مقـــدمـة المـؤلــف
عبد الرحمن الشهبندر
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
ليس من قصدنا ان تتناول هذه المقالات التي نشرناها تباعاً في مجلة المقتطف جميع القضايا الاجتماعية الكبرى في العالم العربي ، فهذه اكثر من ان تتناولها مجلة مهما اتسع صدرها ، بل حسبنا ان نختص بالذكر منها هذه الموضوعات الرئيسية التي عالجناها بشيء من الايضاح ربما لم نكن لنحتاج اليه لو اقتصرنا على الكتابة لمصر او لسورية او للعراق مثلاً، اما والعالم العربي متسع فسيح يمتد من المحيط الى المحيط ويحوي انواعاً من التربية المتفاوتة في الدرجات فلا بد من ملاحظة هذا التفاوت بتقديم الشروح والايضاحات الضرورية مع الاشارة الى مثل هذه القضايا عند الامم الاخرى وفي الحق ان سهولة الاتصال بين شعوب الارض وتقريب المسافات بين القارات وشدة الامتزاج بين الثقافات وارتباط المصالح بين الممالك كل ذلك سينهنه من غرب الذين يزعمون انهم خلقوا خلقاً خاصاً كذب من بعده النسابون وسيجعل القضايا الاجتماعية في المجتمع البشري متشابهة وطرق معالجتها متقاربة لان الانسان بالغاً ما بلغ من التأثر ببيئته الخاصة تابع في تدرجه لقواعد اجتماعية عامة مستقاة من تجارب واختبارات متماثلة في جميع الافراد والجماعات .
ولم نهمل شأن المرأة عندما عرضنا لقضيتها مع الرجل لاعتقادنا ان مسألتها من امهات مسائلنا التي تتطلب العناية الخاصة وذلك لأن نصف المجتمع قائم على المرأة سواء عند العرب ام عند غيرهم وربما كان النصف الاهم بالنظر الى اتصاله المباشر بالاطفال رجال المستقبل، ومن العبث ان نحاول النهوض ونصفنا مشلول او ان نطلب تنظيم بيتنا والمرأة- وهي على رأسه - في جهالة عمياء لا تكاد تختلف عن المرأة في القرون الوسطى الا بهذه البهرجة الخارجية وهذا التأنق في المظاهر.
وارجو ان يلاحظ القارىء ان الرأي الذي ننتهي اليه من بعد ما ندعمه برأي المدققين ممن تروقنا مواقفهم هو في الغالب رأي آمناً بصحته من جراء اختبارات ما فتئت تمر علينا منذ نحو جيل كامل، فاذا قدر لنا ان نخدم قضيتنا المشتركة بما نستخلصه من هذه الاختبارات من الآراء العملية النافعة نكون قد قمنا بشيء من الواجب .
ان في كل قضية اجتماعية جديدة لطارىء اجتماعي جديد، ويغادر الفرد مكانه فيحل محله فرد آخر لكن المجتمع مستقر كالدوحة الباسقة اصلها في الارض ثابت وفروعها تتنازعها أهوية السماء.
القاهرة في 25 فبراير سنة 1936