السلام عليكم مسرحيه حضرتها مع زوجي أبو فراس اشجع الجميع عىل حضورها:
وهذا تقرير جاهز وجدته عبر النت:


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
«لا يملك الباحث في تاريخ التجربة المسرحية العربية إلا أن يدهش وهو يلاحظ سقوط معظم محاولات إنهاض الحركة المسرحية في مستنقع الكوميديا الرثة...

وما يثير الدهشة أننا وعلى الرغم من شيوع الهزليات والمهازل على خشبات مسارحنا، نفتقد الكوميديا المحقة، تلك التي استحق عليها «داريوفو» جائزة نوبل في 1997..».


هذا ما قالته «نازك الأعرجي» في مقدمة مقالتها النقدية «.. بانتظار مهرج محترم»، وما جعلني أستعير هذا الكلام هو ذلك الإحساس




بالإحباط الذي أصاب الكثيرين ممن تابعوا عمل «أيمن زيدان» القديم- الجديد «سوبرماركت» لجهاره ووضوحه في انتمائه لما سنشير إليه بـ«المسرح التجاري»، منذ الدخول الأول للفنان «أيمن زيدان»،

ومع تقدم العمل كان واضحاً ذلك التركيز على استثارة الضحك بالطرق وبالأدوات المعروفة التي نشاهدها في المسرح التجاري، الذي لا يكترث بتفاصيل بنية العمل المسرحي، التي لا تختلف بين التراجيديا والكوميديا، كبناء الشخصيات والحبكة والتطور الدرامي للأحداث والشخصيات ومستويات «الصراع»،

بقدر ما تركز على الاستعراض في الحركة والكلام والمباشرة و«التهريج» والمبالغة في الفعل وردة الفعل بشكل «كاريكاتوري» وغيرها، لاستفزاز الضحك، هي نفسها أدوات الكوميديا بأنواعها، ولكن التي لم توظف في «سوبر ماركت» لأداء الهدف الذي أراده «داريوفو» من عمله،

ولكي لا نغوص كثيراً في تفاصيل تحتاج إلى نقاد متخصصين في المسرح، كان ما قدمه «زيدان» يشبه ما ألفناه، كمتلقين، في مسرح «محمود جبر، ومحمد صبحي، وهمام حوت..» وآخرين من الذين تعج المسارح الخاصة بهم على امتداد الوطن العربي، والذين لم يخلُ النقد «السياسي» من أعمالهم،

وأهم أداة من أدواتها وجود «نجم مضحك» أو قادر على استثارة الضحك، وهذه ليست مهمة سهلة، أو بسيطة، ولها جمهورها العريض الذي يوازي جمهور كرة القدم، وهذا ما يفسر استمرار العروض التجارية أو «المضحكة» لأكثر من موسم رغم ارتفاع سعر التذكرة، حتى لو كانت المسرحية لا تكترث بقوانين صناعة العمل المسرحي «فنيا»،

لأن ما يبحث عنه المشاهد في هذا المسرح هو «الضحك» ولا شيء آخر، ليكون الفرق بين الكوميديا التي تقدم في المسرح التجاري و«الكوميديا» في المسرح الجاد كالفرق في الأغنية السياسية بين أغنية «أنا بكره إسرائيل» وأغنية «لمارسيل خليفة» رغم تهافت الجمهور على الأولى، والسبب يعود إلى الاختلاف في توظيف «الضحك» الذي هو هدف بحد ذاته في المسرح التجاري في حين عند «داريوفو» هو وسيلة لاستفزاز المتلقي ليأخذ موقفاً ضد الظلم،

و«سوبر ماركت» لم تترك ذلك الأثر ولم تلعب هذا الدور، لكنها في الوقت نفسه جعلتنا نحس بأننا قد نكون أخطأنا كثيراً بعدم الاهتمام بالمسرح التجاري، بعدما شاهدنا كم يصبح مهما إذا قدمه نجم و«ساخر» مثل «أيمن زيدان» مع ممثلين محترفين قادرين على بث البهجة،

ولكن: هل هذا حقا ما نريد أن نراه ونعيشه على مسارح «القومي»؟ أعتقد أن «سوبر ماركت» هي إشارة تحذير واضحة لنتجنب الخطأ الذي قد يحصل إذا ما اعتبرنا أن «مهمة المسرح» الذي يدرسه الطلاب في معهد متخصص لأربع سنوات، هي فقط جلب الجمهور «بالضحك»، والوقوع في مطب تحول المسرح «الجاد» إلى «مسرح تجاري» تحت هدف نبيل: البحث عن طريقة لإعادة الجمهور إلى المسرح، وننسى أن نعمل على السبب الذي جعل المسرح يتراجع،

وهي المشكلة التي لفت إليها النظر الفنان «أيمن زيدان» في المؤتمر الصحفي الذي عقدته مديرية المسارح عندما قال: إننا خلال ما قدمناه في المسرح، أسقطنا من حسابنا «المشاهد والمتلقي» وأنه يجب إعادة النظر بأدواتنا وتطويرها لكي نعرف ماذا يريد هذا الجمهور..!

والجواب قد لا يكون صعبا، ولكن ليس إذا حددنا «أي جمهور»، لأن جمهور «المسرح التجاري» لا يريد إلا أن يضحك، وهذه ليست مهمة سهلة كما قلنا، لكنها ليست هدفا يبحث عنه «جمهور» المسرح «الجاد» الذي يرتاد المسرح «القومي»، ولم يسعف العمل أن جذوره تعود إلى مبدع أجنبي وحاصل على جائزة نوبل، ما جعلنا نطرح مشكلة «الإعداد» بقوة، وغيرها من التي يجب أن تكون مجال بحث وإعادة تقييم لما نريده من «المسرح»: كدارسين ومهتمين وكجمهور ومتلق والأهم كمديرية مسارح يعول عليها أو من واجبها دعم مشاريع «المسرح» الأكاديمي الذي استعرناه من الغرب والذي مازال يعاني في بلادنا العربية من عدم القدرة على صنع خصوصية، ولم يستطع خلال المئة والخمسين عاماً على ظهوره أن يخلق لنا «يوربيدس أو ابسن أو داريوفو».

المسرح الشعبي عند «داريوفو»:

لم يصدق «داريوفو» أن مسرحه الهزلي «الشعبي» سينتزع جائزة «نوبل»، فالعالم كان دائماً ينظر إلى «الكوميديا» على أنها في الدرجة الثانية بعد «التراجيديا» التي كانت أساس المسرح الإغريقي الذي اعتمد على «الفلسفة»، لكن «داريوفو» وبحصوله على جائزة نوبل خطف اعتراف المجامع الثقافية العالمية بها، وأثبت قيمتها ومكانتها وأهميتها بأسلوبه الذي يمزج بين الضحك والجد فيفتح العيون على «الظلم والفساد» في المجتمع،

ومع أن كافة أعماله لها علاقة بالسياسة إلا أنه لم يتكلم عن السياسة بشكل مباشر، وهو المعروف بأنه ناشط سياسي هاجم النظام السياسي الإيطالي والحكومات الرأسمالية، لم ينتم إلى أي حزب ولكن كان يساريا، ويقول: «لا تهمني السياسة بقدر ما يهمني البحث عن العدالة.. وكل ما آمل أن أفعله هو توريط الجمهور في الإحساس بالسخط ضد الظلم، ليس عبر منشورات سياسية ولكن عبر «تسلية» تتصف بشيء من «الرفعة» والأناقة»،

وكما وصفه بيان الأكاديمية السويدية بأنه مثل: «المهرج الذي يخطف السلطة ويعيد للمستضعفين كرامتهم» ووصف مسرحه، الذي كان يذهب به إلى القرى والمعامل، بالتحريضي، ووصف هو بـ«المهرج الفج والعنيف وغير المؤدب». اعتمد في أعماله على «كوميديا ديلارتي» وحطم الجدار الرابع كما فعل بريخت، وقصصه: «..تتركز على موضوع التوتر الحاصل بين «الحرية والتعسف»، بدلا من الإعلان الصارخ والمباشر عن معارضته للظلم الاقتصادي، ومن ثم يوزع ذروات العمل الكوميدية حيث تتوافق مع تحرر الضحية من العبودية، وهكذا يرتبط الضحك في ذهن المتفرج بهزيمة الطغيان..» فهل استطاع «أيمن زيدان» في «سوبر ماركت» أن يفعل ذلك؟

مقاربة:

لم يتخل «أيمن زيدان» عن شخصية و«كاركتر» «جميل» التي قدمها في مسلسل «جميل وهناء» والتي أصبحت مرتبطة به في كافة أعماله الدرامية التلفزيونية إن كان مديرا عاماً أو وزيرا، حتى في العمل المأخوذ عن الإيطالية، أما «شكران مرتجى» فهي الشخصية التي ترتبط بأذهاننا في حال ذكرنا اسمها،

مع الاستعانة بشخصية وأدوات «هناء» الزوجة، وكانت «أسيمة حسن» نسخة عن «شكران» بطريقة كلامها وردات فعلها، أما «محمد حداقي» فقد لعب في العمل خمس شخصيات «مختلفة» واستطاع ببراعة أن يرفع شحنة الضحك إلى درجات عالية. وبغض النظر إذا كان «زيدان» يريد من العمل أن يصل إلى «التثوير أو التنوير أو التطهير» إلا أن المشاهد لن يتذكر بعد خروجه من العرض إلا أنه «ضحك».

ومن أجل إضفاء الصبغة «الجدية» السياسية على العمل لم ينس «زيدان» أن يسخر من «المعارضة» بجملة واحدة (حاجي تحكي متل المعارضة)، وأن يهزأ من «الشيوعيين» بجملة واحدة أيضاً عندما طلب من لويجي خلع الـ«شرطوطة» الحمراء التي كان يلبسها على رأسه كدلالة على أنه شيوعي،

في الوقت الذي لم يدن أحزابا أخرى، ولم يقف مع أحزاب أخرى، وهزئ من «النقابات» ومن «الصحافة» أيضاً بجملة: (قيمي هل الكذب من خلقتك) ولم ينس أيضاً أن «يدين» التجار، و«يشجب» الفساد، الذي يعتبر كلمة «مبهمة» وفضفاضة وعنكبوتية وغير محددة لا رقما ولا شكلا. كل تلك القضايا الإشكالية استحضرت بجمل قصيرة عابرة مباشرة، وساخرة، ما أوحى بعدم جدية الطرح، والتي تجاوزها بنجاح في المشهد الأول

والسبب قد يعود إلى «الإعداد» الذي لم يعدل كثيراً على المشهد، الذي لاقته بقية المشاهد عندما يقع المبدع في «فخ الإعداد» لنص سياسي حياتي يختلف عنا كثيرا، حتى ولو كان فيه تجار وفاسدون، وبالتالي الصعوبة التي يلاقيها في إسقاط مسرحية «داريوفو» على واقعنا السياسي تحديدا الذي لن نقول إنه غير نشط أو غير واضح الملامح أو موجود، ولكنه لا يشبه ما قد يجري في «ايطاليا»، عندما كان «داريوفو» ناشطا يساريا، واليسار هناك مرتبط بالنقابات التي لها ثقل ووزن وشكل آخر غير الذي نعرفه عندنا.

جمهور المسرح هو «حشد عارض»:

في المؤتمر الصحفي الذي أقامته مديرية المسارح تم التأكيد على عودة الجمهور إلى المسرح واستغرب الدكتور عجاج سليم من استمرار عرض مسرحية في المسرح التجاري لشهور وعدم تمكن المسرح القومي من إنتاج مسرحية تجذب هذا «الجمهور» الذي يعتبر جزءا مهما من العرض المسرحي،

وحسب الدكتور «حميد صابر»: (..العملية المسرحية بلا جمهور هي مهزلة كما يقول «سارتر»! ولا يحقق المسرح على رأي «اليكس بوبوف» عرضانيته إلا بالمتلقي الفاعل!!.. وكان «كروتوفيسكي» يجلس على شباك التذاكر وينتقي الجمهور، لأنه وعلى رأيه في كتابه «المسرح الفقير» يبحث عن متلق بحاجة إلى حميمية وبحاجة إلى أن يجد في مسرحنا علاجه..

وهو في واقعنا العربي «حشد عارض»)، أي ليس فعالا أو منفعلا. ولكن هل يستطيع المسرح الجاد والأكاديمي أن يكون جماهيريا؟ قد يكون، ولكن علينا أن نتفق بأن جمهور المسرح في أوروبا والعالم هو جمهور «نوعي» مثل جمهور الأوبرا أو الموسيقا الكلاسيكية أو الفن السريالي، وما أصاب المسرح السوري هو فقدانه لهذا الجمهور «النوعي»، الذي يصبح فعالا في انتعاش الإنتاج المسرحي، مثل جمهور المسرح التونسي، على سبيل المثال.

والسبب أن مبدعي المسرح ليس فقط لم يستطيعوا إدخال هذا «الجمهور» إلى عالمهم، ولكن تسببوا بتراجع نسبة هذا الجمهور «النوعي»، لتكون أزمة الجمهور هي أزمة منبثقة عن أزمة «الإبداع» لافتقارنا إلى مبدعين حقيقيين وصادقين تجاه هذا الفن إلا بحالات فردية لم تستطع أن تحدث فرقا.

بالإضافة إلى أزمة «إدارة» ساهمت في زيادة الخلل عن طريق منح فرص العروض لمحظوظين مقربين منها، في ظل غياب استراتيجية للعمل، كأن نشجع النص العربي أو المحلي على سبيل المثال، وخلال عقدين من الزمن فقد هذا الجمهور ثقته بالمؤسسة وفقد ثقته بـ«المبدع» المسرحي الذي ساهم في توسيع الفجوة بين المسرح والجمهور وكرس «الإبهام» وعدم الوضوح في عمله ووسائله وأدواته الإبداعية ومرجعياته، بغياب كامل للنقد «المنهجي» فازددنا بعدا عندما كنا لا نفهم ولا نستمتع بما يجري على الخشبة.

أما في «المسرح التجاري» فلا وجود لمشكلة «الجمهور» والسبب يرجع إلى أن هذا الجمهور هو حشد «فعال ومنفعل»، لأنه يعرف قوانين اللعبة المسرحية التي سيذهب إليها، وهو بطبيعة الحال مسرح غير معقد ولا يطرح أسئلة وجودية أو فلسفية، ولكن يركز على تفاصيل حياتية بشكل بسيط ساخر،

ويعرف المتلقي مسبقاً بأنه سيرى النجم الفلاني الذي سيضحكه وسيحكي له طرائف جديدة وسيقدم له استعراضا سيكون راضيا عنه، حسبما أكد له جيرانه وأصدقاؤه الذين حضروا العمل، وهذه الفسحة من «التسلية» و«الضحك» يريدها المتلقي «غير النوعي» ويسعى إليها لأنها تمنح الاسترخاء والتسلية والمتعة،

وهذا لا يعني أن «المتلقي النوعي» يرفضها ولكن يريدها مؤثرة في طريقة مسرح «داريوفو».. وحيث إننا لم تتح لنا فرصة حقيقية أن نتعرف على «داريوفو» وغيره من المبدعين الأجانب ولم نشاهد مسرحهم كما جاء في النصوص الأصلية باستثناء تجارب قليلة، لعب «الإعداد» دوراً سيئا عندما أوقعنا في متاهته التي كانت تلغي «خصوصية» وهوية النص والكاتب في عمليات الإعداد التي كانت تجري على النصوص المترجمة، فتحذف مشاهد أو شخصيات وتضيف أخرى حسب رؤية المخرج، الذي قد يفوز بلقب «مخرج» بعد العمل الأول، وإذا كان طالب المعهد «محظوظا» فسيحظى بهذه الفرصة بعد تخرجه مباشرة، وهذا سبب آخر زاد من المسافة الفاصلة بين الجمهور والمسرح..



الوطن

http://www.chamtimes.com/art/art-cinema/10-1-1.