محمول ولا محلول ؟! حسن حجازى


عاد ابنى طالب الجامعة من امتحانه اليوم , على غير العادة , مهموماً , فبادرته أمه بلهفة :
-الأمتحان صعب ؟ ألم تجب على كل الأسئلة ؟
لم يرد وإنما دخل غرفته وأغلقها على نفسه من الداخل !
ظلت تطرق على الباب ليفتح لها دون جدوى !
أسرعت نحوى بسرعة ووجهها يكاد يقفز منه الدم من فرط لهفتها وخوفها وقلقها على أبننا الوحيد !
- قم ! أبنك عاد ولم ينطق بكلمة وأغلق غرفته على نفسه ولا يريد فتح الباب !
قلت لها:
- اتركيه الآن وبعد العشاء سأتحدث معه !
أنفجرت صارخة بوجهى :
-يا برودك ! أكاد أُجنْ وأنت هادىء ولا على بالك ! حرام عليك !
لم أرد عليها ووضعت وجهى فى الجريدة متظاهراً بالقراءة والقلق يكاد يقفز من بين السطور.. مسائلاً نفسى : لابد أن هناك شيئاً ما... لكن ما هو ؟!
قمت ولاحظت أن زوجتى كانت فى المطبخ وسمعتها وهى تكلم نفسها !
تسللت فى هدوء وناديت علي أبنى ففتح الباب.. فدخلت مسرعا ً وأغلقته من الداخل وسألته بصوت حانى.. رقيق.. هامس.. يشوبه القلق :
-خير ؟!
نظر ولم يرد !
سألته مرة ثانية :
الأمتحان صعب ؟ فصلوك من الجامعة ؟ الجو بتاعك طار؟ تكلم !
لم يرفع رأسه نحوى وهو يقول :
اليوم عندما دخلنا الخيمة التى نؤدى فيها الأمتحان , دخل علينا شاب فى منتهى الاناقة.. بدلة ..كرافتة.. عطرنفاذ باهظ الثمن.. وقال فى ثقة وحزم :
- لو سمحتم كل طالب يسلم جهاز المحمول الخاص به بناءً على تعليمات السيد العميد ..ومن يُضبَط ومعه جهاز المحمول (الجوال ) سيُفصل فى الحال .. أرجوكم بسرعة حرصاً على وقتكم الثمين !
قلت له وأنا أجول ببصرى فى الغرفة باحثاً عن جهاز أبنى المحمول :
-طبعاً أنت سلمت جهازك ؟!
قا وهو لم يرفع وجهه:
-أول واحد ! تريد أن يفصلونى ؟!
- طبعاً خرجتم تبحثون عن الأجهزة ولم تجدوا من يرد عليكم ؟!
قال والضحكة تكاد تقفز من بين شفتيه :
-أكثر من مائة محمول أخذهم واختفى ! ذهبنا جميعا نشكو نصرخ واكتشفنا أنه قد نصب علينا جميعاً !ولم نجد له سبيلاً !

نظرت إليه وأنا أبتسم فى مرارة وقلت له فى حنان :
- فداك ألف محمول !
فجأة سمعنا طرقاً شديداً على الغرفة ففتحت الباب بسرعة وإذا بزوجتى التى كانت تتسمع من وراء الباب :
- محلول ؟ هو أبنى عنده جفاف ؟ يا عينى يا بنى !
نظرت إليها وانا ابتسم وأنظر إلى إبننا الوحيد وانا اقول لها :
بسرعة جهزى الطعام لا داعى لانتظار العشاء وعدى النقود التى قمتِ بإدخارها للظروف وأعطى ابنك يشترى محلول.. أقصد محمول جديد ! اليوم حضر لهم شاب مسكين عنده جفاف.. شرب كل محاليلهم .. أقصد محاميلهم ..مسكين .. أخذها لكى يتصل بمدير البنك الدولى ليسأله عن سر تفشى البطالة فى البلد !!!!!!!!