وقفات مع رواية سجينة طهران : ضرب الودع!!

قبل فترة أعدت التغريد برابط لتحميل رواية" سجينة طهران" ... فجاءني سؤال من أختي الأستاذة منال الكندي،عن رأيي في الرواية؟
أخبرتها أنني لم أقرأ الرواية،وأنني أوصيت على نسخة ورقية منها.. لم أحصل عليها .. وبالتالي لم أقرأ الرواية،ولكنني مررت عليها مرورا . . مع التركيز على الفصول الخاصة بالسجن .. وعليه فإن ما أكتبه هنا ليس "نقدا".. بل مجرد انطباعات .. وكما أشرت في العنوان .. الأمر أقرب إلى ضرب الودع .. من الكتابة المتفحصة!! الإنسان يقرأ رواية ما مرتين وبالكاد يكتب عنها.
رواية "سجينة طهران" لمؤلفتها مارينا نعمت / ترجمة : سهى الشامي
تقديم : فاطمة ناعوت
نشر : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة.
الطبعة الثالثة 2014
الوقفة الأولى : لديّ موقف،بل شعور خاص نحو مسألتين :
1 – الرواية / المذكرات .. فهي واقع / خيال .. فإن أردت أن تحاور معلومات وردت بها .. قيل لك : هذه رواية أي خيال .. فإن قلت أنها مجرد خيال .. قيل لك هذه "مذكرات".. أي حقائق وقعت .. ثم ألبست ثوبا قصصيا .. وربما زيدت شخصية هنا،وأخرى هناك!
2 – الروايات التي يكتبها"منشقون"أو فارون من بلدانهم .. إنهم يقدمون "فرجة"لمجتمعهم الجديد ... للتسلية ولينتشي المجتمع الجيد بنجاح "الفكر"الذي اختاره .. بدليل هروب المنشقين .. والقصص التي يحكونها عن مجتمعاتهم السابقة ... فنجد إيرانية أخرى هي آذرار نفسي – في روايتها "أن تقرأ لوليتا في طهران " تتباكى على الحرية أيام "الشاه" أعني حرية الحصول على "الخمور" .. و شواء الأعضاء الأكثر طراوة في الخنزير!!
بينما تخبر يونغ تشانغ – في كتابها "بجعات برية : دراما الصين في حياة نساء ثلاث" – عن "آثار"الرجال على ملابس النساء المعلقة على الحبال لتجف .. لشدة الكبت الذي يعانيه الرجل الصيني .. في النظام الشيوعي!!
للسببين السابقين .. لم تعد لديّ رغبة أكيدة في قراءة ذلك النوع من الأدب.
الوقفة الثانية : لاحظت في مقدمة هذه الرواية – وفي مقدمة أخرى – التي كتبتها الأستاذة فاطمة ناعوت – والتي تمددت على الصفحات 15 – 31 أننا أمام ما نستطيع أن نسميه "تصفية حساب" أو الغضب من "فكر مخالف" .. فالأستاذة فاطمة تقول :
(قصة مارينا منذ قبض عليها عام 1982،لتسكن معتقل إيفين وتعاني الأمرين عامين وشهرين عددا،مرورا بزواجها القسري من جلادها الإسلامي الذي أحبها ولم تحبه،ثم إسلامها القسري أيضا،ثم تحررها بمصرع الزوج على يد جلاد إسلامي آخر){ ص 17 "سجينة ..."}.
فهذا التكرار لـ"جلاد إسلامي" يشي بغضب عارم !! بل إن الأستاذة"ناعوت"بدت غاضبة أكثر من المؤلفة نفسها!! والتي يبدو أنها أرادت أن تصنع من جلادها "بطلا / جلادا" .. أو جلادا له ملامح إنسانية .. لمن لم يقرأ .. ولم يطالع .. سجنت البطلة / المؤلفة .. في سجن إيفين الرهيب .. ومع تعذيب الجلادين لـ"مارينا" – المسيحية – يبرز وجه جلاد في قلبه شيء من الرحمة"علي" .. وقبل تنفيذ الإعدام بلحظات يصل "علي"حاملا العفو عنها،بعد أن قابل "الخميني"شخصيا واستصدر لها عفوا .. أو حول الحكم إلى"السجن المؤبد" .. ثم يختفي "علي"بعد أن أوصى بـ"مارينا"ويتضح أنه ذهب إلى الجبهة لقتال العراقيين،فرار من "حب مارينا" .. ثم يعود .. ويجبرها على الزواج منه – وهي في السجن – تحت التهديد بأذية أسرتها .. ويطلب منها أن تتظاهر باعتناق الإسلام،وفي كل المواقف يظل"علي"في غاية اللطف معها .. ويعرفها على أسرته،فتأنس بهم،بل تحب ترابطهم،واهتمامهم ببعضهم،عكس أسرتها .. وتزف إليه وهي سجينة .. وتتحول إحدى الزنزانات إلى "مخدع"للقاء الزوجين!! ثم تحمل .. وفي خضم ذلك تعرف – من أخت"علي"أنه كان سجينا في نفس السجن،إبان حكم الشاه،ثم ترى أثر السياط والتعذيب على ظهره .. ويقرر من ثم تقديم استقالته .. بعد أن حاول أن يساعد الكثيرات .. ولكن رفقاء الأمس .. يغتالونه .. وكادوا أن يغتالوها هي أيضا،لو لا أن "عاليا"رمى نفسه عليها وتلقى الرصاص عنها.
لذلك تذكر أنه أنقذ حياتها مرتين.مرة حين حصل لها على "العفو"ومرة حين تلقى الرصاص عنها.
وهنا أذكر بقولي أن الأستاذة"ناعوت"بادت غاضبة أكثر من "مارينا" والتي بدأت مشاعرها تتغير تجاه"علي"،ولا أدل على ذلك من هذا الحوار تقول "مارينا":
(أخبرتها بأمر اغتيال علي فصدمت.
قالت : "لقد نال جزاءه"
-"كلا ،يا بهار،لم يكن يستحق ذلك"
-"ألم تكرهيه لما فعله بك"؟
- لماذا يسألني الجميع هذا السؤال؟
- لم يكن الشر به خالصا،بل كان به بعض الخير. كان حزينا وحيدا،أراد أن يغير ويساعد الناس،لكنه لم يكن يعرف السبيل المناسب لذلك،أو ربما كان يعرف لكنه لم يستطع،لأن أشخاصا مثل حامد لم يسمحوا له بذلك"){ ص 277}
على كل حال .. سعى والد"علي"وصديقه"محمد"حتى أُفرج عن"مارينا"وعادت لأهلها .. وتزوجت حبيبها .. ثم هاجرت إلى كندا .. ثم كتبت الرواية .. التي بين أيدينا.
المقدمة الأخرى التي أشرت إلى أنني لاحظت غضب صاحبتها .. وقد يدخل ذلك الغضب أيضا ضمن "تصفية الحسابات" هي مقدمة مترجمة السيرة الذاتية لـ"مالكوم إكس" الأستاذة ليلى أبو زيد ،والتي كتبت :
(وقد تبين لي أن ترجمة هذا الكتاب ستلقي لنا الضوء على حركة المسلمين السود في أمريكا الذين استمدوا من الإسلام قوة للمطالبة بحقوق إنسانية سُلبوها منذ أربعة قرون،وكلن جهلهم بالإسلام وكونه كان بالنسبة لهم وسيلة لا غاية،حاد بهم عنه ودمرهم فأساؤوا له ولأنفسهم. وهذا ينطبق على ما يحدث اليوم في العالم الإسلامي من استعمال للإسلام لغايات سياسية وما ينتج عن ذلك،بقصد أو بغير قصد،من تجرؤ عليه وتأويلٍ له دعما لمواقف وتبريرا لأعمال،وما ينتج عن ذلك من بلبلة حول الإسلام في أذهان سواد المسلمين){ ص 7 (ملكوم إكس : سيرة ذاتية) / أليكس هاليي / ترجمة : ليلى أبو ويد / بيروت / بيسان للنشر / الطبعة الثانية 2000}.
هكذا بجرة قلم .. تبدو الأستاذة وكأنها شطبت الإسلام السياسي .. تلك التجربة الضخمة،التي ما دخل أصحابها انتخابات نزيهة إلا ونالوا النصيب الأوفر من الأصوات .. بل إنهم يحكمون الآن بلد الأستاذة المترجمة .. المغرب!!
الوقفة الثالثة : رواية"سجينة ظهران" تحمل – حسب اطلاعي – أطول قائمة إهداء .. وشكر!!
فبعد شكر الزوج والأبناء شكرت المؤلفة :
بيفيرلي سلوبن : "وكيلي الرائع وصانع المعجزات" ص 327
(محرريّ وناشريّ الرائعين : ديان توربيد وديفيد دافيدار "بينجوين كندا"إليانور بيرن،ورولاند فيليبس"جون موراي ببليشرز/المملكة المتحدة"ليز ستين ومارثا ليفين "فري بريس / الولايات المتحد" أشكر لكم دعمكم الهائل وتعليقاتكم المدروسة وأسئلتكم الذكية ..) {ص 327 - 328}.
ثم شكرت :
(جيم جيفورد : ظهورك في حياتي كان معجزة،شجعتني،وأصبحت معلمي وصديقي. إليك يرجع الكثير من الفضل في تحول مخطوطتي إلى كتاب.){ص 328}.
وكذلك :
ميشيل شيبيرد /راشيل ما نلي / سكوت سيمي / جون كلارك / ستيفن بيتي / أوليف كوياما / لي جوان / جيليان بارتليت / كاريننا دالين / وكيم إكلين وكينت ناسي "وكل أصدقائي ومعلميّ في مدرسة التعليم المستمر في جامعة تورنتو){ ص 329}.
عضوات نادي الكتاب " ذكرت ستة أسماء" ثم شكرت :
ماري لين فندرفيلن : (أشكرك على منحي شعورا بالانتماء،وعلى تحريرك الدقيق لمسودتي الأولى){ص 329}.
وأخيرا شكرت :
لين وبين .
زهرا كاظمي ..
الوقفة الرابعة : تبدو النزعة "المسيحية"شديدة البروز في الرواية .. حتى أن "مارينا"جعلت "علي"الإسلامي المتشدد .. يذهب بها إلى الكنسية،بعد أن أعلنت إسلامها .. وفي بلد كله تحت المراقبة!!
كما أنها حين عرفت أن"اكرام" أخت"علي"لم تحمل بعد ..رغم مرور عدد من السنوات على زواجها، لقنتها "صلاة"تكررها،ووعدت بذلك .. رغم معرفتها أنها صلاة مسيحية .. وفعلا حملت "اكرام"ووضعت طفلا سمي على خاله!!
الوقفة الخامسة : كما ذكرت في البداية،أنني لم أقرأ الرواية .. وكما ذكرت في العنوان .. أن الأمر أقرب إلى "ضرب الودع" .. ومع ذلك فقد لاحظت ملاحظات صغيرة :
الملاحظة الأولى : الاستمرار في سجن "مارينا"بعد أن أعلنت إسلامها،لا يبدو منطقيا .. كان على الفرح بدخول تلك الضالة في الإسلام أن يجب ما قبله!
الملاحظة الثانية : لا أعرف .. ولكن صلاة الجمعة لا تصلى في "فضاء" كما يحصل عند صلاة العيد .. إلخ.
بينما تتحدث الرواية عن صلاة الجمعة في "فضاء" ..
الملاحظة الثالثة : تم الاحتفال بتغيير اسم"مارينا"بعد أن اختارت اسم"فاطمة" – مثل اسم والدة "علي"- ومع ذلك ظل الجميع يناديها "مارينا" صفحة 229 و صفحة 235
الملاحظة الرابعة : تتحدث "مارينا"عن فقر أسرتها،قياسا على ثراء "علي"وأسرته .. ثم تحدثت عن منزل"أسرتها الصيفي" .. فهل هذا أمر طبيعي ؟ مجرد سؤال.
الملاحظة الخامسة : تبرز الرواية "عليا"على أنه صاحب نفوذ كبير،ومع ذلك ذهب إلى الجبهة للقتال !!! ولم نعهد أصحاب المناصب يزجون بأنفسهم في أتون الحروب!!
فكيف ألقى"علي"بنفسه في أتون الحرب،حتى أصيب ؟ أم أنه "حب مارينا"زلزل كيان ذلك "الجلاد الإسلامي"؟!!
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني