رحلة بنيامين التطيليّ اليهوديّ 569-561هـ/1165-1173م
rhlah bnyamin alttili 569-561h//1165-1173m
تأليف: بنيامين التطيلي
ترجمة، تحقيق: عزرا حداد - عبد الرحمن عبد الله الشيخ


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


النوع: غلاف عادي، 21×14،

405 صفحة الطبعة: 1

عدد المجلدات: 1

الناشر: المجمع الثقافي بأبو ظبي

تاريخ النشر: 01/07/2002 م .

وصف الكتاب والرحلة :

بدأ بنيامين التطيلي رحلته التي تشكل محور هذا الكتاب، في حدود سنة 1165 م الموافقة لسنة 561 هـ أو قرابة سنة 4926 من بدء الخليقة حسب التقويم العبري. وهذا يعني أنه حين بدأ رحلته خارجاً من سرقسطة (سراكوزه) لم تكن سرقسطة تحت الحكم الإسلامي، فقد كان قد مضى، وقت خروجه منها، خمسون عاماً على سقوطها في أيدي القوى المسيحية.

وإذا كان بنيامين يهدف في الأساس إلى زيارة العالم الإسلامي زيارة تعرّف ومحبة، كما ذكر المترجم عزرا حداد في مقدمته، باعتبار العالم الإسلامي، وهذا صحيح، كان هو الملجأ والملاذ ليهود شبه جزيرة أيبيريا (إسبانيا والبرتغال حالياً) الذين كانوا يشهدون أياماً سوداً في كل منطقة ينتهي فيها الحكم الإسلامي، وباعتبار العالم الإسلامي هو الملجأ والملاذ ليهود سائر أوروبا في العصور الوسطى الذين كان الأوروبيون يعاملونهم معاملة دونها بكثير معاملة الأنعام، وينظرون إليهم نظرة ملؤها الكراهية والاحتقار. لكن إذا كان التعرف على العالم الإسلامي هو هدفه، فلماذا لم يتجه جنوباً ليجول في شبه الجزيرة الأيبيرية؟

ولماذا لم يعبر بحر الزقاق (مضيق جبل طارق) ليصل إلى طنجة أو سبته ثم يتخذ طريقه عبر المغرب العربي إلى مصر فسائر أنحاء العالم الإسلامي؟ ألم يكن هذا الطريق يبدو منطقياً أكثر من اتجاهه شمالاً فشمالاً فشرق ثم اتجاهه إلى ايطاليا فالدولة البيزنطية، ليهبط بعد ذلك جنوباً إلى سائر بلاد العالم الإسلامي التي زارها أو قال أنه زارها، ثم يتجه إلى الصين ليعود إلى شواطئ الهند فسواحل شبه الجزيرة العربية ثم يعبر البحر الأحمر ليصل إلى أسوان ويستمر هابطاً مع نهر النيل ليصل إلى القاهرة والفسطاط ويزور صحراء شبه جزيرة سيناء ثم يعود إلى قبرص في صعيد مصر ثم يرجع إلى الفسطاط ثم يصل بطريق ما إلى الإسكندرية ومنها إلى صقلية.

لماذا هذه الطريق الذي لا يبدو أنه الأسهل، ثم لماذا تردده أكثر من مرة على مواضع بعينها في مصر التي قطعها من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال أكثر من مرة، هناك إجابة واضحة لتخلي بنيامين عن الاتجاه جنوباً داخل شبه جزيرة ايبيريا. فقد أجمع كل المؤرخين الأوربيين واليهود أن حضن الحكومات الإسلامية كان هو الحضن الوحيد الذي لا يأمن اليهود كفن سواه طوال العصور الوسطى، وطوال قرنين في التاريخ الحديث (بعد سقوط غرناطة)، وكان الحكم الإسلامي يتراجع في شبه الجزيرة الأيبيرية تراجعاً واضحاً منذ القرن الحادي عشر للميلاد.

وقد قام الباحث بتتبع الحال في الأندلس في دراسته التاريخية هذه، مكتفياً، وكي لا تطوله دراسته عن هذه الرحلة، بتاريخ قيام دولة الموحدين إلى قيام مملكة غرناطة (552-630 هـ/1157-1232 م)، لأن بدايات هذه الفترة تسبق بقليل رحلة بنيامين، كما أن نهايتها تتأخر بقليل بعد نهاية رحلته، معتمداً في كثير مما يقدمه في هذا الصدد على أطلس تاريخ الإسلام لحسين مؤنس مضيفاً إلى ذلك بعض صفحات اجتزأها من مبحث يتناول موقف أهل شبه جزيرة أيبيريا من كل المسلمين واليهود، بعد سقوط غرناطة.


وفي هذا المقام، نشير إلى أن الرحالة "بنيامين التطيلي الأندلسي"، وقد قام برحلته بين سنتي 561 و569هـ، وزار القدس في سنة 564هـ، ذكر ما يسمى الحائط الغربي، ولكن يستغرب قوله :
( ويسميه اليهود باب الرحمة، علماً بأن باب الرحمة هذا يقع إلى الشرق من قبة الصخرة المشرفة، ويضاف إلى هذا أن هذا الرحالة لم يقل إنه زار الحائط، أو صلى عنده ) .


وإن معطيات الأدب الجغرافي تقود إلى حقيقة تضاؤل الحضور اليهودي في فلسطين عبر العصور الإسلامية، وهذا أمر يتضح من خلال ماذكره العديد من الجغرافيين والرحالة. وفي هذا المجال، يمكن القول بصورة خاصة، إن الرحالة اليهودي (بنيامين التطيلي) قام برحلته إلى فلسطين، فزار القدس وغيرها من المدن في فلسطين في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي، وكان يهدف إلى تدوين إحصاء بعدد اليهود في فلسطين، ويذكر أنه كان في القدس، وهي مجال حديثنا هنا، يهودي واحد آنذاك(166).

وبهذه الحقيقة التي عبر عنها رحالة يهودي، يمكن القول : إنه إذا قام اليهود في أجزاء من فلسطين عدداً محدوداً من السنين، فالعرب أقاموا فيها إقامة مستمرة، بينما انقطع اتصال اليهود بها قروناً طويلة جداً.