هل نقول وداعًا لثقافة القراءة؟.. د. أحمد أبوزيد


لماذا تنصرف الأجيال الجديدة عن القراءة، على الرغم من كل ما تنفقه الدول على مشاريع نشر عادة القراءة بين مختلف فئات العمر؟ ومتى بدأ التشاؤم حول ثقافة مستقبل القراءة؟ وإلى أين ينتهي؟

في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات في كل أنحاء العالم منادية بضرورة العمل على نشر عادة القراءة بين مختلف فئات العمر، كما تخصص الدول والمنظمات الدولية أموالاً طائلة وتبذل جهودًا جبارة لتحقيق ذلك الهدف، وبخاصة فيما يتعلق بتنشئة الأطفال منذ الصغر على حب القراءة والإقبال عليها بحيث تصبح عادة تلازمهم طيلة حياتهم، وعنصرًا أساسيًا في تكوينهم الذهني والاجتماعي العام ومطلبًا أساسيًا في حياتهم اليومية على اعتبار أن القراءة ترفع من قيمة الإنسان ومن مكانته في المجتمع وترتقي بتفكيره ووجدانه مثلما تساعد على إقرار التفاهم والتقارب بين البشر، ترتفع أصوات أخرى تحذر من تزايد انصراف الأجيال الجديدة عن القراءة مما قد ينذر بأن القراءة الحرة المطلوبة لذاتها ومن أجل المتعة الذهنية والروحية لن تكون إحدى السمات الأساسية المميزة لإنسان الغد وعالم المستقبل وأن هناك ثقافة أخرى بديلة تتكون الآن وتعتمد على وسائل تكنولوجية أكثر حداثة في مجال الاتصال والحصول على المعلومات والمعرفة وتزحف بقوة طاردةً فعل القراءة إلى هامش النشاط اليومي بل وإلى هامش الحياة ككل . ومع أننا لانزال نقرأ ونكتب فإن الكثيرين في الخارج يشكُون في أن ثقافة القراءة لاتزال تؤلف سمة أساسية من سمات المجتمع المعاصر، وأن الكلمة المقروءة لاتزال تلعب في حياتنا وفي تشكيل تفكيرنا الدور نفسه الذي كانت تقوم به حتى عقود قليلة مضت وحتى لو فرضنا أنها لاتزال تحتفظ ببعض ذلك التأثير في الوقت الحالي فليس هناك ما يضمن استمراره في المستقبل.

قُرَّاء هاري بوتر.. أملٌ كاذب؟!

وقد تكون هذه الشكوك حول مستقبل ثقافة القراءة قديمة بعض الشيء وكثر الحديث عنها في بعض الأوساط الثقافية في العالم ولكنها أثيرت أخيرًا بقوة في عدد من الكتابات في الخارج بمناسبة صدور الجزء الأخير من سلسلة كتب هاري بوتر الشهيرة وما تلقاه من إقبال ونجاح غير مسبوقين في عالم النشر والقراءة في الغرب المتقدم الذي تقوم حضارته - في بعض وجوهها على الأقل - على القراءة التي تعتبر مصدر اعتزاز وفخار له. فقد أحدث صدور تلك السلسلة من الكتب هزة قوية في النظرة إلى مستقبل القراءة إذ تم توزيع ما يزيد على 325 مليون نسخة في العالم وهو أمر يبشر - في ظاهره على الأقل - بمستقبل باهر للقراءة بين الأجيال الصاعدة. ولكن في مقال نشرته جريدة نيويورك تايمز الأمريكية بتاريخ 11 يوليو 2007 بمناسبة صدور ذلك الجزء الأخير يقول الكاتب موتوكو ريتش Motoko Rich إن الإحصائيات تشير إلى أن أعداد الذين يقرأون من أجل المتعة الذهنية والراحة النفسية والمعرفة لذاتها تتناقص تدريجيًا بشكل واضح، حتى بين الأشخاص الذين كانوا يقبلون بشراهة على هاري بوتر بعد أن تجاوزوا مرحلة الطفولة والصبا وأصبحت لهم اهتمامات أخرى غير القراءة بحيث إن نسبة الذين يقبلون على قراءة الكتب الآن بين الشباب تكاد تكون مساوية للنسبة قبل ظهور السلسلة مما يعني أن هذه الكتب لم تفلح في غرس عادة القراة لدى الأجيال التي عاصرتها وعايشتها طيلة سنوات النشأة الأولى التي تعتبر هي الفترة الملائمة لتأصيل القدرات ومنها القدرة على مواظبة القراءة بحيث تكون عنصرًا أساسيًا في تكوين الشخصية. وهذا إخفاق يدعو إلى مزيد من التشاؤم حول مستقبل ثقافة القراءة التي ميّزت الأجيال السابقة.

والمسألة هنا ليست مسألة عدد الأفراد الذين يقبلون على القراءة أو ينصرفون عنها بقدر ما هي مسألة تغير النظرة إلى القراءة كمكوِّن أساسي في النسق الثقافي العام الذي يعطي المجتمع شخصيته المميزة، بحيث يمكن وصفه بأنه مجتمع قارئ، يعتبر القراءة عاملاً جوهريًا في تحقيق ذاته وتحديد ملامحه. وقد تكون الكتابة اختراعًا حديثًا نسبيًا في تاريخ الجنس البشري وأن القراءة لم تصبح ظاهرة مميزة للمجتمعات المتقدمة وهدفًا مطلوبًا لذاته إلا منذ أحيال معدودة فقط ولكن تحقيق ذلك الهدف أمر صعب للغاية ويتطلب بذل كثير من الجهد والمثابرة والوعي لدرجة أنه لاتزال هناك مجتمعات كثيرة تفتقر إلى وجودها كظاهرة ثقافية واجتماعية راسخة. ومع ذلك فإن القراءة - على ما يقول دان سبربر Dan Sperber - ظاهرة وجدت لكي تستمر وتبقى بالرغم من الصعوبات التي تواجهها وأن المردود الاجتماعي والإنساني بل والاقتصادي يبرر كل ما يبذل في تحقيقها من مال وجهد ووقت، وذلك على الرغم من كل الشكوك التي تثور الآن حول مصيرها ومستقبلها في ظل المتغيرات الحديثة واعتقاد الكثيرين أنها تكاد تصبح شيئًا من مخلفات الماضي وأنه سوف يأتي اليوم الذي يعكف فيه الأنثروبولوجيون على دراسة الكتب كأحد الرواسب التي تشير إلى ثقافة بائدة في تاريخ التطور البشري وذلك حين ينجح (المتبربرون) المحدثون في الاستيلاء على المكتبات وتحويلها إلى مراكز للمعلومات على ما يقول جورج كور George Core في مقال طريف عن «الدوريات ومستقبل القراءة» نشره في مجلة فرجينيا ريفيو (صيف 2003)

تشاؤم مبكِّر

والواقع أن نبرة التشاؤم حول مستقبل ثقافة القراءة كانت بدأت ترتفع منذ عقود كثيرة بحيث نجد على سبيل المثال أن كاتبة روائية في حجم فرجينيا وولف تقول في مقال لها بعنوان How Should One Read a Book نشرته في مجلة Yale Review عام 1926 «إنه لن يثير دهشتنا بحال أن نكتشف يوم الحساب في العالم الآخر الذي تهتك فيه الأسرار وتنقشع الغيوم عن الأمور الغامضة أن الدافع الحقيقي وراء خروج الإنسان من سكن الكهوف ونبذه القوس والسهم وجلوسه للتسامر حول النار وتشييده للبيوت والمجتمعات على الأرض الخراب في كل أنحاء العالم لم يكن سوى الوصول إلى القراءة». والإنسان القارئ في رأيها هو الشخص الذي يلتهم كل ما يقع تحت يده من مادة مطبوعة سواء أكانت على غلاف علبة الغذاء أو تذكرة الأوتوبيس أو في صفحات المجلات والكتب ولكن يبدو أن هذا كله في سبيله إلى التراجع، وأن ذلك قد يؤدي إلى اختفاء الإنسان المثقف العام. وما قالته فرجينيا وولف منذ ما يزيد على ثلاثة أرباع القرن لايزال يجد له صدى في كثير من الكتابات المعاصرة مع ازدياد حدة نبرة التشاؤم. ولقد كان الحرص على اقتناء الكتب في وقت من الأوقات مظهرًا من مظاهر الرقي الذهني والاجتماعي ومثارًا للزهو والفخر والتباهي وبخاصة بين العائلات العريقة في كثير من الدول ولايزال الأمر كذلك إلى حد كبير على الرغم من شحوب المناخ الثقافي الذي كان يسود في تلك العقود. والمسئول الرئيس عن الوضع الحالي هو (الشاشة) سواء أكانت هي شاشة التلفزيون أم شاشة الكمبيوتر أم الشاشة الفضية (السينما).

ويزداد الوضع خطورة في المجتمعات الفقيرة المتخلفة التي تكاد تكون محرومة تمامًا من وجود أي نظام متماسك للتعليم الصحيح وتفتقر في الوقت ذاته إلى وجود المادة الكافية من النصوص المطبوعة التي تدعو إلى القراءة وذلك على افتراض وجود أعداد مناسبة من المتعلمين الذين تتوافر لديهم الرغبة والقدرة والإرادة للقراءة الحرة البعيدة عن احتياجات الحياة اليومية أو متطلبات العمل الرسمي. وللكاتب الروائي النيجيري صاحب جائزة نوبل وول سوينكاWolle Soyinka عبارة دقيقة ذات دلالات بعيدة ومغزى عميق يقول فيها إنه ينتمي إلى جيل ضائع لأنه جيل يعتقد أنه كتب كثيرا ولكنه لا يجد له ما يكفي من القراء.

ولقد شهد القرن العشرون جهودًا جبارة متواصلة لنشر ثقافة القراءة في كل أنحاء العالم.

دور اليونسكو

لعبت اليونسكو في ذلك دورًا كبيرًا - في نشر التعليم في العالم الثالث وإنشاء المكتبات وتنفيذ مشروعات عديدة لإصدار طبعات رخيصة من الكتب المهمة بل في مختلف فروع المعرفة - والأمثلة على ذلك كثيرة ومعروفة في عالمنا العربي نفسه. وقد ازداد الأمل مع بداية القرن الحادي والعشرين في تطوير القدرات التي تساعد على القراءة كمًا وكيفًا وتحقيق نتائج إيجابية تتناسب مع ضخامة حجم الإنفاقات على التعليم والمناهج التي يفترض أنها ترسخ عادة القراءة بين مختلف فئات العمر. إلا أن البحوث التي أجريت عام 2001 من خلال منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديةOrganization for the Economic Cooperation andDevelopment (OECD) في ست وثلاثين دولة لتقييم مستويات القدرة على القراءة الواعية وفهم المسائل السهلة وصياغة الفروض البسيطة واستخدام المعلومات في حل المشكلات اليومية بيّنت أن هناك فوارق هائلة وتفاوتًا رهيبًا في تلك المستويات بشكل يدعو إلى الأسى والشعور بالإحباط، مما يستدعي ضرورة البحث عن حلول جذرية لتضييق الفجوة الواسعة في القراءة بين مختلف الشعوب من ناحية، وشتى القطاعات داخل المجتمع الواحد من ناحية ثانية، مع العمل على تطوير الأساليب والطرق التي تتبعها تلك المجتمعات في محاولاتها نشر ثقافة القراءة والقضاء على المقاومة التي تواجه هذه الجهود.

الرُّقي والقراءة الصامتة

ولقد كان اختراع الطباعة عاملاً أساسيًا وفارقًا في قيام ثقافة القراءة كمنظومة متكاملة من السلوك والقيم ووسيلة للمعرفة وأسلوب للحياة والتفكير ورؤية الأشياء والتواصل مع الآخرين والانفراد الذاتي مع أفكارهم دون أن يكون هناك اتصال فيزيقي مباشر بينهم وهو مالا يتوافر في الثقافة الشفهية التي سادت عصورًا طويلة قبل اختراع الكتابة ثم الطباعة. بيد أن ثقافة القراءة تتطلب - كما تدل التسمية ذاتها - وجود جمهور أو مجتمع من القراء الذين يستوعبون ما يكتبه الآخرون وإلا كانت الكتابة نشاطًا لاجدوى منه ولا معنى له. فالذي يبرر وجود نص مكتوب هو وجود قارئ يقرأه ويتجاوب - سلبًا أو إيجابًا - مع الأفكار التي تعرض عليه وأسلوب وطريقة التفكير واللغة التي يصاغ فيها ذلك الفكر والتي تعبر عن تلك الأفكار.. بل إن القراءة الصامتة التي يختلي فيها الشخص بنفسه مع الكتاب أو الصحيفة تعتبر علامة على مدى رقي ثقافة القراءة لأن هذه القراءة الصامتة تتيح الفرصة لمواجهة فكر الآخرين والتحاور معه. فالقراءة عملية معقدة لا تقتصر على نشاط العينين في تتبع الحروف والكلمات المكتوبة أو المطبوعة، وإنما هي مجهود للفهم والتفسير والنقد وهو ما يبرر اعتبارها ثقافة متكاملة، ولا يشذ عن ذلك القراءة الحرة التي تُطلب لذاتها من أجل المتعة الذهنية الخالصة.

وعلى أي حال فإن الكثيرين يرفضون فكرة أن الإنسانية تجاوزت مرحلة القراءة المألوفة لأن الكتب - على ما يقول جورج لاندو George Landow في كتابه الطريف Twenty Minutes into the Future, or How are We Moving Beyond the Book - لاتزال تملأ حياتنا زاخرة بكل أنواع المعرفة والفن والأدب كما أننا لانزال نحرص على تشييد المكتبات العامة الضخمة ونفخر باقتناء الكتب وتكوين المكتبات الخاصة بنا كأفراد. ولكن المشاهد في الوقت ذاته أن كثيرًا من المكتبات العامة تتجه نحو التخلص من آلاف النسخ من الكتب والمجلات لتوفير مساحات كبيرة كانت تلك المجلدات تشغلها وتتحول بدلاً من ذلك إلى وسائل الحفظ الرقمي كما أن ثقافة القراءة ذاتها آخذة في التحول إلى (ثقافة الفضاء المعلوماتي) حيث يمكن الحصول على المعرفة عن طريق الإنترنت بسرعة فائقة وكفاءة عالية.. وربما كان أحد أهم التحديات التي تواجه المرء في هذا الصدد هي توفير القدرات والمهارات اللازمة لتعلم أساليب الوصول إلى المعلومات حتى يمكن الإفادة من ثمار عصر الإنترنت مما يعني أنه لاتزال هناك علاقة وثيقة بين القدرة على الحصول على المعرفة عن طريق الإنترنت وتعلم القراءة، وبالتالي استمرار ثقافة القراءة مع تحديث وتوسيع مجالات استخدامها وليس القضاء عليها. وجورج لاندو نفسه يعترف بأن الكثيرين ينفرون من قراءة المعلومات على الشاشة مباشرة ويفضلون طباعتها على الورق وقراءتها بالطريقة التقليدية مما قد يشير إلى احتمال استمرار ثقافة القراءة على الرغم مما قد تتعرض له من تعديلات وتحولات.

عصر الكمبيوتر الناطق

ولكن يبدو أن هذا ليس نهاية المطاف، ففي مؤتمر موسع عقد في مركز بومبيدو في الفترة من 5 أكتوبر 2001 حتى نهاية مارس 2002 كانت المشكلة المحورية التي دارت حولها البحوث والمناقشات هي (تأثير الشبكة الدولية على القراءة والكتابة وانتشار المعرفة). وكما هو الشأن في مثل هذه المؤتمرات التي تحاول استشراف المستقبل تتضارب الآراء وتتنوع وتتعارض تعارضًا شديدًا قلما يفضي إلى نتائج قاطعة على الرغم مما بها من ثراء وعمق. ولكن كان من الواضح أن هناك اتجاهًا قويًا للاعتراف بأن القراءة سوف ينظر إليها في المستقبل غير البعيد على أنها من مخلفات الماضي وأن المستقبل سيكون هو عصر الكمبيوتر الناطق الذي يتولي تلاوة النص المكتوب وتقديمه منطوقًا للمستخدم، وبذلك يصبح هو الأداة الرئيسية للمعرفة، وبدلاً من أن يرهق الشخص عينيه في متابعة النص المكتوب على الشاشة سوف يقنع بالاستماع إليه منطوقًا، بل إنه سوف يصبح من السهل تحويل كل اللغات المكتوبة إلى لغات منطوقة يمكن الاحتفاظ بها واسترجاعها والعودة إليها حينما نشاء دون تحمل مشقة الاحتفاظ بالكتب والمراجع والمجلات والوثائق الضخمة ودون تحميل العينين متاعب قراءة الكلمات المطبوعة سواء من الورق أو من شاشة الكمبيوتر كما هو الحال الآن. وسوف يساعد هذا التطور على ازدياد القدرة على الاستيعاب واتساع نطاق المعرفة وتنوعها ونشرها في المجتمعات المتخلفة وبين الطبقات الفقيرة التي تعجز عن تحمل نفقات تعلم القراءة والكتابة واقتناء المراجع الورقية وبذلك لن يكون الجهل بالقراءة وصمة عار في جبين الفرد والمجتمع مادام ذلك الجهل بالقراءة لن يمنع من متابعة تيارات الفكر ونتاج العقول المتجدد من خلال الكمبيوتر الناطق.

ولقد أصبح من الميسور الآن - وإن يكن في نطاق محدود سوف يتسع بغير شك في المستقبل - تحويل الكلام المنطوق إلى نص مكتوب عن طريق الإملاء مباشرة للكمبيوتر. وقد تكون نسبة الأخطاء التي تحدث الآن من خلال الإملاء للكمبيوتر مرتفعة ولكن هذه النسبة سوف تتراجع بالمران وبذلك فسوف تكون العلاقة بين الإنسان والكمبيوتر أكثر سهولة ومرونة ودقة خاصة وأنه سيكون من السهل توجيه التعليمات للكمبيوتر شفاهة دون الاحتياج للاستعانة بمفاتيح الكمبيوتر أو (الفارة) في تصحيح النص مثلاً أو تنسيقه، إذ سوف يكفي توجيه الأوامر والتعليمات شفاهة فيستجيب الكمبيوتر في الحال وبذلك سوف يمكن الاستغناء تمامًا عن تعلم القراءة مما يبشر بظهور ثقافة جديدة تعتمد على المشافهة بدلاً من ثقافة القراءة التي تميز مرحلة الحضارة الإنسانية المعاصرة.

في مقال رائع بعدد ديسمبر 1999 من مجلة The Futurist تحت عنوان The Coming Age of Talking Computers يقول الكاتب ويليام كروسمان William Crossman إن الأجيال القادمة سوف تعيد تشكيل الثقافة المعاصرة على أسس تكنولوجية على درجة عالية جدًا من الكفاءة، بحيث يصبح الكمبيوتر الناطق هو الوسيلة الأساسية للمعرفة بدلاً من القراءة كما هو الحال الآن. وفي هذا الصدد يقول أمبرتو إكو Eco Umberto إنه لو أفلح الكمبيوتر في تخفيض عدد الكتب التي تطبع الآن تخفيضًا ملموسًا فسوف يكون ذلك بمنزلة قفزة ثقافية هائلة ورائعة.

فهل يعود المجتمع البشري إلى الماضي الذي كانت تسيطر فيه الثقافة الشفهية قبل اختراع الكتابة وقبل أن تصبح ثقافة القراءة هي المطلب الأساسي لتدعيم الكيان البشري وعلامة التقدم والرقي؟.


أحمد أبوزيد