ومضات من "عشب الليل" للكوني:
"لا أحد يشمئز من اللغو أكثر من إنسان ذاق حلاوة السكوت"

هنا .. معانقا "وعكتي" .. مستسلما لإجازتي .. أحضرت "خولتي" – بُنيتي "خولة" سنة ونصف تقريبا – كتابا تلعب به .. ولم تصل بعدُ إلى السن التي يعلم صاحبها خطورة اللعب بالنار!!
أخذت "الضحية"فإذا به كتاب"عشب الليل" للكاتب الليبي إبراهيم الكوني ... قرأت له عدة كتب .. له أسلوبه الخاص – وهذا مجرد انطباع .. ,ليس نقدا - يهوم في تراث "الملثمين" .. وأساطيرهم .. يبني كونا روائيا من تلك الأساطير .. ولا ينسى تطريز روايته ببعض "لغتهم".. نعم.هذا مجرد انطباع .. أما النقد ..فهو أن كتب الأستاذ"الكوني" .. تتميز بارتفاع ثمنها!
الومضة الأولى،ليست للمؤلف بل .. طرز بها مستهل كتابه :
(إذا لم يوجد الله،فكل شيء يُباح .. حتى الجريمة) : دستويفسكي "الإخوة كارامازوف"
أما الومضة الأولى من الكتاب .. فعن "الإنسان" وإن بدت قاسية في الحكم الذي أصدرته ضده :
(لقد أدركتُ الخطر منذ زمن بعيد. خطر التّبَدي. خطر الظهور. خطر التباهي بما ملكت يداك حتى لو كان هذا البدن الهزيل. خطر أن تُرى بالعين.خطر أن تدب أمامهم على قدمين. خطر أن تحيا. سيكيدون،سيكيدون لأنك تدب مثلهم على قدمين،لأنك ترفل في الثوب الأزرق ،وترتدي اللثام الأزرق،وتحشر قدميك في النعل،وتمشي براس مرفوع إلى أعلى قليلا،الرأس المرفوع إلى أعلى في ضياء الشمس عمل مميت حقا في الناموس،في كل النواميس التي وجدت تحت أشعة الشمس. سوف تتهم بالكبرياء،سوف تثير الحسد،سوف تستثير حقدا،وستنطلق الألسن،وستنصب لك الفخاخ،لأنك تجاسرت فخرجت نهارا،وشُوهدت بالعين،ومشيت مشية المكابرين الذين يمشون في الأرض فرحين،وكنت طوال ذلك الوقت تنظر إلى الأفق البعيد (..) وتتنفس بطريقة مريبة ،.. وتحيا،لا حق للإنسان أن يحيا إذا كان جاره يحيا. لا يحق للإنسان أن يحيا إذا كان في الصحراء كلها إنسان واحد يحيا.الحياة لا تحتمل حياة الأخرى أبدا. الإنسان يعيش شقيا جدا إذا جاء نبأ يقول بأن ثمة إنسان في الكون الأبدي يدب،ويتنفس بعمق،ويستمتع،و .. يحيا مثله. أوه ما أشد شقاء إنس يعلم أن ابن ملته يحيا في مكان ما في الصحراء التي لا يحدها حد.
ما إن يعلم الإنسان بأن له أخا حيا في الرقعة المجهولة حتى يصبح لا بد له أن يحتال،ويبتدع،ويركب الريح ليصل إليه. يصل إليه،يرتمي بين ذراعيه،يحتضنه بحرارة،بدموع الحنين بين يديه،ثم يستغفله ليطعنه في الظهر الطعنة المميتة . هذا هو الإنسان ){ ص 34 – 36 ( عشب الليل ) / إبراهيم الكوني / المؤسسة العربية للدارسات والنشر / بيروت / الطبعة الأولى 1997}.
الومضة الثانية :
(لم يخطئ الناموس عندما قال :"آوَا تريد أكّي،آواوا تريد سوكي{ في الهامش : ما أرَدْتَه،فاطلبه بنفسك،وما لم تُرده فأرسل أحدا آخر لينجزه لك.} ..){ ص 39 }.
كنت سأعلق .. على الترجمة فثمة استطالة في الكلام العربي .. أمام إيجاز المثل .. ولكن لا داعي!!
الومضة الثالثة :
( ما سر خلودك يا بوبو؟ خبرنا. هل أوتيت من الخفاء سرا؟ فيبتسم العجوز ويرد بجواب أبدي : "سري هو أني لا أملك سرا. الخفاء كان رفيقا بي فلم يلهمني همّ السر يوما"){ ص 41}.
خروج بسيط .. تذكرت هذه العبارة :
(لا يمنح الرب المواليد اللغة فوار. وليس هذا صدفة فالمولود حينئذ يعرف سر الجنة،لكن لا يعرف اللغة كي يصفها. وحين يُمنح الطفل اللغة يكون قد نسي السر) : غيورغي غوسبودينوف ،كتاب"فيزياء الحزن"
الومضة الرابعة :
(فقال الداهية : "لابد أنك أخطأت في أمر بدا لك تافها،فاحترس! المرأة كالأسحار، كخلطة من أخلاط السحر،إذا غفلتَ عن أصغر شأن،أصابك أكبر مصاب،فاحترس!"){ ص 53}.
الومضة الخامسة :
(ظننت يوما أن العيش هو الشيء الوحيد الذي لا يمله الإنسان أبدا.

  • العيش الطويل أشد وجعا من كل وجع،ما أشدّ وجع الخالدين يا مولاي){ ص 138}.

    الومضة الأخيرة :

    (قيل إنه جالسه من وقت الغروب ،فلم يكلمه إلا بعد منتصف الليل. قالوا إنه نسي الكلام،وعضلة الفكين ضلت السبيل إلى لغة الخلق،وقال آخرون أن لا أحد يشمئز من اللغو أكثر من إنسان ذاق حلاوة السكوت){ ص 72}.



    استومضهن لكم : س/ محمود المختار الشنقيطي

    س : سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب

    المدينة المنورة 15 / 6 / 1438هـ = 23 الحوت 1395 هـ ش = 14/ 3 / 2017م.


    http://www.alajman.ws/vb/showthread....16#post1380116

    [TR]
    [TD="colspan: 2"]
    ومضات من "عشب الليل" للكوني: - مجالس العجمان الرسمي
    www.alajman.ws
    ومضات من "عشب الليل" للكوني: المجلس العــــــام
    [/TD]
    [/TR]