د. ناجح إبراهيم
كنت ومازلت من محبي أ.د/ محمد مختار المهدي إمام الجمعية الشرعية والأستاذ بجامعة الأزهر .. وكنت كلما قابلته قبلت يده قائلا ً: لا تظن أني أقبل يدك من أجل علمك أو فقهك.. فمثلك كثيرون في ذلك لا أقبل يدهم .. ولكني أقبل يدك إجلالا ً لدورك ودور الجمعية الشرعية في رعاية وتربية قرابة ثلاثة أرباع مليون يتيم علي مستوى الجمهورية .. فأنتم داخلون ضمن الحديث النبوي الرائع " أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين " فيبتسم ثم يحتضنني في حب .
تذكرت ذلك بعد أن صدمني قرار تجميد أرصدة الجمعية الشرعية مع جمعيات أخرى مماثلة سأكتب عنها قريبا .ً
لم أتصور أن يصدر مثل هذا القرار البائس في مصر .. فلم يحدث ذلك في عهد عبد الناصر ولا السادات ولا مبارك .
فالجمعية الشرعية هي مأوى الفقراء واليتامى والمساكين في كل مكان .. وهي لا تفرق بين مسلم ومسيحي إذا احتاج إلي عونها .. ولا تسأل عن دين الطفل المبتسر الذي يريد أن يدخل الحضانة.
فكم قال لي آباء الأطفال المبتسرين أنه لولا الجمعيات الخيرية مثل الجمعية الشرعية التي اشتهرت مستشفياتها بالحضانات ما وجد الفقير له مكانا ً في الوقت الذي تتعطل فيه بعض حضانات المستشفيات الحكومية عمدا ً أو إهمالا ً بالأسابيع والأشهر مع ارتفاع كلفة الحضانات الخاصة .. فهناك أكثر من عشرة آلاف حضانة لدى الجمعية الشرعية وحدها ولديها 30 مستشفى متخصص على أعلى مستوى في معظم محافظات الجمهورية .. وهي التي كانت دوما ً تتحمل مسئولية الدعوة الوسطية في ظل الظروف الصعبة التي كانت تمر بها مصر.
فالجمعية تعطي قرابة 2200 درسا ً دينيا ً وسطيا ً في العام الواحد بعيدا ً عن الحزبية المقيتة والتعصب أو التطرف
يا قوم : إذا احتاج الفقير إلي العلاج والدواء فلم يجده فماذا يفعل؟
إنكم تدفعون الناس للثورة أو الجوع .. ما ذنب بنك الطعام حتى يحدث له هذا التجميد.. وهل خطأ بعض موظفيه يعمم عليه العقاب هكذا .. ألم تقرأوا قوله تعالى " أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى .. وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى"؟
يا حكومة: إذا تطرف الناس فلا تتطرفي .. وإذا غضب الناس فأين حكمتك .. وإذا طاش عقل الناس فأين عقلك .. لماذا العجلة والتسرع والقرارات الغير مدروسة .. أيتها الحكومة هل تعلمين أنه لولا مراكز الكلى للجمعيات الخيرية بمختلف أنواعها ما استطاع المرضى الفقراء أن يواصلوا حياتهم.
لقد وصلت بعض المستشفيات الحكومية إلي قمة الإهمال في الخدمات الصحية .. فضلا ً عن المعاملة السيئة وضعف الإمكانيات وتزويغ الكثير من الأطباء .
لقد افتتحت الجمعية الشرعية عدة مخابز منها مخبز قريب من عيادتي .. يعطي الخبز مجانا ً لأسر الأيتام والفقراء التي تتكفلهم الجمعية في سابقة فريدة في مصر .. فلا يرهقهم هم الشراء ولا هم الطابور.
وقد أنشأت 700 محطة لتنقية المياه في القرى النائية
ولذا فإنني أناشد الحكومة الرجوع عن قرارها الخاطئ بتجميد أموال الجمعيات الخيرية الإسلامية.. وعلي رأسها الجمعية الشرعية وأنصار السنة وبنك الطعام وغيرهم ممن لا يتسع المقام لذكرهم .. خدمة للحكومة نفسها في المقام الأول لأنها في الكثير من الأحوال لا تعرف مصلحتها كما لا تعرف كثير من القوى السياسية المصرية مصلحتها أيضا ً .
إننا نضر أنفسنا قبل أن نضر غيرنا
يا قوم لا تكونوا مثل الدبة التي قتلت صاحبها .. وإياكم واليتيم والفقير والمسكين والأرملة .. لأنهم أحباب الله وأولياؤه .. وحذار من سخطهم فقد يكون فيه سخط الله.
عن صحيفة "الشروق" المصرية