تَبْصِرَة.
====

من فقه أئمتنا الأسلاف في التصنيف : دفن الفائدة العلمية بصور شتى تدريبا للباحث واختبارا لمهارته.
وهو عبارة عن سطور بين السطور، تنوء بها مساحة القرطاس، تعلق الإدراك على حدة الفطنة، وتُشرك المصنف والباحث في متعة لا يحيط بنعيمها وصف.
وليس فيمن صنف في الحديث أظفر بمهارات هذا الدفن، ولا أخبر بأفانينه من الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله في صحيحه.
وليس أمهر بإثارة دفائن الصحيح من الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في فتح الباري.
ومن ذلك ما كشف من المناسبة بين أول تراجم الصحيح (كتاب بدء الوحي)، وبين الحديث الذي ساقه تحته، وهو أول أحاديث الصحيح، حيث قال: (حدثنا الحُمَيدي .......).
والحميدي هو: أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى، نسبته إلى حُمَيد بن أسامة: بطنٍ من بني أسد بن عبد العُزى بن قُصي رهط خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، يجتمع معها في أسد، ويجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في قُصي.
فذكر الحافظ ابن حجر للجمع بين الترجمة والافتتاح بالرواية عن الحميدي فائدتين:

الأولى: امتثال البخاري قول النبي صلى الله عليه وسلم (قدموا قريشا)، والحميدي أفقه قرشي أخذ عنه الحديث.
الثانية: كون الحميدي مكيا، فناسب ذلك افتتاح كتاب بدء الوحي بالرواية عنه، لأن ابتداء الوحي كان بمكة.
اهـ من (بشرى الرفاق، وسلوى الوفاق).
======================



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي