باطن الشعر وظاهره

كتبه: فيصل الملوحي

الشعر في ظاهره نتاج فرد، وفي حقيقته مشاع تتعاوره جماعة الشعر،
نجد الفنّ والأدب ملك أهل الفنّ و الأدب جميعا =.
إن قارئ موضوعي ( في حريّة الرأي ) يبدو له من طرف خفيّ أنّ فضل الشعر ليس للشاعر وحده،
فللشعر:
سابق: مقدمات ولّدته،
ولاحق:منعكسات تلقّفته.
لا يعيش الشاعر منعزلا في صومعة، إنه يتمثّل ما حوله من خيال ومشاعر ورؤى،
فيتزوّد بها في سفره إلى عالم الشعر، ويرافقه فيه شيطان شعره،
يجوب فيه عوالم روحه، وتتنازعه العواطف، ويضيع في تهويمات الخيال،
ويعود من سفره حاملاً هديته إلى أحباب هذا الهديّة الثمينة،
فيشعر المُهدى بلذّة لا تعدلها لذّة،
و في هذه اللحظة تغمر المُهدي فرحة يحسّ بها بقيمة ما أهدى.
هي ثلاثية في ظاهرها، توحّد في باطنها.
أهمس في أذن صديقنا العربيّ القُح الصحراويّ الأصيل:
ليس في الشعر حريّة، إنّ ما يفرضه شيطان الشعر يذيعه اللسان مكرها،
يفرضه في الشكل وفي الأوان.
إلا إذا كنا مع شعر المناسبات- وهو شعر تجاوزاً بما يحمله من وزن وقافية وأفكار ، ومشاعر الله أعلم بصدقها، وخيال جلبه من مصانعه كما يُصنّع بعضهم اليوم الترجمة!!

سامحوني على الإسهاب!!

سيدتي الفاضلة

أقدّر بصدق متابعتك التي لا تفتر لهذا القدْر الذي تمتلئ به جعبة المنتدى، وأنا أعلم أن لك مسارات أخرى.

ولكنْ هل يسلم الإنسان وهوفي المعمعة من هفوة، قد تكون هفوة عند قوم، وحسنة عند آخرين.
أرجو أن تتقبّلي ما أقول برحابة صدرك التي عرفناها:

تتفضلين بالقول: إن الشعر رد فعل على فعل، ثم تصلين إلى قول الناقد الكبير عبد الله الغذامي يكمل المفهوم ( هل تقصدين مفهومي للشعر ) ليجعله مسخا!! ليكمل طريقه متكسبا على بلاط الخلفاء.
أليس شعر بلاط الخلقاء هو ما قلت: (إلا إذا كنا مع شعر المناسبات- وهو شعر تجاوزاً بما يحمله من وزن وقافية وأفكار ، ومشاعر الله أعلم بصدقها، وخيال جلبه من مصانعه كما يُصنّع بعضهم اليوم الترجمة!!)

أولا: لكيلا نخلط الأمور أقول:نعم يؤسفني أن تُعنى الكتب المدرسيّة غالبا بالمتكسبين على بلاط الخلفاء، دون أن ننسى أنها تذكر( سئمت تكاليف الحياة، وبكاؤكما يشفى، فليس تزور إلا في الظلام.... ورهين المحابس الثلاثة..) و ليس كلّ الشعر العربيّ كما يدّعون.


ثانيا: أقول لك صادقا: آذتني جدا كلمة المسخ، ( هل أسمّي نفسي مسخا؟!).

عندما أقول للشعر مقدّمات ، ليس القصد أن الشاعر آلة وشعره ردّ فعل لهذه المقدمات،،( إنه يتمثّل ما حوله من خيال ومشاعر ورؤى، فيتزوّد بها في سفره إلى عالم الشعر، ويرافقه فيه شيطان شعره، يجوب فيه عوالم روحه، وتتنازعه العواطف، ويضيع في تهويمات الخيال،
ويعود من سفره حاملاً هديته إلى أحباب هذا الهديّة الثمينة،) هل كلّ إنسان قادر على تمثـــــــّل ما حوله، وهل ما يحدث في نفس الشاعر ردّ فعل، أم تفاعل و إبداع لا أدري حركاته في نفس الشاعر.
و أقول: (فيشعر المُهدى بلذّة لا تعدلها لذّة،و في هذه اللحظة تغمر المُهدي فرحة يحسّ بها بقيمة ما أهدى.) هل المشاركة الوجدانيّة تُعدّ ردّ فعل؟!
و أقول: (ليس في الشعر حريّة، إنّ ما يفرضه شيطان الشعر يذيعه اللسان مكرها، ) من ذا الذي
يفرض على الشاعر شعره غير نفسه ، شيطان الشعر وهو التعبير الخرافيّ عن قوة داخليّة في هذه النفس.
كلّ ما في الأمر أني أكثر إنصافا للشاعر، فما هو بألعوبة بيد المتنفّذين، إنّما هو مصوّر بارع للمحيط حوله.
البحث طويل طويل ( أخشى أن أسمع من ينادي بالبحث عن أثر البيئة في شعر الشاعر، وهو أمر يصعب العثور عليه إلا قليلا، لأن هذه البيئة تتفاعل في نفسه، وهو سرّ من أسرارها، فلا نستطيع أن نشير إليها بسهولة، إنّما أنا مع درس التركيب اللغويّ للأدب )

وشكرا من القلب.

شكرا لك توضيحك

أيتها الأديبة الفاضلة