منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    أثر ابن هشام في مؤلفات الدكتور أيمن الشوا



    د.خليل خلف سويحل
    يعد ابن هشام (ت: 761ه) من علماء النحو القلائل الذين خلَّفوا إرثًا نحويًّا زاخرًا يحقق بُغيةَ طلاب العلم ورواد المعرفة، وكان ابن هشام نقطة فارقة في تاريخ الدرس النحوي، ورغم هذا فلا ينبغي القول نحو ما قال ابن خلدون: "ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يُقال له: ابن هشام أنحى من سيبويه"؛ فيكفي سيبويه مكرمة أنه من العصور المزكَّاة، وله فضل السبق، ولم يُعهَد عن سيبويه تناقض الآراء، وهذا ما يرصده المتتبع في كُتب ابن هشام؛ كما فعل الدكتور حسن الشاعر في كتابه (تطور الآراء النحوية عند ابن هشام)، لكنه يُحمد لابن هشام قدرته على اصطفاء الآراء والمسائل والفوائد المفيدة في النحو، وتقديمها في قوالبَ أسلوبية سهلة المنال، فكان منهجه محطَّ اهتمام للدارسين المحدثين؛ نحو ما فعل الدكتور سامي عوض في كتابه (ابن هشام النحوي)، وقلما نجد من المحدثين من نهج منهج ابن هشام شكلًا ومضمونًا، وهذا ما امتاز به الأستاذ الدكتور أيمن عبدالرزاق الشوا، ويمكن ملاحظة تجلِّي منهج ابن هشام في نتاجه العلمي من زوايا ثلاث:
    1- التحليل النحوي:
    لابن هشام منهجٌ أصيل في التحليل النحوي، وآلية واضحة للترجيح بين الآراء تقوم على انتقاء الأفصح لغةً، والأوضح منطقًا، والأقرب صوابًا، معتمدًا معاييرَ الموضوعية والثقة وصدق الرواية، وهذا ما يتجلى في مؤلفات الدكتور أيمن الشوا؛ فقد كان يعتمد على الآراء الواضحة الدقيقة القوية، مستبعدًا الآراءَ الضعيفة الشاذة في دراساته النحوية؛ ولهذا أخذت أقوالُ سيبويه وابن جني وأبي حيان وابن هشام - الحيزَ الأكبر من كتبه نحو (مبادئ أساسية في فهم الجملة)، (من أسرار الجمل الاستئنافية)، (الجامع لإعراب جمل القرآن الكريم)، (هاء السكت).

    2- الاحتجاج النحوي:
    تميَّز ابن هشام عن غيره باعتماده على الشاهد القرآني بقراءاته المختلفة، وأولاه اهتمامًا خاصًّا دون سواه من مصادر الاحتجاج الأخرى، فكان كتابه (مغني اللبيب) خيرَ مثال على اعتماده على الشاهد القرآني في الاستنباط النحوي، وكان الاستقراء لديه يدور في محور القراءات القرآنية، وهذا ما نقرؤه بوضوح في مؤلفات الدكتور أيمن الشوا؛ نحو كتابه (الفعل المبني للمجهول) الذي ركَّز فيه على الاستشهاد بالقرآن الكريم والتوجيه النحوي لقراءاته؛ كقوله في باب (بناء الفعل المهموز للمجهول): "إن تصريف الفعل المهموز كتصريف الصحيح والمعتل، فالفعل (سأل) يصبح (سُئل)، وقد تنوعت قراءات هذا الفعل؛ فقرأ الحسن: ﴿ ثم سُوِلوا الفتنة ﴾ [الأحزاب: 14]"، ثم يتابع المؤلف سرده للوجوه المختلفة للقراءات للفعل (سأل)، وتوجيهاته النحوية والصرفية [ص: 75، وما بعد].

    3- الأسلوب:
    كانت لغة ابن هشام سلسة على اللسان، وواضحة في البيان، ودقيقة في أداء الفكرة؛ فلا إعياءَ فيها و لا غموض، جمعت بين الإمتاع والإقناع؛ ولهذا كانت كتبه تُدرَّس رغم مرور عشرات القرون عليها، وكأنما أُلِّفت اليوم، وهذا ما يفتقده كثير من الدارسين المحدثين؛ فأسلوبهم إما مفرط في التعقيد يعج بالمصطلحات الشرقية والغربية، أو فيه ركاكة وانفصال بين الجمل والعبارات، وقد استطاع الدكتور أيمن الشوا بنباهته أن يخطوَ خطوَ ابن هشام؛ فكانت مؤلفاته - رغم غزارة المعلومات فيها - سهلةَ المنال قريبة المأخذ، يفهمها المبتدئ فضلًا عن المختص، ونقتبس قوله في كتابه (الجامع لإعراب جمل القرآن):
    "أما النحاة فلم أجد في مظانِّ تراجِمهم أنهم خصصوا كتابًا مفردًا سمَّوه (الجملة) على غرار ما نجد في تآليفهم حول الحروف وعنايتهم بها، وكذلك حول الأسماء والأفعال، معتمدين دورها ومعناها اللغوي..."؛ [ص: 26].

    ومن مظاهر الأسلوب عند ابن هشام الاستطرادُ في بعض المسائل ووضع تنبيهات فيها، وهذا ما نجده أيضًا عند الدكتور الشوا كحديثه عن أسرار الفعل (عمي) في القرآن الكريم [ص: 227]، والفوائد البلاغية لبعض الصيغ [ص: 37، من كتاب (الفعل المبني للمجهول)].

    ومما تقدم، فهذه إلمامة سريعة ونبذة مختصرة عن أثر ابن هشام في مؤلفات الدكتور أيمن الشوا في التحليل والاحتجاج والأسلوب.


    المقال من شبكة الألوكة

    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  2. #2

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •