منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أسعد زوجين

  1. #1
    محاضر ومسؤول دراسات عليا في جامعة القاضي عياض، المغرب
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,497

    أسعد زوجين

    أسعد زوجين ( 1 ) .
    الحمد لله ولي النعمة والإفضال ، العزيز الجبار الكبير المتعال
    والصلاة والسلام على من حاز خصال الشرف جميعا على جهة الكمال
    ومن تبعه بإحسان إلى يوم المآل .

    لـم تدع المدنية الحديثة مفهوما من مفاهيم التصور والتصرف الإنسانيين
    إلا بدلته تبديلا ؛ يحيل خير تلك المفاهيم شرا ، وشرها خيرا
    ثم صاغته قانونا أو تقليدا مقدسا ملزما
    يحاكم الفكر والسلوك برهبة أشد من رهبة الدين
    تصنف المتابع الراضي واعيا متمدنا ، والممانع غبيا بدائيا .
    وحين تقيس ما تريد البشرية لنفسها إلى ما يريد لها فاطرها جل وعلا
    يظهر لك فرق ما بين الهدى والضلال ، والنعيم والجحيم
    ثم تدرك السر العجيب في تشوه تلك المفاهيم ، وانقلابها رأسا على عقب .
    إن الإنسان المفصول عن الوحي والنبوة
    المغمور بكل متاح يجيب شهوته الدنيا
    المفصوم عما يفتح لروحه المأسورة منافذ الانعتاق
    لا يرى للسعادة مفهوما غير السعي في جلب كل متعة دنيا
    سعيا يرد كل قيم الوجود إلى النفع الجسدي القريب .
    أما الفلسفة الحديثة فإن أسمى ما رقّت إليه الإنسان
    لم يتعد به ( منـزلة الحيوان ) ، وعلقت رقيه المدني على هذه الخاصية
    كما قرر الطبيب النفسي الأمريكي وليم جيمس
    وتساءل الآخر في حيرة بالغة :
    ( هل هناك بناء فطري للرقي العقلي سوى الغرائز ؟ ....

    وهل هناك ميول خلقية سوى الميول التي تدخل في تركيب الغرائز وتكوينها ؟ ...

    ترى هل تكمن في المستقبل مدراج عليا أخرى للتطور ؟ ...
    من يعلم ذلك ؟؟
    ) .

    فإذا تعلق الأمر بالزواج صارت قاعدة الحياة الزوجية
    ومسالكها وغاياتها لدى الزوجين ربيعا كربيع المراعي
    هو سر شبعهما وغناهما ، والمعشوق الأمثل الآسر لجوعهما وتطلعاتهما
    ويصير مدى تقديرهما واحتفال العالم بهما
    بحسب ما يمتلكان من متاع الدنيا
    وما ينفقان على لذة أشبه بلذة البراز لدى الحيوان أو أدنى .
    هذا هو الناموس الذي يحكم الصلات الزوجية اليوم في أرقى المجتمعات
    وقد يرقى زواج اثنين هناك أعلى الدرجات
    فتتدافع الجماهير على شهوده القريب والبعيد
    ويسخر لتخليد مشاهده إعلام الدنيا
    لكن غاية ما يكسبه المتابَع والمتابِع آخر المطاف
    متع آنية لا تنشئ خيرا ولا سعادة ، ولا كمالا ....
    تظل باردة باهتة ما لم يغمرها مهب سكن حنيف لطيف
    يفرج عن الروح ، فيقل الزوجين
    إلى بُوح المودة والرحمة الممتدة بين ربى هذه الآية الكريمة :
    ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا
    وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
    ) .
    فلا يظفران بلذة هذا الإشراق ، ولا يطعمان هذا النعيم
    ما لم يريا آية فاطرهما في خلقهما لبعضهما
    ويجدا ما في ذلك من سكن الإيمان والوئام ...
    آنئذ فقط يحلو الحب ، وتطيب المودة ، وتفيض عشرتهما بالسعادة الحقيقية .
    إن أسعد زوجين في الأولين والآخرين
    محمد صلى الله عليه وسلم وخديجة بنت خويلد رضي الله عنها
    من بين وصالهما الصفي القدسي جرى شرب الحب والسكن
    ومدت أفنان المودة والرحمة ، وفتق ورد السعادة يظلل نموذجهما الفريد .
    ولعل البيان المؤرخ لهذا الزواج الأسعد
    لم يسطره قلم ماسي في ديوان ذهبي يومها
    لكنه خلد بأقدس البيانات ، وأروع المشاهد .

    خلد ببيان ينادي على الزوج بأجل ثناء وأجمله :
    ( يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً .
    وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً
    ) ...
    زوج اجتباه ربه اجتباء الخليل لخليله
    ثم تولى الثناء عليه قبل الخلق ، وكشف خصال كماله دونهم
    بل جعل ثناءه لثنائهم معينا منهمرا، وقمرا منيرا سائرا .
    كان يهيأ صلى الله عليه وسلم للرسالة حين ارتبطت به خديجة رضي الله عنها
    فاصطفي لها واصطفيت له ، وجرى توثيق قرانهما في الملإ الأعلى .
    فما كان لله العلي الحكيم أن يفصل زواج نبيه
    صلى الله عليه وسلم عن شروط رعايته المواتية لمقتضيات اصطفائه
    والزواج لا محالة أهمها ، وأحراها بالعناية
    إذ لو تزوج يومئذ غيرها لاضطرب ناموس تهيئته للنبوة جملة .
    فجرى تزويجهما بكلمة الرب تعالى وعدله وتدبيره
    وذلك – لا جرم - السبيل الأليق للإشادة
    والاحتفال بأسعد زواج على وجه الأرض .
    إن غاية ما يساق لإشهار زواج ملك أو أمير
    من وسائل الفرح والسرور الفانية لا يعدو ذهب الدنيا وزخرفها
    ولو بذل – لإحياء زواجه - من ذلك ما في الدنيا جميعا ومثله معه
    لما استحق أن يرفع في فضاء الخير قيد أنملة ، بله أن يستحق احتضان السماء .

    يتبع ...
    أَسْرِي سَقَى شِعْرِي الْعُلا فَتَحَرَّرَا = وَرَقَى بِتَالِيهِ الْمُنَى فَتَجَاسَرَا

  2. #2
    محاضر ومسؤول دراسات عليا في جامعة القاضي عياض، المغرب
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,497
    فإن سألت عن فتوة الزوج وجماله الحسي وبهائه الجذاب
    فاعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق جمالا
    وأعظمهم حسنا ، وأن خديجة رضي الله عنها أبلغ النساء ظفرا من هذا الوجه وأوفر حظا .
    هل رأت عينا بشر على الإطلاق رجلا :
    ( ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير ) .
    ( مربوعا ، بعيد ما بين المنكبين ) .
    ( أزهر اللون ) .
    ( ليس بأبيض أمهق ، ولا آدم ) .
    ( ليس بجعد قطِط ، ولا سبط رجِل ) .
    ( وجهه مثل السيف ، لا .. مثل القمر )
    يده صلى الله عليه وسلم في الهاجرة
    ( أبرد من الثلج ، وأطيب من رائحة المسك )
    كتاب المناقب من صحيح البخاري
    باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم ( 6 / 564 – 566 فتح ) ..
    وفي حديث جابر بن سمرة :
    ( خرج إلى أهله وخرجت معه ، فاستقبله ولدان
    فجعل يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً ، قال :
    وأما أنا فمسح خدي ، فوجدت ليده بردا أو ريحا كأنما أخرجها من جؤنة عطار ) .
    صحيح مسلم رقم 2329 .
    ( إذا سُرّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر ) ، ( يبرُق وجهه من السرور ) .
    كفه صلى الله عليه وسلم ( ألين من الحرير والديباج ) .
    ما شم مسك ولا عنبر ولا عبير أطيب رائحة من ريحه صلى الله عليه وسلم .
    فتح الباري 6 / 567 .
    ( إذا مر في طريق من طرق المدينة وجد منه رائحة المسك
    فيقال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم
    ) .
    مسند البزار عن أنس بن مالك بسند قواه الحافظ في الفتح 6 / 574 .
    هذا هو الرجل الذي تزوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
    شابا في ربيع عمره ، وهذه صفات حسنه الحسنى
    وآيات جماله الأسنى ، فأي أمير يحلم بأن يكون بهذا الصفاء والإشراق
    لو مكن من سبيل سحري يصطنع به جماله ؟؟ ..
    هل ظفرت امرأة بما ظفرت به خديجة رضي الله عنها منه ؟؟
    وهل في الدنيا زوجة أسعد منها به ؟
    أو يكون على وجه الأرض زواج أسعد من زواجهما ؟ ..
    وهل يكفي في الإشادة به أن نقول : إنه ( زواج أسطوري ) ؟؟؟ ...
    تأمل كل سر من أسرار جماله المختوم ؛ تجده مشرق سعد وإسعاد
    تعشق كل نفس قرباه ، وتهفو إلى رياض زلفاه
    ثم تأمل تفرد خديجة رضي الله عنها دون الخلق بكل ذلك
    وظفرها به على جهة الاختصاص
    ثم لم تصب منه سواها إلا بعد موتها رضي الله عنها ، وعلى جهة الاشتراك .

    أما خصال نفسه صلى الله عليه وسلم الزكية
    وصفات خلُقه السنية فإنها أتم حسنا ، وأكمل جمالا وجلالا
    ولو أسعفني الزمان لبسطت منها ما يزيد انبهارك .
    وأما خديحة رضي الله عنها فيكفيها أنها كانت تدعى في الجاهلية : ( الطاهرة ) .
    ويكفيها أن هذا النبي الأجمل الأجل قد أحبها
    وتعلق فؤاده بفؤادها تعلق الفنن بقطرات الندى
    ولا يزال صلى الله عليه وسلم يحبها ويذكرها وهي ميتة
    حتى تقول عائشة رضي الله عنها :
    ( كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة ؟ .
    فيقول : إنها كانت وكانت ، وكان لي منها ولد ) .
    كتاب مناقب الأنصار من صحيح البخاري
    باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديحة وفضلها( 7 / 133 فتح ) ..
    فانظر كيف أوجز النبي صلى الله عليه وسلم
    تلك الخصال القدسية أروع إيجاز
    ولو مد لها مجال القول والعد لطرز بذلك صفحات .
    ترى هل كانت بحاجة إلى إشهار زواجها الأسعد بالقصور والورود والزهور
    وقد كانت غنية ثرية ذات جاه واعتبار ؟؟
    أم كان لديها من الثقة ، وغنى النفس
    وعلو التطلع ما زهدها في استغراق المتع الفانية ؟ ..
    وهل يا ترى تكفي هدايا الدنيا كلها لتهنئتها ومكافأتها ؟ ..
    كلا .. لقد كافأها من اصطفاها لمصطفاه

    ( ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب ) .
    صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها . كتاب مناقب الأنصار .
    باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديحة وفضلها ( 7 / 133 فتح ) .
    ولا يقيسن مفكر ذاك القصب إلى هذا القصب
    فإن قصور الدنيا جميعا لو وضعت في كفة
    ووضعت قصبة من قصبات قصر خديجة في كفة لرجحت تلك القصبة بهذه القصور .
    والذي بشرها وتولى تهنئتها لم يكن ملِكا من ملوك الأرض
    ولكن ملَكا من ملائكة السماء ، بل هو الأمين عليهم جميعا .
    أي حاجة بمثلها رضي الله عنها – وهي بهذا التكريم العلوي الفريد –
    أن تسرف في إشهار زواجها على الأرض ؟ ..

    وهل يبقي هذا التخليد السماوي في نفسها اللطيفة
    توقا إلى صخب التخليد الأرضي ؟ .. كلا .
    ألا ما أخف أحلامنا ، وما أشد غبننا في ديننا وحضارتنا ....
    أَسْرِي سَقَى شِعْرِي الْعُلا فَتَحَرَّرَا = وَرَقَى بِتَالِيهِ الْمُنَى فَتَجَاسَرَا

المواضيع المتشابهه

  1. أسعد زوجين ( 1 )
    بواسطة عبد الرزاق أبو عامر في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-14-2011, 02:50 PM
  2. صوت مزعج..
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 11-18-2011, 08:27 PM
  3. أطول زوجين في العالم أميركيان
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان جمالك سيدتي.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-20-2010, 03:37 PM
  4. عاد صائما ً .. إلى الأبد ..؟ /علي أسعد أسعد
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-16-2008, 05:26 AM
  5. نرحب بقلم عزيز (علي أسعد أسعد)
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الترحيب
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 05-16-2007, 04:01 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •