مناهضة النساء الفلسطينيات للعنف بين عنف الاحتلال وعنف المجتمع
العنف ضد المرأة بين الشعار والواقع

بقلم: عماد موسى
يعد العنف القائم على اساس النوع الاجتماعي وباء عالمي يتخطى الحواجز الإثنية والعرقية والطبقية والدينية والتعليمية، وهو يهدد حياة النساء والفتيات في جميع المراحل ، ، وهو يشكل حلقة دائرية تبدأ بالنظرة الدونية للمراة، مروراً بتدني فرص حصولهن على التعليم والرعاية الصحية، والتغذية اللائقة، انتقالاً إلى إجبارهن على الزواج المبكر،ر وتعرضهن للاغتصاب، والاتجار بهن واجبارهن على ممارسة الدعارة، بالاضافة إلى العنف المنزلي، واستبعاد والاكراه الإهمال والنبذ والاقصاء، وصولاً إلى التهديد وتعريض حيواتهن للخطر بحماية من بعض القوانين ومنظمومة الثقافة المجتمعية، في بعض الدول كما يحدث في الجرائم المسماة بجرائم "الشرف"، وتذكر احصاءات الأمم المتحدة، أن امرأة من كل ثلاث نساء على الأقل تتعرض للعنف من قبل شريكها أو أحد افراد أسرتها.

مناهضة العنف ضد المرأة صار تقليدا انسانويا تحتفل به الدول والمنظمات النسوية،في كل عام إذ يصادف يوم 25 نوفمبر اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء الذي أقرته الأمم المتحدة في ديسمبر 1999 سعياً للحد من العنف الممارس بحق النساء في العالم أجمع، ويأتي هذا اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء في ظل ظرف استثنائي تعيشه النساء الفلسطينيات في قطاع غزة حيث كانت النساء والاطفال هم النسبة المرتفعة في عدد الشهداء فاسرائيل ارتكبت جرائم حرب أدت إلى استشهاد (2204) شخصاً، بينهم (298) امرأة، وإصابة (10895) آخرين بجراح، معظمهم من المدنيين العزل، بينهم ( 2114 ) امرأة. ان هذه الارقام المرتفعةمن ضحايا العدوان الاسرائيلي يؤشر باتجاه معانيات النساء الفلسطينييات في قطاع غزة ، وترك آثاراً كبيرة على حياتهن بسبب الثقافة الذكورية الطبيعة البطريركية "الأبوية" في المجتمع الفلسطيني، إذ أن النساء في المجتمع الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، هن ضحايا التمييز في زمن اللاحرب، كما أنهن ضحايا التهميش والفقر والمعاناة في زمن العدوان وهن الضحايا بعد العدوان. فالعنف ضد النساء اخذ بالتصاعد في مجتمعنا ضد النساء لانهن الحلقة الاضعف "والضلع القاصر"،ولانهن المآل النفسي لتفريغ الكبت والتفريغ الغضبي، ولان الفاعلون الذكور منتجو خطاب الذكورة ومالكي سلطة الخطاب وقوة لغة الخطاب بالاضافة الى قوتهم داخل المجتمع يساعده في ذلك، تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية في المجتمع الفلسطيني. نرى العديد من حالات قتل النساء في الضفة الغربية وقطاع غزة على خلفيات متعددة وفي ظروف غامضة، ، من بينهن مقتل (3) نساء على خلفية ما يسمى "بالشرف العربي".هذا الشرف المقدس والمدنس والمؤثم والمجرم ،وسر استدامة استيلاد الذكور، وانتاج عدد من الاناث لاستكمال مشاريع التناسل والتكاثر من جهة ولتأمين انتاج المتعة، والخدمات، فعن اي شرف تتحدثون؟ الا تعيدون النظر في تعريف الشرف العربي؟
واذا ماتركنا موضوع القتل على خلفية الشرف، والقينا عنف الاحتلال وجرائم حربه الدائمة من ورائانا،وانتقلنا الى العنف المجتمعي الممارس ضد المرأة، فقد اصبحنا غير مبالين، ولا يشكل قتل النساء صدمة،خصوصا عندما يطل كل عام وحش ليفتك بالنساء بالجملة، ويبدو ان القاتل ابن الاثني عشر ربيعا، قرر ان يقدم للمرأة الفلسطينية قرابين جديدة على مذبح اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، ولمناسبةتجديد مكنة العنف والقتل ضد النساء الفلسطينيات، فاعتدى على شقيقتين بالضرب حتى الموت، ففارقت واحدة الحياة والثانية ما تزال تعيش سكرات الموت، والرأي العام في الخليل وابناء عشيرته يطالبون السلطة بانزال عقوبة الاعدام، بهذا "الوحش البشري" ومنظمات حقوق الانسان تطالب بالعدالة الجنائية وتطبيق القانون، وعدم الانصياع لمطالب الرأي العام مستندين في ذلك على "حق الانسان في الحياة"،لان الراي العام شهد موقفين متاناقين في غزة خلال السنوات المنصرمة،فقد خرج الراي العام للشارع يطالب بتنفيذ حكومة الاعدام، وفي اليوم الاخر خرج ليطالب بعدم تفيذ عقوبة الاعدام، ناهيك عن أن التشريعات الفلسطينية لم تتقدم كثيرا باتجاه الحد من العنف ضد النساء الفلسطينيات،بحجة ان المجلس التشريعي في سبات، لآن خارج الخدمة معطل العمل مما يحول دون يحول دون إقرار قوانين أكثر عدالة وحماية للنساء.

ولهذا تعطلت اجهزته كاملة ولان الالويات على اجندة السلطة في غزة هي المقاومة،ودحر الاحتلال، والسطة في الضفة اولويتها المصالحة ورأب صدع الانقسام، ومشغوله بباقي الملفات،والاحزاب لم تعد موجودة ولا تظهر الا الا في المناسبات على شكل بيان أوو شعارات، اما المجتمع المدني(الاهلي، غير الحكومي) فقد شغل نفسه بالبحث عن تمويل للتوعية المجتمعية حول قضايا العنف ضد النساء، وجعلها اولوية المشاريع والبرامج طالما انها تلبي غرض الممولين واصحاب الاجندات،ونتساءل لماذا العنف يتزايد، ويتكاثرالى اليوم ضد النساء ؟ولما ترتفع وتيرة قتل النساء؟وهناك فريق يلقي التهمة على الموروث الشعبي وعلى الميراث القانوني،وهناك من يهمس خجلا او خوفا فيلقي المسؤولية على الاحتلال، لأنه سبب كل علة في المجتمع الفلسطيني،على اعتبار ان العنف والقتل والتنكيل الاسرائيلي بالفلسطينيين على الحواجز وفي المعتقلات واثناء الاعتقالات والمداهمات للبيوت والقصف المتكر اسس ويوسس بيئة عنفية باتجاهات مختلفة،وفريق يقول ان المحيط العربي ايضا قد زاد الطين بلة، فالعنف في الدول المحيطة بفلسطين سيد المشهد اليومي،وهذا يفتح شهية الالقاء باللائمة على الاعلام المرئي"الفضائيات" والاعلام الالكتروني والا علام الجديد(المتعدد الوسائط)،لأنه كرس الصور العنفية في الذاكرة البصرية بكل مستوياتها، من تفجير بهدف القتل، ومن قنص وقصف، واغتصاب نساء وجهاد مناكحة وبيع النساء في اسواق الرق اثرت وتؤثر على المجتمعات العربية والمجتمع الفلسطيني خصوصا ولكونه يعيش حالة عنف سيزيفية،فإن اكثر المجتمعات ممارسة للعنف ضد النساء والقتل على خلفية الشرف. في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء نوصي اسوة بمن اوصى با تخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة للحد من ممارسة العنف ضد النساء:
1) ممارسة الضغط الكافي على اسرائيل كي تسمح للجنة التحقيق الدولية التي شكلهتا الامم المتحدة للتحقيق في جرائم العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، من اجل الزام إسرائيل على احترام حقوق الإنسان والقانون الانساني الدولي ،بما يشكل رافعة دولية في الحد من ممارسة العنف والقتل للنساء والاطفال..
2) .دعوة السلطة الوطنية وحكومة الوفاق الوطني لاتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة لوضع حد لمظاهر العنف المجتمعي، وملاحقة مقترفي هذا العنف وخصوصا مقترفي الجرائم بحق النساء ومحاسبتهم وفقا لاحكام القانون.
4) و ينبغي ان تقوم مؤسسة الرئاسة في ظل استمرار تعطل عمل المجلس التشريعي والذي يحول دون إقرار قوانين أكثر عدالة وحماية للنساء. ان يصدر قوانين بمرسوم تحقق العدالة للنساء،وتوفر غطاء القانوني الحماية لهن. وان تبادر ايضا، باعتماد منظومة من القوانين وإجراءات كفيلة بحماية للمرأة المعنفة من مختلف أنواع العنف. ومن الجدير بالذكر أن السيد الرئيس محمود عباس ( أبو مازن) قد صادق على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة .


5- ونوصي بان يكون التركيز في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة لهذا العام باشراك قطاع رجال الأعمال ،و القطاع الخاص فيأي حملة وطنية تهدف إلى القضاء على كل اشكال العنف ضد المرأة ، على حسب قول الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في كلمته ألقاها بالمقر الدائم للامم المتحدة بنيويورك أثناء الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، أن هذا اليوم هو بمثابة دعوة لاتخاذ كافة الإجراءات للقضاء على هذا النوع من العنف، فالكثير من الناس بدأوا يدركون أن العنف الموجه ضد المرأة هو مشكلتنا جميعاً وكلنا مسؤولون عن وقفه.
6-وكما نوصي أيضاً بالتركيز على العنف العسكري ضد المرأة، كموضوع لحملة "16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة"، والتي تبدأ في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني من كل عام (اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة ) وتنتهي في العاشر من كانون الأول(اليوم الدولي لحقوق الانسان)، وتهدف الحملة التي اختارت هذه المواعيد إلى الربط بين العنف ضد المرأة وحقوق الإنسان، وللتأكيد أن هذا العنف هو انتهاك لحقوق الإنسان.
7- ونوصي المنظمات النسوية بالبحث عن الشراكة مع رجال الدين المسيحيين والمسلمين وخصوصا ائمة المساجد لما لهم تاثير على الراي العام، ووزارة شؤون المراة والاعلام للتنسيق والعمل المشترك لمناهضة العنف ضد المراة.