ومضة بل مشهد من كتاب "حياة أميرة عثمانية ..."
ويا له من مشهد .. إنه المشهد الختامي في رواية : (حياة أميرة عثمانية في المنفى)،لمؤلفته كينيزي مراد،وقد نقل الكتاب عن الفرنسية حافظ الجمالي،ونشرته دار طلاس في دمشق،سنة 1990م،في طبعته الأولى.
وهو الجزء الذي تخيلته "المؤلفة"حفيدة "سلمى" :
كتبت المؤلفة .. والمشهد في أزمة الحرب العالية الثانية .. و"زينل"هو "الخصي"الذي عاش معها "سلمى"وهاجر معها ومع أمها السلطانة "خديجة" إلى بيروت،بعد سقوط الخلافة،وطرد الأسرة الحاكمة .. إلخ :
ويعصف البرد والجوع بسلمى،وبينما كانت ترقص بصغيرتها ..
(وفجأة شعرت بألم،كأنه خنجر في البطن،يحملها على التأرجح. فتحس باختناق،,تريد أن تصرخ ... ولكن الطفلة بين يديها،ويجب ألا تدعها تقع. واستنهضت كل قواها،وحاولت أن تتعلق بالطاولة،هناك،على مقربة منها،فتمايلت،وشعرت بحرقة لا تحتمل،وكأنها تمزقها ... كما لو أن هناك موقدا،وستارة من رماد .. ولم تر شيئا ... وتشعر بأنها ستسقط،ولا تتوقف عن السقوط .. (..) ولم يكتشفها زينل إلا بصورة متأخرة،بعد أن عاد من شراء حاجاته. وها هي سلمى متمددة على الأرض،بيضاء،شديدة البياض. لكنها خلال سقوطها حمت الطفلة التي تبكي من شدة الخوف.
وفي مستشفى الأوتيل – ديو ،كان الجراح يذرع مكتبه جيئة وذهابا. وكان ينظر بمرارة إلى يديه القويتين اللتين توصفان عند الناس،بأنهما أعجوبتان : أما هذه المرة،فإنهما لم تستطيعا الإنقاذ.
بيد أنه منذ أن وصلت سلمى،فيما يشبه الإغماء،أمر بأخذها إلى غرفة العمليات. وكانت مصابة بالتهاب حاد في الصفاق. ففتح البطن،وقص،وربط،وخاط،خلال ساعتين،وقد استبسل في العمل،وحوله ممرضتان صامتتان.(..) غير أن الحمى عادت في الليل،وفهم أن تسمم الدم بدأ. وكان هناك شيء واحد يستطيع إنقاذها،هو هذه الأدوية الجديدة"المضادات الحيوية"التي كانوا يصنعونها في أمريكا. أما في فرنسا،فإنها لم تكن قد وجدت بعد. (..) والآن يجب أن يكلم الأب،الذي بقي لا يتحرك منذ البارحة،في الممر. (..) ولم يكن بحاجة إلى الكلام،لأن زينل كان يعرف. ولقد عرف ما جرى،في اللحظة التي كانت فيها ابنته الصغيرة،تلفظ أنفاسها الأخيرة. فشعر،في جسمه كله،بهزة،وبدت له كأنها تنزع شيئا ما منه. فترك نفسه ينزلق على الأرض،وصدم جبينه باب الغرفة.
وجاءت الممرضة،فوجدته هناك،فيما يشبه الإغماء. فأجلسته وغسلت له صدغيه،حتى يعود إلى كامل وعيه. ذلك أن عليه الآن أن يعمل،ويتخذ بعض القرارات. فماذا يجب أن يفعل بالجثة؟ وهم أجانب،وليس لديهم كهف عائلي. فأين إذن يقبرونها؟ (..) ولا يتذكر زينل ماذا جرى خلال الساعات التالية،ولا يعي شيئا آخر غير أن امرأة في ثياب بيضاء تطرح عليه بعض الأسئلة،لم يكن يفهم منها شيئا،وكان يقول فقط : إنه يريد أن تدفن في مقبرة إسلامية،بعد أن قدم لها محفظة أوراقه.
ورأى بعد الظهيرة عربة موتى يشدها حصان هزيل،ثم حملها الرجال الذين رافقوها،صندوقا من الخشب الأبيض. وأشاروا إليه بأن يتبعهم.
ولكن كم من الوقت مشى وراء سلمى؟ لقد كان المطر المثلج،مطر كانون الثاني / يناير/ يتسرب إلى ما تحت ثيابه،ولم يكن يشعر بذلك وكان يتذكر النزهات الطويلة التي كانا يقومان بها،كما يتذكر بسمتها المداعبة،عندما كانت تطلب منه أن يعدها بأن يكون معها حتى نهاية العالم.
وأخيرا وصلوا إلى أرض ضخمة،غامضة،مقلقة بجدرانها المهلهلة،وعلى مد النظر،كانت هناك صفوف من الشواهد،تبرز من العشب : وكان هذا هو المقبرة الإسلامية،مقبرة بوبينيي Bobegny ولم يستطع زينل أن يكبت شهقة بكاء،عندما فكر بالمقابر الحلوة التي تشرف على البسفور،والتي كانت سلمى تحب النزهة فيها.
ولكن إمام المقبرة عيل صبره : ذلك أن الوقت أصبح متأخرا،ويجب بسرعة أن نصلي صلاة الميت،لاسيما وأن هذا الرجل المسكين لا يملك المال الكافي لكي يدفع تكاليف احتفال أهم من هذا،بل إنه لم يكن معه ما يشتري به شاهدة قبر ينقش عليها اسم المرحومة.وليكن ما يكون،فإننا سنكتبه على قطعة من الخشب،حتى إذا ما نبت العشب،لم تختلط القبور على أصحابها،فالعائلات لا تحب هذا الخلط. وأية تعاسة!
وينظر زينل إلى الحفرة السوداء التي حفرها رجلان في القسم المخصص للنساء،وإلى النعش الذي سينزلونه إلى مكانه بالحبال. ولكن لماذا حبسوا ابنته الصغيرة في هذه العلبة؟ لابد أنها ستختنق فيها،وهي التي لم تحتمل قط أن تحبس. ففي عالم الإسلام،يلف الجسد في قماش ابيض ثم يوضع هذا على التراب مباشرة. ولكن يقولون : إنه ليس لهم الحق،في فرنسا،أن يفعلوا هذا.
وعندما انتهى رجال المقبرة من عملهم،كان الظلام قد حل تقريبا. أما صاحب العربة فقد هجر المكان منذ مدة طويلة وبقي زينل وحده في المقبرة،بين آلاف القبور،أو قل بقي وحده مع سلمى. وكان يفكر،وهو أمام هذا المربع من التراب المطروق،بالأوابد الرخامية الفخمة التي كانت تستمر،قرنا بعد قرن،في إستانبول،في التذكير بأمجاد السلطانات العظيمات،فيرتعد ... ومن يستطيع أن يحزر أن أميرته تنام في هذا القبر المسكين؟ بل من سيتذكر؟
وتمدد على الأرض التي حفرت من جديد. مغطيا ابنته الصغيرة بجسمه،ومحاولا أن ينقل إليها شيئا من حرارته الحية،ومن حبه. إذ لم يعد لها الآن غيره. ولن يتخلى عنها. إذ لقد وعد السلطانة بذلك.
- آغا!
وتعدو سلمى نحوه من آخر الحديقة،وهي أحلى ما تكون في ثوبها الحريري،و خصل شعرها الأحمر تتطاير في الهواء.
- آغا،خذني معك. أريد أن أرى الألعاب النارية على البوسفور! وتعلقت برقبته. وأخذت تتسلى بشد شعره.
- تعال بسرعة،يا آغا،إن هذا ضروري ! إنني أريده!
- ولكن من الممنوع أن تخرجي من الحديقة،أيتها الأميرة الصغيرة.
- أوه،آغا،إنك لم تعد تحب سلماك. وماذا تعني كلمة ممنوع؟ آغا،هل تريد أن أكون تعيسة؟ ..
ومرة أخرى،عاد فقبل. فهو لن يستطيع أن يخالف لها أمرا ... فيهبطان،يدا بيد،من خلال الممرات التي تعطرها الميموزا والياسمين،باتجاه الشاطئ الذي ينتظرهما فيه القايق الأبيض والذهبي.
وقفزت،بخفتها المعهودة. وكانت السهام النارية تلهب شعرها،وحينما كان يستقر في مكانه كانت عيناها تلمعان وتهمس في أذنه قائلة :
- والآن،يا آغا،نسافر نحن الاثنين معا،في رحلة طويلة جدا.
واستيقظ زينل بضربة خفيفة على كتفه. فقد كان النهار على وشك أن يطلع. وكان فوقه رجل ينظر إليه بفضول.
- يجب ألا تبقى هنا،لآن المرض سيصيبك من جراء ذلك!
وساعده على النهوض،وعلى نفض التراب الذي يُلوث ثيابه. وقاده بيده،وهو يرتجف من البرد،إلى الغريفة التي يضعون فيها أدوات الحفر،في مدخل المقبرة. وهناك أشربه قدحا كبيرا من القهوة الساخنة. وكان يسمى "علي"وهو حارس المقبرة. وجلس بجانبه كأنما هو متضامن معه على الضراء.
- وإذن فكهذا يا أخي،ماتت السيدة؟
وتأتأ زينل وهو يصك أسنانه بعضها ببعض.
- إنها ابنتي.
- ولم تضع شاهدة باسمها،لابنتك؟
ويهز زينل رأسه،وفجأة يشعر أنه ضعيف. ذلك أنه منذ ثلاثة أيام لم يأكل،منذ اللحظة التي رأى فيها سلمى ..
- خذ،وكل. ثم إن العامل الذي يُصنّع الرخام صديقي،وفي وسعه أن يعطيك رخامة صغيرة،بثمن رخيص. وهكذا فقد سحب زينل بعناء،ساعته من جيب صدرته. وكان هذا كل ما بقي له من أيام العظمة في أورطاكوي. وكان قد احتفظ بها لليوم الذي لا يبقى معه شيء. أما الآن ..
- ليس عندي غير هذا. أفيقبل؟
- احفظ ساعتك،ستكون إليها في حاجة،فيما بعد. ولا يزعجك فأنا سأتولى شأن الشاهدة, ويجب أن يتساعد المسلمون فيما بينهم.
وعلى الرغم من احتجاجات زينل،فإنه خرج. وبعد عدة لحظات،عاد وهو يحمل حجرة صغيرة بيضاء،قطعت على شكل قوس. ونقش عليها بتعليمات من الخصي،وبأحرف عرجاء ما يلي :
سلمى
13 – 4 – 1911 / 13 – 1 – 1941
ولكن شيئا ظل يزعج زينل،فقال لصديقه :
إنهم لم يدفنوها كمسلمة. إذ وضعوها في علبة بيضاء. فهل تظن أننا نستطيع؟ ..
وأشرق وجه علي،ذلك أنه يجب على المؤمنين الحقيقيين.{هكذا} وبقفزة واحدة،مضى يبحث عن معول. ووجد في المستودع غطاء أبيض. وذهب الاثنان معا إلى القبر. ولم يحتاجا إلا إلى ربع ساعة لكي يزيحا التراب الجديد،ورفع النعش،وانتزاع المسامير.

وقال علي :
- حسنا،سأتركك الآن،واختفى في الوقت الذي كان فيه زينل يفتح النعش. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يراها فيها،ما أجملها في قميص نومها الطويل الأبيض،أما خصل شعرها المذهبة فكانت متدلية على كتفيها،وعليها كل سمات الفتاة الشابة. فانحنى وهو يرتعد وطبع قبلة رقيقة جدا،على خدها.
وعندما نهض،كانت عيناه جافتين. وبلحظة واحدة،فارقه الهيجان. ذلك أن هذه الراقدة الباردة غريبة عنه. أما ابنته الصغيرة فإنها لم تعد هنا. لقد مضت مع ضحكاتها ونزواتها،وألوان أشواقها،وكرمها،وكل ما كان يجعل منها "سلمى". مضت وفارقت هذه الدنيا ...
وبنعومة،لفّ الجسد في القماش الأبيض،واتخذ كل الاحتياطات،كيلا يجرحها. وعاد فأنزلها في الحفرة،أو قل في هذه الأرض التي كانت سلمى تحب أن تستنشق رائحتها،والتي تستقبل الآن جمالها. وترى أنها ابنتها. (..) وفجأة انقطعت أنفاسه،وجحظت عيناه من الرعب. والطفلة! ... لقد نسي. فمنذ ثلاثة أيام بقيت وحدها،دون أي إنسان يغذيها. أو يسهر عليها .. ولعلها ماتت ..
ورفع صوته،متوسلا إلى الله،أن يحميها!
ولم يعد يعرف كيف عاد إلى الفندق. ويبدو له أن (علي) أوقف سائق عربة من عربات الموتى. كان يعود إلى باريس،فوضعه بدلا من النعش في عربة،وبعد ذلك جرى كعجوز مجنون راجيا من الله أن يرأف بالصغيرة.
وعندما دخل الغرفة،وجد الصغيرة متمددة على السرير وكأنه لم يعد فيها دم. وكانت عيناها مغلقتين،ورأسها مقلوبا إلى الخلف،والفم مفتوحا،وتنفسها عسيرا.
فصرخ بدرجة من القوة حملت جارته في الدور الذي هو فيه على أن تهرع إليه. فقالت له :
إن من الضروري أن لا تحرك الطفلة من مكانها،وإن عليه أن يرفع رأسها قليلا لكي تشرب بعض الماء،لكن الصغيرة ترفض كل شيء ...
وعندئذ أخذها زينل بين ذراعيه. فوجد أنها باردة كالثلج. فغطاها بغطاء،وهبط السلم كالعاصفة،ومر بالمطرونة إيميلي،التي حاولت اعتراضه.
- قف،قف،إنك مدين لي بأجرة أسبوعين!
وبدأ يجري،ونزل في جادة الشهداء،ولا تكاد ساقاه تحملانه. ووجد على الطريق جملة عيادات طبية. ويرن الجرس،ويقرع الباب،فلا يرد أحد. كان ذلك يوم الأحد. وأخيرا ومن شدة اليأس،اتجه إلى أحد رجال الشرطة الذي دله على القنصلية السويسرية،حيث يوجد دوام كل يوم للأجانب.
ومضى الخصي حتى وصل جادة غرينيل Rue Grenelle وهناك شعر أن قلبه على وشك أن يفارقه. ولكن يجب أن يقاوم. إذ ليس له الحق في أن يموت قبل أن ينقذ ابنة سلمى.
ولكنه عندما دخل قنصلية سويسرا واستقبلته سكرتيرة ذات خدين مدورين،وسألته عما يريد،لم يسعه إلا أن يضع الطفلة بين ذراعيها،ويقع على الأرض،عاجزا عن أن يقول أية كلمة.
ومرت بعد ظهر ذلك اليوم مدام نافيل،زوجة القنصل،لتبحث عن قائمة عناوين لتلك السوق الخيرية القريبة التي يقيمها الصليب الأحمر،وما كادت ترى الطفلة،حتى أخذت الهاتف،وطلبت طبيبها الشخصي. ثم إنها أعطت للعجوز المسلم كأسا من الفودكا. وكاد زينل يختنق منها،وأراد أن يردها،ولكنها طمأنته.
- إن هذا ليس بكحول! إنه دواء.
وبسرعة،شعر بتحسن،وقصّ على هذه السيدة حكايته كلها : لقد ماتت أميرته،وتركت الطفلة لحالها في الفندق ثلاثة أيام. وبعد عدة دقائق وصل الطبيب.
ودمدم قائلا،وهو يرى حالة الطفلة :
- من حسن الحظ أن الوقت لم يفت! وأخرج من محفظته إبرة،وحقنها بمصل. ثم فحصها بنعومة. وقال :
- إنها ضعيفة جدا. وقد تأثرت الرئتان .. ويبدو أنها لم تأكل شيئا ولم تشرب،منذ عدة أيام.
وسمع أنينا حمله على أن يلتفت برأسه. ونظر بإشفاق إلى الرجل العجوز وهو متهاوي على كرسيه،وقال له:
- لا تقلق أيها الرجل الطيب. سننقذها إن شاء الله. ولكن لابد من عناية مشددة. وكأنما كان يتجه بكلامه إلى السيدة نافيل،ذلك أن مصلحة الإسعاف مرهقة جدا بما لديها من أيتام الحرب. وهذه الطفلة بحاجة إلى أن يكون هناك إنسان إلى جانبها دوما. وإلا فإني أخشى أن ...
وقاطعته زوجة القنصل،بقولها :
- سآخذها إلى بيتي،يا دكتور،طول المدة اللازمة. فلقد هبطت عليّ هذه البنيّة من السماء. ولا أستطيع تركها تموت.
وخلا عدة أسابيع كان زينل يأتي كل يوم لزيارة الطفلة. وسرعان ما عادت الطفلة إلى السلامة،بفضل الغذاء الصحي المتوفر في قنصلية سويسرا. هذه الجزيرة من البحبوحة والخيرات،في وسط باريس المحتلة. وهاهي الآن بنيّة بضّة الجينات{هكذا} والخدود،تستقبل بفرح هذا الخصي وتسميه"زيزل".
ولقد قصّ كل شيء على زوجة القنصل،غاضا النظر بطبيعة الحال عن مرحلة الرجل الأمريكي،والرسالة التي أرسلت للراجاه. وهو يرجو أن لا يكون الراجاه قد تلقاها،لأنه لم يجب قط. فإذا انتهت الحرب،فإنه يستطيع استعادة طفلته. وهذا هو الحل الوحيد،مادامت سلمى قد غادرت إلى دار الآخرة. وستكبر الأميرة الصغيرة في الزينانا،وتتزوج،وستكون حياتها مريحة وبلا مشاكل.
أوليس هذا ما أرادت أن تقوله سلمى وهي على فراش موتها؟ إن الخصي يتذكر تلك الممرضة الشابة التي هرعت إليه في اللحظة التي كان فيها ينزل المستشفى،وقالت :
أيها السيد! انتظر،فأنا التي كنت قريبة من ابنتك،عندما ... أخيرا،أي قبل ذلك بلحظة،وتعلقت بيدي وتمتمت : "عفوك،يا أمير ... الطفلة ... لقد كذبت..." وكانت هذه آخر كلماتها.
وارتعش زينل. وبدأ يفكر بالكآبة التي ينبغي أن تكون استولت على المرأة الشابة،عندما وجدت أنها تموت،تاركة طفلتها بلا أب .. لقد فعلت كل شيء لكي تبقي ابنتها حرة. ولكنها لم تتخيل لحظة واحدة،أنها هي نفسها يمكن أن تموت،وأن الطفلة عندئذ ستجد نفسها وحيدة.
... يا أميرتي الجميلة،أيتها الصغيرة المسكينة ... هكذا كان يقول زينل،وهو يرى البنية في الجانب الآخر من الغرفة،تلعب مع دماها. ومنذ الآن فإنها في أمان،ولم تعد بحاجة إليه. وقد فعل من أجلها كل ما يجب أن يفعله،وبقدر ما استطاع،سواء أحسن أم أساء. أما الآن فإن به رغبة ملحة،هو أيضا،لكي يمضي ويستريح.
وقبّل الطفلة على جبينها بنعومة كيلا يزعجها،وتركها وخرج،بخطوات بطيئة.
ثم لم يره أحد بعد ذلك قط.)

اسومضها لكم / س/ محمود المختار الشنقيطي
س : سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب