عين الفيجة وعروق دمشق

11/04/2015 في تاريخ وتراث

استقر الرأي في عهد الوالي العثماني ناظم باشا على إسالة جزء من مياه الفيجة الى دمشق بأنابيب محكمة وتوزيعها على مناهل منتشرة في أنحاء المدينة.
وقد تم جر المياه عام 1908 بواسطة أنبوب من الفونت قطره 250 ملم كان يصب في خزانين كلاهما في المنطقة الشمالية المرتفعة من المدينة.
خزان العفيف وسعته 2000 م3 وخزان ظبيان وسعته 500 م3.
يوزّعان المياه على 400 سبيل منتشرة في أنحاء مدينة دمشق كان يجري الماء فيها بمعدل ساعتين في الصباح والمساء وتكاد تكفي لسد حاجة السكان من مياه الشرب، وظل الأهالي يستعملون معها مياه الأنهار للأغراض المنزلية.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
;
لطفي الحفار

ثم تهيّاً لدمشق ابنها ‏لطفي الحفار‬ … الوطني الذي أدخل مياه الفيجة لبيوت دمشق. وهو لطفي بن الحاج حسن الحفار من مواليد ‏دمشق 1885 ومن الشخصيات الوطنية السورية.
عمل مدرّساً وأسّس في العام 1906 جمعية “النهضة العربية” السرية لمحاربة النظام الملكي العثماني في سوريا ولذلك تم ملاحقته في عهد جمال باشا السفاح.
ساهم في تأسيس الجبهة الشعبية إبان حكومة الملك فيصل في دمشق ومن ثم انخرط في العمل السياسي إلى جانب ‏الكتلة الوطنية‬ خلال فترة الاحتلال الفرنسي … شغل العديد من المناصب منها منصب وزير الأشغال العامة والتجارة في حكومة الداماد أحمد نامي عام 1926 ونائباً عن دمشق في العديد من السنوات.
يعتبر مشروع جر مياه نبع الفيجة من أهم الأعمال الوطنية التي قام بها الحفار حيث عمل مع عدد من تجار دمشق الكبار على تنفيذ مشروع جر مياه نهر الفيجة إلى منازل دمشق وحارب كل المحاولات التي عمدت إليها الشركات الفرنسية لتنفيذ هذا المشروع … فكان هذا المشروع الذي ابصر النور عام 1932 خلاصة عمل وطني بحت رسمه لطفي الحفار بدقة وتولى إدارته حتى عام 1958 كما أنه كان من محبي العمران العربي الأمر الذي انعكس على الشكل العمراني لبناء “مصلحة الفيجة” الواقع في منطقة الحجاز بدمشق.
كانت دمشق منذ عام 1908 تشرب من مياه السبلان وتستخدم مياه الأنهار للأغراض المنزلية ولقد ظل الأمر هكذا حتى عام 1932، حين هيأ الله عام 1924 نخبة خيرة من أبناء الوطن المخلصين انبثقت عنهم لجنة .. تمكنت بعد كفاح مع المستعمر الفرنسي من تخليص هذا المشروع من براثن الشركات الاجنبية وشكلت جمعية ملاكي المياه بدمشق (كجمعية تعاونية) انبثقت عنها لجنة عين الفيجة (كمجلس للادارة وأشرفت اللجنة على تنفيذ مشروع جر مياه عين الفيجة الى دمشق وتوزيعه بواسطة شبكات نظامية، وقد قامت بدراسة المشروع شركة theg الفرنسية وبوشر بالتنفيذ عام 1924 ثم توقف العمل بالمشروع خلال الثورة السورية ما بين 1926 و 1928 الى أن انتهى في عام 1932 حيث تم تدشينه باسالة المياه الى بيوت دمشق على أوسع نطاق.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
وهكذا حققت أول جمعية تعاونية في سوريا نجاحاً كبيراً بسبب إخلاص القائمين عليها وتبني الأسس العلمية في إحداثها، لقد تم جمع المبالغ اللازمة للمباشرة بالمشروع من المواطنين عن طريق شراء حقوق ارتفاق دائمة على الماء وقد حددت آنئذ قيمة حق الارتفاق للمتر المكعب الواحد بمبلغ 30 ليرة عثمانية ذهباً، ولعل فكرة حق الارتفاق التي كانت سائدة بالنسبة لمياه بردى قبل المشروع وحب تملك المياه المتأصلة لدى المواطنين بالإضافة الى تعطشهم لجر المياه النقية الى المدينة قد ساعدت كلها في إقناعهم بدفع قيمة حق الإرتفاق على مياه نبع الفيجة مسبقاً لتكوين رأس المال اللازم لتنفيذ المشروع الذل بلغت قيمته 270000 ليرة ذهبية .. وبذلك تم تشكيل أول جميع تعاونية في دولة سوريا، أعضاؤها المشتركون بحقوق الارتفاق على مياه الفيجة وقد سميت “جمعية ملاكي المياه”.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي;
افتتاح مشروع مياه الفيجة في دمشق

قامت حكومة الجمهورية العربية المتحدة بتأميم مؤسسة مياه الفيجة وجمعية ملاكي المياه، ونقلها إلى ملكية الدولة عام 1958 فتحولت منذ ذلك الوقت من جمعية أهلية يملكها أهل دمشق إلى مؤسسة عامة تملكها البلدية.
كان لطفي الحفار معارضاً للوحدة الاندماجية بهذا الشكل السريع مع مصر عام 1958، وحذّر من تبعات هذه الوحدة الأمر الذي دفع بقيادة الجمهورية العربية المتحدة إلى منعه من دخول سوريا حين كان في بيروت بغرض الاستشفاء. وفي العام 1959 رفع الحظر عنه وعاد لمدينته دمشق وبقي فيها إلى أن وافته المنية عام 1968.
منقول