي