منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: بلا دموع ...!

  1. #1

    بلا دموع ...!

    بلا دموع ...!

    قصة قصيرة، بقلم: د. حسين علي محمد
    .................................................. ...............

    دعا حسام الله أن تكون خطيبته هند مع أمها فقط في البيت، وأن يكون أخوها عمر مدرس الفيزياء في مدرسة القرية الثانوية ـ الذي يكبرها بعامين قد ذهب لحصة دروس خصوصية صيفية، وتمنى أن تفتح هي الباب، حتى ينعم بنظرتها التي يُحب أن يراها دائماً.
    أما والدها المهندس عثمان فهو متأكد أنه لن يراه، فهو يعمل في شركة بترول بالصحراء الشرقية، ولا يعود إلا كل شهر مرة ليُمضي مع أسرته عشرة أيام، وهو قد سافر منذ عشرة أيام لا غير.
    لكن الله لم يستجب دعاءه، فقد فتحت له الحاجة عنايات (أو أم عمر) الموجهة المالية والإدارية بإدارة الزقازيق التعليمية.
    ***
    قدّمت أم عمر الشاي لحسام وابن خالته صدقي ـ وهو محاسب بإدارة المنصورة الهندسية، وأشيب، وفي الخامسة والأربعين ـ ولاحظ حسام أن أم عمر متوترة، وأن بريق دمعتين منطفئتين في عينيها.
    قال:
    ـ أين هند؟
    ـ في الإسكندرية.
    ـ لماذا سافرت وحدها؟ .. اعتادت ألا تسافر إلا معي أو مع الأستاذ عمر.
    قالت أم عمر في آلية:
    ـ الإسكندرية قريبة.
    بلع ريقه في صعوبة:
    ـ ومتى ستعود إن شاء الله؟
    ـ قبل نهاية الإجازة بأسبوع.
    نحن في أول الإجازة .. فهل ستُمضي شهريْن عند خالها في الإسكندرية؟ .. وكيف سيقضي هو هذه الفترة العصيبة؟
    ***
    دخلت أم عمر إلى الحجرة المُجاورة، وعادت وهي تحمل حقيبة يد سمراء كم رأى هند وهي تحملها في كتفها، وكم وضع لها بعض الورود فيها، وهما يمشيان معاً في الزقازيق.
    خطبها منذ عام، وقدّم شبكة متواضعة من دبلتين: ذهبية لها وفضية له، وابتدأ يجمع القرش إلى القرش حتى يُؤثث شقته المتواضعة ـ التي تتكوّن من حجرتين ـ في الزقازيق.
    كانت هند غير راضية بها، لكنها تعرف أن العين بصيرة واليد قصيرة وسيستأجران ـ فيما بعد ـ شقة أخرى تكون أوسع من تلك التي كجحر الثعلب، ولا تزيد عن سبعين متراً.
    حسام وهند من قرية لا تبعد كثيراً عن الزقازيق، كانا في مدرسة واحدة منذ المرحلة الابتدائية، فالإعدادية، فالثانوية. وكانا يتنافسان دائماً على المركز الأول. والتحقا بكلية التجارة، وهاهما قد تعيّنا معيديْن منذ ثلاثة أعوام.
    كانت حكاية حبهما على كل لسان منذ نهاية المرحلة الثانوية.
    ***
    جلست أم عمر على الكنبة، ووضعت الحقيبة بجانبها.
    قال حسام:
    ـ لم تقل لي هند أنها ستُسافر لزيارة خالها الباشمهندس محمود في الصيف.
    جو القرية خانق .. يحس برائحة خانقة .. لعلها رائحة يد حلة محروقة، تختلط برائحة سمك نفّاذة .. يبدو أنها منبعثة من البيت المواجه الذي يبعد ثلاثة أمتار فقط عن الحجرة التي يجلسون فيها.
    قال صدقي لحسام وهو يميل على أذنه:
    ـ عجِّل .. أحس برائحة غير طيبة تملأ المكان!
    يبدو أن أم عمر قد سمعت المُلاحظة، فبدا على وجهها ما يشير إلى الامتعاض.
    قال حسام:
    ـ ولماذا لم تقض الصيف هنا؟
    قالت أم عمر:
    ـ ابن خالتها الدكتور محسن عاد من أمريكا .. وذهبت لتسلم عليه .. وأنت تعلم أن شقة الدكتور محسن تُواجه شقة خالها محمود.
    كان محسن يكبره بأربعة أعوام تقريباً، وكان الأول على مدرسة القرية دائماَ.
    تذكَّر أنه حينما توجه لخطبتها منذ عام سمع من أحد فلاحي القرية أن هنداً على علاقة بمحسن ابن خالتها.
    قال ـ وهو يبلع ريقه بصعوبة ـ ولا يكاد هو نفسه يسمع صوته:
    ـ لقد عاد من أمريكا بسرعة!
    قال صدقي وهو يبتسم:
    ـ بل الأيام هي التي تجري بسرعة!
    قالت أم عمر وهي تؤكد على حروف كل كلمة، وتهش بيدها اليسرى ذبابة تُصر أن تقف على أنفها:
    ـ نال الدكتوراه في زمن قياسي.
    رأته ينظر في الأرض ويفرك أصابعه، فأضافت:
    ـ حصل على الشهادة في عامين ونصف، وكانت جامعة الإسكندرية قد أوفدته في بعثة لخمسة أعوام.
    سأل صدقي الذي يُقيم في المنصورة من خمسة وعشرين عاماً ـ وهو من جيل أم عمر، ولا يعرف معظم أبناء القرية:
    ـ الدكتوراه في الطب؟
    قالت الموجهة المالية:
    ـ لا .. في علم الاجتماع السياسي.
    ***
    تذكر حسام أن هنداً في لقاءاتهما الأخيرة كانت تكلمه عن ابن خالتها «محسن» كثيراً، وأنها كفَّت عن غناء أغنية أم كلثوم الأثيرة «الأطلال» التي كانت تغني مقاطع منها كلما تُقابله في حديقة الجامعة، وتشتبك أيديهما معاً.
    رفع حسام كوب الشاي فوجده بارداً، وكان ابن خالته «صدقي» قد انتهى من كوبه.
    قال للسيدة أم عمر وهو يهم بالقيام:
    ـ لقد تأخَّرنا .. تُصبحين على خير .. سلمي لي على الأستاذ عمر حينما يجيء.
    قالت في آلية:
    ـ سيأتي بعد قليل .. ألا تنتظره؟
    ـ الوقت متأخر كثيراً ..
    وأضاف وكأنه يتخلص من الكلمات:
    ـ سأراه في زيارة تالية إن شاء الله.
    مدَّ يده ليسلم عليها، ولكنها كانت مشغولة بفتح الحقيبة السوداء، التي أخرجت منها علبة قطيفة حمراء .. علبة لا يجهلها، وفتحتها قليلاً فرأى دبلته لهند.
    أغلقت العلبة، ووضعتها في ظرف أبيض، وقالت ـ وكأنها تؤدي مهمة رسمية ـ بلا مشاعر:
    ـ هذه رسالة من هند لك.
    أغمض «صدقي» عينيه وتحرك خطوتين إلى الأمام ليُغادر الحجرة، ولم يسألها «حسام» ماذا في هذه الرسالة؟ ومدَّ يده أمام أم عمر ليخلع دبلته الفضية، ويضعها في الظرف نفسه، ويُمرر لسانه على حافة الظرف ليلصقه بهدوء، ويضعه في جيب بنطلونه الخلفي .. بلا دموع!

    ديرب نجم 17/8/2003م

  2. #2
    يالله..
    فعلا عالمنا عالم مادي
    ولكن وبصراحه تامه ربما هذه هو الواقع...وكل يقبل على من يناسبه ولكن
    ماحل مشكلة سباب طموح يصطدم مع واقع لايستطع منه خروجا رغم كل نشاطه؟
    الف شكر كانت قصه رغم متعتها مؤلمه لتتركنا نبكي نحن
    ملدا

  3. #3
    ليس سهلا ان نتجاوز ازماتنا بلا دموع لكنها مقاومة الصعف والخيبه ربما\شكرا لك
    عبد الرحمن
    #00FF00
    إمضاء / عبدالرحمن سالم سليمان
    مع أرق التهانى ودوام التوفيق والنجاح

  4. #4
    ليس دائما تتحقق كل الاماني و الرغبات لكن الجميل الا نتحسر على ما فاتنا بالاهات والدموع لان حتى في الفرح قد نبكي
    شكرا لك

  5. #5
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملدا شويكاني مشاهدة المشاركة
    يالله..
    فعلا عالمنا عالم مادي
    ولكن وبصراحه تامه ربما هذه هو الواقع...وكل يقبل على من يناسبه ولكن
    ماحل مشكلة سباب طموح يصطدم مع واقع لايستطع منه خروجا رغم كل نشاطه؟
    الف شكر كانت قصه رغم متعتها مؤلمه لتتركنا نبكي نحن
    ملدا
    شُكراً للأديبة الأستاذة
    ملدا شويكاني
    على المشاركة بالتعقيب،
    مع تحياتي.

  6. #6
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الاله ابزيري مشاهدة المشاركة
    ليس دائما تتحقق كل الاماني و الرغبات لكن الجميل الا نتحسر على ما فاتنا بالاهات والدموع لان حتى في الفرح قد نبكي
    شكرا لك
    شُكراً للأديب الأستاذ
    عبد الاله ابزيري
    على المشاركة بالتعقيب،
    مع موداتي وتحياتي.

  7. #7
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة arssa مشاهدة المشاركة
    ليس سهلا ان نتجاوز ازماتنا بلا دموع لكنها مقاومة الصعف والخيبه ربما\شكرا لك
    عبد الرحمن
    شُكراً للأديب الأستاذ
    arssa
    على المشاركة بالتعقيب،
    مع موداتي وتحياتي.

المواضيع المتشابهه

  1. دموع حرّى
    بواسطة هيام صبحي نجار في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 03-29-2013, 03:16 PM
  2. دموع حرّى
    بواسطة هيام صبحي نجار في المنتدى الشعر الفصيح
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 03-29-2013, 08:36 AM
  3. دموع لا ترى ....
    بواسطة صهيب توفيق في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 06-02-2008, 12:59 PM
  4. دموع ...
    بواسطة د/علاء زهران في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 04-25-2008, 01:59 AM
  5. دموع
    بواسطة فارس_إدلب في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-16-2007, 03:17 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •