بداية يطيب لي الشكر والامتنان لهدية المهندس والأديب غانم بوحمود كتابه الأخير : المطحنة ، وهي مجموعة قصصية هامة ، وقد اتحفنا قبلها بدواوين شعرية فيها من الاسقاطات الفلسفية الجمال الكثير.
المجموعة من القطع المتوسط، تقارب ال 200 ورقة,فيها كم لاباس به من القصص اللافتة.
تبدأ بقصة الإسكافي والتي تحكي عن عجوز يقدم لزبونه خدمة ممتازة دون ان يطلب منه، وبين وصف الفقر ومايجول بخاطر الزبون,يطلب الإسكافي من الزبون ان يريه شيئا ويشم شيئا ما...
فيتبين أن الزبون أستاذ الإسكافي وقد فشل في تعليمه الرياضيات فهو استاذ فاشل، ليعفيه من دفع ثمن العمل.
فينكفئ الاستاذ على نفسه حزينا لما فعل...
القصة انسانية بامتياز لم تخل من اسقاطات هامة كما هو معتاد من الأديب غانم بوحمود منها:
يتبع
د. ريمه الخاني 4-3-2015

الغلاف بسيط جدا ، والعنوان مفرد يوحي بأجواء السرد في بيئة القاص على مايبدو، وفيها من صدق التصوير الكثير، تطالعنا القصة التالية:
الحفيد، وهي مننوع الخاطرة القصصية، حيث غلب الوصف على الحدث.
اما في قصة تشبهك تماما فتصوير واضح وبليغ وبلغة شفافة جميلة وهي مايميز سرد المؤلف ، عن لدغة تصيب احدهم وماذا جرى بعد ذلك تقدم شذرة من النص:
-هل أعجبتك فكرتي فاقتنعت بها سيدي الجنرال؟، ماشاء الله.
أليس من الأفضل لو استخدمت مكان الكلمة ما يقابلها في العربية؟، أم أن اصحاب المهن في بلادنا راحوا يحذون حذو التجار، الذين يستوردون مئات المفردات الأعجمية.
**********
في قصة الموقف المستحيل وايحاءات لما حدث من إرباكات في غرفة العريس والعروس وانتظار الاهل خارجا بقلق، ومايلفت الانتباه قتل العروس لذبابه ولم ندر ماوجه توظيف الحدث الاول بالثاني هل يقصد بها المؤلف حادثة الدخول حصرا؟.
في قصة نحو القرنين الملونين،كره عمران للافاعي واصابته من قبلها وموته، لم تكن النهاية مفاجئة لكننا نستمتع كما دائما بحلاوة السرد، ومنها شذرة:
لو تتسع مساحة القبر لكل رجال القرية لما تخلف معول واحد ، ولو يؤكل تراب القبر لما تخلف عن أكله رجل واحد ، في هذه اللحظات يصح في وصف هؤلاء الرجال ، أنهم لاينتمون إظلى عالم الأرض، بل ينتمون إلى عالم آخر
في المجرات ، فلو كانت تلك اللحظات نبراسا لهم ودليلا، لنكنوا من إزاحة الجبال من أمكنتها، وتفجير الينابيع من صخورها.
في قصة ذو القرنين الملونين،يقدم لنا المؤلف نموذجا بسيطا من الانسان البسيط الذي يموت دون أن يقدره احد،وتمر مقولة لافتة فيها:
إننا الإنسان لايفهم لغة الحيوان ، أنت الوحيد الذي أبوح له من بين رجال القرية.
صدقني يامرادبك.
إننا نفهم على بعضنا ، كل منا يفهم الآخر ، وإلا لما استطعنا أن نحرث هذه الحقول.
وتمضي القصص وكأنها مسيرة ذكريات لعالم متشابه الملامح كمن يريد تسجيل مواقف ميزت البيئة الواضحة المعالم وكان العالم كلها اختصر بها.
فملامح الوطن متشابهة في كل بقعة وإلى حد ما.
لكننا نقف عند قصة الكفن الذي يظهر الإنسان الصادق البسيط بمظهر المستغل من المجتمع -بفتح الغين،لينبه أحدهم البطل في آخر النص :
حذار بعد الان أن تشتري كفنا لأحد...
نعم هي صورة واقعية مؤلمة لمعطاء ماتوقع أن ان يجد ردة فعل ممزوجة بخيبة امل عفنة.
في قصة الفراء وهي القصة الرابعة من آخر القائمة كان فيها اسقاطا خطيرا من ان رضا المراة غاية لاتدرك هل صحية تلك المقولة؟
ربما...
ونقرا فيها عبارات لافتة كالعادة من رائحة الفلسفة الماتعة:
أوزع قلبي على ألف امراة في اليوم، أكذب على ألف امرأة أخرى، ولاأجرؤ على قتل بعوضة، أو مطاردة فراشة!.
وفي اخر النص:
قلت لك مرارا في فصل الشتاء، تضع الطيور مناقيرها تحت أجنحتها أثناء النوم، أما الثعالب فإنها تضع أنوفها تحت أذنابها..
ابدا ..لن تفهم شهرزاد...
*******
في قصة العهد لم يمت يقدم المؤلف نموذجا ممن يصونون العهد بطريقة متكلسة جدا وعلى حساب المنطق والذات..فهل مازال الواقع مليئ بهم؟لماذا هم هكذا؟المؤلف يصطاد لوحات مميزة من واقع يحكي الكثير ومازال في جعبته المزيد اكيد.
كانت هذه جولى سريعة في رحاب وعالم القص للمهندس والاستاذ:غانم بو حمود فشكرا له من جديد.
********

نتمنى للمؤلف كل النجاح دوما وبانتظار باكورة رواياته.
د.ريمه الخاني
4-3-2015