كان متفائل وفخور وهو يروي قصته مع الكفاح والجهد والطموح اسمي رعد تبدأ قصتي حينما كنت في الثالثة من عمري أصابتني حمى وارتفاع في درجات الحرارة وقليل من الإهمال من قبل أسرتي أصبت بشلل أطفال ولم أدرك عاقبته إلا مع مرور السنين بدأت أتأقلم مع وضعي لكن قلبي ينفطر وأتألم حينما أرى أصدقائي وبالأصح ليس لي أصدقاء بل كانوا أبناء الجيران يمارسون حياتهم الطبيعية يركضون ويلعبون كرة القدم ويتسابقون بدراجاتهم الهوائية وأنا انظر إليهم من نافذتي جالس في هذا الكرسي المدولب الذي أينما اذهب فهو معي يرافقني انتظر من يساعدني كي أغير ملابسي أو اغتسل في الحمام وفي يوم مرضت ذهبت إلى المتشفى كي أتعالج شاءت الصدفة والتقيت رجل كبير في صالة الانتظار سألني عن سبب عوقي وكيف تقضي النهار وبماذا تتسلى وهل تملك حاسوب قلت نعم وهل تذهب للمدرسة أجبته باني لا اذهب لكني اعرف القراءة والكتابة فطلب الحضور إلى داري أذا كنت اسمح بذلك تحدثت مع والدي بالأمر ولم يمانع وبعد يومين حظر الرجل الكبير كان اسمه بدر إلى داري ومعه قطعة من البلاستك بيضاء متوسطة الحجم داخل أطار فضي وبعض من الأقلام الملونة للكتابة على اللوح جلس في الصالة وبينما كان يتناول فنجان القهوة قال لي هل ترغب بأن تكمل دراستك كلمات دخلت كالبرق مصحوبة برعد غيوم سوداء عاتية أدت إلى تسارع دقات قلبي وأحسست بأنه يرقص فرحاً وهو داخل قفصي الصدري كانت أعذب كلمات سمعتها منذ ولادتي أجبته بنعم ونعم ضحك رعد ورأى الشوق والحب في نبرات صوتي ولهفتي بدأنا منذ الصفر بجميع المواد الدراسية ومعها دروس في الحاسوب ويوم فيوم كان الأستاذ رعد يشجعني ويقدم لي الدعم ويحفزني على العبور وحظيت بموافقة على أداء امتحان الخارجي للمرحلة الابتدائية اجتزتها بفخر وبكل ثقة وهنا جاني بفكرة أخرى لتعلم العزف على آلة البيانو وقال هل تخاف ذلك كأنه يتحداني قاصدا أن يفتح أبواب الحياة أمامي كي يحررني من الكرسي الذي اجلس عليه فلم أتردد بقبول التحدي قال هيا أيها المتحدي لنرى من الذي يفوز ، الأستاذ رعد رجل متقاعد وحالته ميسورة أراد أن يملئ فراغه بشيء مفيد فكنت أنا المستفيد كان يمتلك آلة البيانو وكنا نذهب إلى قصره كل يوم لساعات كي أتمرن على هذا الوحش الأسود الجميل الذي يملك 88 مفتاح اضرب عليها بأصابعي ومع الممارسة تحسن أدائي وأضفت عليها قليل من الإحساس خرجت نغمات جميلة ورائعة لم أكن أتوقعها هل هذه فعلاً أنا التي عزفتها ومع دروس البيانو عدنا إلى دروس المرحلة الثانوية وكذلك دروس الحاسوب ، الكثير من ساعات النهار تمر سريعاً وأنا أتعلم وأتعلم اجتزت مرحلة الثانوية بتفوق وفي الجامعة درست البيانو مع العلم أنا اعرف أدق التفاصيل لهذا الجهاز وجميع النوتات والمعزوفات العالمية وأكملت الماجستير والدكتوراه وأصبحت قائد لفرقة موسيقية كما ترون بفضل أستاذي رعد والدعم المتواصل من عائلتي جعلني أتسلق الهرم للوصول إلى هذا المكان اشكر الله دائما واشكر أستاذي ومنقذي وصاحب الخطوة الأولى رعد لولاه لما كنت على ما أنا عليه ألان ، هذه قصتي التي تحديت بقدراتي العقلية وإرادتي الصلبة الكرسي المدولب وكيف تغلبت عليه .