جولة في جناح المخطوطات بالمكتبة الوسائطية
- نسخة مخطوطة صحراوية فريدة من كتاب (نجوم المهتدين ورجوم المعتدين في دلائل نبوة سيد المرسلين والرد على أعدائه إخوان الشياطين).


للعلامة القاضي الشهير يوسف بن إسماعيل النبهاني (1350 هج - 1932 م).




لكل كتاب في مكتبة كل باحث قصة، تستحق القَدْر والذكر، ولو أن كل باحث دون قصة كل كتاب لديه لجُمع في ذلك ألوف الأجزاء في شتى صنوف الطرائف والفوائد.
وهذا لا يختلف فيه المخطوط عن المطبوع، لكن قصص تحصيل المخطوط لا محالة ألذ طرافة وأبلغ فوائد.


لم نكن نتوقع ونحن نقطع متاهات متوالية، ومفاوز بعيدة مترامية - قاصدين أبعد حاضرة في اتجاه صحراء الجنوب المغربي - أن نحظى بنسخة مخطوطة من كتاب فلسطيني النسب، لبناني التمدد والسّرَب، قريبة العهد، كتبت بعناية لافتة، بخط مغربي غاية في الجودة والإتقان والجمال، تقيم هاهنا بمكتبة (مركز الشيخ عبد القادر الجيلاني) منذ أكثر من خمس وعشرين سنة - بعد انتقالها من مدينة العيون الصحراوية - فيما ورثه صاحبها الشيخ محمد الجيلاني عن أبيه الشيخ محمد عبد الله الجيلاني من مخطوطات، جاء بها أواخر العقد السادس من القرن العشرين أول انتقاله من بلده الأصلي موريتانيا إلى مدينة الرباط بالمغرب، حيث أقام إلى أواخر العقد السابع، ثم انتقل بعدها إلى مدينة العيون.


واللازم أن تكون قد قضت قبل ذلك ردحا من الزمن بالمكتبة المركزية بنواكشوط خلال الاستعمار الفرنسي لموريتانيا، دل على ذلك الخاتم الفرنسي الوحيد الذي وجدناه على أولى أوراقها، ووجدنا تحت اسم المكتبة رقمها (251) ضمن فهرس المكتبة، وتحته فراغ أمام (الرمز)، وفراغ أمام (التاريخ).


والحري بالذكر في هذا السياق أن الشيخ محمد عبد الله الجيلاني كان قبل انتقاله من موريتانيا إلى المغرب رئيسا لقسم المخطوطات بالمعهد العلمي الموريتاني، فلعله الاسم الذي حل محل اسم (المكتبة المركزية) ذات الخاتم المذكور، فلا عجب من ارتباط هذه النسخة الخطية الفريدة به، ولكن العجب من ارتباطها بابنه، ودخولها في نصيبه الموروث عن أبيه، فلا ندري لو جعلها الله في نصيب غيره من الورثة أكنا قادرين على الوصول إليها ؟؟؟ ... ، فإني لا أعرف كل الذي نقلته من خبرها العجيب إلا من طريق الشيخ محمد الجيلاني الذي وجدتها لديه، ولو لا أن الله تعالى ساق لي قبل أكثر من عامين أسباب توقيع اتفاقية بيننا وبينه في هذا الشأن ما كان همي منذ ذلك الحين ليتوجه شطر مدينة الداخلة الصحراوية النائية، فضلا عن الخروج هذه الأيام في هذه الرحلة العاجلة، فالحمد لله على ما أنعم به من سابق فضله وهدايته، وعلى ما أتم من توفيقه وسابغ عنايته، إذ لو لم يكن من مغانم رحلتنا إلا الظفر بسرور رؤية هذه المخطوطة، وسعادة لقياها ولذة عناقها، لكفانا وأرضانا وأغنانا.


ولا ندري قبل الذي ذكرته من تاريخها أين كانت، إن كانت في مكان آخر قبل ذلك، لا سيما وأن فترة الاستعمار الفرنسي لموريتانيا دامت من مطلع القرن العشرين الميلادي إلى غاية عام (1960 م)، وأن القاضي يوسف النبهاني رحمه الله توفي سنة (1350 هج - 1932 م).


كما أننا لا ندري هل لملابسات نسخها صلة مباشرة بمؤلف الكتاب ...، لا سيما وأن ناسخها افتتحها بتقديم يذكر فيه المؤلف بما يدل على أنها كتبت في حياته، وهو بعد رئيس محكمة الحقوق في بيروت، قائلا: م€ٹأطال الله بقاءهم€‹.


كما أنه اختتمها بقوله: م€ٹوقد انتهى تبييض هذا الكتاب ومقابلته في نهار الأحد الواقع ....... ربيع الثاني سنة ........ .م€‹.
فلعله أجل إثبات ما ترك لأجله الفراغ إلى أن يكتبه بلون مغاير، ثم سهى عنه، والله أعلم.


كما أننا لا ندري عن طبعة (دار الكتب العلمية، 2013) للكتاب شيئا سوى أنه طبع بتحقيق أحمد فريد المزيدي.


وأنه بعنوان (نجوم المهتدين ورجوم المعتدين في دلائل نبوة سيدنا محمد سيد المرسلين والرد على أعدائه إخوان الشياطين)، حيث خالف نص العنوان الذي أثبته مخالفة يسيرة.


ولو كان بأيدينا لعرفت هل قدم لهذه الطبعة بما يسعفنا في معرفة المزيد من قيمة هذه النسخة الصحراوية.


وما فتئت أطالع من سنا محياها السافر، وأتخلل من مكنون فتنتها الناعم العاطر، ومسعد سمرها الساحر الآسر، ما أكاشف به المزيد من لوائح نعتها الجليل، وخصائص وصفها الجميل.


وألتمس ممن جرى له من الإخوة الأفاضل من شأن هذا الكتاب النفيس شيء أن يسعفني به جزاكم الله خيرا.


والحمد لله أولا وآخرا.




عبد الرزاق مرزوك
الداخلة
12 ذو القعدة 1436 هج - 28/8/2015 م.
ومن خلال جولة في جناح المخطوطات بالمكتبة الوسائطية:



مختصر في الخصائص النبوية بخط إحدى العالمات الصحراويات المعتنيات
فاطمة بنت سيدي محمد بن الحاج
لم نجد أكثر مما وقعت به آخر المخطوطة مما يمكن أن نثبت به المزيد من ترجمتها رحمها الله
ويرى الملاحظ مطلع أولى الورقات بعد البسملة مكتوبا بخط شديد مبرز بلون أحمر عبارة (مبارك الابتداء ميمون الانتهاء)
وهي ليست خاصة بهذه المخطوطة، بل هي شعار قربى وتيمن جرت عليه عادة كل من كتب مخطوطا من المؤلفين والنساخ من أهل هذه البلاد
وهو ما عرفت به أيضا المؤلفات المخطوطة الموريتانية ذات الصلة العلمية الوثيقة بالبيئة الصحراوية المغربية