منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: سوريا وتركيا

  1. #1

    سوريا وتركيا

    العلاقات السورية التركية

    بقلم : نيقولا ديب
    إن انهيار الاتحاد السوفياتي خلخل التوازن الدولي السياسي والايديولوجي باتجاه نظام القطب الواحد وبالتالي ايديولوجية واحدة , لكنا نستطيع أن نستنتج بسهولة أن الوضع الجديد عدائي بالمقارنة مع التجارب التاريخية السابقة , فالامبراطورية الرومانية اتخذت الدين المسيحي كفضاء يتسع للجميع ويتحمل التنوع في إطار الامبراطورية واستطاعت أن تقدم للبشرية حضارة تجلّت في القوانين الرومانية وأسست لأوربا ذات الحضارة الرائعة , كذلك الدولة السورية الإسلامية التي كان فضاؤها الدين الإسلامي وشكلت دولة كبرى وصلت حتى اسبانيا وكانت حضنا" للإبداع البشري لغير العرب ولغير المسلمين ورابطا" للحياة المشتركة بين جميع الأديان والمذاهب وفيما بعد الدولة الإسلامية التركية التي امتدت بعيدا" , وبالتالي نندفع أكثر لنميز بين مراحل دور الدين والدين السياسي والدين الحضاري , ونجحت المسيحية في روما مرة والإسلامية مرتين في دمشق واسطنبول كرافعة حضارية للبشرية , لكن مضمون التعبئة الإيديولوجية في أمريكا المتفردة في العالم اليوم , وغاياتها فرض أوضاعا" جديدة في العالم , يغلب عليها طابع العداء خوفا" من عودة وحدة العالم القديم , وحدة المتوسط الإسلامي – المسيحي الذي يدفعها خارجا" ويعيد التوازن الحضاري للعالم ( خاصة أن إله المسيحية والإسلامية هو لكل البشر ) , وذلك لأسباب سياسية اقتصادية لتستطيع السياسة الأمريكية بناء إ إمبراطوريتها القائمة أصلا" على الاستنزاف المادي والاستهلاك , وحتى الآن لا نعرف مكانا" نزلت فيه الإدارة الأمريكية ونهضت به للمستقبل بل بالعكس . إن هذا يذكرنا بإمبراطورية الخزر التي تبنت الدين اليهودي ضد جارتيها روسيا المسيحية وتركيا المسلمة , ويبدو أن التحول الإيديولوجي الرئيسي في أمريكا باتجاه مسيحية – يهودية يتم في مواجهة العالم الإسلامي وأوربا المسيحية .
    الدين بحد ذاته لا يتجاوز الخلاص الفردي , ومن الممكن تشبيه الدين السياسي بالحالة السياسية للأحزاب الديمقراطية المسيحية الأوربية أو كما طرح العلامة السيد حسين فضل الله الحزب الديمقراطي الإسلامي , أما الدين الحضاري فنراه في الدولة الرومانية والدولة السورية الأولى والدولة العثمانية وهما أخطر التجارب بالنسبة لأمريكا في تاريخ البشرية وهي التي صنعت التاريخ مع مصر في حوض المتوسط , وبالتالي فإن نهاية التاريخ بالنسبة لها هو في تفكيك هذه المراكز التاريخية الحضارية واختراقها , الكنيسة البابوية وإيران الإسلامية اليوم وتركيا وسورية وروسيا ومصر , لهذا نلاحظ أن في طبيعة علاقتها مع العالم يلعب التفكيك الثقافي دورا" هاما" , ويظهر هذا واضحا" في المفاوضات العربية - الإسرائيلية فهي تريد أن تتحكم وتغير التاريخ والمناهج التعليمية وتلغي أو تغير من القرآن الكريم , وتعميم رؤية مجزأة للتاريخ ( سايكس – بيكو للتاريخ لا سياسي وحسب ) وتقوم بتجزئة الدول الراهنة . فالتهديد الاستراتيجي هو حضاري بسبب إفلاس الغرب عموما" فكريا" وثقافيا" وروحيا" بعد الفصل غير الطبيعي بين العامل المادي والعامل الروحي , فالحضارة الأمريكية ضد الفكر والشعور والقلوب , والعلمنة الغربية لم تنجح بحل المشاكل العنصرية والطائفية والدينية ولم تقف عائقا" أمام الحروب العالمية رغم ادعائها الحوار والعقلانية , فلماذا يستبيحون مقدسات الشعوب ؟ لأن الإسلام كدين سيبقى إرهابيا" طالما الإسلام الحضاري بنظرهم عدو إستراتيجي , وقد تشكّل شعورا" عاما" بانفلات زمام المبادرة الحضارية من يدي الغرب لأنها وصلت إلى ذروتها في التقدم التكنولوجي وأدت دورها وقدمت كل ما يفيد الأساس المادي لحياة الشعوب , مما يقتضي إعادة رسم جيو سياسية العالم من منطقتنا وجيو إستراتيجيته . وخريطة الشرق الأوسط الكبير تدل على ذلك , إذ يلاحظ فيها نقل التحكم بمنابع المياه والنفط والغاز ( كعوامل اقتصادية طبيعية عصرية ) خارج دائرة تفاعل الشعوب التي أسست العالم الحضاري القديم , وعلينا أيضا" أن نلاحظ أن تركيا هي الفاصل بين إمبراطورية الخزر و إسرائيل الكبرى فقط , فإذا كان اليهود يطالبون بأملاكهم في مكة فلماذا لا يطالبون بأراضي إمبراطورية الخزر في المستقبل القريب !! فلا تعود إسرائيل الكبرى هي الهدف بل القوس الواصل من روسيا إلى مكة مرورا" بتركيا , محور التغيير في خارطة الشرق الأوسط الكبير , وهو مصلحة أمريكية عليا بسبب النفط والأيدي العاملة الرخيصة ومن ثم الاستفراد بالعالم بشكل نهائي , ليأتي دور تفكيك أوربا فيما بعد . واعتقد أن هذا هو سر اللاعقلانية التي نراها في السياسة الأمريكية , ولكن إذا تعاملنا بخيال في سياق مصالح أمريكا أظن أننا نستطيع تشكيل رؤية واضحة باتجاه ما يحصل , فالجميع قدم لأمريكا ما تريد وقدم لإسرائيل السلام , فلماذا لا يتم إنها حالة الحرب مع إسرائيل .!!! لأن ما يريدونه أبعد من السلام , والسلام يقطع الطريق على كل المشاريع الأمريكية – الصهيونية .
    فهل نستطيع أن نقول أن أعلى مراحل الامبريالية هو الصهيونية والتصهين .!!؟ في الحقيقة لا نعلم , ولكن ماذا نرى الآن ؟ غير الرغبة في تفتيت وبناء الدول على أساس ديني ومذهبي وأتني.....
    انهار الاتحاد السوفياتي وبدأت حرب الخليج وعلينا أن نتذكر آنذاك رسالة الرئيس الراحل إلى صدام حسين , وقد تم اتخاذ الموقف السوري من الائتلاف المتشكل بعد موقف صدام حسين , فالسوريين كانوا يدركون أبعاد الاحتلال العراقي للكويت من الناحية الإستراتيجية والعربية والأمريكية والفلسطينية , وعند انتهاء الاحتلال رفض الأمريكان إدخال إيران في النظام الإقليمي لتكون إسرائيل هي الأقوى في المنطقة , تحت ادعاءات مختلفة رغم إصرار سورية عليها وهذا ما أثار حفيظة إيران فيما بعد , لكن يبقى السبب الرئيسي هو بقاء المفتاح الأمني بيد السياسة الأمريكية لتفجره عندما تريد , واستمرت سورية في سياق سياستها الحكيمة حقا" بمحاولة بناء نظام إقليمي أمني متوازن غير عدائي , تكون فيه تركيا وإيران طرفان أساسيان فيه , لكن المشاريع الأمريكية - الصهيونية أبعد من هذا بكثير فالفراغ الأمني الذي أرادته في الخليج لصالحها ثبتته في العراق فيما بعد , إذ بعد انسحابها ستحصل الفوضى التي يتحدثون عنها وتنعكس على دول الجوار , فلا بد من ملء هذا الفراغ إقليميا" حصارا" للفوضى التي تريدها السياسة الأمريكية في المنطقة .
    كانت المفاوضات السابقة العربية الإسرائيلية تتم في إطار النظام الأمني الدولي بتوازن أمريكي – سوفياتي , ونستطيع اليوم أن نقول أن التفاوض العربي - الإسرائيلي هو في إطار المشروع الأمريكي الاقتصادي - السياسي – الأمني وكل الأنظمة الأمنية الإقليمية يجب أن تكون تابعة إلى هذا المشروع . وإلا ؟
    فشل الاحتلال الأمريكي للعراق وهزمت إسرائيل في حرب تموز وبقيت الجيوب السياسية في شمال العراق وفي لبنان , وانكشفت عدم رغبة إسرائيل بوضع برنامج زمني للحل النهائي , وهذا يعني عدم الرغبة بالحل إذا تذكرنا تصريح شامير في مدريد حول جعله المفاوضات تمتد لعشرات السنين .
    لكن ماذا يفعل ضباط الموساد بين الأكراد في العراق ؟
    من الواضح أن تواجد الموساد بين الأكراد في العراق يشير إلى أن أمر ما يحضر ضد تركيا , فالامتداد الديمغرافي للأكراد هو في تركيا لا العراق , لأن الخارطة الأمريكية للشرق الأوسط لن تحقق أهدافها دون تقسيم تركيا للسيطرة على منابع نهري دجلة والفرات والتحكم بمياههما , ولأن أحد أساليب الإخضاع السياسي والاقتصادي في النظام العالمي الجديد , هو ما يتعلق بالحياة اليومية , مثل التحكم بالقرار السياسي للاتحاد السوفياتي بواسطة القمح , وقصف المولدات الكهربائية في لبنان وقطع المياه عن سورية وقطع الكهرباء عن الفلسطينيين . إنها أساليب العالم الجديد الذي يبشرنا به الحزب الجمهوري .
    إن تقسيم تركيا يمنع قيام نظام أمني تركي – إيراني - سوري كبديل لانهيار النظام العربي , وبالتالي استلاب الإرادة السياسية للجميع , ويساعد على السيطرة على منابع المياه , ودعم السياسة الإسرائيلية للأكراد ضد السياسة العراقية للأكراد , ويؤسس لقيام اسرائيل العظمى اقتصاديا وأمنياً,(كما طرحها رابين وشامير ) من جنوب روسيا إلى مكة .
    في هذا السياق نرى العلاقات السياسية التركية – السورية أهم مركزين حضاريين إسلاميين في تاريخ البشرية يطلان على حوض المتوسط الذي تصارع أمريكا اليوم للسيطرة عليه بسد كل منافذ الشعوب التاريخية على هذا البحر وترك لها معابر للعبور و حسب , ونجاح العلاقة السورية التركية خطوة تاريخية في سبيل وضع نظام أمني إقليمي و رسم إستراتيجية مستقبلية للمنطقة بعناصر إقليمية جديدة .

  2. #2
    كلام صحيح وواقعي ومنطقي وهذا الذي يحصل....
    رغم عدم متابعتي للاخبار بشكل كبير....
    وسؤالي ما ذا يخبئ لنا التاريخ مستقبلا؟
    احترامي للكاتب نقولا وناقله الاستاذ فايز
    فراس

  3. #3
    اشكرك اخي فايز لتواصلك مع مايجد ومانشر
    نترقب مايجري في الساحة ونتامل خيرا
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. كيف ترد ايران علي روسيا وتركيا
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى آراء ومواقف
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-08-2017, 12:10 PM
  2. انا وتركيا
    بواسطة jikarkorshid في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-03-2015, 04:36 AM
  3. أرمينيا والهند وتركيا...بقلم آرا سوفاليان
    بواسطة arasouvalian في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-03-2014, 05:14 PM
  4. من فوائد انقلاب مصر فى تونس وتركيا
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان الأخبار.
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 07-20-2013, 11:02 AM
  5. العقربى التونسية وتركيا
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان الأخبار.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-05-2013, 01:33 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •